سنة الله سبحانه وتعالى
ثم على سبيل الاستثناء دخل الإسلام ماليزيا وإندونيسيا عن طريق التجارة، أبعد ذلك يُغلَّب هذا الأمر الذي حدّث على سبيل الاستثناء على سنة الله سبحانه وتعالى في نشر دينه عن طريق الجهاد في سبيل الله؟! فهذا أمر لا يُعقل، ولا يمكن أن يُقرّه أحد.
إذن بقيت القاعدة التي تقول: إن هؤلاء الحكام الذين يحكمون الشعوب المجاورة للدولة الإسلامية لن يتركوا المسلمين أبدًا يدعون إلى الله سبحانه وتعالى في حراسة جيش من الجيوش،
ومن هنا شرع الله سبحانه وتعالى الجهاد فأصبح سنّة ماضية إلى يوم القيامة.
حقيقة الحرية في البلدان الغربية
إذا نظرنا إلى الأمر نظرة واقعية نجد أن الناس اليوم قد فُتنوا بما أُشيع عن حرية التعبير في البلدان الغربية مثل أمريكا وفرنسا وإنجلترا، ودول الغرب بصفة عامة، حتى ظنوا أن طريق الدعوة مفتوح، ومن ثم راحوا يقولون: ابعثوا من يدعو إلى الله في هذه الدول فلن يكون هناك من يعوقهم.
لكن الحقيقة أن هذا الأمر ليس متروكًا هكذا بدون وعي منهم أو إدراك، فإنهم ما تركوا مثل هذه الحرية المزعومة إلا لمعرفتهم أن المسلمين لم يصلوا بعد إلى القوة المؤثرة المغيِّرة في هذه البلاد، ولو وصل المسلمون إلى المستوى الذي يرى حكامُ الغرب فيه أنه سيؤثّر على سياسة بلادهم فلن يكون هناك حرية، ولن يكون هناك سماح بالدعوة للإسلام، بل سيقفون لهم بالمرصاد، فهذه الدول لا تسمح بقيام دول إسلامية خارج حدودها، فما الحال لو قامت هذه البلاد الإسلامية أو الدول الإسلامية أو مجرد الفكر الإسلامي المنهجي داخل هذه البلاد؟ فها هي السودان البلد الفقير والضعيف نسبيًا بالمقارنة بغيره من الدول حينما أعلنت تطبيق الشريعة الإسلامية في بعض ولاياتها قامت الدنيا ولم تقعد، وقامت دول الغرب هذه وأمريكا على رأسها بضرب مصنع الأدوية الموجود في الخرطوم بحجة أنه يصنّع موادًا كيماوية.
فهذه مجرد بادرة قيام لدولة إسلامية في مكان ضعيف معزول وبعيد تمام البعد عن هذه البلاد الغربية. ومثلها فعلت فرنسا بلد الحريات والتنوير، وبلد الحضارة كما ملأوا أسماعنا، فحين بدأت الفتيات الصغيرات يدخلن المدارس محجبات صالت صولتهم وتم منعهن من دخول المدارس، أما إذا دخلن بلباس فاضح فبها ونعمت. ولِمَ يكون ذلك؟ إنهم يحاولون بكل ما يستطيعون من قوة وقف المدّ إسلامي، ويعرفون جيدًا أن هذا الفكر الإسلامي هو الذي يتناسب مع الفطرة السليمة ومن السهل أن ينتشر ويُكتب له النجاح والغَلَبَة ومن ثَمّ فهم يسعون لإيقافه، والحادثة مشهورة ومعروفة للجميع.
وفي أمريكا منذ سنوات قليلة كانوا في الكونجرس يسعون لتمرير قانون يسمح بالقبض على من يُخلّ بالأمن القومي الأمريكي بدون دليل، أي قانون يشبه قانون الطوارئ المعروف، وهذا أمر غير شرعي عندهم؛ إذ لا بد أن يكون هناك دليل قبل أن يُدان الإنسان أو يُتّهم أو تُقيّد حريتُه، ولقد كان هناك بعض الدلائل التي تشير إلى إمكانية تطبيق هذا القانون، والذي بموجبه يمكن الإمساك بالناشطين في الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى بحجة مسّ الأمن القومي الأمريكي أو الإرهاب.
وتشير بعض الشواهد إلى أن هذا القانون ربما يتمّ تمريره وتطبيقه في وقت قريب
فهذه البلاد لن تسمح على الإطلاق للدعاة إلى الله سبحانه وتعالى بالقيام بدورهم في هداية الناس وتعريفهم بربهم، ولن يستطيع الدعاة القيام بهذه المهام إلا إذا كانوا محميين بقوة تحوطهم وتحرسهم، هذه القوة هي قوة الجيش الإسلامي والفتح الإسلامي وقوة الجهاد في سبيل الله، ثم إذا افترضنا أن بلدًا مما ذُكر سابقًا من أدعياء الحرية سُمح فيه بالدعوة إلى الله سبحانه وتعالى، وسمح فيه بالمقال الإسلامي، والكتاب الإسلامي، والشريط الإسلامي، ثم يخرج عليك بعد ذلك في مقابل المقال الإسلامي بعشرة آلاف مقال علماني، وفي مقابل الصورة الإسلامية الهادفة عشرة آلاف صورة فاضحة تثير شهوات الناس وتبعدهم عن دين الله سبحانه وتعالى بل وعن الأخلاق الإنسانية، وفي مقابل دعوتك إلى أن الله سبحانه وتعالى واحد تجد عشرات المؤلفات التي تقول إن الله هو المسيح - معاذ الله من هذا القول ومن الشرك به سبحانه وتعالى - فإن كان هذا الأمر على هذا النحو فهل ستؤدي الدعوة الإسلامية نتيجتها وسط هذا الركام الضخم جدًا من المضادات المناوئة لها،
ودعوة الإسلام إنما هي محاولة لإدخال كل البشر وكل الخلق في دين الله سبحانه وتعالى، وتعبيدهم له وحده،
ومن هنا شُرع الجهاد في سبيل الله، وشُرع فتح البلاد المجاورة لأمة الإسلام حتى وإن أبت في بادئ الأمر.