السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
***
إن الرفق خلق عظيم ، وخصلة حميدة ، يمن الله بها على من يشاء من عباده ؛ فيجعله رفيقًا في أحواله كلها ، يضع الأشياء موضعها ، ويتعامل مع الناس في كل معاملة طيبة ، وللرفق في الإسلام مزايا عديدة : فمن ذلكم أنه زينة الأشياء ، يقول - صلى الله عليه وسلم - : ( ما كان الرفق في شيء إلا زانه ، ولا نزع الرفق من شيء إلا شانه ) ، وأخبر - صلى الله عليه وسلم - : أن حظ الإنسان من الخير على قدر حظه من الرفق ؛ فقال : ( من أعطي حظه من الرفق أعطي حظه من الخير ، ومن حرم حظه من الرفق حرم حظه من الخير ) ، وأخبر - صلى الله عليه وسلم - : أن الله يعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف وعلى ما سواه ؛ فقال : ( إن الله رفيقًا يحب الرفق ، وإن الله يعطي على الرفق مالا يعطي على العنف وعلى ما سواه ) ، وأخبر - صلى الله عليه وسلم - : أن على الرفق ينجون من عذاب الله ؛ فالنار حرام على كل هين لين سمح قريب من الناس .
إن الرفق - أيضًا - مطلوب من الراعي لرعيته من كل مسؤول هو مسؤول عما من تحت يده ؛ فمطلوب منه الرفق ، والرفق لدى المسؤول ، أن لا يؤاخذ الناس بغير حق ، وأن يعفو عن الهفوات والزلات ، وأن يكون رفيقًا فيمن تحت يده ، مهما كانت منزلته ومسؤوليته ، يقول - صلى الله عليه وسلم - : ( اللهم من ولي من أمر أمتي شيئًا فرفق بهم فأرفق به ، ومن ولي من أمر أمتي شيئًا فشق عليهم فشقق عليه ) .
ومن خصال الرفق ، الرفق بالأطفال والصغار والتعامل معهم بما يليق بصغرهم وحالهم ، النبي - صلى الله عليه وسلم - كان أعظم الناس في ذلك ، تأتيه أمامة بنت بنته ؛ فيحملها وهو يصلي ، إذا قام رفعها ، وإذا سجد وضعها ، ويرى الحسن والحسين ؛ فينزل من المنبر ويحملهما ، ويقول : صدق الله : ﴿ الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾ ، ويأتيه أسامة بن زيد حبه وابن حبه ومولاه ؛ فيضعه على فخذه ، ويأتي الحسن كذلك هو الآخر ، ويضمهما ، ويقول : ( اللهم ارحمهما فإني أرحمهما ) .
ومن الرفق أيضا..رفق الأب مع أولاده ؛ فيرفق بهم ويأمرهم ويربيهم ويدخل السرور عليهم ويكون التعاون بينه وبينهم ظاهرًا ، حتى يكون معه متوازنًا ؛ فإن وجدوا منه النفس الطيبة ، والخلق الكريم ، والعدل بينهم ، كانوا جميعهم معه يدًا واحدة ، وإن شعر أحدهم بإقصاء وهذا بقرب كان دليلاً على تفرقهم وسببًا لتفرقهم واختلاف كلمتهم ؛ فمن توفيق الله للعبد ، أن يكون رفيقًا بهم ، إن أخطئوا أصلح الأخطاء ، إن أحسنوا شجعهم ، وإن أخطئوا نصحهم ووجههم وأعانه على بره ؛ فإن من توفيق الله للعبد أن يكون عونًا لأبنائه بالبر به والإحسان إليه والقيام بحقه .
نسأل الله تعالى التوفيق لكل المسلمين في تبني الرفق و العمل به.
***
بارك الله فيك أختي الفاضلة ..أم عبد الله*.
///
في حفظ الله.