اين الكبار.........للشيخ سلمان العوده
سلمان بن فهد العودة
حدث فعلاً أن أختبئ في عيني صغيري, وأهرب إلى حضنه الراقي والبريء.. حين صُدمت عيني بجثث الناس على قارعة الطريق، وأشلاء البشر، وتلك الوجوه والأجساد المنهكة التي كان الموت لها خياراً أفضل من الحياة، لكنها مشيئة الله وإرادته. رأى صغيري بعيني الانكسار لمح في وجهي جموداً لا يدري سببه شاهد الصمت الحزين على شفتي لاحظني أغطي عينيه عن الشاشة؛ كي لا يرى في نومه أحلاماً مزعجة وكوابيس.. الأب وجد الحل في أن يطفئ الأنوار, ويختبئ في الظلام.. إنه يريد أن يتوارى عن نفسه. براءة الصغار وعفويتهم؛ تقودهم إلى الموقف الجميل.. يكشف الغطاء ويمطر كبيره بوابل القبلات، وكأنه يقول له: لا تحزن! فما زال في الحياة متّسع للفرح، وقلوب تحمل الحب، وترفض الكراهية والعدوان.. وليست الحياة كلها قنابل وقصفاً وعدوانية وجحوداً ولا مبالاة.. روح ترتدّ إلى جسدها وتغازله من جديد.. فلأعش إذاً هادئاً هانئاً محبوراً بهؤلاء الصبية والصبايا، متطلعاً لمستقبل واعد لهم وبهم ومعهم.. يعود إلى الصورة، ها هم آباء مثلي يركضون بأطفالهم؛ فراراً من القصف، وآخرون يحملون الأشلاء، والهلع في عيون النساء.. وجبة جديدة من القصف، ووجبة من الأيتام السائرين إلى المجهول.. نمْ يَا صَغِيرِي.. إِنّ هَذَا الْمَهْدَ يَحْرُسُهُ الرَّجَاءْ مِنْ مُقْلَةٍ سَهِرَتْ لِآلَامٍ تَثُورُ مَعَ الْمَسَاءْ أَشْدُو بِأُغْنِيَتِي الْحَزِينَةِ ثُمَّ يَغْلِبُنِي الْبُكَاءْ وَأَمُدُّ كَفِّي لِلسَّمَاءْ.. لِأِسْتَحُثَّ خُطَى السَّمَــــاءْ نَمْ لَا تُشَارِكْنِي الْمَرَارَةَ وَالْحَزَنْ فَلَسَوفَ أُرْضِعَكَ الْجِرَاحَ مَعَ الّلبَنْ.. حَتّى أَنَالَ عَلَى يَدَيْكَ مُنَىً وَهَبْتُ لَهَا الْحَيَاةْ يَاَ مَنْ رَأَى الدُّنْيَا وَلَكِنْ لَمْ يَر فِيهَا أَبَاه! سَتَمُرُّ أَعْوَامٌ طوَالٌ فِي الْأَنِينِ وِفِي الْعَذَابْ وَأَرَاكَ يَا وَلَدِي قَوِيَّ الْخَطْوِ مَوفُورَ الشَّبَابْ تَأْوِى إِلَى أُمٍّ مُحَطَّمَةٍ مُغَضَّنَةِ الْإِهَابْ وَهُنَاكَ تَسْأَلُنِي كَثِيراً عَنْ أَبِيكَ.. وَكَيْفَ غَابْ؟ هَذَا سُؤَالٌ يَا صَغِيرِي قَدْ أُعِدَّ لَهُ الْجَوَابْ! سقط 670 شهيدا من بينهم 215 طفلا حُصدت أرواح أكثر من 120 منهم وهم يلوذون بمدرسة يفترض أنها آمنة من الخطر.. يا تلاميذَ غزّةَ عَلِّمُونَا بَعْضَ مَا عِنْدَكُم فَنَحْنُ نَسِينَا عَلِّمُونَا كَيفَ الْحِجَارَةُ تَغْدُو بَيْنَ أَيْدي الْأَطْفَالِ مَاساً ثَمِينَا كَيْفَ تَغْدُو دَرَّاجَةُ الطِّفل لَغماً وَشَريطُ الْحَرِيرِ يَغْدُو كَمِينَا كَيْفَ مَصّاصةُ الْحَلِيبِ إِذا مَا اعْتَقَلُوهَا تَحَوّلَتْ سِكّينَا يَا أَحِبّاءَنَا الصِّغار سَلاماً جَعَلَ اللهُ يَوْمَكُمْ يَاسَمِينَا مِن شُقُوقِ الأَرْضِ الْخَرَابِ طَلَعْتُمْ وَزَرَعْتُمْ جِرَاحَنَا نسْرِينَا هَذِهِ ثَوْرَةُ الدَّفَاتِر وَالْحِبْرِ فَكُونُوا عَلَى الشِّفَاهِ لُحُونَا أَمْطِرونَا بُطُولةً وَشُمُوخًا إِنَّ هَذَا العَصْرَ اليَهُوديّ وَهْمٌ سَوفَ يَنْهَارُ لَوْ مَلَكْنَا الْيَقِينَا يهدأ القطف والقصف مع المساء... فيهرب مرة أخرى... هذه المرة إلى المسجد ليناجي وينادي... ويسمع صوت الإمام يقرأ: {وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} (169) سورة آل عمران هذا خير دواء للأحزان.. « أَرْوَاحُهُمْ في جَوْفِ طَيْرٍ خُضْرٍ , لَهَا قَنَادِيلُ مُعَلَّقَةٌ بِالْعَرْشِ؛ تَسْرَحُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ شَاءَتْ, ثُمَّ تَأْوِى إِلَى تِلْكَ الْقَنَادِيلِ, فَاطَّلَعَ إِلَيْهِمْ رَبُّهُمُ اطِّلاَعَةً, فَقَالَ هَلْ تَشْتَهُونَ شَيْئاً ؟ قَالُوا أَيَّ شَىْءٍ نَشْتَهِى, وَنَحْنُ نَسْرَحُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ شِئْنَا , فَفَعَلَ ذَلِكَ بِهِمْ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ, فَلَمَّا رَأَوْا أَنَّهُمْ لَنْ يُتْرَكُوا مِنْ أَنْ يُسْأَلُوا قَالُوا يَا رَبِّ! نُرِيدُ أَنْ تَرُدَّ أَرْوَاحَنَا في أَجْسَادِنَا, حَتَّى نُقْتَلَ في سَبِيلِكَ مَرَّةً أُخْرَى »! رواه مسلم ويعدو لصلاة العشاء؛ فيسمع التلاوة: {وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ} (42) سورة إبراهيم هذا إذاً مصيرهم.. وبئس المصير.. هذه عدالة الله العظيم، فلتهدأ النفوس، وتسكن القلوب، ولتتجاوز ضيق اللحظة الحاضرة إلى أفق المستقبل الفسيح. يَا دَامِيَ العَيْنَينِ وَالْكَفَّينِ إِنَّ الّليلَ زَائِلْ لَا غُرْفَةَ التَّوْقِيفِ بَاقِيةٌ، وَلَا زَردُ السَّلَاسِلْ نِيرُونُ مَاتَ.. وَلَمْ تَمُتْ رُومَا.. بِعَيْنَيْهَا تُقَاتِلْ وَحُبُوبُ سُنْبُلَةٍ تَمُوتُ.. سَتَمْلَأُ الوَادِي سَنَابِلْ.. سَتَمْلَأُ الوَادِي سَنَابِلْ! وللحديث صلة إن شاء الله |
رد: اين الكبار.........للشيخ سلمان العوده
كلمات رائعة لشيخنا الفاضل جزاه الله خيرا و اسال الله ان يكشف هذة الغمة عن اهلنا فى غزة.. اللهم اغث غزة..اللهم اغث غزة..اللهم اغث غزة... جزاك الله خيرا اخى الكريم هجهوج..وبارك فيك.. |
رد: اين الكبار.........للشيخ سلمان العوده
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته بارك الله فيك أخي الكريم وفي شيخنا الفاضل |
رد: اين الكبار.........للشيخ سلمان العوده
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
بارك الله فيك أخي الكريم هجهوج على النقل و نسأل الله أن يحفظ جميع مشايخنا و علمائنا بخير و عافية أَشْدُو بِأُغْنِيَتِي الْحَزِينَةِ ثُمَّ يَغْلِبُنِي الْبُكَاءْ وَأَمُدُّ كَفِّي لِلسَّمَاءْ.. لِأِسْتَحُثَّ خُطَى السَّمَــــاءْ في أمان الله |
رد: اين الكبار.........للشيخ سلمان العوده
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته جزا الله خير الشيخ سلمان العودة على مبادراته الطيبة جزاك الله خير اخي الكريم 00 هجهوج 00 |
الساعة الآن : 03:18 PM |
Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour