عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 20-10-2011, 03:30 AM
الصورة الرمزية أبو الشيماء
أبو الشيماء أبو الشيماء غير متصل
مراقب الملتقيات
 
تاريخ التسجيل: Jul 2008
مكان الإقامة: أينما شاء الله
الجنس :
المشاركات: 6,416
الدولة : Morocco
افتراضي رد: عاجل . قال احدهم ان الملائكه يذنبون وهذه ادلته..... افيدوني بماذا ارد عليه ؟

قبل أن أتابع الكلام خطرت ببالي فكرة قديمة إثر محاورتي مع أحدهم..

قوله كيف عرفت الملائكة أن البشر سيفسدون في الأرض؟؟؟
هذه معرفة وليست علم بالغيب..مثلا..
إذا قلت لك ..خدي قنينة غاز وضعيها أما النار..سوف تقولين هذا يريد أن يفجرني..
كيف عرفت ذلك؟؟
تعرفي بأن الغاز مع النار يؤدي إلى الإنفجار...
كذلك الملائكة عرفت أن تكوين البشر عندما خلق سوف يكون مفسد في الأرض..
****
صواب تعبير محاورك..

"هذا التعبير غير صحيح من جهة معناه ؛ لأن الله تعالى هو الخالق لكل شيء ‏,‏ المالك له ‏,‏ ولم يغب عن خلقه وملكه ‏,‏ حتى يتخذ خليفة عنه في أرضه ‏,‏ وإنما يجعل الله بعض الناس خلفاء لبعض في الأرض ‏,‏ فكلما هلك فرد أو جماعة أو أمة جعل غيرها خليفة منها يخلفها في عمارة الأرض ‏,‏ كما قال تعالى‏ :‏ ‏( وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ ) . وقال تعالى‏:‏ ( قَالُوا أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ ) .

وقال : ( وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً ) .‏
أي ‏:‏
نوعا من الخلق يخلف من كان قبلهم من مخلوقاته" اهـ

ولكن كيف عرفت الملائكة أن الخليفة الجديد في الأرض سيفسد فيها ويسفك الدماء ؟
اختلف في ذلك أهل العلم على أقوال :

القول الأول : أنهم علموا ذلك بإعلام الله تعالى لهم ، وإن كان ذلك لم يذكر في السياق .
قاله ابن مسعود وابن عباس والحسن ومجاهد وقتادة وابن زيد وابن قتيبة .
كما في "زاد المسير" لابن الجوزي (1/60)
وهو قول أكثر المفسرين كما قاله ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" (7/382)
يقول ابن القيم رحمه الله : " وفي هذا دلالة على أن الله قد كان أعلمهم أن بني آدم سيفسدون في الأرض ، وإلا فكيف كانوا يقولون ما لا يعلمون ، والله تعالى يقول وقوله الحق ( لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعلمون ) ، والملائكة لا تقول ولا تعمل إلا بما تؤمر به لا غير ، قال الله تعالى ( ويفعلون ما يؤمرون ) " انتهى . "مفتاح دار السعادة" (1/12) .

القول الثاني : أنهم قاسوه على أحوال من سلف قبل آدم على الأرض ، وهم الجن ، فقد سبقوا الإنسان في الأرض وكانوا يفسدون فيها ويسفكون الدماء ، فعلمت الملائكة أن البشر سيكونون على حال من سبقهم .
روي نحو هذا عن ابن عباس وأبي العالية ومقاتل . انظر "زاد المسير" (1/61)
يقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " قول الملائكة : ( أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ) يرجِّحُ أنهم خليفة لمن سبقهم ، وأنه كان على الأرض مخلوقات قبل ذلك تسفك الدماء وتفسد فيها ، فسألت الملائكة ربها عزّ وجلّ : ( أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ) كما فعل من قبلهم " انتهى . "تفسير القرآن الكريم" (1/آية 30) .

القول الثالث :
أنهم فهموا ذلك من الطبيعة البشرية .
وهو الذي يبدو من اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في "منهاج السنة" (6/149)
يقول العلامة الطاهر ابن عاشور : " وإنما ظنوا هذا الظن بهذا المخلوق من جهة ما استشعروه من صفات هذا المخلوق المستخلف ، بإدراكهم النوراني لهيئة تكوينه الجسدية والعقلية والنطقية ، إما بوصف الله لهم هذا الخليفة ، أو برؤيتهم صورة تركيبه قبل نفخ الروح فيه وبعده ، والأظهر أنهم رأوه بعد نفخ الروح فيه ، فعلموا أنه تركيب يستطيع صاحبه أن يخرج عن الجبلة إلى الاكتساب ، وعن الامتثال الى العصيان ... ، ومجرد مشاهدة الملائكة لهذا المخلوق العجيب المراد جعله خليفة في الأرض كاف في إحاطتهم بما يشتمل عليه من عجائب الصفات .. "
قال : " وفي هذا ما يغنيك عما تكلف له بعض المفسرين من وجه اطلاع الملائكة على صفات الإنسان قبل بدوها منه .. " انتهى مختصرا من "التحرير والتنوير" (1/230) .

القول الرابع : أنهم فهموا من قوله تعالى ( خليفة ) أنه الذي يفصل بين الناس ما يقع بينهم من المظالم ، ويردعهم عن المحارم والمآثم ، قاله القرطبي "الجامع لأحكام القرآن" (1/302) .
والمعنى : أنه إذا كان هناك خليفة يحكم بين الناس في المظالم ، فإنه يلزم من ذلك أن هؤلاء الناس تقع منهم المظالم .

تنبيه : ليس في هذا السؤال من الملائكة المكرمين لرب العزة سبحانه ، عن خلق آدم وذريته اعتراض على الحكمة ، أو معارضة لله سبحانه ، فإنهم منزهون عن ذلك .
قال ابن كثير رحمه الله : وقول الملائكة هذا ليس على وجه الاعتراض على الله ، ولا على وجه الحسد لبني آدم ، كما قد يتوهمه بعض المفسرين , وقد وصفهم الله تعالى بأنهم لا يسبقونه بالقول ، أي : لا يسألونه شيئاً لم يأذن لهم فيه , .. وإنما هو سؤال استعلام واستكشاف عن الحكمة في ذلك ؛ يقولون: يا ربنا ما الحكمة في خلق هؤلاء ، مع أن منهم من يفسد في الأرض ويسفك الدماء ؟!! فإن كان المراد عبادتك فنحن نسبح بحمدك ونقدس لك ، أي نصلي لك ... ولا يصدر منا شيء من ذلك, وهلا وقع الاقتصار علينا ؟



قال الله تعالى مجيباً لهم عن هذا السؤال : {إني أعلم مالا تعلمون} أي : إني أعلم من المصلحة الراجحة في خلق هذا الصنف ، على المفاسد التي ذكرتموها ، مالا تعلمون أنتم ؛ فإني جاعل فيهم الأنبياء ، وأرسل فيهم الرسل ، ويوجد منهم الصديقون والشهداء والصالحون والعباد والزهاد والأولياء والأبرار والمقربون والعلماء والعاملون والخاشعون والمحبون له تبارك وتعالى المتبعون رسله صلوات الله وسلامه عليهم .. ) تفسير ابن كثير (1/69) .


والله أعلى أعلم .

__________________
الحمد لله الذي أمـر بالجهاد دفاعـاً عن الدين، وحرمة المسلمين، وجعله ذروة السنام، وأعظـم الإسلام، ورفعـةً لأمّـة خيـرِ الأنـام.
والصلاة والسلام على نبيّنا محمّد ، وعلى آلـه ، وصحبه أجمعيـن ، لاسيما أمّهـات المؤمنين ، والخلفاء الراشدين،الصديق الأعظم والفاروق الأفخم وذي النورين وأبو السبطين...رضي الله عنهم أجمعين.


رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 17.82 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 17.19 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.52%)]