ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   الملتقى العام (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=4)
-   -   أحبها من كل روحى ودمى (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=89451)

ابو مصعب المصرى 19-12-2009 07:21 PM

أحبها من كل روحى ودمى
 
والله إنك لأحب البقاع إليَّ، ولولا أن قومك أخرجوني لما خرجت"، بهذه الكلمات عبَّر لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مكانة الأوطان في ديننا، وكيف أن حب الأوطان من الإيمان، ولقد عمق الإسلام حب الأرض والوطن في نفوس المسلمين، فكان الانتماء للأرض والوطن جبلة جعلها الله في خلقه، وقد حافظ الإسلام على بقاء الطائفتين المؤمنتين (المهاجرين والأنصار)، وعلى استقلالهما، وجعل بقاءهما صورة من صور نصرة الإسلام وخدمة الدين، بل وحافظ على بقاء طائفتي الأنصار كما هما (الأوس والخزرج)، وكان يبرزهما في معارك الإسلام الخالدة برايات مختلفة؛ لإحداث نوع من التنافس الشريف لخدمة دين الله، وحينما حدث نوع من التنازع بين المهاجرين والأنصار، وقف رسول الله لهما موجهًا ومربيًا ومعاتبًا "أبدعوى الجاهلية وأنا بين ظهرانيكم"، وختم الحبيب رسالته التربوية للمسلمين بقوله: "إن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب ولكن في التحريش بينهم‏".
وطنيتنا التي نحبها
كثيرًا ما يتغنى الناس بوطنيتهم وأنهم فداء للوطن، ولكن أي وطن وأي وطنية؟ إن الوطنية التي يريدها الإسلام ويحرص عليها؛ هي وطنية الحنين التي تعني حب الأرض والحنين إليها والانعطاف حولها حال الغربة، وهي التي قال عنها الحبيب بعد سماعه وصف مكة وهو في الغربة "دع القلوب تقر يا أصيل"، ويقر الإسلام كذلك وطنية الحرية والعزة، والتي تعني العمل بكل جهد لتحرير أوطاننا من الغاصبين المحتلين وتوفير استقلاله، وألا نجعل لهم سلطانًا علينا، ويقر الإسلام وطنية المجتمع، والتي تعني تقوية الرابطة بين أبناء البلد الواحد لما فيه مصالحهم، ويقر الإسلام وطنية الفتح، والتي تعني أن ننطلق بإسلامنا فاتحين مشارق الأرض ومغاربها حاملين نور الإسلام للبشرية جمعاء ﴿حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ﴾ (البقرة: من الآية 193)؛ لكنه في المقابل يرفض وطنية الحزبية، والتي تعني تقسيم الأمة إلى طوائف متناحرة تتراشق بالسباب وتكيل التهم ويكيد بعضها لبعض, وتتشيع لمناهج وضعية أملتها الأهواء، وشكلتها الغايات والأعراض، وفسرتها الأفهام وفق المصالح الشخصية، وعدونا يستغل ذلك لمصلحته ويزيد وقود هذه العصبية الجاهلية بيننا اشتعالاً، كي يفرقنا في الحق ويجمعنا على الباطل، وهذا ما يحدث بيننا بين الحين والآخر، حينما نحول عدونا الحقيقي إلى صديق، ونحول أبناء الوطن الواحد إلى أعداء، ولقد بيَّن الإسلام أن حدود وطنيتنا إنما تنبع من عقيدتنا، فكل بقعة فوقها مسلم يقول "لا إله إلا الله محمد رسول الله" فهي من أوطاننا، والمسلمون فيها من أهلنا وإخواننا، لهم ما لنا وعليهم ما علينا، ولله در القائل "يا أخي في الهند أو في المغرب.. أنا منك أنت مني أنت بي.. لا تسل عن عنصري عن نسبي.. إنه الإسلام أمي وأبي.. إخوة نحن به مؤتلفون".
قوميتنا التي نحميها
أما قوميتنا التي يريدها الإسلام ويحرص عليها، فهي قومية المجد، والتي تعني أن يسير الناس على نهج أسلافهم في مراقي المجد والعظمة ومدارك النبوغ والهمة، والإسلام لا يمنع تلك القومية "الناس معادن خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا"، ويقر الإسلام أيضًا قومية الأمة إذا قصد منها أن عشيرة الرجل أولى بخيره وبره، وأحقهم بإحسانه وجهاده ودعوته؛ لكن الإسلام يرفض القومية الجاهلية العدوانية التي تنادي بإحياء عادات جاهلية، والتنادي بها، والاعتزاز بجنسها على حساب رباط الإسلام وعقيدته، والتي تعني أن يعتز كل بجنسه ويعتدي على الآخرين، وأن يتناحر الإخوة المسلمون فيما بينهم تحت دعاوى جاهلية (فرعونية- عربية- فينيقية- بابلية- بربرية.. إلخ)، فهذا هو المرفوض في الإسلام، وتلك القومية لا يقبل بها، وما أروع ما قاله رسول الله "إن الله قد أذهب عنكم نخوة الجاهلية وتعظمها بالآباء، الناس لآدم وآدم من تراب، لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى"، والإسلام حينما ينادي بذلك لا ينكر خواص الأمم ومميزاتها الخلقية، بل يحث على أن تكون تلك الخصائص وهذه المميزات فيما يخدم الدين ويناصره لا أن تكون مدعاة للتعصب المقيت.
مصر التي في خاطري
إن انتماءنا لمصر الحبيبة انتماء فخر واعتزاز، وانتماء حب ووفاء، وانتماء تضحية وبذل وعطاء، إنه انتماء الحب والشوق والحنين، نهتف في غربتنا عنها مع القائل "ياما لفيت سواح متغرب.. وأنا دمي في حبك متشرب.. أبعد عنك قلبي يقرب.. ويرفرف على النيل عطشان"، فتحن قلوبنا شوقًا إليها، ونرتمي في أحضانها عند العودة، ولكنه انتماء لا عدوان فيه ولا تعدٍ ولا تعصب ولا جاهلية، نحبها من كل قلوبنا، ونحب معها كل بقعة أرض فيها عربي ومسلم موحد لله، هي مصر التي علمتنا أن نحب الوطن الأكبر، وأن نردد مع القائل "وطني يا زاحف لانتصاراتك.. ياللي حياة المجد حياتك.. في فلسطين وجنوبنا الساهر.. ح نكملك حرياتك.. إحنا وطن يحمي ولا يهدد.. إحنا وطن بيصون ما يبدد.. وطن المجد الوطن العربي"، هذه هي مصر التي في خاطري وفي فمي، هذه هي مصر التي ارتفعت فوق هامات الأمم، والتي استحقت لقب أم الدنيا، والتي يعشقها كل عربي وكل مسلم، وتهوى إليها الأفئدة والقلوب، هي مصر المؤُمنة كما وصفها الشاعر السوداني.
مصر التي أحبها
نعم مصر في خاطري وفي فمي، وأحبها من كل روحي ودمي، وأفديها بروحي وأهلي وولدي ومالي، ولكن مصر التي أحبها لها معالم وسمات، لا بد أن نبينها كي لا تختلط الأوراق، وكي لا يصبح حبها نوعًا من دعاوى الجاهلية المقيتة، إن مصر التي أحبها من كل روحي ودمي هي:
* مصر المذكورة في القرآن بخيرها ونعيمها ﴿اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ﴾ (البقرة: من الآية 61)، مصر الأمن والأمان ﴿ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ﴾ (يوسف: من الآية 99)، مصر التي مدحها الحبيب بقوله "خير أجناد الأرض"، مصر التي دخلها عمرو بن العاص فاتحًا وهو يقول "لسنا على غارة نغيرها بل نفوس نغيّرها".
* مصر الإسلام التي قادت فتوحاته ومعاركه الحاسمة عبر التاريخ، مصر سيف الدين قطز والظاهر بيبرس اللذان قاداها لتحرير الأمة من الزحف التتري الذي أباد الأخضر واليابس، وأسقط الخلافة العباسية، مصر شجرة الدر التي أبت إلا أن تكون راية الإسلام مرفوعة، فقادت الجيوش لصد الحملة الصليبية على مصر، ومصر صلاح الدين الأيوبي الذي أعادها للسنة، وأوقف الزحف الشيعي عنها، ممثلاً في فلول الدولة الفاطمية، وقادها لتحرير بيت المقدس من دنس الصليبيين، ومصر الإرادة الحديدية التي حولت الهزيمة والانكسار إلى عزيمة قوية، وقادت جيشها بصيحات التكبير إلى أعظم انتصار على أقوى رابع قوة في العالم، وحطمت أسطورة الجيش الذي لا يقهر وعبرت أكبر ساتر ومانع بحري في العالم.
* مصر الحضارة والتاريخ، والتي بها ثلث آثار العالم، مصر الأهرامات الخالدة بخلود شعبها، مصر أبو الهول بشموخه، مصر معابد الكرنك وحتشبسوت وأبو سمبل، مصر مكتبة الإسكندرية الشاهدة على عمقها الثقافي.
* مصر جامعة الأزهر قلب الإسلام النابض، وقلعة العلم الشرعي في العالمين العربي والإسلامي، والتي أنارت بعلومها المشارق والمغارب، وكانت الرائدة في الدراسات الإسلامية وعلوم القرآن والقراءات العشر، وتخرَّج منها الملايين من أبناء العالم الإسلامي، والتي يدرس بها سنويًّا أكثر من 30 ألف طالب مسلم غير مصري، الأزهر الذي كان حامي حمى الإسلام في حزام الصحراء الإفريقي وقلب إفريقيا.
* مصر جامعة القاهرة، تلك القبلة العلمية التي يقصدها طلاب العالم العربي، والتي تخرج منها أكثر من مليون طالب عربي، مصر العروبة التي كانت تبتعث مدرسيها لتعليم اللغة العربية للدول التي كانت مستعمرة؛ حتى لا تضمحل لغة القرآن، وكانت بعثاتها التعليمية، وما زالت منارات هداية وتثقيف وتربية وتعليم للأجيال الناشئة في العالم العربي؛ حتى لا تجد عربيًّا كبير السن إلا ويقول "علمني ورباني أستاذ مصري".
* مصر رائدة الحركات التربوية والإصلاحية بدءًا من الأفغاني ومحمد عبده، ومرورًا برشيد رضا والكواكبي والبنا، ومصر التي قادت حركات التحرر ضد الاستعمار ومن أرضها انطلقت الثورات العربية، مصر التي كانت بإشارة منها تحرك الشعوب العربية والإسلامية، والتي كانت تصحح لهم البوصلة والمسار، ومصر التي سعت الدول الاستعمارية للسيطرة عليها من أجل إحكام قبضتهم على العالم العربي.
* مصر التي أنجبت العلماء الذين ينيرون العالم بعلومهم، ومصر التي أنجبت أكثر من 300 ألف عالم يخدمون العلم حاليًّا في كل بلاد العالم الغربي، منهم أكفأ أطباء العالم ممن اخترعوا تقنية تشخيص أمراض الكبد، وأكفأ جراحي القلب وأكفأ جراحي فصل التوائم، مصر قائدة العالم العربي نحو الثقافة والأدب والطباعة والصحافة وشتى العلوم والفنون.
* مصر مهد الصناعة الحديثة في العالم العربي، مصانع النسيج والحديد والصلب والسيارات ومصانع التسليح، مصر التي أنشأت أكبر سد في العالم في القرن العشرين، السد العالي، والتي أنشأت ثاني شبكة سكة حديد في العالم، والتي كانت أول دولة تقيم شبكة مترو أنفاق في إفريقيا والشرق الأوسط.
* مصر صاحبة أول دستور مكتوب في العالم منذ قرنين من الزمن، ومصر التي وضع أساتذة القانون بها أغلب دساتير الدول العربية، والتي لحن فنانونها أناشيدهم الوطنية، والتي صمم فنانوها أعلامهم الرسمية، والتي قام مهندسوها ببناء أولى محطات الكهرباء لديهم، والتي قام فنانوها وأنشأوا لهم أولى محطاتهم الإذاعية والتليفزيونية، والتي قام أساتذتها بتأسيس جامعاتهم وكانوا عمداءها الأول.
* مصر الانتفاضة التي انتفض شعبها نصرة لإخوانه الفلسطينيين في غزة حينما شن العدو الصهيوني الحرب المجرمة عليهم، فقدَّم الشعب لهم من قوته وقوت أولاده أعز ما يملك، وكانت حملات الإغاثة التي لم تتوقف حتى اليوم، نصرة لإخوانهم المحاصرين هناك، مصر التي ينتفض شعبها مرددًا إسلاماه، نصرة لكل ما هو قومي وعربي وإسلامي، ومصر التي انتفض شعبها مطالبًا بالإصلاح والتغيير، وشارك في انتخابات 2005م، ورفض إعطاء صوته للمفسدين وأعطاه للمصلحين، مصر المنتفض شعبها في كافة المجالات مطالبًا بالحقوق والحريات عبر النقابات والاتحادات.
* مصر مينا وتحتمس وأحمس، مصر يوسف الصديق وموسى الكليم وإبراهيم الخليل، مصر ابن حجر والليث بن سعد والسيوطي، مصر شلتوت وعبد الحليم محمود وجاد الحق، مصر حسن البنا وقطب والتلمساني، مصر الغزالي والشعراوي والقرضاوي، مصر الطهطاوي وطه حسين ونجيب محفوظ، مصر مجدي يعقوب وزويل والبرادعي، مصر محمد فريد ومصطفى كامل وسعد زغلول، مصر محمد علي ونجيب وناصر والسادات، مصر عبد الباسط والمنشاوي والحصري
هذه هي مصر التي أحبها، مصر أم الدنيا بحضارتها وتاريخها، مصر هبة الرحمن وقلعة الإيمان وعروس الإسلام، مصر درع العروبة والوطنية، مصر التاريخ والجغرافيا، مصر الماضي والحاضر والمستقبل، مصر كنانة الله في أرضه، مصر السيف والرمح والقرطاس والقلم، مصر المصحف والإنجيل والهلال والصليب، مصر الوحدة الوطنية والقومية والعربية والإسلامية، مصر الفنون والآداب والصحافة والإعلام، مصر الريادة والقيادة والزعامة للعالمين العربي والإسلامي، هذه مصر بلادي التي لها حبي وفؤادي.
مصر التي في خاطري وفي فم ي أحبها من كل روحي ودمي

ღ زهرة الشفاء ღ 19-12-2009 07:28 PM

رد: أحبها من كل روحى ودمى
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

اخي كل يوم تأتي بمواضيع هادفة وجميلة

والله احب مواضيعك لا اعرف من اين تأتي بها

حقا حب الوطن مثل ما قلت احسنت اخي موضوع جداً راااااااااقي ومفيد

أسأل الله الموفقية والشفاء الداااااااائم لكَ اخي

موفق



عبدالله المشهداني 19-12-2009 09:36 PM

رد: أحبها من كل روحى ودمى
 
كلامش كله درر وجواهر... بارك الله فيك على حسن طرحك للموضوع الرائع ...
سلمت لنا ...


بارك الله فيك

جزاك الله خيرا ونفع بك
دمت اخا وصديقا وحبيبا

سبحان الله وبحمده *عدد خلقه *ورضا نفسه *وزنة عرشه *ومداد كلماته*

عذراء العجمان 19-12-2009 10:10 PM

رد: أحبها من كل روحى ودمى
 
صحيح مثل ما ايقولون حب الوطن من الايمان

مشكور اخي جميل ما قدمت

وجزاك الله خير الدنيا والاخره

عذراء العجمان 19-12-2009 10:11 PM

رد: أحبها من كل روحى ودمى
 
صحيح مثل ما ايقولون حب الوطن من الايمان

مشكور اخي جميل ما قدمت

وجزاك الله خير الدنيا والاخره

أبو جهاد المصري 19-12-2009 10:42 PM

رد: أحبها من كل روحى ودمى
 
جزاك الله خيرا اخي ابو مصعب الخلوق
دمت في رعايه اله وامنه

اخت الاسلام 19-12-2009 10:56 PM

رد: أحبها من كل روحى ودمى
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيكم

ووفقكم لما يحبه ويرضاه
في امان الله

ابو مصعب المصرى 20-12-2009 10:21 PM

رد: أحبها من كل روحى ودمى
 
بورك مروركم جميعا ايها الاخيار

أملي في الله 26-12-2009 12:37 AM

رد: أحبها من كل روحى ودمى
 
رائع ما قدمت
وفقك الله لكل خير

أخي أبومصعب

ابو مصعب المصرى 27-12-2009 02:11 PM

رد: أحبها من كل روحى ودمى
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أملي في الله (المشاركة 868232)
رائع ما قدمت

وفقك الله لكل خير

أخي أبومصعب

الاروع مرورك اختى الفاضلة


الساعة الآن : 04:53 AM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 22.01 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 21.45 كيلو بايت... تم توفير 0.56 كيلو بايت...بمعدل (2.54%)]