عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 20-12-2014, 02:22 PM
الصورة الرمزية أبو الشيماء
أبو الشيماء أبو الشيماء غير متصل
مراقب الملتقيات
 
تاريخ التسجيل: Jul 2008
مكان الإقامة: أينما شاء الله
الجنس :
المشاركات: 6,416
الدولة : Morocco
افتراضي رد: إعلام الأمة بانقراض أهل الذمة.

فصل

في تعريف عقد الذمة
إن وصف الذمة لا يطلق على كل من سكن في بلاد الإسلام أو ولد فيها وعاش فيها، بل هو وصف شرعي له شروط وضوابط محددة لا بد من توفرها حتى يتحقق .
يتضح ذلك بالرجوع إلى تعريف أهل العلم لعقد الذمة:
أقوال أهل العلم في تعريف عقد الذمة:
1- قال البهوتي:
(ومعنى عقد الذمة: إقرار بعض الكفار على كفرهم، بشرط بذل الجزية والتزام أحكام الملة .
والأصل فيها قوله تعالى: { قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر } الآية .
وحديث المغيرة بن شعبة: قال لجند كسرى يوم نهاوند: { أمرنا رسول ر بنا أن نقاتلكم حتى تعبدوا الله وحده أو تؤدوا الجزية } رواه البخاري) [شرح منتهى الإرادات - (4 / 288)].
2- قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين:
(معنى الذمة هنا إقرار بعض الكفار على كفرهم بشرط بذل الجزية والتزام أحكام الملة) [الشرح الممتع على زاد المستقنع - (8 / 54)].
3- قال محمد بن أحمد عليش المالكي في منح الجليل:
(وفي الجواهر عقد الذمة التزام تقريرهم في دارنا وحمايتهم والذب عنهم بشرط بذل الجزية والاستسلام منهم ) [منح الجليل شرح مختصر خليل - (6 / 128)].
4- قال ابن سيده:
(وعاهد الذمي أعطاه عهدا، وقيل: معاهدته: مبايعته لك على إعطاء الجزية، والكف عنه ) [المحكم والمحيط الأعظم - (1 / 120)].
فبان من خلال تعريفات أهل العلم لعقد الذمة أنه عقد مرتبط بالجزية وهذا هو سبب تسمية من يدفعون الجزية بأهل الذمة .
قال أبو منصور الهروي:
(وأهل الذمة أومنوا على جزيه يؤدونها فبه سموا أهل الذمة ) [الزاهر في غريب ألفاظ الشافعي - (1 / 357)].
فصل

في اشتراط الجزية والصغار لصحة عقد الذمة
قال تعالى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ }[التوبة: 29]
اتفق أهل العلم على أن هذه الآية الكريمة هي الأصل في مشروعية الجزية، وهي دالة على التلازم بين الجزية وعقد الذمة من عدة وجوه:
الوجه الأول:
أنها جعلت قتال أهل الكتاب مشروعا إلى أن يدفعوا الجزية كما دل على ذلك مفهوم "حتى" الذي يدل على انتهاء الغاية، ومدلول الغاية قيل بأنه من المنطوق كما ذكر السبكي في جمع الجوامع .
فدلت الآية على أن أهل الكتاب إما أن يدفعوا الجزية وإما أن يعمل فيهم السيف.
الوجه الثاني:
أن الآية دلت على أن الجزية بدل عن القتال وأنها تؤخذ من أهل الكتاب مقابل الكف عنهم وهذا هو مدلول اشتقاقها:
قال القرطبي:
(الجزية وزنها فعلة، من جزى يجزي إذا كافأ عما أسدي إليه، فكأنهم أعطوها جزاء ما منحوا من الأمن، وهي كالقعدة والجلسة. ومن هذا المعنى قول الشاعر:
يجزيك أو يثني عليك وإن من ... أثنى عليك بما فعلت كمن جزى)
[تفسير القرطبي - (8 / 114)].

قال ابن القيم:
( واختلف في اشتقاقها فقال القاضي في الأحكام السلطانية اسمها مشتق من الجزاء إما جزاءا على كفرهم لأخذها منهم صغارا أو جزاءا على أماننا لهم لأخذها منهم رفقا) [أحكام أهل الذمة - (1 / 119)].
وقد رد ابن القيم على من زعم بأن الجزية أجرة عن سكنى دار الإسلام فقال:
(ليست الجزية أجرة عن سكنى الدار:
قد تبين بما ذكرنا أن الجزية وضعت صغارا وإذلالا للكفار لا أجرة عن سكنى الدار وذكرنا أنها لو كانت أجرة لوجبت على النساء والصبيان والزمني والعميان ولو كانت أجرة لما أنفت منها العرب من نصارى بني تغلب وغيرهم والتزموا ضعف ما يؤخذ من المسلمين من زكاة أموالهم ولو كانت أجرة لكانت مقدرة المدة كسائر الإجارات ولو كانت أجرة لما وجبت بوصف الإذلال والصغار ولو كانت أجرة لكانت مقدرة بحسب المنفعة فإن سكنى الدار قد تساوي في السنة أضعاف الجزية المقدرة ولو كانت أجرة لما وجبت على الذمي أجرة دار أو أرض يسكنها إذا استأجرها من بيت المال ولو كانت أجرة لكان الواجب فيها ما يتفق عليه المؤجر والمستأجر، وبالجملة ففساد هذا القول يعلم من وجوه كثيرة ) [أحكام أهل الذمة - (1 / 122)].
الوجه الثالث:
أن الآية دلت على أن الغاية من الجهاد هي إسلام هؤلاء الكفار أو دخولهم في الذمة بدفع الجزية .
قال الباجي:
(إذا ثبت وجوب الجهاد فإن غايته أن يدخل الكفار في الإسلام أو يدخلوا في الذمة بأداء الجزية وجريان أحكام الإسلام عليهم والأصل في ذلك قوله تعالى {قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر} إلى قوله {وهم صاغرون} ) [المنتقى - شرح الموطأ - (3 / 19)].
وما لم يدخل هؤلاء الكفار في الإسلام أو يدفعوا الجزية فإن قتالهم يظل مشروعا، ومشروعية القتال لا يمكن أن تجتمع مع كونهم من أهل الذمة .
ومن الأدلة من السنة على مشروعية القتال عند الامتناع من الجزية:
ما روى مسلم في صحيحه عن سليمان بن بريدة عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
(وإذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى ثلاث خصال أو خلال فأيتهن ما أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم:
ادعهم إلى الإسلام فإن أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم .....
فإن هم أبوا فسلهم الجزية فإن هم أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم فإن هم أبوا فاستعن بالله وقاتلهم).
وروى البخاري عن جبير بن حية قال:
( ندبنا عمر واستعمل علينا النعمان بن مقرن حتى إذا كنا بأرض العدو وخرج علينا عامل كسرى في أربعين ألفا فقام ترجمان فقال ليكلمني رجل منكم فقال المغيرة سل عما شئت قال ما أنتم قال نحن أناس من العرب كنا في شقاء شديد وبلاء شديد نمص الجلد والنوى من الجوع ونلبس الوبر والشعر ونعبد الشجر والحجر فبينا نحن كذلك إذ بعث رب السموات ورب الأرضين تعالى ذكره وجلت عظمته إلينا نبيا من أنفسنا نعرف أباه وأمه فأمرنا نبينا رسول ربنا صلى الله عليه وسلم أن نقاتلكم حتى تعبدوا الله وحده أو تؤدوا الجزية).
***
يتضح مما سبق أن الآية الكريمة ذكرت شرطين من شروط الذمة هما دفع الجزية والتزام الصغار، وكل من زعم بأن الذمة يمكن أن تتحقق دون اجتماع هذين الشرطين فهو معارض لصريح القرآن الكريم والسنة النبوية .
__________________
الحمد لله الذي أمـر بالجهاد دفاعـاً عن الدين، وحرمة المسلمين، وجعله ذروة السنام، وأعظـم الإسلام، ورفعـةً لأمّـة خيـرِ الأنـام.
والصلاة والسلام على نبيّنا محمّد ، وعلى آلـه ، وصحبه أجمعيـن ، لاسيما أمّهـات المؤمنين ، والخلفاء الراشدين،الصديق الأعظم والفاروق الأفخم وذي النورين وأبو السبطين...رضي الله عنهم أجمعين.



التعديل الأخير تم بواسطة أبو الشيماء ; 21-12-2014 الساعة 12:06 AM.
رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 21.45 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 20.79 كيلو بايت... تم توفير 0.66 كيلو بايت...بمعدل (3.07%)]