يشتمل الحديث على بعض المسائل والفوائد منها:
1- تواضع النبي e وسعة حلمه وحسن خلقه، وحرص الصحابة رضي الله عنهم على التفقه في الدين والسؤال عن ماينفع لقوله"أَوصِنِيْ" والصحابة رضي الله عنهم إذا علموا الحق لايقتصرون على مجرّد العلم، بل يعملون، ونحن الآن للأسف نسأل عن الحكم ونتعلمه لكن لانعمل به أما الصحابة رضي الله عنهم فإنهم إذا سألوا عن الدواء وعرفوه استعملوه فعملوا.
2- النهي عن الغضب، لقوله "لاَتَغْضَبْ" لأن الغضب يحصل فيه مفاسد عظيمة إذا نفذ الإنسان مقتضاه، فكم من إنسان غضب فطلّق وذهب يسأل، وكم من إنسان غضب فقال: والله لا أكلم فلاناً فندم وذهب يسأل.
3- مشروعية طلب الوصية من العالم والرجل الفاضل سواء في أمر عام أوخاص وهذا ماكان عليه الصحابة والسلف الصالح .
4- التفكر في خطورة الغضب ومآله وعاقبته والآثار المترتبة على إنفاذه والعمل بمقتضاه.
5- الغضب جماع الشر كله فهو يمنع العدل في القول والعمل، قال جعفر بن محمد: (الغضب مفتاح كل شر). وقيل لابن المبارك: اجمع لنا حسن الخلق فقال: (ترك الغضب).
6- أن الدين الإسلامي ينهى عن مساوئ الأخلاق لقوله "لاَتَغضبْ" والنهي عن مساوئ الأخلاق يستلزم الأمر بمحاسن الأخلاق، وهو من محاسن الشريعة وكمالها، فعلى المسلم أن يعود نفسه على التحمل وعدم الغضب، فقد كان الأعرابي يجذب رداء النبي e حتى يؤثر في رقبته e ثم يلتفت إليه ويضحك, مع أن هذا لو فعله أحد آخر فأقل شيء أن يغضب عليه، فعلينا التحلي بالحلم والتأسي بالحبيب المصطفى e.
7- قوله e : (لا تغضب) يشمل معنيين:
1- فيه قاعدة سد الذرائع وأن الوقاية خيرمن العلاج، وبيان فضل كظم الغيظ والحث على العفو والنصح فعلى المرء أن يتجنب الوقوع في الغضب ابتداء بأن يأخذ بالأسباب التي توجب حسن الخلق من الحلم والكرم والحياء والتواضع وكف الأذى والصفح والعفو والطلاقة وغير ذلك فإن المرء إذا تحلى بذلك لم يحصل منه الغضب عند وجود أسبابه. 2- أن يجاهد نفسه على ترك ما يأمر به الغضب فإن الغضب إذاملك الإنسان كان الآمر الناهي له ولهذا قال الله عز وجل في وصفه: ( وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ ).فإذا لم يطع المرء غضبه فيما يأمره به وسكن عنه الغضب كان كأنه لم يغضب كما قال تعالى: ( وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ).
8- للغضب إذا وقع بالمرء أدوية نافعة إذا عمل بها ذهب عنه وسكن.
9- المؤمن القوي هو الذي يملك نفسه عند الغضب ولا ينساق ورائه ويكف نفسه عن الاستجابة له. ففي الصحيحين عن أبي هريرة قال قال رسول الله eليس الشديد بالصرعة إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب ).
وقد كان السلف الصالح إذا غضبوا ملكوا أنفسهم عند الغضب, فينبغي على المؤمن أن يوطن نفسه عند الغضب على الصبر وكف النفسوالقدرة على التحمل وأن لا يتكلم بكلام أو ينفذ أمرا يندم عليه فيما بعد. ولو تأمل المرء في تصرفاته الهوجاء وأفعاله النكراء حال غضبه لاستحيا من رؤية الناس إليه وهو في تلك الحال.
10 - فيه أن النهي عن الشيء أمر بضده أي علينا بالحلم والصبر والحلم خلق كريم وصفة محمودة وترك الغضب وعدم الانفعال عند الخصومة والمشاحنة ولا يقوى عليه إلا من ملك نفسه وراقب الله في تصرفاته وهو صفة محبوبة إلى الله تعالى. قال رسول الله e لأشج عبد القيس: (إن فيك خصلتين يحبهما الله : الحلم والأناة). رواه مسلم.
11- للشيطان مداخل خطيرة على المرء ينفذ عليه في أحوال الضعف والخور وفقد السيطرة على النفس ،فإذا انفعل المرء وأسرف على نفسه ولم يملكها حال الغضب أو الفرح أو الحزن أو الطمع أوالخوف أو الشهوة وغيرها تمكن منه الشيطان واستولى عليه. قال الحسن: (أربع من كن فيه عصمه الله من الشيطان وحرمه على النار من ملك نفسه عند الرغبة والرهبة والشهوة والغضب). فمتى طمع المرء في شيء حمله الشيطان على الحصول فيما طمع فيه من أي طريق ولوكان محرما ، ومتى خاف شيئا حمله الشيطان على دفعه بأي طريق ولو كان محرما ،ومتى مالت نفسه إلى شيء وتلذذ به حمله الشيطان على فعله ولوكان محرما ، ومتى غضب حمله الشيطان على إنفاذ غضبه ولوكان محرما ، وهكذا الفرح والحزن. وهذا يوجب على العبد الحذر والاعتدال وتحري حدود الشرع في هذه الأحوال. وكان النبي e يدعو:( أسألك خشيتك في الغيب والشهادة وكلمة الحق في الغضب والرضا والقصد في الفقر والغنى).رواه النسائي.
12- النهي عن الشيء نهي عن أسبابه ومقدماته من باب أولى, فالمقصود من ترك الغضب هو اجتناب أسبابه والأمور المفضية إليه.
13-فيه أهمية جمع المفتي بين العلم والعقل فيعطي كل مسألة حقها وكل سائل ما ينفعه . 14- التأدب في السؤال وطلب العلم .
15-فيه عدم جواز كتم العلم عمن طلبه إلا لمصلحة راجحة.
16-أن الغضب منه المحمود ومنه المذموم .
17-عظم فقه الصحابة حيث لم يفهموا العموم من هذا الخبر بل غضبوا الغضب المحمود وتركوا المذموم على ما علمهم الرسول e
18-أن الغضب من الأسباب المفضية إلى الكفر.
19- أهمية النصيحة وأثرها في المجتمعات ووجوب طلبها من ذوي العقل والعلم والرأي والدين ،وطلبها رفعة للعبد لا منقصة ولامذمة فيها, وقبولها من كمال الإيمان.
20- فيه معنى ( أوتيت جوامع الكلم) ومشروعية النصيحة بلفظ موجز جامع فالعبرة بفائدة الكلام ونفعه لا بكثرته وسجعه .
21- إنزال الناس منازلهم في النصيحة .
22- من ترك لله شيئاً عوضه الله خيراً منه فمن ترك الغضب عوض بالحلم .
اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا ، إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علمنا ما ينفعنا ، وانفعنا بما علمتنا ، وزدنا علما ، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين وآخر دعوانا أن الحمد لله ربالعالمين .
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه صلاة باقية دائمة الى يوم الدين
سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لااله الا أنت نستغفرك ونتوب اليك
الواجب
1- حفظ الحديث .
2- كيف نتقي الغضب؟
3- اذكري خمسا من المسائل التي اشتمل عليها الحديث