
21-06-2012, 12:11 PM
|
 |
قلم مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Dec 2009
مكان الإقامة: الجزائر
الجنس :
المشاركات: 11,230
الدولة :
|
|
رد: الحب الشديد للاطفال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أهلا بك أخي الكريم عبد المالك .
قرأت موضوعك باهتمام بالغ , ومع أنه ليس لدي من الوقت ما يكفي إلا أنني سأحاول الإجابة , وأرجو من الله التوفيق والسداد.
قبل أن أعطيك رأي الشخصي أعطيك رأي من هو أصدق مني مقالا وأكثر خبرة , فاستمع لهذه القصة :
عن أَبَي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ:
قَبّـــــَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ , وَعِنْدَهُ الْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ التَّمِيمِيُّ جَالِسًا , فَقَالَ الْأَقْرَعُ :
"إِنَّ لِي عَشَرَةً مِنْ الْوَلَدِ مَا قَبَّلْتُ مِنْهُمْ أَحَدًا"
فَنَظَرَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ:
"مَنْ لَا يَرْحَمُ لَا يُرْحَمُ" متفق عليه
وعن أبى بريده رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطبنا إذ جاء الحسن والحسين عليهما قميصان أحمران يمشيان ويعثران، فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم من المنبر فحملهما، فوضعهما بين يديه ، ثم قال:
"نظرت إلى هذين الصبيين يمشيان ويعثران فلم اصبر حتى قطعت حديثي فرفعتهما"
هل لا رأيت أخي عبد المالك كيف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك الخطبة ـ والأظهر أنها خطبة جمعة ـ ترك مجلسا هاما , مجلسا فيه أمثال أبو بكر وعمر وعثمان وعلي ... ...ونزل من المنبر ليحمل هذين الطفلين رأفة بهما وشفقة عليهما وإحسانا إليهما ؟
عن أبي هريرة قال:
"كنَّا نُصلي معَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلم العشاءَ فإذا سَجَدَ وَثَبَ الحسنُ والحسينُ على ظهرهِ فإذا رفعَ رأْسهُ أخذَهما بيدهِ مِنْ خلفه أخذاً رفيقاَ ويضَعْهُما على الأرضِ فإذا عادَ عادَا حتى إذا قضَى صلاتَه أقعدَهُما على فخِذَيه"
وهل لا حظت قول النبي صلى الله عليه وسلم:
" مَنْ لَا يَرْحَمُ لَا يُرْحَمُ " ؟
وفي لفظ : " أَو َأَمْلِكُ لَكَ أَنْ نَزَعَ اللَّهُ مِنْ قَلْبِكَ الرَّحْمَةَ ؟ "
حيث جعل الحب رحمة يغرسها الله عز وجل في قلوب عباده الرحماء , وأن من ليس في قلبه رحمة لا يستحق اسم إنسان بل ولا حتى حيوان , وإنما هو كالجماد ,لأن الحيوانات أيضا ترحم صغارها وهناك من ترحم صغار غيرها أيضا ؛ وهاهو الدليل :
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
"جعل الله جل وعلا الرحمة مائة جزء، فأمسك عنده تسعة وتسعين، وأنزل في الأرض جزاء واحدا ، فمن ذلك الجزء يتراحم الخلائق، حتى ترفع الدابة حافرها عن ولدها خشية أن تصيبه" صحيح ابن حبان رقم 6142
لذلك أرى أن محبتك للأطفال أمر طبيعي وهو لا يدل إلا على التواضع وكرم النفس ونبل الخُلق وقوة العاطفة وطيبة القلب ......
ولقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يداعب الأطفال ويمازحهن , كما ذكر أنس بن مالك رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال :"
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحسن الناس خلقا , قال وكان لي أخ يقال له أبو عمير وكان إذا جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ورآه داعبه وقال له :
( أبا عمير! ما فعل النغير[1]؟ )
كما أن من لا يحب الأطفال لا يستطيع تربيتهم , فالتربية تـُــبنى على المحبة والرفق والملاطفة , ولا تبنى أبدا على القسوة والعنف والضرب والفضاضة والكراهية , وهل تستطيع أن تربي أو تقنع شخصا يكرهك ؟ .
أما عن سؤالك : هل الحب يزداد بعد الزواج أم ينقص ؟
فأعتقد أنه يزداد .
وذلك لسببين :
أولا : أنك مهما أحببت الأطفال : أطفال أخيك أو جارك أو صديقك , فإنك لن تحبهما مثل أطفالك أنت .
وفي المثل العامي نقول :
" ما تـَركَبُ قشرة على غير عُودها "
ثانيا : أنه كلما تقدم الإنسان في العمر تقِـل حِدَّته وتكثر رأفته ورفقه بالأولاد , فهناك فرق كبير جدا بين شخص في العشرينات وشخص آخر في الثلاثينات أو الأربعينات , وقد سألت عن هذا الأمر الكثير من الناس وكلهم أكدوه لي ؛ ولعله لهذا السبب كثيرا ما نجد أن الجد أو الجدة أشفق على الطفل من أبيه أو أمه , ولذلك يحتمي بهما ؛ هل لاحظت ذلك ؟
كما أن معلمي الأطفال كثيرا ما يندمون على أشياء فعلوها في السنين الأولى من بداية عملهم مثل غلظة زائدة أو قسوة أو ضرب شديد أو عدم تثبت , أو عقوبات لا مبرر لها ...
والخلاصة أن ما ذكرتـَه ليس مشكلة وليس أمرا سيئا وإنما هو أمر طبيعي وحسن , وستؤجر عليه إن استثمرته في التربية والتوجيه .
دمت في رعاية الله وحفظه
والسلام عليكم .....
[1] ) النُّغير تصغير نُغـْــر وهو طائر ذو منقار أحمر, يسمى في بعض الأماكن البلبل .
|