عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 07-11-2010, 10:59 AM
الصورة الرمزية ابو هاله
ابو هاله ابو هاله غير متصل
قلم برونزي
 
تاريخ التسجيل: Oct 2009
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 1,783
الدولة : Egypt
10 ان الله يدافع عن الذين امنوا




( إن الـــلـــــــــــــــــــــــــــــــه يدافع عن الذين آمنـــــــــــــــــــوا )
" فقد ضمن للمؤمنين إذن أنه تعالى يدافع عنهم ، و من يدافع الله عنه فهو ممنوع حتما من عدوه ، ظاهر حتما على عدوه ، ففيم إذن يأذن لهم بالقتال ؟ و فيم إذن يكتب عليهم الجهاد ؟ و فيم إذن يقاتلون فيصيبهم القتل والجرح .. والجهد والمشقة والتضحية والآلام ... ؟ والعــــــــــاقبة معروفة ، والله قادر على تحقيق العاقبة لهم بلا جهد ولا مشقة ولا تضحية ولا ألم ولا قتل ولا قتـــال ؟؟
والجواب أن حكمة الله هي العليا ، وان لله الحجة البالغة ... والذي ندركه نحن البشر من تلك الحكمة ويظهر لعقولنا ومداركنا من تجاربنا ومعارفنا أنــــــــ الله تعالى لم يرد أن يكون حملة دعوته و حماتها من "التنابـــــــلة " الكسالى الذين يجلسون في استرخاء ، ثم يتنزل عليهم نصره سهلا هينا بلا عناء ، لمجرد أنهم يقيمون الصلاة و يرتلون القرآن ، و يتوجهون إلى الله بالدعاء كلما مسهم الأذى ووقع عليهم الاعتداء !

نعـــــــــم إنهم يجب أن يقيموا الصلاة ، وأن يرتلوا القرآن ، و أن يتوجهوا الى الله بالدعاء في السراء والضراء ، ولكن هذه العبادة وحدها لا تؤهلهم لحمل دعوة الله و حمايتها ، إنما هي الزاد الذي يتزودونه للمعركة ، والذخيرة التي يدخرونها للموقعة ، والسلاح الذي يطمئنون اليه و هم يواجهون الباطل بمثل سلاحه و يزيدون عنه سلاح التقوى والايمان والاتصال بالله .

لقد شاء الله أن يجعل دفاعه عن الذين آمنوا يتم عن طريقهم هم أنفسهم ، كي يتم نضجهم هم في أثناء المعركة ، فالبنية الانسانية لا تستيقظ كل الطاقات المذخورة فيها ... كما تستيقظ وهي تواجه الخطر ، و هي تدفع و تدافع ، و هي تستجمع كل قوتها لتواجه القوة المهاجمة ...
و عندئذ تتحفز كل خلية بكل ما أودع فيها من استعداد لتؤدي دورها ، و لتتساند مع الخلايا الأخرى في العمليات المشتركة ، و لتؤتي أقصى ما تملكه ، و تبذل آخر ما تنطوي عليه ، و تصل الى أكمل ما هو مقدور لها و ما هي مهيأة له من الكمال .

و الأمة التي تقوم على دعوة الله في حاجة الى استيقاظ كل خلاياها ، و احتشاد كل قواها ، و توفز كل استعدادها ، و تجمع كل طاقاتها ، كي يتم نموها ، و يكمل نضجها ، و تتهيأ بذلك لحمل الأمانة الضخمة و القيام عليها .

والنصـــــــــر السريــــــــع الذي لا يكلف عناء ، والذي يتنزل هينا لينا على القاعدين المستريحين ، يعطل تلك الطاقات عن الظهور ، لأنه لا يحفزها و لا يدعوها ،

وذلك فوق أن النصر السريع الهين اللين سهل فقدانه و ضياعه ،
أولا : لأنه رخيص الثمن لم تبذل فيه تضحيات عزيزة ،
ثانيا : لأن الذين نالوه لم تدرب قواهم على الاحتفاظ به و لم تشخذ طاقاتهم و تحشد لكسبه ، فهي لا تتحفو ولا تحتشد للدفاع عنه .

وهناك التربية الوجدانية والدربة العملية تلك التي تنشأ من النصر والهزيمة ، والكر والفر ، والقوة والضعف ، والتقدم والتقهقر ، و من المشاعر المصاحبة لها ... من الأمل والألم و من الفرح والغم ومن الأطمئنان والقلق ، ومن الشعور بالضعف والشعور بالقوة ....و معها التجمع والفناء في العقيدة والجماعة والتنسيق بين الاتجاهات في ثنايا المعركة و قبلها و بعدها وكشف نقاط القوة ونقاط الضعف ، و تدبير الأمور في جميع الحالات .... و كلها ضرورية للأمة التي تحمل الدعوة وتقوم عليها وعلى الناس .

من أجل هذا كله و من أجل غيره مما يعلمه الله ... جعل الله دفاعه عن الذين آمنوا يتم عن طريقهم هم أنفسهم ، و لم يجعله لقيه تهبط عليهم من السماء بلا عنـــــاء

والنصر قد يبطئ على الذين ’ظــلموا و أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا ان يقولوا : ربنا الله ، فيكون هذا الابطاء لحكمة يريدها الله :

1- قد يبطئ النصر لأن بنية الأمة المؤمنة لم تنضج بعد نضجها ، ولم يتم بعد تمامها ، ولم تحشد بعد طاقاتها ، ولم تتحفز كل خلية و تتجمع لتعرف أقصى المذخور فيها من قوى واستعدادات ، فلو نالت النصر حينئذ لفقدته و شيكا لعدم قدرتها على حمايته طويلا

2- و قد يبطئ النصر حتى تبذل الأمة المؤمنة آخر ما في طوقها من قوة ، و آخر ما تملكه من رصيد ، فلا تستبقي عزيزا و لا غاليا ، لا تبذله هينا رخيصا في سبيل الله .

3- و قد يبطئ النصر حتى تجرب الأمة المؤمنة آخر قواها ، فتدرك أن هذه القوى و حدها بدون سند من الله لا تكفل النصر ، إنما يتنزل النصر من عند الله عندما تبذل آخر ما في طوقها ثم تكل الأمر بعدها الى اللــــــه
4- و قد يبطئ النصر لتزيد الأمة المؤمنة صلتها بالله ، و هي تعاني و تتألم و تبذل ولا تجد لها سندا إلا الله ، ولا متوجها إلا اليه وحده في الضراء وهذه الصلة هي الضمانة الأولى لاستقامتها على النهج بعد النصر عندما يتأذن الله به ، فلا تطغى ولا تنحرف عن الحق والعدل والخير الذي نصرها الله به .

5- و قد يبطئ النصر لأن الأمة المؤمنة لم تتجرد بعد في كفاحها وبذلها و تضحيتها لله ولدعوته ، فهي تقاتل لمغنم تحققه ، أو تقاتل حمية لذاتها ، أو تقاتل شجاعة أمام اعدائها ، والله يريد أن يكون الجهاد له وحده و في سبيله ، بريئا من المشاعر الاخرى التي تلابسه ، وقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم : الرجل يقاتل حمية و الرجل يقاتل شجاعة ، و الرجل يقاتل ليرى ، فأيها في سبيل الله ؟ فقال " من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله "

6- كما قد يبطئ النصر لأن في الشر الذي تكافحه الأمة المؤمنة بقية خير ، يريد الله ان يجرد الشر منها ليتمحض خالصا ، و يذهب وحده هالكا ، لا تتلبس به ذرة من خير تذهب في الغمار !

7- و قد يبطئ النصر لأن الباطل الذي تحاربه الأمة لم ينكشف زيفه للناس تماما ، فلو غلبه المؤمنون حينئذ فقد يجد له انصارا من المخدوعين فيه ، لم يقتنعوا بعد بفساده و ضرورة زوالة ، فتظل له جذور في نفوس الأبرياء الذين لم تنكشف لهم الحقيقة ، فيشاء الله ان يظل الباطل حتى يتكشف عاريا للناس ، ويذهب غير مأسوف عليه من ذي بقية .

8- و قد يبطئ النصر لأن البيئة لا تصلح بعد لاستقبال الخير والحق والعدل الذي تمثله الأمة المؤمنة ، فلو انتصرت حينئذ للقيت معارضة من البيئة لا يستقر لها قرار ، فيظل الصراع قائما حتى تتهيأ النفوس من حوله لاستقبال الحق الظافر ، ولاستبقائه !

ومن أجل هذا كله و من اجل غيره مما يعلمه الله ، قد يبطئ النصر ، فتتضاعف التضحيات ، و تتضاعف الآلام ، مع دفاع الله عن الذين آمنوا و تحقيق النصر لهم في النهاية .

وللنصر تكاليفه واعباؤه حين يتأذن الله به بعد استيفاء اسبابه و أداء ثمنه و تهيأ الجو حوله لاستقباله واستبقائه
( و لينصرن الله من ينصره إن الله قوي عزيز . الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة و آتو الزكاة و أمروا بالمعروف و نهو عن النكر ولله عاقبة الأمور )


فوعد الله الوثيق المؤكد المتحقق الذي لا يتخلف هو ان ينصر من ينصره فمن هم هؤلاء الذين ينصرون الله ، فيستحقون نصر الله القوي العزيز الذي لا يهزم من تولاه ؟ أنهم هؤلاء :

( الذين إن مكناهم في الأرض ) فحققنا لهم النصر و ثبتنا لهم الأمر ( أقاموا الصلاة ......)

فرحم الله سيد قطب و رفع درجته وعفا عنه و تقبله مع الشهداء



__________________
قال ابن عقيل رحمه الله:

"إذا أردت أن تعلم محلَّ الإسلام من أهل الزمان ، فلا تنظر إلى زحامهم في أبواب الجوامع ،
ولا ضجيجهم بلبيك على عرصات عرفات .ـ
وإنما انظر على مواطأتهم أعداء الشريعه
رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 26.57 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 25.94 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.36%)]