
24-11-2012, 08:43 AM
|
 |
قلم فضي
|
|
تاريخ التسجيل: Jan 2011
مكان الإقامة: اينما شاء الله
الجنس :
المشاركات: 3,066
|
|
رد: ومتى فقناهم عددا أو عدة؟
مواقف معاصرة
ومن الأمثلة الحديثة على هذه القضية، ما حدث في جهاد الشعب الأفغاني ضد روسيا. فقد كان هذا الجهاد هو الذي أعاد لأذهان المسلمين مفهوم الجهاد في الآونة الأخيرة. لقد واجه الشعب الأفغاني الدبابات الروسية أول أمره بالحجارة والصخور. لقد آمن الشعب الأفغاني بالحقيقة الإيمانية البديهية التي تمثلها المعادلة التالية: الله أقوى من روسيا. الله لا يُقهر ولا يُهزم! إذن ستُهزم روسيا وتُقهر بإذن الله.
ومن المواقف المثيرة التي واجهتها المقاومة الأفغانية في ذلك الوقت، أنها تعرضت على مدى سبعة أشهر تقريبا لقصف الطائرات الروسية كل يوم مرتين إلى خمس مرات، ولم يستشهد واحد من المجاهدين، وذلك لأنهم كانوا يدعون الله قائلين: اللهم إنا نشكو إليك ضعف قوتنا وقلة حيلتنا تجاه الطائرات، فيحميهم الله.
ويقول أحد المجاهدين: ما هجمت الطائرات علينا مرة إلا ورأيت الطيور تحتها، فأقول للمجاهدين: جاء نصر الله! ولقد توقف ذات مرة مضاد الطائرات، فدعوت الله، فساق الله علينا الغمام تغطينا من الطائرات. ويقول: لقد هجمت علينا ستمائة دبابة وناقلة، وكنا مجموعة من المجاهدين ليس معنا سوى ( 14 ) بندقية مع العصي والسيوف، وهزمهم الله!
ويحكي أحد المجاهدين الأفغان: كانت معنا قذيفة واحدة مع مضاد واحد للدبابات. فصلينا ودعونا الله أن تصيبهم هذه القذيفة، وكان مقابلنا مائتا دبابة وآلية. فضربنا القذيفة، فإذا بها تصيب السيارة التي تحمل الذخيرة والمتفجرات، فانفجرت ودمرت ( 85 ) دبابة وناقلة وآلية، وانهزم العدو، وغنمنا كثيرا [11].
كما أن ما قامت به المقاومة الفلسطينية مؤخرا يعطي أكبر الدلالة كذلك على هذه القضية. فعلى الرغم من قلة إمكانيات المقاومة، وعلى الرغم من تطوير العدو الصهيوني لعرباته المدرعة ودباباته بحيث فشلت أسلحة المقاومة المتمثلة في قذائف الآر بي جي في وقف زحف الدبابة ميركافا من قبل، وخاصة بعد تطوير وتحديث هذه الدبابة لتكون الأحدث والأولى في العالم، حيث ترك هذا التطوير مآسٍ كبيرة في نفوس الأبطال عندما استعدوا لها في مخيم جنين، ولكن كانت طلقات الآر بي جي لا تفعل معها شيئا. وبالرغم من ذلك نجد المقاومة قادرة اليوم على تفجير هذه الدبابة بعد أن قامت المقاومة بتطوير أسلحتها هي أيضا، فأصبحت قادرة على النيل من هذه الدبابة وتدميرها.
فهذه إرادة التحدي التي يبثها الله في قلوب عباده المخلصين ليثبتهم وينصرهم على عدوهم هي التي جعلت المقاومة تستطيع إدخال التطوير على نوعية سلاحها، بحيث استطاعت تفجير هذه الدبابة حتى بعد تطويرها، لتصيب العدو بالصدمة والذهول. لقد نوّعت المقاومة الفلسطينية أسلحتها من الحجارة إلى صواريخ القسّام وهاون حماس والعمليات الاستشهادية.
ويقول أحد قادة لواء ( حبعاتي ) الذي سقط جنوده على أيدي عناصر المقاومة، في معرض تعليقه على ثبات وبسالة المقاومة: كان بإمكان الفلسطينيين أن يتركونا ننسحب متذرعين بتفوقنا الهائل عليهم. لكنهم تحدونا وتجاهلوا مظهر تفوقنا. إن المقاتل الفلسطيني لا يهاب أي شيء.
وأضاف ضابط آخر في نفس اللواء: ماذا لو كان هؤلاء يملكون عشرة بالمائة من إمكاناتنا؟ بكل تأكيد لابد أن شكل هذه المنطقة كان قد تغير منذ زمن بعيد.
ونفس الشيء يحدث في الفلوجة. فئة قليلة لا تكاد تملك من حطام الدنيا وأسلحتها إلا الشيء اليسير تقف بالمرصاد في مواجهة أعتى ترسانة للسلاح في العالم اليوم، وتجبرها على التراجع والانسحاب مذعورة من المدينة.
إن الفلوجة هي الأكثر وضوحا والأعمق في هذا الإطار، لأنها مدينة صغيرة ( حوالي 200 ألف نسمة )، وهي تواجه أكبر قوة غاشمة في التاريخ، فليس بعد الولايات المتحدة قوة الآن. وبالتالي فإن درس الفلوجة هو الدرس الأوضح، الذي لا يمكن أن يكابر أحد أو يغالط أحد في أننا أمة قادرة على المواجهة والصمود. وأن أصغر قرية في العالم، وبالذات العالم العربي والإسلامي، لأسباب حضارية وثقافية ودينية مرتبطة بالجهاد والاستشهاد، قادرة على مواجهة الولايات المتحدة والصمود أمامها، بل وإنزال أكبر الأذى بها.
إن ظهور المقاتلين في فلسطين والفلوجة يمسكون المصحف الشريف بيد، والبندقية أو أي سلاح آخر باليد الأخرى، هو دلالة هامة على تطور البعد الإسلامي والعقائدي في الصراع ضد العدو، وهو شرط ضروري للصمود والانتصار في معاركنا.
الخاتمة
يجب أن يسود بين المسلمين مفهوم الاستعلاء على قوى الكفر بديلا عن الانبطاح والتركيع.
فالمسلمون الأوائل عند مجابهة حضارة الروم والفرس كانوا يشعرون أنهم هم الأعلون حتى وإن كان الروم والفرس متفوقون عليهم في التقدم العلمي وتقنيات الحياة. لكن كان إيمانهم يعطيهم دفعة كبيرة للاستعلاء على سائر من حولهم، وذلك تطبيقا لقوله تعالى: ﴿ وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنْتُمْ اْلأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ ] آل عمران: 139 [ .
إن السُنة التي يتعامل بها الله سبحانه وتعالى معنا تتمثل في وجوب أن نتصف بعدة صفات:
عدم معصية الله، وإعداد ما في الاستطاعة، واليقين في نصر الله، وصدق اللجوء إلى الله، وضرورة مراجعة النفس وتغييرها إلى الأفضل. فمتى تقاعسنا عن تحقيق أحد هذه الشروط، تساوينا مع الأعداء عند الله، فعندئذ تسود سُنة ربانية أخرى، تتمثل في إحراز الفئة الأقوى للنصر.
إن المتأمل في واقع خطط الأعداء في القديم والحديث يجدها تتمثل في إغراق الشعوب في الملذات والملهيات والشهوات، حتى تغدو كالقطعان السائمة التي لا تعرف معروفا ولا تُنكر منكرا، بحيث تصبح شعوبا لا هم لها إلا الترفيه والتسلية. وتنفق الولايات المتحدة وربيبتها دولة يهود الكثير والكثير على إضلال الشعوب، فهذا سلاحهم وطبعهم منذ القديم.
قال صموئيل زويمر رئيس جمعيات التبشير لزملائه من المبشرين في مؤتمر القدس عام 1935: إنكم أعددتم شبابا في ديار المسلمين لا يعرف الصلة بالله، ولا يريد أن يعرفها، وأخرجتم المسلم من الإسلام، ولم تدخلوه في المسيحية. وبالتالي جاء النشء الإسلامي طبقا لما أراده له الاستعمار: لا يهتم بالعظائم، ويحب الراحة والكسل. ولا يصرف همه في دنياه إلا في الشهوات. فإذا تعلم فللشهوات، وإذا جمع المال فللشهوات، وإن تبوأ أسمى المراكز فللشهوات. ففي سبيل الشهوات يجود بكل شيء [12].
وهكذا تخمد جذوة الإيمان في الصدور، فتصاب حركة المسلمين بالشلل والتوقف التام.
إن المحرك الأساسي للمسلمين هو الدافع العقدي. فلو تحولت حركة المسلمين لكي تصبح في سبيل تحقيق شهوات النفس، فهذا هو بداية طريق الانحراف عن جادة الصواب، والهزيمة في كل ميادين الحياة، وفي معركة القتال بالطبع. إن على المسلمين أن يسايروا التطور الحادث في جميع مناحي الحياة، ولكن بنظرة مختلفة لما ينظر إليها الآخرون. فهم يفعلون ذلك بدافع من إيمانهم بالله. فكل عمل يفعلونه فإنهم يبتغون من ورائه وجه الله. وهذا هو الفارق الجوهري بينهم وبين غيرهم. وما لم يحدث ذلك، أي ما لم يظهر الجيل الرباني الذي يحمل هم مرضاة الله سبحانه وتعالى من وراء جميع أفعاله، فلا تنتظر من المسلمين تحقيق أي تقدم أو انتصار، بغض النظر عن إمكانياتهم أو تقنياتهم.
12 من ربيع الثاني عام 1425 ( الموافق في تقويم النصارى 30 مايو عام 2004 ).
__________________
مهما يطول ظلام الليل ويشتد لابد من أن يعقبه فجرا .
|