الموضوع: رَبِّ ارجعون
عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 07-11-2012, 08:48 PM
الصورة الرمزية لمسة ملاك
لمسة ملاك لمسة ملاك غير متصل
قلم فضي مميز
 
تاريخ التسجيل: Mar 2010
مكان الإقامة: LONDON
الجنس :
المشاركات: 6,059
الدولة : United Kingdom
افتراضي رد: رَبِّ ارجعون ~~ لمسة ملاك ~~

ليلة في القبر
منذ اللحظات الأولى التي يولد فيها الإنسان ويطأ فيها الوجود؛ يبدأ العد التنازلي لحياته، ويوما بعد يوم يقترب من أجله، إلى أن يلاقي الموت مع آخر ورقة في عمره... ولا يستطيع الإنسان –أي إنسان– مهما بلغت قدراته وإمكاناته وسلطانه أن يفر من الموت {قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ} [الجمعة: 8]. فالموت آية من آيات الله قهر بها عباده { نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ} [الواقعة: 60].. بل وتحداهم سبحانه وتعالى بها فقال: {فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ (83) وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ (84) وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لَا تُبْصِرُونَ (85) فَلَوْلَا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ (86) تَرْجِعُونَهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [الواقعة: 83 - 87]..
ولا يزال التحدي مستمرا لجميع البشر، فلو لم نكن عبيدا مقهورين بإرادة الله عز وجل الكونية لاستطعنا أن نعيد الروح إلى الجسد ولمنعنا ملك الموت من أخذها..
إن عجلة الزمن تتحرك بنا جميعا نحو أجلنا وسيأتي علينا -لا محالة- يوم نعاين فيه سكرات الموت.
لحظة عصيبة:
إنها لحظات عصيبة تلك التي يرى الواحد منا فيها ملك الموت، وقد جاء لقبض روحه، ومن خلفه إما ملائكة الرحمة وإما ملائكة العذاب... عندها سيتأكد أن الأمر جدٌ لا هزل فيه {إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ (13) وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ} [الطارق: 13، 14] .. وستصبح أمنيته الوحيدة العودة مرة أخرى إلى الدنيا لا لشيء إلا للتوبة والعمل الصالح {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} [المؤمنون: 99، 100].
بين النوم واليقظة:
ليتخيل كل منا نفسه في هذا الموقف الرهيب وهو يتمنى أن يُمنح مهلة للعودة إلى الدنيا - ولو للحظات - ليصلح فيها ما أفسده، ويعيد فيها كل حساباته.. فيُرفض طلبه، وتُقبض روحه، ويأتي المغسل فيغسله ويكفنه، ثم يحمله الأهل والأصحاب إلى المسجد فيصلون عليه، وبعدها يذهبون به إلى قبره فيضعونه في حفرة ضيقة، ثم يغلقونها عليه بالتراب وينصرفون عنه فيصبح وحيدًا في بيته الجديد الذي كان ينادي عليه كل يوم قائلًا: أنا بيت الدود، أنا بيت الوحدة، أنا بيت الوحشة... هذا ما أعددت لك فماذا أعددت لي؟!
وكأن لسان حاله يقول: هذا المكان الموحش سيكون بيتي؟! وسأظل فيه إلى قيام الساعة؟! كيف سأعيش فيه هذه المدة أم كيف سأطيقه؟!
عندها يتذكر ما كان يسمعه في الدنيا من أن تجهيز القبر وتعميره لا يكون إلا بالأعمال الصالحة، وبقدر رصيد العبد منها يكون مستوى التجهيز والتعمير كما قال تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ} [الروم: 44]..
رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 14.31 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 13.70 كيلو بايت... تم توفير 0.61 كيلو بايت...بمعدل (4.24%)]