ومن الحكم العظيمة جراء وقوع العبد في الذنب
أنّ ذلك ينتج عنه إقامتُه لمعاذير الخلائق؛ واتساعُ رحمته لهم؛ مع إقامة أمرِ الله فيهم؛
فيقيم أمره فيهم رحمةً لهم لا قسوة وفظاظة عليهم؛ فإذا رأى إسرافهم على أنفسهم بالذنوب
أقام أمر الله فيهم بمنتهى الرحمة والشفقة دون ازدراء لهم واحتقار؛
وإذا رأى ما وقعوا فيه من الذنوب فلْ يتذكر أنّه قد أذنب كما أذنبوا؛ وأنهم ضعفوا كما قد ضعف هو من قبل فأذنب؛
وتيقن أنَّ الذنب من موجبات البشرية؛ فمن تفكّر في ذلك حقَّ التفكر خلع صولة الطاعة والإحسان من قلبه فتبدلت رقَّة ورأفة ورحمة .
ويجب الحذر من الشماتة بأصحاب الذنوب؛
فإذا رزقك الله الاستقامة فاعلم أنّ ذلك من منّة الله عليك وفضله لا بكسب يدك؛
فاحمد الله على نعمائه؛ واسأله الثبات على الطاعة حتى تلقاه؛
قال ابن القيم رحمه الله:
واجعل لقلبك مقلتين كـلاهمـا
بالحق في ذا الخلـق ناظرتـانِ
فانظر بعين الحكم وارحمهـم بها
إذ لا تـردُّ مشيـئة الديـانِ
وانظر بعين الأمر واحملهـم على
أحكامه..فهمـا إذن نظـرانِ
واجعل لوجهك مقلتين كلاهمـا
من خشيـة الرحمن باكيتـانِ
لو شاء ربك كنت أيضاً مثلهـم
فالقلب بيـن أصابع الرحمـن