بارك الله فيك موضوع قيم..
----
-في حقيقة الأمر أنه ما وقعت الفتنة ، ولا حصلت الفرقة ، ولا تشرذم المسلمون طرائق ، وتمزقوا حذائق ؛ إلا بسبب إهمال الدعاة والعلماء لجانب العقيدة ، فإنا لله وإنا إليه راجعون!!
وما تسلط العدو ، ولا انقلب حال الدهر ، ولا سُلب المسلمون عادة الظهور والقهر ، وما بدل الله حالنا إلى ما نحن عليه ؛ إلا بسبب ضياع العقيدة والتوحيد من نفوس المسلمين وواقعهم ، وقيام رموز الوثنية ، وانتشار المعالم الشركية ، وغربة التوحيد وأهله .
وإن تأخر النصر على المسلمين ، أو عدم استجابة المدعوين ، أو مرور المسلمين بظرف ما ، لا يسوغ أبدا إحداث أمر يخالف ما عليه الرسول صلى الله عليه وسلم فقضية هداية التوفيق ، أو نزول النصر والفتح ، أو غير ذلك ليست إلينا ، فنحن مأمورون بإحسان الطريق فقط ، والنتائج ليست إلينا ، ولا بأيدينا ، إنما هي بيد الله تعالى.
لذلك..
فالواجب على الداعية إلى الله أن يكون على بصيرة، كما قال الله سبحانه: قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ-الآية- والمعنى أن يكون عنده علم وبصيرة وفقه في كتاب الله، وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، حتى يتكلم عن علم، وحتى يدعو على بصيرة، مع العناية بالأسلوب الحسن وعدم العنف والشدة، قال الله عز وجل: ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ[الآية] وقال سبحانه: فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ[الآية] فإذا استقام الداعية وصبر لا يضره كلام من تكلم في عرضه، أو سعى في منعه، أو ما أشبه ذلك، إنما الواجب عليه أن يتقي الله، وأن يراقب الله، وأن يقف عند حدوده....
فليكن الداعية إلى الله تعالى على حذر من التلبيسات الباطلة والشبه الباهتة ، فنحن كما أننا مأمورون باتباع النبي صلى الله عليه وسلم في العقيدة والعبادة والسلوك ، بل وفي قضايانا الاجتماعية ، كذلك يجب علينا متابعته صلى الله عليه وسلم في منهجه في الدعوة إلى الله تعالى ، وطريقته في التبليغ ، وأن نبدأ بما بدأ به ، وأن نركز على ما ركز عليه ، وألا نجعل من منهج الدعوة إلى الله تعالى محلا للاجتهاد والأخذ والرد ، ونُحدث لهذه الدعوة أصولا وقوانين جديدة من عند أنفسنا لم تثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا عن أصحابه رضوان الله تعالى عليهم ، فنجعل من أمر التوحيد مثلا والدعوة إليه أمرا ثانويا فرعيا ، ونزعم أن المصلحة تقتضي ذلك .
إن المصلحة الحقيقية كامنة في اتباعه صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى : { وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ )(الآية).
فينبغي للداعية إلى الله تعالى أن يكون بصيرا بهذا العلم ، وأن يلتزم مذهب السلف الصالح ( أهل السنة والجماعة ) في تأصيل العقيدة ، والتوحيد ، والعمل بها ، والدعوة إليها ، وذلك ببيان العقيدة الإسلامية الصحيحة ، والاهتمام بمصادرها تأصيلا واستدلالا ، وفهمًا على نصوص الوحيين ، وأقوال الصحابة ومن تبعهم بإحسان ، ومن أهل العلم والدين السائرين على طريقة السلف الصالح ، رضوان الله عليهم أجمعين .