ترى ماذا تحتاجُ الزوجاتُ ؟؟
* - تحتاجُ أحياناً كلمةً طيِّبةً ، كلمةً لا أكثر مِنْ ذلك ، إني أعرفُ بعضَ النَّاسِ يدخلُ بيتَه لا يسلِّم بحجَّةِ أنَّ هذا بيتي !! و بعضهم يكونُ مِنْ ألطفِ النَّاسِ مع النَّاسِ ، فإذا دخلَ بيتَه فإذا هو غضوبٌ عبوسٌ لا يكادُ يبتسمُ ، و مع النَّاسِ في الخارجِ إنسانٌ آخر !!
و كم كلَّمتني مِنَ النِّساءِ تشتكي أزواجهنَّ و تذكرُ مِثْلَ هذه الحالةِ ،
تقولُ : هو مع النَّاسِ مِنْ ألطفِ النَّاسِ و أطيبِهم و أحبِّهم إليهم ، و هو في البيتِ عبوسٌ ، غضوبٌ ، لا يفوِّتُ شيئاً ، و لا يبتسمُ ، و لا يحسنُ إلى المرأةِ .. و إلى غير ذلك و العياذُ بالله !!
فالمرأةُ إذاً تحتاجُ إلى كلمةٍ طيِّبةٍ .. إلى ابتسامةٍ لطيفةٍ ، ما الذي يمنعُ ؟!
يعني النَّبيّ صلَّى الله عليه و سلَّم عندما يقولُ : " و تبسُّمك في وجهِ أخيكَ صدقةٌ " فكيف التَّبسُّم في وجهِ أمِّي .. في وجهِ بنتي .. في وجهِ زوجتي .. بوجه أقرب النَّاسِ إليّ .. هذا مِنْ باب أولى ، على الإنسانِ أنْ يجعلَ البِشْرَ على وجههِ حتَّى و إنْ لم يكنْ كذلك .. حتَّى لو كانَ غاضباً في الخارج لا يدخلُ مشاكلَ الخارجِ إلى البيتِ .. يبتسم في بيتهِ و لو كانَ غاضباً في الخارج .
فتحتاجُ إذاً إلى كلمةٍ طيِّبةٍ .. إلى ابتسامةٍ لطيفةٍ .. إلى لمسةٍ حانيةٍ .. إلى قبلةٍ عطوفةٍ ، كلُّ هذه الأشياء تحتاجُها المرأةُ مِنْ زوجِها .. تحتاجُ إلى معاملةٍ بالحسنى ،
النَّبيُّ صلَّى الله عليه و سلَّم لما ذَكَرَ بعضَ أحوالِ الرِّجالِ مع النِّساءِ قالَ : " لا يُقَبِّحُ " نهى عنِ التَّقبيحِ .. لا يقبِّح وجهاً .. لا يقبِّح تصرُّفاً .. و لكنْ ينصح و يعظُ ، و لذلك انظروا إلى قولِ الله تعالى : " فَعِظُوهُنَّ " ، فبدأ بالموعظةِ سبحانه و تعالى .
فالقصدُ أنَّ الإنسانَ يحتاجُ إلى أنْ يغيِّر معاملتَه مع زوجتهِ ، ما المانعُ مِنْ أنْ يأتيَها بهديَّةٍ ؟
كثيرٌ مِنَّا قد يكونُ تزوَّج مِنْ سنواتٍ و لم يفكِّر يوماً أنْ يأتي بهديَّةٍ لزوجتهِ !! قد يكونُ يحرصُ على أصدقائهِ مثلاً ، لأي مناسبةٍ أتاه بهديَّةٍ ، بينما زوجتُه قد تمرُّ السَّنواتُ و لا يأتيها بهديَّةِ !!
و لو كانتْ هديَّةً رمزيَّةً ، ليسَ بالضَّرورةِ أنْ تكونَ غاليةً ، كلٌّ على ما أعطاه الله تباركَ و تعالى ،
و لكنِ القصد أنْ يعطيَ هديةً و لو رمزيَّةً ، المهم يعبِّر لها عنْ محبَّتهِ أو عنِ امتنانه أو إخلاصهِ و صِدْقِه و ما شابَه ذلك مِنَ الأمورِ ، أو نزهة .. يأخذها في نزهةٍ ، بين فترةٍ و أخرى يخرجُ معها يتنزَّهان ،
أنا أعرفُ البعض أنه يقولُ : صارَ لي ثلاث سنوات ما خرجتُ مع أهلي !! يعني في نزهةٍ .. يخرجونَ زيارات و كذا لكنْ خروج لها هي .. تخرج معها في بَرّ .. في بحر ..في حديقة أو غير ذلك مِنَ الأمورِ .
*- كذلك تحتاجُ المرأةُ أنْ تحترمَ شخصيَّتها ، كما أنَّ لكَ شخصيَّة فهي لها شخصيَّة ، أعطِها حقَّها في التَّعبيرِ .. أنْ تعبِّر عنْ رأيِها ، و إنْ خالفتْكَ ما المشكلة ؟
ليسَ بالضَّرورةِ أنْ يُوافقَك النَّاسُ جميعاً ، كما أنك تتقبَّل أنْ يخالفَك غيرُك مِنَ النَّاسِ مِنْ أصدقائِكَ أو جيرانِكَ أو معارفِكَ أو زملاءِ العملِ فتقبَّل أنْ تخالفَك زوجتُك في مسألةٍ ما ،
ما المانعُ مِنْ هذا إذا كانَ هناك احترامٌ متبادلٌ بين الزَّوجينِ ؟؟ فلتكنْ هناك المخالفة ، لا يضرُّ ذلك شيئاً.
*- مِنْ حقِّ المرأةِ عليك أنْ تخرجَها مِنَ النَّارِ إلى الجنَّةِ ، و إنْ كانَ هذا الأمرُ ليسَ بيدِكَ مِنْ حيثُ حقيقته ، و لكنَّه بيدِكَ مِنْ حيثُ الدَّعوة إليه يقولُ الله تباركَ و تعالى : "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ ... "، فأنتَ تكونُ سبباً لإنقاذِها مِنَ النَّارِ بإحسانِكَ إليها.. بتعليمِكَ .. في دعوتِها .. في نُصْحِها ، و غير ذلك مِنَ الأمورِ.
* - الله تباركَ و تعالى يقولُ : " الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء.. " أعطاكَ الله القوامةَ قالَ : " ... بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ ... " ثمَّ قالَ : " ... وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ... " ، فالله تباركَ و تعالى إذاً أوجبَ عليك النَّفقةَ ، أنْ تنفقَ فإنَّ التَّفضيلَ الذي أعطاكَ الله إياه سبحانه و تعالى أعطاكه جلَّ و علا لأجلِ ما لكَ مِنَ الصِّفاتِ و أيضاً ما أنفقتَه مِنَ المالِ : " وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ " .
و لذا سُئِلَ النَّبيُّ صلَّى الله عليه و سلَّم عنْ حقِّ المرأةِ فقالَ : " يطعمُها إذا طَعِمَ ، و يكسوها إذا كَسِي " كما أنه يطعمُها كذلك يكسوها قالَ : " و لا يضربُ الوَجْهَ " لا يضرب الوجهَ ، مهما غضبتَ مِنْ زوجتِكَ تجنَّبِ الوجهَ ، حتَّى أولادك ، الضَّربُ على الوجهِ محرَّمٌ لا يجوزُ ، واحد يقولُ : انفعلتُ !!
إذا واحد يقولُ : انفعلتُ و زنيتُ .. انفعلتُ و سرقتُ .. انفعلتُ و قتلتُ ..الخ ، لا يصلحُ ذلك .
و لذلكَ يقولُ صلواتُ ربِّي و سلامُه عليه : " ليسَ الشَّديدُ بالصّرعة - الذي يصرع النَّاسَ - وإنما الشَّديدُ الذي يملكُ نفسَه عند الغضبِ " هذا هو الشَّديدُ ، فلا يجوزُ للرَّجلِ أبداً أنْ يضربَ وَجْهَ زوجتهِ ، و لو فعلتْ ما فعلتْ ، و لذلك قالَ : " يضربها ضَرْباً غيرَ مُبَرِّحٍ " أي غير مؤلمٍ و إنما المقصودُ مِنَ الضَّربِ إظهارُ الغضبِ .. إظهارُ عَدَمِ الرِّضا .. إظهارُ الانزعاجِ ، و ليسَ المقصودُ مِنَ الضَّربِ الإيذاء البدني وإنما الإيذاء النَّفسيّ .. التَّأديب .
و لذا جاءَ عنْ بعضِ السَّلَفِ قالَ : يضربُها بالسِّوَاكِ ، بالسِّوَاك !! المقصودُ أنْ يظهرَ لها أنه متضايقٌ فيضربُها بالسِّوَاكِ كنايةً عنْ غضبهِ و انزعاجهِ و عَدَمِ رضاه ،
قالَ : " و لا يضرب الوجهَ ، و لا يقبِّح " لا يقبِّح ، أنتِ فيكِ و فيكِ .. الخ ، و أنا أذكرُ مِنَ الطَّرائفِ أحدُهم اتَّصلَ عليَّ قالَ : أريدُ أنْ أطلِّقَ زوجتي . قلتُ : عسى ما شر ؟؟! قالَ : ليستْ جميلةً . قلتُ : زوَّجوكَ إياها بظلمةٍ ؟ يعني رأيتَها مِنْ قبلُ أم لم ترها ؟ قالَ : و الله شايفها . قلتُ : لمَ رضيتَ ؟ قالَ : استحييتُ . قلتُ : و الآن ؟ قالَ : أريدُ أنْ أطلِّقها . قلتُ : فقط هذا السَّبب ؟؟ قالَ : فقط هذا السَّبب . قلتُ : أنا أريدُ شيئاً . قالَ : ماذا ؟ قلتُ : أريدُ أنْ أراكَ ، ما أظنُّكَ جميلاً . قالَ : لا ، لستُ جميلاً ، قلتُ : شايف منظركَ و قاعد تقبِّح وجوه النَّاس ، انظرْ إلى نفسِك .
القصدُ الإنسانُ أحياناً يتصرَّف تصرُّفات سيِّئة جِدّاً في التَّقبيح و الإهانةِ و التَّحقيرِ .. هذا لا ينبغي أبداً ، لذلك على الإنسانِ حقيقةً أنْ لا يقبِّح خاصَّة المرأة التي معه .
قالَ : " و لا يقبِّح ، و لا يهجر إلَّا في البيتِ " يعني حتَّى الهجر ، بعض النَّاسِ يفهمُ الهجرَ فَهْماً خاطئاً !! الله تباركَ و تعالى يقولُ : " ... فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ ... "، و ليسَ المقصودُ بالهجرِ أنْ ينامَ في بيتِ أخيهِ أو بيتِ أمِّه أو أبيه أو يسافر و يتركها ، لا .. الهجرُ في الفراشِ فقط ، لا يهجر إلا في الفراشِ ، يهجرُ و هو في بيتهِ ، لأنَّ الهجرَ كذلك نوعٌ مِنَ العقابِ النَّفسيِّ الذي يُعَاقِبُ به الرَّجلُ امرأته إذا نَشَزَتْ ، فعلينا إذاً أنْ نتَّقيَ الله تباركَ و تعالى في أزواجِنا .
* - و كذلك مِنْ حقِّها كما قالَ النَّبيُّ صلَّى الله عليه و سلَّم لما جاءَ رجلٌ إلى عبد الله بنِ عمرو بنِ العاص قالَ : أريدُ أنْ أجلسَ عندك شهراً ؟ في الشَّام ، في بيتِ المقدس ، قالَ : ماذا تركتَ لأهلِكَ ؟؟ هل تركتَ لهم ما يكفيهم هذا الشَّهر ؟؟ يعني خلال هذ الشَّهر تجلسُ عندي ، عندهم طعام أو مال يكفيهم هذا الشَّهر ؟؟ قالَ : لا . قالَ : فاني سمعتُ رسولَ الله صلَّى الله عليه و سلَّم يقولُ : " كفي بالمرءِ إثماً أنْ يُضَيِّعَ مَنْ يقوتُ " ، يعني أنتَ مسؤولٌ عنهم تضيِّعهم بحجَّةِ أريدُ أنْ أسافرَ .. أريدُ أنْ أفرحَ .. أريدُ أنْ أدرسَ .. غير صحيح هذا أبداً ، فعليه أنْ يُراعيَ هذا الأمرَ في أهلهِ .
و لما سُئِلَ صلواتُ ربِّي و سلامُه عليه عنْ أناسٍ يضربونَ زوجاتهم فقالَ : " ليسوا أولئك بخيارِكم " ، النَّبيُّ صلَّى الله عليه و سلَّم تسع زوجات ماتَ عنهنَّ و تزوَّج قبلهنَّ اثنتين ، يعني إحدى عشرةَ امرأةً ما ضربَ واحدةً قط ، و لا ضربَ أنسَ بنَ مالك و هو خادمُه و له عشرُ سنواتٍ ، و لا ضربَ أحداً مِنْ أولادهِ و لا مِنْ أحفادهِ صلوتُ الله و سلامُه عليه ، و لما سُئِلَ عنْ أناسٍ يضربونَ زوجاتهم قال : " ليسوا أولئك بخياركم " ، الرَّجلُ الذي يضربُ المرأةَ ، يعني صحيح الله أذِنَ بهذا و لكنْ أذِنَ به كعلاجٍ ، ثمَّ أذِنَ به بعد علاجاتٍ أخرى ، قالَ : " ... فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ ... " ، و كذلك نبَّه إلى أنَّ هذا الضَّربِ غير مبرح .. غير مؤلم .. غير مؤذي ، يعني ليسَ الضَّرب الذي يكسرُ عَظْماً أو يخدشُ وجهاً أو غير ذلك مِنَ الأمورِ ، بل لا يجوزُ ضربُ الوجهِ ابتداءً ،
و يقولُ صلواتُ ربِّي و سلامُه عليه - و هذه قاعدةٌ مهمَّةٌ و فائدةٌ - يقولُ : " استوصوا بالنِّساءِ خيراً " ، ثمَّ بيَّن ، قالَ : " فإنَّ المرأةَ خُلِقَتْ مِنْ ضلعٍ ، و إنَّ أعوجَ شيءٍ في الضّلعِ أعلاهُ ، فإنْ ذهبتَ تقيمه كسرْته " يعني لا يتعدل ، ليس مرناً .. فيه شيءٌ مَرِنٌ يمكنُ تعديلُه ، قالَ الله : " ... وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ " ، فيه شيء لا يتعدَّل ، إمَّا يظلُّ أعوج أو يكسر ، قالَ : " فإنْ ذهبتَ تقيمه كسرْته ، و إنْ تركتَه لم يزلْ أعوج ، فاستوصوا بالنِّساءِ خيراً " ، و في روايةٍ أخرى عند مسلم قالَ : " فإنِ استمتعتَ بها استمتعتَ بها و بها عِوَج ، و إنْ ذهبتَ تقيمها كسرْتها ، و كَسْرُها طلاقُها " ، هذا هو الكسر أنْ تطلِّقها ، أنْ لا تبقى معك .
فالنَّبيُّ صلَّى الله عليه و سلَّم إذاً يُعطينا هذه القاعدةَ و يقولُ عنِ المرأةِ : " ناقصات عقلٍ و دينٍ " فهي في طبيعتِها ، هذا طبعٌ في المرأةِ ، و لذلك يقولُ النَّبيُّ صلَّى الله عليه و سلَّم : " أرِيْتُ النَّارَ فإذا أكثرُ أهلِها النِّساء ، يكفرن " قيلَ : أ يكفرنَ بالله ؟ قالَ :" يَكْفُرْنَ العشيرَ ، و يكفرن الإحسانَ ، لو أحسنتَ إلى إحداهنَّ الدَّهرَ ثمَّ رأتْ منكَ شيئاً قالتْ : ما رأيتُ منكَ خيراً قطّ " لأنَّ عاطفتَها تغلبُها ، يعني انظروا إلى امرأةِ العزيزِ عندما راودتْ يوسفَ عنْ نفسهِ ، ما راودته إلا و قد بلغَ حبُّه في قلبِها الشَّيءَ العظيمَ ، و لذلك قالتِ النِّساءُ : " قَدْ شَغَفَهَا حُبّاً " أي بلغَ سُوَيْدَاءَ القلبِ ، هذه المرأةُ كانتْ تحبُّ يوسفَ كلَّ هذا الحبِّ لما امتنعَ منها ثمَّ قرَّر الفِرَارَ " وَاسْتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ ... " ماذا قالتِ امرأةُ العزيزِ في هذا الرَّجلِ الذي تحبُّه و لا ترى دربَها مِنْ حبِّها له ؟ " قَالَتْ مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ " ، خلالَ لحظةٍ ربما لم تمرّ دقيقة بين شِدَّةِ المحبَّةِ و بين شِدَّةِ البُغْضِ ، انقلابٌ غيرُ طبيعيٍّ !! هنا تقولُ " هَيْتَ لَكَ " و هنا تقولُ " أَوْعَذَابٌ أَلِيمٌ " شيءٌ غيرُ طبيعيٍّ أبداً !! هذا يدلُّ على ماذا ؟
يدلُّ على أنَّ العاطفةَ تتحكَّم فيها ، و لذلك الشَّرْعُ حرَّم على الرَّجلِ أنْ يطلِّقَ امرأته و هي حائض ، و حرَّم عليه أنْ يطلِّقها و هي نفساء ، لماذا ؟
لأنَّ نفسيَّتها في هذا الوقتِ تكونُ تعبانة و قد تسيءُ لزوجِها لضيقِها ، أنتَ الآن أصابتكَ نجاسةٌ في ثوبِكَ تكونُ متضايقاً حتَّى تزيل النَّجاسةَ إمَّا بِغسْلٍ و إمَّا بِنَزْعٍ .. لا تتحمَّلُ النَّجاسة ، فكيف و هي النَّجاسةُ تنزلُ عليها بدونِ إرادةٍ ؟؟
فتكونُ متضايقةً نفسيّاً ، غير الآلام التي تأتيها مع النِّفاسِ أو مع الحيضِ ، فعادةً تكونُ متعبةً مرهقةً ، و هذا يأتيها على المزاجِ يتأمَّر .. ودي وجيب وكذا ..!! فقد تبدرُ منها كلمةٌ أو يبدرُ منها تصرُّفٌ سيِّئ ، فالله تباركَ و تعالى حرَّم عليك أنْ تطلِّقها و هي حائضٌ ، و حرَّم عليك أنْ تطلِّقها و هي نفساء ، لمَ ؟ راعى هذه القضيَّة .
فالنَّبيُّ صلَّى الله عليه و سلَّم لما يقولُ : " فإنَّ المرأةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلْعٍ و إنَّأعوجَ شيءٍ في الضِّلْعِ أعلاهُ، فإنْ ذهبتَ تقيمَه كسرْته ، و كَسْرُها طلاقُها " يبيِّن لكَ النَّبيُّ صلَّى الله عليه و سلَّم أنها هي هكذا ، كما قالَ : " كلُّ ابنِ آدمَ خطَّاء "
مستحيل أنْ تجدَ إنساناً معصوماً إلا مَنْ عَصَمَ الله مِنَ الأنبياءِ ، كلُّ ابنِ آدمَ خطَّاء ، فأنتَ تريدُ إنساناً لا يخطيءُ ؟!!
و إذا أخطأ أقمتَ الدُّنيا و لم تقعدْها !! لماذا هذا ؟
هكذا خلقَه الله سبحانه و تعالى ، و هكذا خَلَقَ الله المرأةَ فيها عِوَجٌ ، يقولُ : " فاستمتعوا بهنَّ على عِوَجٍ "
انظروا كيف عاملَ النَّبيُّ صلَّى الله عليه و سلَّم العِوَجَ الذي وقعَ مِنْ نسائهِ ؟؟ عاملَه بحكْمَةٍ ، و لذلك قالَ : " كَمُلَ مِنَ الرِّجالِ كثيرٌ و لم يكملْ مِنَ النِّساءِ إلا أربع : مريم بنت عمران ، و آسية امرأة فرعون ، و خديجة بنت خويلد ، و فاطمة بنت محمَّد ، و فَضْلُ عائشةَ على النِّساءِ كَفَضْلِ الثَّريدِ على سائرِ الطَّعامِ "
و إلا في الجملةِ تأتي منهنَّ هذه التَّصرُّفات ، و لكنْ لا بدَّ أنتَ أنْ تكونَ حكيماً ، و لذلك الله تباركَ و تعالى مِنْ رحمتهِ و حِكْمَتِه أنْ جعلَ الطَّلاقَ بِيَدِ الرَّجلِ لا بِيَدِ المرأةِ ، لأنَّ الرَّجلَ يحرِّكه عقلُه بينما المرأةُ تحرِّكها عاطفتُها ، هذا في الغالبِ ، و إلا قد تكونُ بعضُ النِّساءِ أعقلَ مِنْ كثيرٍ مِنَ الرِّجالِ ، و قد يكونُ بعضُ الرِّجالِ فيه عاطفةٌ أكثر مِنْ كثيرٍ مِنَ النِّساءِ ، و لكنْ في الجملةِ الرِّجالُ عقولُهم تغلبُ عواطفَهم و النِّساءُ عواطفهنَّ تغلبُ عقولهنَّ .
و لذلك جاءَ في الحديثِ عنِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه و سلَّم يحدِّد المسارَ في هذه القضيَّةِ فقالَ : " لا يَفْرَكُ مؤمنٌ مؤمنةً ... " أي لا يظلمُ مؤمنٌ مؤمنةً ، قالَ : " لا يَفْرَكُ مؤمنٌ مؤمنةً ،إنْ كَرِهَ منها خُلُقاً رضيَ منها آخر " ،
مستحيل تكون هي شيطان يمشي على الأرضِ ، لا بدَّ أنَّ فيها مِنَ الحسناتِ و فيها مِنَ السَّيِّئاتِ ، و أنتَ كذلك فيكَ مِنَ الحسناتِ و فيكَ مِنَ السَّيِّئاتِ و فيكَ مِنَ العيوبِ و فيكَ مِنَ المحاسنِ ، هذا أمرٌ طبيعيٌّ جِدّاً في الإنسانِ ، فأنتَ إذا كرهتَ منها خُلُقاً ترضى منها آخر ، و لا بدَّ أن " سدِّدوا و قاربوا " ،
فهكذا حقيقة يجبُ علينا أنْ ننظرَ إلى هذه القضيَّةِ ، و أنْ ننظرَ كيف كانَ النَّبيُّ صلَّى الله عليه و سلَّم يتعاملُ مع هذه القضايا و هو بشرٌ كمثلنا " قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ ... "، يغضبُ كما نغضبُ ، و يرضى كما نرضى ، و يحبُّ و يبغضُ صلواتُ الله و سلامُه عليه ، و له زوجاتٌ ، و يتصرَّفنَ تصرُّفاتٍ معيَّنةٍ .. و لذلك مِنْ حِكْمَةِ الله أنْ جعلَ النَّبيَّ صلَّى الله عليه و سلَّم أكثرَ مِنْ زوجةٍ حتَّى ينقل لنا كيف كانَ يتعاملُ ؟؟ كيف كانَ يديرُ هذه المنظومة و هي إحدى عشرةَ امرأةً صلواتُ الله و سلامُه عليه ؟؟
و نحن امرأة واحدة و أحياناً الإنسانُ يعجزُ عنْ أنْ يُحْسِنَ التَّصَرُّفَ معها ، فأسألُ الله تباركَ و تعالى أنْ يجعلنا مقتدينَ بالنَّبيِّ صلَّى الله عليه و سلَّم ، و أنْ نستفيدَ مِمَّا قلنا ، و الله أعلى و أعلمُ ، و صلَّى الله و سلَّم و باركَ على نبيِّنا محمَّدٍ.