كثيرون هم من يعملون فى مجالات مهنيّة لا علاقة لها البتة بالمجال الذى إنصبت دراستهم الجامعية عليه .
فعلى سبيل المثال :
أذكر أن أحد أصدقائى لم يمارس الطب نهائياً و تفرّغ بالكامل فور تخرّجه من كلية الطب لإدارة محل بيع الطيور الذى ورثه عن والده , و رغم أن المحل إحتفظ بإسمه (فرارجى السلام على ما أذكر) إلا أنه بعد فترة أصبح زبائن المحل يشيرون إليه بقولهم " شويّة فراخ بانيه بقى من عند الدكتور".
كما أذكر أننى قد تعرّفت على رجل لطيف فى النادى و قامت بيننا صداقة بسرعة و علمت منه أنه صاحب و مدير شركة دعاية و إعلان خاصة به , و بالفعل زرته فى مكتبه و جلست معه فى غرفة عمله التى يقوم فيها بتصميم الملصقات الدعائية و الإعلانات , ثم إكتشفت فى النهاية أنه خرّيج كلية زراعة.
و الأمثلة كثيرة فى واقع الأمر , فقد تعاملت مع مهندس تبريد يعمل كمصفف شعر ( كوافير حريمى) , و محاسب يعمل كموظف أمن , و صيدلى يعمل كمبرمج كمبيوتر , و مهندس يعمل كمدير إدارى فى وظيفة بيروقراطية بالكامل , ناهيك عن العشرات من الحرفيين (ميكانيكية و نقاشين و سمكريّة .....إلخ إلخ ) من خريجى مختلف الكليات كالتجارة و الزراعة و الحقوق و الآداب.
من جهة أخرى , فكثيرون هم أيضاً من يعملون فى مجالات قد تكون ذات علاقة بشكل أو بآخر بمجال دراستهم الجامعية و لكنها ليست تلك العلاقة الوثيقة التى تجعل من تلك المجالات هى المجالات التى تم إعدادهم فى دراستهم الجامعية لكى يمتهنونها عند تخرّجهم.
فعلى سبيل المثال صادفت الكثير من الأطباء البشريين و البيطريين الذى يعملون كمندوبى أدوية , كما صادفت مهندسى كهرباء يعملون كمديرى مبيعات فى شركات صناعة الإلكترونيات , و مهندسى إتصالات يعملون فى مجال برمجة و بيع أجهزة الإستقبال (الريسيفرات).... و القائمة تطول.
فهل تعمل أنت حقاً فى فى المجال الذى إنصبّت دراستك الجامعية عليه؟
و إذا كنت لا تعمل فى ذات المجال الذى درسته لسنوات فى الجامعة , فما هى الأسباب و الملابسات و الظروف التى كان لها دور فى تغيير مجرى حياتك المهنيّة؟ و هل تشعر بالندم على تغيير مجرى حياتك المهنية ؟ و هل تشعر أحياناً بالضيق من إفناء بعض سنوات عمرك و أنت منغمس فى دراسة أحد المجالات التى لم يقدّر لك ممارستها عمليّاً و بالتالى لم تستفد من حصاد تلك السنوات الدراسيّة؟