خلاف العلماء في حكم استقبال القبلة واستدبارها أثناء قضاء الحاجة
خلاف العلماء في حكم استقبال القبلة واستدبارها أثناء قضاء الحاجة يحيى بن إبراهيم الشيخي القول الأول: مذهب الجمهور: المالكية[1]، والشافعية[2]، والحنابلة[3]، يحرُم استقبال القبلة واستدبارها حال قضاء الحاجة في الفضاء، ويجوز في البنيان. الدليل من السنة: عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا أتيتم الغائط فلا تستقبلوا القبلة بغائطٍ ولا بول، ولا تستدبروها، ولكن شرِّقوا أو غرِّبوا، فقال أبو أيوب: فقدمنا الشام فوجدنا مراحيضَ قد بُنيت مستقبل القبلة، فننحرف عنها ونستغفر الله))[4]. فيه دليل على تحريم استقبال القبلة أو استدبارها عند قضاء الحاجة في الصحراء أو الفضاء[5]. القول الثاني: لأبي حنيفة، له روايتان: الرواية الأولى: يُكره استقبال القِبلة بالفرْجِ في الخلاء. وأما استدبارها في الخلاء، ففيه روايتان. الأولى: يُكره؛ لأن فيه تركَ التعظيم. والثانية: لا يُكره؛ لحديث ابن عمر أنه قال: ((رقيتُ يومًا على بيت أختي حفصة، فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قاعدًا لحاجته مستقبلَ الشام، مستدبرَ الكعبة))[6]؛ ولأن فرْجَه غير موازٍ لها، وما ينحط منه ينحط إلى الأرض بخلاف المستقبِل؛ لأن فرجه موازٍ لها، وما ينحط منه ينحط إليها، والأحوط الأول؛ لأن القول مقدَّم على الفعل؛ إذ الفعل يتطرق إليه الإعذار بخلاف القول، فلا معارضة بينهما"[7]. "قال: فإن كان في البيوت فكذلك عندنا، وعند الشافعي عليه الرحمة: لا بأس بالاستقبال في البيوت؛ واحتج بما روى عبدالله بن سيدنا عمر رضي الله تعالى عنهما سُئل عن ذلك، فقال: إنما ذلك في الفضاء"[8]. الرواية الثانية: يُكره استقبال القبلة، أو استدبارها حال قضاء الحاجة، كراهةَ تحريمٍ مطلقًا داخل البناء أو الفضاء[9]. فتوى اللجنة الدائمة للإفتاء: الصحيح من أقوال العلماء أنه يحرُم استقبال القِبلة – الكعبة - واستدبارها عند قضاء الحاجة في الخلاء ببولٍ أو غائطٍ، وأنه يجوز ذلك في البنيان، وفيما إذا كان بينه وبين الكعبة ساتر قريب أمامه في استقبالها، أو خلفه في استدبارها؛ كرحلٍ أو شجرة أو جبل أو نحو ذلك، وهو قول كثير من أهل العلم"[10]. قال ابن باز رحمه الله: "لا يجوز استقبال القبلة واستدبارها عند قضاء الحاجة من بول أو غائط، إذا كان الإنسان في الصحراء، أما في البيوت فلا حرج في ذلك"؛ [انتهى باختصار][11]. [1] كتاب المدونة، مالك بن أنس (1/117). [2] المجموع للنووي، ج2، ص87. [3] انظر: المغني لابن قدامة: ج1، ص120، والإنصاف للمرداوي: ج1، ص101. [4] أخرجه البخاري (144)، ومسلم (264) باختلاف يسير. [5] إحكام الأحكام لابن دقيق العيد (ص: 95). [6] سبق تخريجه. [7] انظر: كتاب تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق: ج1، ص167. [8] بدائع الصنائع: ج5، ص126. [9] المصدر السابق بنفس الصحة من البدائع، وانظر: كتاب الفقه على المذاهب الأربعة، عبدالرحمن الجزيري: ج1، ص88. [10] كتاب فتاوى اللجنة الدائمة: ج5، ص115. [11] انظر كتاب فتاوى ومقالات متنوعة، ابن باز: ج10، ص35. |
| الساعة الآن : 02:00 AM |
Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour