عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 31-08-2011, 05:47 PM
الصورة الرمزية أم اسراء
أم اسراء أم اسراء غير متصل
قلم فضي
 
تاريخ التسجيل: Jan 2011
مكان الإقامة: اينما شاء الله
الجنس :
المشاركات: 3,066
افتراضي رد: اعينوني في معالجة زوجي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الحمدلله
في تفسير قوله ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب

قال الله تعالى‏:‏
‏{‏‏وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا‏} ‏

]‏ قد روي عن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال "لو أخذ الناس كلهم بهذه الآية لكفتهم"‏‏،

وقوله‏:‏ ‏{‏‏مَخْرَجًا‏}‏‏ عن بعض السلف‏:‏ أي من كل ما ضاق علي الناس، وهذه الآية مطابقة لقوله‏:‏ ‏{‏‏إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ‏
} ‏[‏الفاتحة‏]‏ الجامعة لعلم الكتب الإلهية كلها؛ وذلك أن التقوى هي العبادة المأمور بها، فإن تقوي الله وعبادته وطاعته أسماء متقاربة متكافئة متلازمة،

والتوكل عليه هو الاستعانة به،فمن يتقي الله مثال‏:‏ ‏{‏‏إِيَّاكَ نَعْبُدُ‏}‏‏، ومن يتوكل علي الله مثال‏:‏ ‏{‏‏وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ‏}‏‏، كما قال‏:‏ ‏{‏‏فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ}‏‏ ‏]‏،

وقال‏:‏‏{‏‏عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا}‏‏ ‏‏، وقال‏:‏ ‏{‏‏عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}‏‏ ‏‏‏.

‏‏ ثم جعل للتقوى فائدتين‏:‏ أن يجعل له مخرجا، وأن يرزقه من حيث لا يحتسب‏.

‏‏ والمخرج هو موضع الخروج، وهو الخروج، وإنما يطلب الخروج من الضيق والشدة، وهذا هو الفرج والنصر والرزق، فَبَين أن فيها النصر والرزق، كما قال‏:‏ ‏{‏‏أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ}‏‏ ‏[‏قريش‏]‏؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم "وهل تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم‏؟‏ بدعائهم، وصلاتهم، واستغفارهم‏"
‏‏ هذا لجلب المنفعة، وهذا لدفع المضرة‏.

‏‏ وأما التوكل فَبَين أن الله حسبه، أي‏:‏ كافيه، وفي هذا بيان التوكل علي الله من حيث أن الله يكفي المتوكل عليه، كما قال‏:‏ ‏{‏‏أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ‏} ‏[

خلافا لمن قال‏:‏ ليس في التوكل إلا التفويض والرضا‏.‏

ثم إن الله بالغ أمره، ليس هو كالعاجز، ‏{‏‏قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا}‏‏ ‏


وقد فسروا الآية بالمخرج من ضيق الشبهات بالشاهد الصحيح، والعلم الصريح، والذوق، كما قالوا‏:‏ يعلمه من غير تعليم بَشَرٍ، ويفطنه من غير تجربة، ذكره أبو طالب المكي، كما قالوا في قوله‏:‏‏{‏‏إَن تَتَّقُواْ اللّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَانًا}‏‏ ‏‏ أنه نور يفرق به بين الحق والباطل، كما قالوا‏:‏ بصرًا، والآية تعم المخرج من الضيق الظاهر والضيق الباطن، قال تعالى‏:‏ ‏{‏‏فَمَن يُرِدِ اللّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء‏} ‏
وتعم ذوق الأجساد وذوق القلوب، من العلم والإيمان، كما قيل مثل ذلك في قوله‏:‏ ‏{‏‏وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ}‏‏ ‏

‏، وكما قال‏:‏ ‏{‏‏أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء‏} ‏وهو القرآن والإيمان‏.‏


والله أعلم


شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله
مجموع فتاوى ابن تيمية - المجلد 16



فى أمان الله
__________________

مهما يطول ظلام الليل ويشتد لابد من أن يعقبه فجرا .
 
[حجم الصفحة الأصلي: 15.93 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 15.31 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.92%)]