عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 28-11-2011, 05:50 PM
الصورة الرمزية زارع المحبة
زارع المحبة زارع المحبة غير متصل
قلم مميز
 
تاريخ التسجيل: Dec 2009
مكان الإقامة: الجزائر
الجنس :
المشاركات: 11,230
الدولة : Algeria
59 59 ثلاث طرق ..., فأيها تختار؟

بسم الله الرحمن الرحيم.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .


مع أنني أكره هذا النوع من المواضيع , ولا أحب التحدث في هذه المجالات , ولكنها تفرض نفسها علينا , فهي كالدواء المُــرالذي يجب علينا تناوله رغم كرهنا له .


أكثر الناس لو سألته لوجدته غير راض عن الوضع الحالي الذي نعيشه سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا ...الخ , والكل يريد التغيير .

ولكن تختلف وجهات النظر حول الطريقة التي سيتم بها هذا التغيير .

فالبعض يرى أن التغيير يتم عن طريق الدخول في العملية (الديمقراطية) وذلك بإنشاء أحزاب وتكتلات , ثم المشاركة في الانتخابات , ثم الدخول إلى البرلمانات ثم الحصول على وزارات , وهكذا الصعود شيئا فشيئا حتى يتم الوصول إلى القمة ثم إحداث التغيير المنشود .

غير أن المشكلة في هذه الطريقة أنك قد لا تُـترك حتى تصل إلى القمة , كما أثبتت ذلك التجربة في عدة أماكن من عالمنا العربي .


ولذلك فإن بعضا آخر صار يرى أن التغير لا يتم بتلك الطريقة , وإنما يتم عن طريق التحطيم والتدمير والتفجير وإزالة كل ما هو فساد أو يرمز إلى الفساد , ويعبرون عن ذلك بمصطلح " دين إبراهيم عليه السلام ", فهو الذي حمـل الفأس وحطم الأصنام , كما هو نص الآية :ـ

"وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ فَجَعَلَهُمْ جُــــذَاذًا إِلَّا كَبِيرًا لَهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ " [الأنبياء/58]

غير أن المشكلة في هذه الطريقة أنها باهضة التكاليف جدا جدا (انظر الحال في ليبيا مثلا ). والأخطر من ذلك أنها غير مضمونة النتائج .

لذلك قال بعض آخر إن التغيير لا يتم بتلك الطريقة , وإنما يتم عن طريق التربية والتعليم ( التصفية والتربية ) أي نُـصفـِّــي أفكارنا وعقائدنا وثقافتنا وديننا من كل ما هو دخيل , ثم نربي جيلا جديدا على هذا الفكر السليم والثقافة النقية والعقيدة الصحيحة الخالية من الخرافات والبدع ... فإذا أنشأنا جيلا أو شعبا جديدا مربى على الاستقامة والفضيلة فسيحدث التغيير تلقائيا دون الحاجة إلى فأس أوعصا ؛ لأن الشرطة والعسكر والأمراء والوزراء بل والرئيس أيضا كلهم من الشعب ولم يأتوا إلينا من تل أبيب أو لندن أوباريس , فهم أبناء الشعب مهما كان الحال , فإن استقام الشعب استقاموا وإن اعـــوجَّ اعوجـــــوا .
فإن ضمنا استقامة الشعب ضمنا استقامتهم , وإن ضمنا استقامتهم استقام كل شيئ وهذا هو المنشود .

غير أن مشكلة هذه الطريقة إنها طويلة المدى , وقد نمُـوت قبل أن نجني ثمارها .

وهنا كان الشيخ رحمه الله يستشهد بهذا البيت لامرئ القيس :


بَكى صَاحِبي لمّا رأى الدَّرْبَ دُونه ** وأيقنَ أنا لاحقانِ بقيْصرا
فَقُلتُ لَهُ : لا تَبْكِ عَيْنُكَ ,إنّمَا ** نحاوِلُ مُلْكاً أوْ نُموتَ فَنُعْذَرَا
وكان رحمه الله يركـِّـز كثيرا على هذه الجملة الأخيرة " أو نموت فنعذرا "
يعني أن نموت ونحن على الطريق ـ وإن كان طويلا ـ أفضل من أن نموت خارج الطريق ؛ لأن الله عز وجل كلفنا بالسير على الطريق الصحيح , أما النتيجة فهوسبحانه وتعالى الذي يضمن تحقيقها متى يشاء , وكل شيئ عنده بأجل , والقاعدة الفقهية تقول : "من استعجل الشيئ قبل أوانِــه عوقب بحرمانه" , ا.هـ .

تلك هي الطرق , فأيها تختار ؟


دمتم في رعاية الله وحفظه
والســـــــــــــــــــــــــلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 16.16 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 15.55 كيلو بايت... تم توفير 0.61 كيلو بايت...بمعدل (3.75%)]