فهل السعادة فى الجاه
نسي أن الذي ملكه هو الله، وأنه الذي أعطاه وأطعمه وسقاه، ومع ذلك يجحد
ويقول: }مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي{[القصص: 38]،
فكان جزاء هذا العتو والتكبر والتمرد على الله، أنه لم يحصل على السعادة
التي طلبها؛ بل كان نصيبه الشقاء ولزيمه الطرد والإبعاد من رحمة الله
}فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآَخِرَةِ وَالْأُولَى{[النازعات: 25]،
وقال الله عنه وعن قومه: }النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آَلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ{[غافر: 46]،
ومنح الله قارون كنوزًا كالتلال لا بجهده ولا بذكائه ولا بعبقريته، وظن أنه هو السعيد وكفر بنعمة الله وطغى وتجبر،
قال الله تعالى عنه: }فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ{[القصص: 81].
فهل السعادة فى المـــــال
قال أهل السير وأهل التاريخ:
لما استقر هارون الرشيد في الخلافة وتولاها بعد أبيه أنفق الكنوز والقناطير
في عمارة قصر له على نهر دجلة، يدخل النهر من شمال القصر ويخرج من جنوبه، وعمَّر حدائق تتمايل على النهر،
ثم رفع الستور وجلس للناس، فدخل الناس يهنئونه بقصره وحدائقه،
وكان فيمن دخل أبو العتاهية فوقف أمام هارون الرشيد وقال له:
عش ما بدا لك سالمًا في ظل شاهقة القصور
فارتاح هارون لهذا الكلام، وقال: أكمل. فقال:
يجري عليك بما..أردت مع الغد مع البكور
قال أحسنت، أكمل. قال:
فإذا النفوس تغرغرت ..بزفير حشرجة الصدور
فهناك تعلم موقنًا..ما كنت إلا في غرور
فرددها أبو العتاهية ثلاثًا، فبكى هارون حتى وقع على الأرض،
ثم أمر بالستور فهتكت والأبواب فأغلقت ونزل في قصره القديم، فلم يمض عليه شهر واحد حتى أصبح في عداد الموتى.
فأين السعادة؟
أين توجد لمن يبحث عنها؟
أين مكـــانها؟
تابعونا,,,,