ثانيا- إعراب العلم ثنائي الوضع .. من "شرح الرضي على الكافية" تصحيح وتعليق يوسف حسن عمر
(1)
وإذا سمي بفو، قال الخليل: تقول فم؛ لأن العرب قد كفتنا أمر هذا لما أفردوه فقالوا: فم، فأبدلوا الميم مكان الواو، ولولا ذلك لقلنا: فوه- برد المحذوف، كما هو مذهب سيبويه في (ذو) إذا سمي به، فإنه يقول: هذا ذوى، كفتى، ورأيت ذوى ومررت بذوى، بناء على أن عينه متحركة. وقال الخليل: بل تقول: هذا ذيّ، فِعْل، بقلب الواو ياء لسكون العين، على ما مر من مذهبيهما في باب الإضافة. وأجاز الزجاج في (فو) إذا سمي به أن يقال: (فوه) ردا إلى أصله، ولا يجوز تشديد حرف العلة، كما شدد في (هو)؛ لأن رد الأصل أولى من اجتلاب الأجنبي.
(2)
وإن سميت مؤنثا بهو كان كما لو سميتها بزيد [المؤنث إذا كان ساكن الوسط ومنقولا من مذكر تحتم منعه من الصرف]، على الخلاف الذي مر في باب ما لا ينصرف. وإن سميناها بهي فهو كما لو سميتها بهند، جاز الصرف وتركه، (التسمية بحرف واحد).
(3)
وإن سميت بحرف واحد فإما أن يكون جزء كلمة أو لا، والثاني إما أن يكون متحركا في الأصل كواو العطف ولام الجر وياء الإضافة على قول [أي على القول بأن ياء المتكلم وضعت متحركة، ومقابله أنها وضعت ساكنة] أو لا؛ فإن كان متحركا كمل ثلاثة أحرف بتضعيف مجانس حركته؛ فإنه أولى؛ لكون الحرفين [يعني الحرفين اللذين زدناهما من جنس الحركة] مجانسين لحركته، وإنما جعلوه ثلاثة لما يلحقه من التصغير والجمع، فتقول في المسمى بباء الجر: بي، وأيضا، لو زدت حرفا واحدا من جنس حركته لسقط بالتنوين، فصار المعرب على حرف واحد.
(4)
وتقول في المسمي بلام الابتداء لاء.
(5)
وإن كان الحرف ساكنا كلام التعريف عند سيبويه، وياء الإضافة على مذهب بعضهم- فحكمه عند سيبويه والزجاج حكم جزء الكلمة، كما يجيئ. وعند غيرهما يحرك اللام بالكسر، ثم يضعف مجانس الكسر أي الياء، فتقول: ليّ، وذلك لأنه لا بد من تحريك هذا الساكن المبتدأ به، إذا أردنا زيادة حرفين عليه، والساكن إذا حرك حرك بالكسر. وأما الياء فيفتح لثقل الكسر عليه؛ لأنه يفتح عند الاضطرار في نحو غلاماي، ثم يضعف مجانس الفتح، فيقال: ياء.
(6)
وإن كان الحرف الواحد جزء كلمة فإما أن يكون متحركا أو ساكنا؛ فالمتحرك عند سيبويه يكمل أيضا بتضعيف مجانس حركته كما ذكرنا فيما ليس بعضا، والأولى أن يكمل بشيء من تلك الكلمة، فالمبرد يكملة بإعادة جميع ما حذف فيقول: رجل في المسمى بأحد حروفه، وقال غيره: بل لا نتجاوز قدر الضرورة فإن كان ذلك المتحرك فاء كمل بالعين، نحو: رج، في المسمي براء رجل. وإن كان عينا كمل بالفاء فيقال: رج، أيضا في المسمي بجيم رجل. ولا يكملان باللام؛ لأن الكلمة المحذوفة اللام أكثر من المحذوفة الفاء أو العين.
وإن كان ذلك الحرف المتحرك المسمى به لاما فالمازني يكمله بالعين؛ لكونه أقرب، نحو: جل، في المسمي بلام رجل، فيكون مما حذف فاؤه كعدة. والأخفش يكمله بالفاء، نحو: رل، فيكون محذوف العين، كانه، وهو الأولى؛ لأن المحذوف الفاء لا بد له من بدل كما في عدة.
وإن كان الحرف ساكنا كعين جعفر وسين عدس [الذي هو رجز للبغل، أو الفرس] فالمبرد يكمله بما كمل به المتحرك، أعني برد الكلمة إلى أصلها، وسيبويه يكمله بهمزة وصل مكسورة، فيقول: اع، واس. وإذا وصلته بما قبله أسقطت الهمزة لكونها للوصل فتقول: هذا اس، وقام اس، وقال: قد أتي بعض الأسماء على حرف إذا اتصل بكلام نحو: من اب، بتخفيف الهمزة. ورد عليه المبرد بأن تخفيف الهمزة غير لازم، فكأن الكلمة على حرفين، بخلاف حذف همزة الوصل فإنه لازم، فيبقى الاسم المعرب على حرف واحد. ورد أيضا بامتناع جلب همزة الوصل للمتحرك. والزجاج يزيد همزة الوصل كما زاد سيبويه، ويقطعها هربا مما ألزم به سيبويه، ولأن همزة الوصل في الأسماء الصرفة قليل. وإنما تكون في الفعل والاسم الجاري مجراه أعني المصدر، وفي الحرف، فلهذا إذا سميت بفعل فيه همزة وصل قطعتها كقولك: بوحش إصمت.
(7)
وأما إن سميت باسم فيه همزة الوصل كابن واسم أبقيتها على حالها؛ لعدم نقل الكلمة من قبيل إلى قبيل، ومذهب غير هؤلاء المذكورين التكميل ببعض تلك الكلمة، كما ذكرنا في الحرف المتحرك، فالعين تكمل بالفاء، وأما اللام فيكمل إما بالعين عند المازني وإما بالفاء عند الأخفش.
وإن كان ذلك الساكن مما قبله همزة وصل، فإن كان ذلك في الفعل، كضاد: اضرب- جئت بالهمزة مقطوعة؛ لما ذكرنا. وإن كان في الاسم كنون انطلاق كمل بالحرف الذي بعده، فتقول: انط.