عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 02-09-2011, 02:01 PM
الصورة الرمزية أم اسراء
أم اسراء أم اسراء غير متصل
قلم فضي
 
تاريخ التسجيل: Jan 2011
مكان الإقامة: اينما شاء الله
الجنس :
المشاركات: 3,066
افتراضي رد: من أحكام الرقية الشرعية

حكـــم الرقيــــة

هناك طائفة من العلماء قد اختارت تفضيل عدم الاسترقاء ، لأنه ربما يقلل من منزلة العبد ومكانته عند ربه ، وربما طعن في توكله على الله .
فقال ابن عبد البر رحمه الله : ذهبت طائفة إلى كراهية الرقى والمعالجة .
قالوا : الواجب على المؤمن أن يتركَ ذلك اعتصامًا بالله تعالى ، وتوكلاً عليه ، وثقةً به ، وانقطاعًا إليه ، وعلمًا بأنَّ الرقيةَ لا تنفعه ، وأن تركها لا يضره .
إذ قد عَلِمَ الله أيام المرضِ ، وأيام الصحة فلا تزيد هذه بالرقي والعلاجات ، ولا تنقص تلك بترك السعي والإحتيالات ، لكل صنف من ذلك زمن قد علمه الله ، ووقت قد قدَّره قبل أن يخلُقَ الخلقَ فلو حرصَ الخلقُ على تقليل أيام المرض وزمن الداء أو على تكثير أيام الصحة ما قدروا على ذلك .قال الله (مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ )[الحديد :22]
واحتجوا : بحديث السبعين ألف وفيه (هُمُ الَّذِينَ لاَ يِسْتَرْقُون ولا يَكْتَوُون وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) قال ابن عبد البر : فلهذه الفضيلة ذهب بعض أهل العلم إلى كراهية الرقى والاكتواء. وقال : وممن ذهب إلى هذا داود بن علي الظاهري ، وجماعة من أهل الفقه والأثر. وذكر أيضا كراهة الرقى عن : سعيد بن جبير .

ثم قال رحمه الله : وذهب آخرون من العلماء إلى إباحة الاسترقاء والتداوي .
وقالوا : إن من سنة المسلمين التي يجب عليهم لزومها لروايتهم لها عن نبيهم الفزع إلى الله عند الأمر يعرض لهم وعند نزول البلاء بهم في التعوذ بالله من كل شر وإلى الاسترقاء وقراءة القرآن والذكر والدعاء.
واحتجوا بالآثار المروية عن النبي في إباحة التداوي والاسترقاء .
قال ابن عبد البر رحمه الله: والذي أقول به أنه قد كان من خيار هذه الأمة وسلفها وعلمائها قوم يصبرون على الأمراض حتى يكشفها الله ومعهم الأطباء فلم يُعَابُوا بترك المعالجة .
ولو كانت المعالجة سنة من السنن الواجبة لكان الذم قد لَحقَ من ترك الاسترقاء والتداوي وهذا لا نعلم أحدا قاله ولكان أهل البادية والمواضع النائية عن الأطباء قد دخل عليهم النقص في دينهم لتركهم ذلك.
وإنما التداوي والله أعلم إباحة على ما قدمنا لميل النفوس إليه وسكونها نحوه (ولكُل أَجلٍ كِتاب) لا أنه سنة ولا أنه واجب ولا أن العلم بذلك علم موثوق به لا يخالف ، بل هو خطر وتجربة موقوفة على القدر والله نسأله العصمة والتوفيق .

ثم قال : وعلى إباحة التداوي والاسترقاء جمهور العلماء .انتهى.

قال الإمام النووي رحمه الله : قوله : ( إن جبرائيل رقى النبى ) والأحاديث التي بعده فى الرقى ، وفي الحديث الآخر (فى الذين يدخلون الجنة بغير حساب لا يرقون ولا يسترقون وعلى ربهم يتوكلون)
فقد يظن مخالفا لهذه الأحاديث ولامخالفة بل المدح فى ترك الرقى المراد بها الرقى التى هي من كلام الكفار ، والرقى المجهولة ، والتى بغير العربية ، ومالا يعرف معناها . فهذه مذمومة لاحتمال أن معناها كفر أو قريب منه أو مكروه.

وأما الرقى بآيات القرآن وبالأذكار المعروفة فلا نهى فيه بل هو سنة.
ومنهم من قال فى الجمع بين الحديثين : أن المدح فى ترك الرقى للأفضيلة وبيان التوكل والذى فعل الرقى وأذن فيها لبيان الجواز مع أن تركها أفضل وبهذا قال بن عبدالبر وحكاه عمن حكاه .
والمختار الأول وقد نقلوا بالإجماع على جواز الرقى بالآيات وأذكار الله تعالى.انتهى.
وقال ابن الأثير رحمه الله : والرقية قد جاء في بعض الأحاديث جَوازُها وفي بعضها النَّهْي عنها : فمِنَ الجَواز قوله ( اسْتِرْقُوا لَها فإنّ بها النَّظْرة ) أي اطْلُبوا لها مَن يَرْقيها
ومن النَّهْي قوله (لا يَسْتَرْقُون ولا يكْتَوُون )

والأحاديث في القِسْمين كثيرة :

ووَجْه الجَمْع بينهما: أنّ الرُّقَي يُكْرَه منها ما كان بغير اللِّسان العَرَبِيّ ، وبغير أسماء اللّه وصِفاته وكلامِه في كُتُبه المُنَزَّلة وأن يَعتَقد أن الرُّقي نافِعَة لا مَحالة فَيَّتِكل عليها، ولا يُكْره منها ما كان في خلاف ذلك كالتَّعَوّذ بالقُرآن وأسماء اللّه تعالى والرُّقَى المَرْوِيَّة

ولذلك قال للذي رَقَى بالقرآن وأخَذَ عليه أجْراً «كُلْ فَلَعَمْرِى مَنْ أَكَلَ بِرُقْيَةِ بَاطِلٍ لَقَدْ أَكَلْتَ بِرُقْيَةِ حَقٍّ»

وكقوله في حديث جابر (أنه عليه الصلاة والسلام قال : اعْرِضُوها عليَّ فعرَضْنَاها فقال : لا بأس بها إنَّما هي مَواثِيقُ)( )

كأنه خاف أن يَقَع فيها شيء مما كانوا يَتلَّفظون به ويعتَقِدونه من الشِّرْك في الجاهلية وما كان بغير اللسان العَرَبيّ ممَّا لا يُعْرف له تَرْجَمة ولا يُمْكن الوُقوف عليه فلا يجوز اسْتِعْمالُه . انتهى .
__________________

مهما يطول ظلام الليل ويشتد لابد من أن يعقبه فجرا .
رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 18.42 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 17.79 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.44%)]