
19-04-2011, 11:32 PM
|
عضو نشيط
|
|
تاريخ التسجيل: Mar 2011
مكان الإقامة: فلسطين
الجنس :
المشاركات: 120
الدولة :
|
|
هل يجوز رواية الحديث بالمعنى ؟؟

اعلم أن الخلاف في جواز نقل الحديث بالمعنى إنما هو في غير المتعبد بلفظه , أما ما تعبد بلفظه كالآذان والإقامة والتشهد والتكبير في الصلاة ونحو ذلك فلا يجوز نقله بالمعنى لأنه متعبد بلفظه وقال بعض أهل العلم : وكذلك جوامع الكلم التي اوتيها صلى الله عليه وسلم , فلا يجوز نقلها بالمعنى إذ لا يقدر غيره على الإتيان بمثلها , ومثال ذلك قوله عليه الصلاة والسلام : " الخراج بالضمان " و " البينة على المدعي " و " لا ضرر ولا ضرار " ونحو ذلك . وجوز الإمام مالك الرواية بالمعنى في الآثار الموقوفة ومنعه في المرفوعة ورعا منه واحتياطا
أما جمهور العلماء فيرى جواز الرواية بالمعنى إذا توفرت شروطها , ويعد الإمام الشافعي في " الرسالة المحمدية " أول من ضبط هذه المسالة علميا , ولم يسبقه إلى ذلك احد , فذكر في صفة المحدث انه يسوغ له أن يأتي بالمعنى دون اللفظ إذا كان عالما بلغات العرب ووجوه خطابها , بصيرا بالمعاني والفقه , عالما بما يحيل المعنى وما لا يحيله , فانه إذا كان بهذه الصفة جاز له نقل اللفظ , فانه يحترز بالفهم عن تغيير المعاني وإزالة إحكامها , ومن لم يكن بهذه الصفة كان أداء اللفظ لازما , والعدول عن هيئة ما يسمعه عليه , ومن الحجة لمن ذهب إلى هذا المذهب أن الله تعالى قد قص من أنباء ما قد سبق قصصا كرر ذكر بعضها في مواضع بألفاظ مختلفة والمعنى واحد , ونقلها من ألسنتهم إلى اللسان العربي وهو مخالف لها في التقديم والتأخير , والحذف والإلغاء , والزيادة والنقصان وغير ذلك
قال القاضي أبو بكر بن العربي : " إن هذا الخلاف إنما يكون في عصر الصحابة ومنهم , وأما من سواهم فلا يجوز لهم تبديل اللفظ بالمعنى وان استوفى ذلك المعنى " والصحابة قد اجتمع فيهم أمران : الفصاحة والبلاغة جبلة ومشاهدة أقوال النبيصلى الله عليه وسلم وأفعاله , فأفادتهم المشاهدة عقل المعنى جملة واستيفاء المقصود كله
قال العلامة المحدث احمد محمد شاكر - رحمه الله - : " إن هذا الخلاف لا طائل تحته الآن فقد استقر القول في العصور الأخيرة على منع الرواية بالمعنى عملا , وان اخذ بعض العلماء بالجواز نظرا , قال القاضي : " ينبغي سد باب الرواية بالمعنى لئلا يتسلط من لا يحسن ممن يظن انه يحسن كما وقع للرواة قديما وحديثا ". وهذا ما تمنى الحافظ ابن كثير وقوعه في الصدر الأول فقال : " وكان ينبغي أن يكون هذا ( المذهب ) هو الواقع ولكن لم يتفق ذلك "
تنبيهات : -
1-الخلاف إنما كان في عصر الرواية قبل تدوين الحديث , أما بعد تدوين الحديث في المصنفات والكتب فقد زال الخلاف ووجب إتباع اللفظ لزوال الحاجة إلى قبول الرواية بالمعنى .
2-ينبغي لمن يروي حديثا بالمعنى أن يراعي جانب الاحتياط وذلك بان يتبعه عبارة أو كما قال، أو نحو هذا ، وما أشبه ذلك من الألفاظ وقد فعله طائفة من السلف كابن مسعود وانس وغيرهم .
3- إنما تكلمنا عن " الرواية بالمعنى " وذلك لصلتها بقضية التدوين من جهة اختلاف ألفاظ الروايات , وان ذلك محمول على الرواية بالمعنى , والله الموفق
أهل الحديث

|