ملتقى الشفاء الإسلامي - التربية بالنقود ... المصروف اليومي أو الشهري ??

التربية بالنقود
المصروف اليومي أو الشهري

إعداد: أحمد الحمصي

إعطاء الطفلِ النقودَ ليست غايته مجرد أن يقوم الأب بواجب الإنفاق على ولده.. بل هناك غايات أخرى وراء ذلك، ولا شك في أن طريقة إعطاء المال للطفل تسهم في تحقيق هذه الغايات والأهداف التربوية المنشودة..
وللآباء في طريقة إعطاء المصروف مذاهب، فبعضهم يعطي ولده مصروف يومه كل يوم، وبعضهم يعطي ولده راتباً شهرياً، وآخرون يسلكون سبيلاً أخرى، فهم لا يرون أن هناك حاجة إلى وضع النقود في يد الطفل، بل يلبّون له حاجاته جميعها، فإذا توافر له قلمه ودفتره ووجبته التي يتناولها في المدرسة وملابسه، لم تعد ثمة حاجة إلى تسليمه أي مبلغ من المال، وهناك آباء خيل إليهم أنهم يكرمون أبناءهم، فقالوا لا حاجة بنا إلى واحدة من هذه الطرق، بل كلما طلب ولدنا المال أعطيناه إذا كان سبب طلبه مقنعاً، فلا نحتاج إلى المصروف اليومي أو الراتب الشهري..
ولنتأمل طريقة المصروف اليومي.. ألا ترى أيها الوالد أن ولدك إذا حصل على مصروفه بشكل يومي اعتاد أن يصرف كل ما يملك كل يوم؟ وكذلك فإنه ينقطع لديه جانب التخطيط المالي، إذ لا حاجة إلى الخطة المالية لأن الطفل يرى نفسه مكلفاً بالتخلص من هذه الدريهمات قبل أن ينتهي اليوم ويبدأ اليوم الجديد الذي يحصل فيه على دريهمات جديدة.. وبهذا لن تتكون في الطفل قيمة احترام المال! ونتساءل: هل يمكن أن يطمح الطفل إلى ادخار جزء من مصروفه اليومي؟ أم إنه سيرى أن هذه الدراهم المعدودة قليلة ولا تستحق أن تدَّخر.. وهل سيشعر ولدك أنك تثق فيه؟ إنك لا تأتمنه إلا على مصروف يوم واحد! وإذا كبر الطفل على هذه الطريقة في إعطاء المصروف.. فما موقفه عندما يصبح شاباً يوضع في يده راتب شهر كامل من عمل قد امتهنه؟ هل سيتعامل مع راتبه الشهري كما كان يتعامل مع مصروفه اليومي فيصرفه كله في يوم واحد؟
إننا إذا وافرنا للطفل كل احتياجاته بحيث لا يحتاج إلى المال، فإننا نقتل فيه الشعور بالمسؤولية الحقّة، فينشأ وهو لا يدرك من أين يأتي المال، ولا كيف يذهب، وما هي الغاية منه..
وأن تمنح ولدك المال عند الطلب فقط، يخشى معه أن يميل الطفل إلى اختلاق أسباب واهية لاكتساب المال، وكذلك لن تكون لديه خطة مالية ولا ثقافة ادخار أو توفير، ولا احترام للمال الذي يغرق والده في المتاعب والهموم للحصول عليه..
أما راتب الطفل الشهري، فهو بلا شك يدفع به إلى التخطيط المالي بشكل جدي، وإلا فإنه سيُمضي باقي الشهر بجيبين فارغين، وكذلك فإن المصروف الشهري يشعر الطفل بالثقة، لأنه يشعر أن والده يعده كبيراً ويسلمه هذا المبلغ من المال لينظم مشترياته ويرتب أولوياته هو بنفسه... وقبل كل ذلك فإنه يتعلم كيف يكبح في نفسه شهوة الشراء، وهذا من أعظم الأهداف، لأنها تدريب على نهي النفس عن مختلف أهوائها ورعوناتها.. وتدريجياً يمكن تدريب الطفل على أن يعتاد الراتب الشهري، وذلك بأن يبدأ معه بالراتب الأسبوعي ثم بالنصف شهري ثم الشهري..