بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إخوتاه إن داء العاده داء عضال ابتلي به الكثير من الناس في هذا الزمان
وهذا المرض إذا استفحل يصبح علاجه شاقا جدا كيف لا وهو من اخطر امراض القلوب والمرض متي ما تمكن من القلب إمتلأ القلب بحجب من الظلمات واحترق بالشهوات والشبهات
ومما يتفطر له القلب حزنا واسى ان نري ان هذا الداء إنتشر في ابناء الإسلام كإنتشار النار في الهشيم
فتراهم إلا من رحم ربي و قد تحولت عباداتهم إلي عادات يؤدي احدهم ظاهر العباده ويغفل عن باطنها فلا تدبر ولا خشوع ولا إقبال علي الله ولا إستشعار لعظمته فأنى لهذا ان يجد لذة الطاعه واثرها علي نفسه ??
يامن تتسائل لماذا لا تنهاني صلاتي عن الفحشاء والمنكر ?? لما لا اجد في القران الشفاء ولما لا تزيدني تلاوته إيمانا ?? لماذا لا يطمئن قلبي بذكر الله ??
إن السبب هو انك تفعل العباده كعاده تؤديها بالجوارح وقلبك لاه وسارح
وإن كنت تتسائل وما سبب إصابتي بهذا الداء وما هو العلاج ??
فهذا ما سابينه إن شاء الله
السبب الاول هو :-
عدم الإخلاص :
قال إبن تيميه رحمه الله " إذا لم تجد للعمل حلاوة في قلبك وإنشراحا فاتهمه فإن الرب شكور "
نعم اخي فإذا لم تجد حلاوة الطاعه ولذتها فراجع نيتك هل كان عملك خالصا لله عز وجل ? ام ان لنفسك فيه حظ ? وهل رجوت به المدح والثناء من الناس ? هل ابتغيت به عرض من الدنيا ? هل وهل وهل ? إبحث جيدا في نيتك فإن الله اغني الشركاء عن الشرك وتذكر دائما ان الشرك اخفي من دبيب النمل
وسيعينك علي الإخلاص في العمل إستشعار مراقبة الله عز وجل فإن العبد متي ما استشعر مراقبة الله له واستحضر ان الله يعلم ما في الصدور سهل عليه الإخلاص والخشوع والتخلص من وساوس القلب وشواغله
السبب الثاني هو :-
المعاصي :
فإن المعاصي هي سبب قسوة القلب بل وموته إذا ما تمادي صاحبها
ومن اثار المعاصي الحرمان من لذة الطاعة
وحتي تعيد إلي قلبك نور الإيمان وتطهره من ظلمات العصيان عليك بكثرة الإستغفار ومجاهدة النفس وإتباع السيئه بالحسنه لتمحها
واصبر ولا تتعجل النتائج فسواد قلبك حصاد سنين فلا تنتظر جلاءه بين عشية وضحاها
السبب الثالث هو :-
التعلق بالدنيا وملذاتها :
إن القلب متي ما امتلاء بحب الدنيا وملذاتها وتعلق بفضول مباحاتها صعب عليه التعلق بالطاعات لما فيها من مشقه وعنت فتجد صاحب هذا القلب يؤدي الطاعه اداء واجب فقط يؤديها بجوارحه وفكره مشغول بملذات الدنيا ومشاغلها من مال وبنين ودراسه واصدقاء ونوم وطعام ووو
فيا هذا إعلم ان حب الدنيا وحب الاخره لا يجتمعان في قلب واحد البته
فكن فطنا ولا تستبدل دار القرار بدار البوار وازهد في الدنيا طمعا في ما عند الواحد القهار
قال ابو الدرداء رضي الله عنه : "من هوان الدنيا علي الله انه لا يعصي إلا فيها ولا ينال ما عنده إلا بتركها "
واعلم ان التوسع في المباح يورث قسوة القلب فاقتصد في المباحات ما استطعت وابتقي بها وجه الله واحتسب الاجر فيها لتحولها من مباحات إلي طاعات
ومما يعينك علي عدم التعلق بالدنيا الإكثار من ذكر الموت وإستشعار انه اقرب إليك من حبل الوريد فإذا وضعت هذا نصب عينيك وانت مقبل إلي العباده لا بد انك ستؤديها علي اكمل وجه مخافة ان تكون اخر طاعه تؤديها
السبب الرابع هو :-
قلة العلم :
فإن العبد متي ما قل علمه قل ورعه وكثرت غفلته وتدافعت عليه الشبهات
فعليك بطلب العلم الشرعي فإن العلم قبل القول والعمل
واول ما يجب تعلمه هو التوحيد فإن العبد إذا كمل توحيده لله عز وجل إمتلأ قلبه بحب الله عز وجل وتلذذ بطاعته لمحبوبه فيؤدي الطاعه علي اكمل وجه مخلصا نيته لله عز وجل مقبل عليه بكل جوارحه طامعا في نيل مرضاته والقرب منه
كما ان العلم يورث الخشيه والقلب إذا امتلأ بالخشيه من الله عز وجل اقبل صاحبه علي العباده وهو خاضع منكسر ذليل مستشعرا لعظمة معبوده مدركا لضعفه وحقيقة عبوديته فيجتهد في ادائها علي الوجه الطلوب .
ومما يجب تعلمه ايضا الحديث والسيره النبويه فإن العمل إذا لم يكن موافقا لسنة رسول الله صلي الله عليه وسلم فهو باطل وإن تحقق فيه شرط الإخلاص وذلك لإفتقاره للصواب فلصلاح العمل يجب ان يكون العمل خالصا وصوابا وإلا كان مدعاة للعقاب بدلا من الثواب
كما ان معرفة حال سلف هذه الامه مع الله عز وجل ودراسة سيرتهم تساعد في إيقاظ القلب من غفلته وتعين علي علو همته
....
ومما يعينك ايضا علي اداء الطاعه علي الوجه المطلوب وبالتالي الحصول علي ثمراتها من التلذذ بها وإنشراح الصدر وغيره ما يلي :-
اولا :- الإستعانه بالله والتوكل عليه :
علي العبد ان يعلم يقينا بانه لا حول له ولا قوة إلا بالله فإذا تيقن من ذلك فليقبل علي الطاعه وهو يستعين علي ادائها بالقوي القدير متوكلا عليه فإن العباده لا تستقيم إلا بالتوكل والإستعانه بالله قال تعالي :
((إياك نعبد وإياك نستعين)) الفاتحه
وقال :
((فاعبده وتوكل عليه)) هود
الثاني :- مجاهدة النفس والشيطان :
إن العبد إذا اقبل علي الطاعه طاب لنفسه الاماره ان تذكره بإلتزاماته ومشاكله ويحاول الشيطان ان يصرفه عن طاعته ما استطاع تارة بإيراد الشبهات وتارة بتزين الشهوات فعلي العبد ان يجاهدهما بكل قوته فمتي ما التفت قلب العبد عن الطاعه فليستعذ بالله من الشيطان الرجيم و لا يسترسل في التفكير في ما شغله وان يجاهد في ان يجعل قلبه حاضرا خاشعا ما استطاع وسيعينه الله عز وجل إن شاء الله فقد قال تعالي :
((والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا)) العنكبوت
ثالثا :- الإكثار من الدعاء :
علي العبد ان يكثر من الدعاء بان يرزقه الله الإخلاص و الخشوع في العمل عليه ان يلح في دعائه مراعيا اداب الدعاء وموقنا بإستجابه الله عز وجل له قال رسول الله صلي الله عليه وسلم :
((إن ربكم تبارك وتعالي حيي كريم يستحي من عبده إذا رفع يديه إليه ان يردهما صفرا خائبتين))
وعليه ان لا يستعجل الإجابه وان لا ييأس ففي الصحيح ان رسول الله صلي الله عليه وسلم قال :
((يستجاب لاحدكم ما لم يعجل يقول دعوت ولم يستجب لي ))
وقال يحي بن معاذ رحمه الله :
"لا تستبطئ الإجابه إذا دعوت وقد سددت طريقها بالذنوب"
رابعا واخيرا :- مصاحبة الصالحين واصحاب الهمم العاليه :
إن للاصحاب اثر كبير جدا في حياة الإنسان فاصحاب السوء يعينونه علي المعاصي ويزينونها له حتي يهلك اما الصحبه الصالحه فلها شأن عظيم فهي ترقي به إلي الجنان وتظله في ظل عرش الرحمن فالاصحاب الصالحين يعينونه علي الطاعه ويحببونها إليه ينافسونه في الدين بدلا من الدنيا ويأخدون بيده إذا ما تعثر او حاد عن الطريق المستقيم فلا يبخلون عليه بالنصح والدعاء له بظهر الغيب
لذا فليحرص المرء دوما علي مصاحبة الصالحين
هذا ما حضرني الان فما كان من توفيق فمن الله وما كان من خطأ او نسيان فمني ومن الشيطان
اسأل الله ان يجعل عملنا كله صالحا وان يجعله لوجهه خالصا وان لا يجعل لاحد غيره فيه شيئا ~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
بقلمي