ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   فلسطين والأقصى الجريح (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=79)
-   -   الأوقاف المقدسية حول العالم (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=321108)

ابوالوليد المسلم 13-11-2025 02:46 AM

الأوقاف المقدسية حول العالم
 



https://al-forqan.net/wp-content/upl...01/aqsa-05.jpg


الأوقاف المقدسية حول العالم


  • الأوقاف على القدس وبيت المقدس خارج فلسطين كثيرة جدًا ولا تكاد تخلو في الغالب أي وثيقة وقفية قديمة من إشراك المسجد الأقصى إلى جانب أوقاف الحرمين
  • ظاهرة الأوقاف المقدسية في العالم هي الاستثمار العملي للارتباط الوجداني بين المسلمين عن طريق تطوير أوقاف مشتركة بين مختلف الدول الإسلامية تقوي مناعة الأمة
يُعدّ المسجد الأقصى من المساجد المباركة، وله فضل وبركة، قد خص -بعد المسجد الحرام والمسجد النبوي- بشد الرحال إليه ومضاعفة أجر الصلاة فيه، وقد دعمته على مر القرون شبكة واسعة من الأوقاف الخارجية (الأوقاف) التي أُنشئت في مختلف أنحاء العالم الإسلامي، منذ القرن الأول إلى زمننا الذي نعيش؛ وكانت تلك الأوقاف - التي تقع غالبًا بعيدًا عن القدس- مخصصة لتوفير الدعم المالي والمادي لكل متطلبات الإحياء وتوفير الأئمة والمؤذيين والخدم، وكذلك الصيانة وإدارته وتطويره.
ولا شك أن الأوقاف على القدس وبيت المقدس - خارج فلسطين- كثيرة جدًا، ولا تكاد تخلو - في الغالب - أي وثيقة وقفية قديمة من إشراك المسجد الأقصى إلى جانب أوقاف الحرمين؛ ولا سيما ما كان في بلاد الشام، وتحديدًا في الألوية إذا انقطع المصرف؛ لذلك وجد هناك تراكم كبير لأوقاف الحرمين الشريفين، وبالتبعية المسجد الاقصى في تركيا ومصر والشام والمغرب العربي، وسائر بلاد المسلمين. وليس هذا بمستغرب؛ فأرض فلسطين هي الأرض المقدسة، والأرض المباركة، وخيرة الله من أرضه، وأرض الرباط والجهاد، ومحل المختارين من عباده وهم الطائفة المنصورة، كما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين على من ناوأهم وهم كالإناء بين الأكلة، حتى يأتي أمر الله وهم كذلك»، وما قاله -صلى الله عليه وسلم - بحق المسجد الأقصى: «لنعم المصلّى هو، وليوشكنّ أن يكون للرجل مثل شطن فرسه (يعني: حبل فرسه) من الأرض؛ حيث يَرى منه بيت المقدس، خيرٌ له من الدنيا وما فيها»، وقوله -عن مكانة أرض فلسطين وبلاد الشام-: « عليكم بالشام؛ فإنها صفوة بلاد الله، يسكنها خيرته من خلقه، فمن أبى فليلحق بيمنه، وليسق من غدره؛ فإن الله تكفل لي بالشام وأهله».
الوقف على الأماكن المقدسة
نظرا للقداسة والبركة التي تحيط الأماكن المقدسة في العالم العربي والإسلامي، ولا سيما تجاه الحرمين الشريفين والقدس وبيت المقدس، فإننا نرى أن كثيرًا من المسلمين الذين لم يتمكنوا من زيارة تلك البقاع المقدسة حبسوا ما يمكن لصالح تلك المساجد، حتى تكونت لدينا عبر التاريخ الإسلامي أحباس تخص الحرمين الشريفين والمسجد الأقصى، بيد أن ما أصاب المسلمين خلال فترة الاستعمار، وما تلاه من تعد واضح على الأوقاف الخيرية والذرية، ولا سيما تلك التي تخص الحرمين الشريفين والمسجد الأقصى، جعل كثيرا من تلك الأوقاف بلا إدارة فاعلة فضلاً عن التعدي الذي كان يلحقها من قبل ضعاف النفوس. وفي ذلك يقول شكيب أرسلان: «ولا يزال حتى اليوم في بلاد الإسلام أوقاف لا تحصى محبوسة على الحرمين الشريفين، كان يجب على حكومات هذه البلدان من إسلامية وأجنبية أن تحسن إدارتها ولا تحتجز شيئا من حاصلاتها لإنفاقها في حاجات أخرى، بل ترفعها كلها إلى الحرمين بحسب شروط الواقفين»، ويمكن ملاحظة هذه الأحباس في العديد من الدول الإسلامية، فهي أصول وقفية مالية ذات قيم سوقية عالية في العديد من المدن والحواضر الإسلامية، وكانت تشكل هذه الأحباس روافد لسد احتياجات المدن الثلاثة؛ حيث كان يصرف من ريعها على ما تحتاجه هذه المدن لزوارها والمقيمين فيها.
تصاعد حركة الوقف الإسلامي
إن المتمعن والمتبحر في قطاع الأوقاف في عصرنا الحاضر، ليدرك أن هناك حركة وقفية متصاعدة في العالم الإسلامي، سواء أكانت أوقافًا عامة أم خاصة تتبع الأفراد أو العائلات أو الجامعات أو الهيئات المستقلة في العالم، وفي ظل هذه الحركة العملاقة التي تكشف عن هذا القطاع الضخم في بلاد المسلمين، بدأت حركة تنشط خلال العقدين الماضيين للإسهام في دعم احتياجات مدينة القدس، على صعيد التعليم أو الصحة أو الإسكان أو محاربة الفقر، ومن خلال وقفيات مقدسية نشأت وما زالت تنمو في دول العالم دعما لمدينة القدس.
واقع الأوقاف المقدسية في العالم
الأوقاف المقدسية مفهوم قديم حديث؛ إذ إنه ممارسة قديمة قائمة بين المسلمين أنفسهم، قام بها الأفراد والجماعات والدول الإسلامية عبر تصرفات حكامها، ثم في عصرنا الحاضر تم إحياء هذه الممارسة التراحمية التكافلية ما بين المسلمين ومدينة القدس وأهلها، ويمكن أن نحلل ظاهرة الأوقاف المقدسية في العالم على أنها الاستثمار العملي للارتباط الوجداني بين المسلمين عن طريق تطوير أوقاف مشتركة بين مختلف الدول الإسلامية تقوي مناعة الأمة، بغض النظر عن خصائص بلدانها السياسية والجغرافية والاقتصادية. وقد درج المسلمون على هذه السنة، منذ الفتح العمري لفلسطين عام 15هـ/ 636 م، وصارت هذه السنة تتكون من أصول وقفية عقارية أو أصول وقفية منقولة، وصولاً للأصول الوقفية النقدية تتوجه كلها نحو مدينة القدس، حتى صار ما يُعرف بـ(الصرتين الرومية والمصرية)، وهي عبارة عن أوقاف نقدية ترسل إلى القدس للصرف على المستحقين وعلى احتياجات المدينة. ولما كانت مدينة القدس في أيدي المسلمين، صارت البلدة القديمة في مدينة القدس - على الرغم من صغر مساحتها - من « أغنى مدن العالم بالآثار القائمة التي تزيد اليوم عن (200) أثر، تنتمي للحضارة الإسلامية، منها 46 مدرسة تاريخية، و39 زاوية وضريحا وتربة، و25 مسجدا، و22 سبيلا وحماما، و35 قبة ومحرابا وبابا، و18 طريقا مقدسة عند النصارى، و8 أبواب، وعدد كبير من القباب والتكايا والأروقة والمقابر»؛ ولهذا صارت هناك أصول وقفية للمسلمين من الخارج تصب في مناطقها المحيطة بالمسجد الأقصى.
مسيرة الوقف الإسلامي في القدس عبر التاريخ
ازدهر الوقف الإسلامي منذ عهد الصحابة -رضي الله عنهم-، ومرورًا بعصر بني أمية (41-132هـ/662-750م)، ثم عصر العباسيين (132-656هـ/750-1258م)، وتعزز هذا الأمر بعد تحرير صلاح الدين الأيوبي لها عام 583هـ/1187م، حتى تحولت القدس إلى مدينة وقفية بامتياز؛ إذ « زادت مكتباتها الوقفية عن مائة وسبعين مكتبة ملحقة بالمساجد والزوايا والمدارس والكتاتيب»، وبعد تحرير القدس من أيدي الصليبيين أعاد صلاح الدين لها الحياة بإقامة الأوقاف التي امتازت بكثرتها وتنوعها؛ فقد وقفت الأوقاف التي طالت كل مناحي الحياة؛ ليصرف من ريعها على المسجد الأقصى وتسهيل شد الرحال والمكوث في القدس، وتوفير الطعام والشراب والمأوى والتعليم والطبابة لأهل بيت المقدس وما والاهم؛ حيث عادت الحياة إلى القدس سريعاً بعد أن غُيب عنها المسلمون 91 عامًا، وهي ترزح تحت ظل رماح الاحتلال الصليبي، وخلال أقل من سنة كانت القدس يشد إليها الرحال، ويتقرب إلى الله في مجاورة المسجد الأقصى، وبفضل الله -تعالى- ثم فقه الناصر صلاح الدين وحنكته أعيدت الحياة الاقتصادية للقدس، وبعودتها عاد النبض لكل مناحي الحياة.
العصر المملوكي
وفي العصر المملوكي (648-932هـ/1250-1526م) تم الاهتمام بالأوقاف، وأصبحت القدس أحد المراكز الثقافية والعلمية المهمة في البلاد الإسلامية، فهناك «750 وثيقة وقفية تنص على أن أهل الخير من حكام وعلماء ونساء وأهل قدر أوقفوا أموالاً وعقارات على المؤسسات الدينية والثقافية والاجتماعية في القدس، وهناك أيضاً 52 عقاراً مثلاً موقوفاً على المدرسة الأشرفية»، والأمر نفسه يقاس على السلطان الظاهر بيبرس (620-676 هـ) الذي اهتم بعمارة القدس من خلال تخصيص خمسة آلاف دينار للمسجد الأقصى، للعمل على تسيير الأمور العمرانية والفكرية فيه. كما أن السلطان الملك الأشرف أبو النصر برسباي الدقمامقى الظاهري (حكم سنة 825هـ) عمّر الأوقاف داخل مدينة القدس، «ونمّاها وصرف المعاليم، واشترى للوقف مما أرصده من المال جهات من القرى والمسقفات، وأمر بصرف معاليم المستحقين منها وإرصاد ما بقي لمصالح الصخرة الشريفة في سنة 836هـ»؛ وقد تم اكتشاف وقفيات عدة قديمة، منها أقدم سجل وقفي عثر عليه في مدينة رام الله في فلسطين، وذلك « السجل عبارة عن قرص حجري مكتوب فيه الشروط الأساسية للوقف، ويرجع تاريخ وضع هذا السجل إلى عام 99هـ/912م، قام به رجل مملوكي اسمه فائق الخادم ابن عبد الله الصقلي، وكانت الملكية الوقفية المعنية عبارة عن رباط خصص لنزول التجار والمسافرين والصوفية فيه.


اعداد: عيسى القدومي










ابوالوليد المسلم 19-11-2025 11:13 AM

الأوقاف المقدسية حول العالم
 



https://al-forqan.net/wp-content/upl.../aqsa-98-1.jpg


الأوقاف المقدسية حول العالم .. أسس استرداد الأوقاف فـي الشّـرع والقانون


  • من مبادئ القانون الدّولي المطبَّقَة أنّه محظورٌ على القوّة المحتلّة أنْ تُحدِث في الأراضي التي يتمّ احتلالها تغييرات جذريّة في الممتلكات الخاصّة أو العامّة ممّا لا يعود بالنّفع على السّكّان المحلّيّين
  • الدفاع عن الأوقاف وحمايتها واجبٌ شرعيّ والاعتداء عليها إثمٌ ونقيصةٌ ومخالفةٌ للشريعة واستجلابٌ لسخط الله تعالى
إنّ الوقف في الشريعة الإسلاميّة ليس مجرّد مالٍ محبوسٍ أو عقارٍ موقوفٍ، بل هو مبدأ حضاريّ راسخ، ومؤسسة تعبّر عن عمق الإيمان بالمسؤولية الجماعية واستدامة الخير عبر الأجيال؛ فالوقفُ صورةٌ من صور العطاء الذي لا ينقطع، يظلّ نهرُ بركته جاريًا ما دامت مقاصده قائمةً ومصارفه باقية، غير أنّ يدَ العبث والتعدّي قد تمتدّ أحيانًا إلى هذه الأوقاف، فتغتصب الحقوق، وتُغيَّب الرسالة، ويضيع المقصود الذي أُنشئت من أجله، ومن هنا، كان لزامًا على الأمّة أن تعي الأسس النظرية التي تحرّك فقه الاسترداد وتدفع به، سواء في ميزان الشرع أو في ضوء القوانين الوضعية.
الأوّل: الأساس الإيماني (الشرعي)
ما من شكّ في أنّ الدفاع عن الأوقاف وحمايتها واجبٌ شرعيّ، وأنّ الاعتداء عليها إثمٌ ونقيصةٌ ومخالفةٌ للشريعة واستجلابٌ لسخط الله، وفي الدّفاع عن الوقف والمحافظةِ عليه، يقول الونشريسي: «وسُئل عن ناظر الأحباس هل يجب عليه تفقدها أم لا؟ فأجاب: تَطَوُّفُ ناظرِ الحبس وشهودُه وكتابةُ قباضه على ريع الأحباس أكيدٌ ضروريّ لا بدّ منه، وهو واجبٌ على النّاظر فيها، ولا يحلّ له تركه، إذ لا يتبيّن مقدار غلّاتها ولا عامرها ولا غامرها إلا بذلك، وما ضاع كثيرٌ من الأحباس إلا بإهمال ذلك، فيأخذ الناظر -وفقكم الله- بالكدّ والجدّ والاجتهاد».
تولية الأمين القادر
وقال علاء الدّين الطّرابلسي الحنفي: «لا يُولَّى إلا أمينٌ قادرٌ بنفسِه أو بنائبِه، لأنّ الولاية مقيَّدَةٌ بشرطِ النّظر، وليس من النّظر تولية الخائن، لأنّه يخلّ بالمقصود، وكذا تولية العاجز لأنّ المقصود لا يحصل به».
صفات حفظ الأوقاف
وكذلك سُئل الحافظ أبو عمرو ابن الصّلاح الشّهرزوري -رحمه الله-: «فيمن كان سلطانَ بلدةٍ، وكان من أمرِه تخريبُ مساجدَ ورباطاتٍ وغيرِها من الأماكن الموقوفةِ والمملوكة بغير إذن مالكها، فهل يكون موجبًا لضَمَانِ ذلك لكونِه أمرًا صادرًا من سلطانٍ لمأمورٍ من شأنِه الاسترسالُ فيما يأمره به السّلطان، والجري على الموافقة والامتثال من غير تمييز، ومثل ذلك أيضًا إكراهٌ، وهل إذا أمر بذلك شخصٌ ممّن يُنسب إلى السّلطان، يجب على هذا الآمر الضّمان. فأجاب: نعم، يجب عليه ضمانُ ذلك أجمع، ويجب الضّمان أيضًا على من أمرَ بذلك ممّن انتسب إلى ذلك السّلطان ووليُّ الأمرِ -وفّقه الله تعالى- مُؤاخَذٌ، ومُطالَبٌ برفع هذا الضَّرر، وبِجَبْرِ هذا الكسر، وهذه حقوقٌ مُحَقِّقُهَا الإيمانُ، وحارسُها السّلطانُ، فكيف يسمَح بأنْ تضيعَ ويَدَعَ الضّعيفَ والذي لا جهة له غيرها أنْ يَعْرَى، وإنْ ضُيّعت الآنَ -والعياذ بالله تعالى-، فسوف يؤدّيها الجاني عليها يوم فَقْرِهِ أفلسَ ما يكون وأَيْأَسَ ما يكون؛ حيث الأهوالُ تَحْتَوِشُه، وأنيابُ البَلايَا تنهَشُه، نسأل الله العافيةَ والعفو، وهو أعلم». وممّا ورد في ذلك أيضًا: سُئل العلّامة خير الدّين الرملي الحنفي -رحمه الله-: «في أرضِ وقفٍ بقريةٍ، تغلّب عليها متغلِّبٌ وغرس فيها شجرًا، وأثمرَ الشّجر، ومات المتغلِّبُ، فوضعَ أهلُ القريةِ يَدَهُم على الأشجارِ، هل للمتكلِّم على الوقفِ الدَّعوى عليهِم وإثباتُ الأرضِ للوَقْف ونزعُها من يدهم، ويلزمهم أجرةُ مثلها مدَّةَ التغلُّب، في تركته فتؤخذ منها ومدّة الفلّاحين فتؤخذ منهم؟ وهل تبقى الأشجار أم تُقلع؟ فأجاب: نعم، للمتكلّم على الوقف الدّعوى على المتعدّي بوضع يده على أرضِ الوقف، وإقامةُ البرهان عليه ورفعُ يده عن الأرض، ومطالبتُه بأجرةِ المثل مدّةَ وضع يده عليها بالغةً ما بلغت، وقلعُ الأشجار الموضوعةِ بغير حقّ ما لم يضرّ ذلك بالأرض؛ فإنْ ضرّ فهو المضيّع لماله، وأفتى بعضُ علماؤنا بتملُّكِها للوقفِ بأقلِّ القيمتَيْنِ؛ منزوعاً وغيرَ منزوعٍ، وهذا الذي ينبغي التعويل عليهِ، وفي «جامع الفصولين»: «ولو اصطلحوا على أن يُجعل للوقف بثمنٍ هو أقلُّ القيمتَيْن منزوعًا أو مبنيًّا فيه، صحّ»، والله أعلم.
البُعد الإيمانيّ العميق
وفي الواقع فإنّ هذا البُعد الإيمانيّ العميق، هو الذي ينوّه به الواقفون من طبقات المجتمع كافّة، عندما يختمون نصوص الحجج الوقفيّة بالتذكير بالوعيد الإلهيّ الذي يمكن أن يلحق بمن اعتدى على الوقف أو غيّره أو بدّله أو فرّط فيه وساعد على ضياعه من النّاس، وهو الذي يؤسّس لمُطالَبَةِ السّلطة الحاكمةِ ممثّلةً بالقَضاء وأجهزةِ التّنفيذ، وكلّ ذي قُدرةٍ من المسلمين، بأنْ يدافعوا عن الوقف ويستنقذوا كلَّ وقفٍ تعرّض لاعتداءٍ أو انتهاك. ويمكن أنْ نقرأَ هذا واضحًا في خاتمةِ هذا المطلب في فتوى العلّامة أبي السّعود العمادي الحنفي عندما سُئل: «في ناظرِ وقفٍ باعَ حمّامًا وقفًا لاحتياجِه إلى التّرميم مع مساعدة الوقف، من رجلٍ ذي قدرة وشوكةٍ، فاشتراه منه وقلع الحمام وبنى مكانه داراً، هل يصحّ البيع المزبور على الوجه المذكور أو لا؟ وبعد ذلك فما يلزم عليهما؟ فأجاب: أمّا النّاظرُ فلَزِمَه العزل، وأمّا ذو القُدْرَةِ فيلزَمُه قلعُ ما بناه وضمانُ قيمة ما قَلَعَه ودفعُه إلى متولّي مع ساحة الحمام، فإنّه لا قُدْرَةَ في مقابلةِ قدرة اللهِ تعالى لأحدٍ من خلقِه، «فتاوى أبي السعود» من الوقف.
الثاني: الأساس القانوني
لا شكّ في اختلاف النُّظُم القانونيّة حول العالم وتغايُرها فيما بينها، وتنوّعها فيما يُعتمد لدى كلّ منها من طرائق الإثبات وأشكال البيّنات، غير أنَّ الوثائق المكتوبة، ولا سيما تلك المدوّنة تحت إشراف رسميّ، هي من نوع البيّنات المقبولة من حيث المبدأ في كلّ النُّظُم القانونيّة في العالم، ومن هنا يمكن أنْ تتلخّص أهمّيّة الأرشيف الوقفي العثماني من وجهة النّظر القانونيّة في نقطتين أساسيّتين:
  • الأولى: أنَّ دوائر الأرشيف وأقلامه دقيقةُ التوثيق ومفصلة فيما يتعلّق بالأراضي والعقارات، دُوّنت فيها حركات البيع والشراء والإيجارات وعقود المُزارعة والمُساقاة والأوقاف الخيريّة والذّرّيّة والمختلطة، فتكون بذلك كاشفةً عن حالات انتقال الملكيّة والاستغلال المشروعةِ وغير المشروعة.
  • الثانية: أنّ سجلّات الأوقاف المحفوظة في الأرشيف العثماني وفي سجلّات المحاكم الشرعيّة، حتى تلك المحفوظة في الأقطار المختلفة دون أن تُنقل إلى مقرّ الأرشيف في الجمهوريّة التركيّة، تحتوي على الحجج الوقفيّة الكاملة والمفصّلة لما لا يُحصى من الأوقاف، وهذا يفيدُ البيّنة الخطّيّة المكتوبة على وقفيّةِ عينٍ ما، ثمّ على مصارف ذلك الوقف وشروطِ واقِفِه والموقوف عليهم وغير ذلك مما يُحتاج إلى الكشف عنه.
تفعيلُ مبدأٍ قانونيّ معروف
وعلى هذا الأساس يمكن تفعيلُ مبدأٍ قانونيّ معروف هو مبدأ عدم سريان التقادُم على الجرائم الجنائيّة الكبرى التي تُصنَّف بوصفها جرائِم حرب، على جرائم الاعتداء على الأوقاف في السياقات الحربيّة، وقد عانى المسلمون وأوقافهم وسائر حقوقهم على السواء، من عددٍ لا يُحصى منها في فلسطين والقوقاز والبلقان وشمال إفريقيا وجنوبها، ومناطق واسعة من آسيا، كذلك. وقد تبنّت جمعية الأمم المتحدة اتفاقيّةً دوليّة، عُرضت للتصديق والتوقيع عليها من دول العالم بتاريخ 26 تشرين الثاني 1968م، ونفذَت بتاريخ 11 تشرين الثاني 1970م، وعنوانها: (اتفاقيّة عدم تقادُم جرائم الحرب والجرائم المرتَكَبة ضدّ الإنسانيّة)، تتحدّث في موادّها المهمّة عن الجرائم المرتَكَبَة في حالات الحرب والسّلم، ومن بينها: ما جاء في المادة الأولى بفقرتيها (أ) و(ب) عن جرائم الطّرد بفعل الاحتلال والاعتداءات المسلَّحة، بوصفها جرائم لا يسري عليها التقادُم المسقِط للحقّ.
من مبادئ القانون الدّولي
ومن مبادئ القانون الدّولي المطبَّقَة أنّه محظورٌ على القوّة المحتلّة أنْ تُحدِث في الأراضي التي يتمّ احتلالها تغييرات جذريّة في الممتلكات الخاصّة أو العامّة، ممّا لا يعود بالنّفع على السّكّان المحلّيّين، بل يقرّر كبار فقهاء القانون الدّولي حقيقةَ أنَّ «سلطة الاحتلال في الأراضي المحتلّة ليست سلطةً سياديّة».


اعداد: عيسى القدومي




ابوالوليد المسلم 02-12-2025 05:23 PM

الأوقاف المقدسية حول العالم..
 




https://al-forqan.net/wp-content/upl...01/aqsa-05.jpg


الأوقاف المقدسية حول العالم.. المعوقات والتحديات لاسترداد الأوقاف المسلوبة


  • من المعوقات التي قد تحد من تطوير الأصول الوقفية المقدسية غياب أنظمة الحوكمة والشفافية والسياسات الرشيدة عن واقعها الميداني ما يؤثر سلبًا على تطويرها
  • يجب العناية بالموارد البشرية العاملة والتركيز على التخصص والمهنية في الأداء المؤسسي ولا سيما في جانب فقه طبيعة الوقف وديمومته
الوقف في الشريعة الإسلاميّة ليس مجرّد مالٍ محبوسٍ أو عقارٍ موقوفٍ، بل هو مبدأ حضاريّ راسخ، ومؤسسة تعبّر عن عمق الإيمان بالمسؤولية الجماعية واستدامة الخير عبر الأجيال، فالوقفُ صورةٌ من صور العطاء الذي لا ينقطع، يظلّ نهرُ بركته جاريًا ما دامت مقاصده قائمةً ومصارفه باقية، غير أنّ يدَ العبث والتعدّي قد تمتدّ أحيانًا إلى هذه الأوقاف، فتغتصب الحقوق، وتُغيَّب الرسالة، ويضيع المقصود الذي أُنشئت من أجله، ومن هنا، كان لزامًا على الأمّة أن تعي الأسس النظرية التي تحرّك فقه الاسترداد وتدفع به، سواء في ميزان الشرع أو في ضوء القوانين الوضعية، وفي هذه الحلقة نتكلم عن أبرز المعوقات والتحديات لاسترداد الأوقاف المسلوبة
لقد تنامت الأوقاف المقدسية في العالم نتيجة تعرض مدينة القدس لأحداث جسام منذ احتلالها عام 1948، ثم احتلالها عام 1967 كليا، وما لحق ذلك من ممارسات عدوانية ضد المسجد الأقصى، هذه الاعتداءات التي كانت تجري على المسجد الأقصى، كان يصاحبها معوقات وصعوبات تحد من قدرة الأوقاف المقدسية على مضاعفة الريع المخصص لمدينة القدس أو المسجد الأقصى، وهذه المعوقات أو الصعوبات قد تكون ذاتية من داخل الوقف نفسه، أو خارجية تؤثر سلباً على تطور هذه الأوقاف، ومن تلك المعوقات والتحديات ما يلي:
(1) الصعوبات القانونية والإجرائية
ونجد ذلك جليا فيما يتعلق بالأوقاف المقدسية في الدول التي تمارس ضغوطا قانونية على النشاط الخيري أو الوقفي فيها، فيشكل هذا تحديًا واضحًا على واقع الوقف المقدسي فيها، على الرغم من توجه أهل هذه البلاد نحو التبرع والتحبيس لأجل القدس.
(2) عدم تسجيل الأوقاف المقدسية وضياعها
حيث تبين لنا أن هناك أوقافا مقدسية في بعض الدول العربية أو الإسلامية، لكن لم يتم تسجليها كوقف مخصص للمسجد الأقصى أو مدينة القدس، ولم يتم معالجة الموضوع بسبب قلة التمويل في بعض الأحيان، أو عدم تسجيلها بسبب بعض القيود الحكومية على الأوقاف عموما، ويدخل من ضمنها الأوقاف المقدسية.
(3) الإجراءات المعقدة والبيروقراطية
فقد تبين لنا أن هناك أوقافا مقدسية في بعض الدول العربية أو الإسلامية تتعطل بسبب طبيعة الإجراءات الحكومية أو المحلية في تسهيل المعاملات الخاصة بالوقف، لا سيما إذا كانت هذه المعاملات تتم في أكثر من جهة ودائرة حكومية، وهذا يعيق تطور الأوقاف العامة أو الحكومية، في حين أن الأوقاف الخاصة تكون المرونة عندها أكثر.
(4) عدم استثمار الأوقاف بالطريقة المثلى
يعد الاستثمار السليم للأوقاف أحد أبرز العمليات الرئيسية للأوقاف، وإذا تم استثمار الوقف بطريقة سليمة وبعيدة عن المخاطرة، فإنه يحقق نتائج مُرضية ومعقولة يمكن من خلالها تعزيز أصوله وإدامة عطائه، وفي هذا الشأن، نلفت الانتباه إلى أن بعض الأوقاف قد تكون ضخمة وذات قيمة سوقية كبيرة، لكن ريعها منخفض جدًا، ولا يعكس حجم الوقف وقيمته.
(5) صعوبة التمويل والإقراض
ومن المعوقات التي تؤثر على دور الأوقاف المقدسية في العالم - تجاه مدينة القدس- حاجة تلك الأوقاف المقدسية للدعم المالي والتمويل اللازم لتفعيلها كي تقوم بدورها تجاه دعم احتياجات مدينة القدس من خلال المصرف الذي تتوجه نحوه، وقد وجدت خلال عملية البحث والتنقيب عن هذه الأوقاف المقدسية، أن هناك أوقافًا قد تكون شبه جاهزة للعمل، ولكن المشكلة تتحقق في عدم القدرة على تمويل ذاتها بذاتها، أو حاجتها للقروض مع صعوبة توفرها.
(6) عدم وجود خطة إستراتيجية واضحة للاستثمار
ولعل من القضايا التي لاحظتها - خلال زياراتي لبعض الأوقاف المقدسية في العالم - عدم وجود خطة استثمارية لبعض الأوقاف، على الرغم من وجود الوقف ذاته قائمًا، ويمكن تفعيله بإنشاء مشروع استثماري عليه، وقد يكون للواقف أو الناظر على الأوقاف المقدسية أسبابه الداخلية، ولكنني لاحظت أن هذا التأخير يؤخر سلباً على دعم مدينة القدس. وفي هذا الصدد، يمكن القول: إن وجود أوقاف مقدسية متنوعة في دولة بعينها، مثل أوقاف عقارية أو أوقاف منقولة أو أوقاف نقدية، تتبع جهات عدة، فبدلاً من أن يتم التنسيق والتكامل بين هذه الجهات، يتم العمل بصورة منفردة؛ ما يجعل استثمار هذه الأوقاف متعسرًا بسبب محدودية الأصول والمبالغ المخصصة، ولكن لو تم تكوين مجلس إدارة لهؤلاء الواقفين جميعاً، وتكوين مؤسسة استثمارية تدير هذه الأوقاف، لكان خيرًا وأنجع للأوقاف المقدسية في هذه الدولة.
(7) تشتت الأعمال الخيرية والوقفية في الدولة الواحدة
لقد تبين لنا أن هناك دولًا نشطة في العمل الخيري والوقفي، ولا سيما تجاه مدينة القدس، أو تجاه فلسطين، ولكن يتبين لنا أيضًا أن هذا النشاط لم يتمحور في وقف رئيسي داخل الدولة يكون مخصصًا لمدينة القدس، علمًا أن الأموال المتبرع بها تجاه القدس كبيرة جدا، وقد يصدر عنها أوقاف ذات أثر واضح في دعم القدس، ويمكن أن يتم ضرب مثال لهذا الجهد الكبير في دولة الكويت؛ حيث إن العمل الخيري فيها يعدّ من بواكير الأعمال الخيرية المتجهة نحو القدس، بيد أننا لم نشهد وقفية استثمارية رئيسية تخص مدينة القدس حتى الآن.
(8) الحاجة إلى تطوير الموارد البشرية العاملة
من القضايا التي يجب العناية بها ونحن نرغب بتطوير أصول الأوقاف المقدسية وريعها، هي الموارد البشرية العاملة فيها؛ فيجب أن يتم التركيز على التخصص والمهنية في الأداء المؤسسي، ولا سيما في جانب فقه طبيعة الوقف وديمومته، وإن الأوقاف ليست بأي حال من الأحوال عملا خيريا، بل هي أصول يجب أن يتم تعظيمها مع زيادة غلاتها، وقد لاحظت أن بعض الأوقاف المقدسية في بعض الدول تعتمد على العمل الخيري وجمع التبرعات لتغطية النقص في ميزانياتها، وتتغافل أهمية الاستثمار في أصول الأوقاف؛ لأن الاستثمار عملية رئيسية من عمليات مؤسساتية الوقف؛ ولهذا، يجب أن يتم الاهتمام بالكادر الوظيفي المسؤول عن تنظيم هذه الأوقاف المقدسية، وتأهيله قدر المستطاع ليتمكن من إدارة هذه الأصول واستثمارها بالطريقة المثلى.
(9) غياب الحَوْكمة والسياسات الرشيدة
من المعوقات التي قد تحد من تطوير الأصول الوقفية المقدسية هو غياب أنظمة الحوكمة والشفافية والسياسات الرشيدة عن واقعها الميداني؛ ما يؤثر سلباً على تطويرها، ويشجع دخول ظاهرة الفساد في أروقتها، وقد تبين لنا أن واقع بعض الأوقاف المقدسية - عند الزيارة الميدانية - يحتاج حوكمة تقارير ومراجعتها؛ إذ تخلو بعض هذه الأوقاف من سجلات وتقارير مالية يمكن الحصول عليها في أي وقت ممكن.


اعداد: عيسى القدومي




ابوالوليد المسلم 11-12-2025 03:02 PM

رد: الأوقاف المقدسية حول العالم
 
https://al-forqan.net/wp-content/upl...01/aqsa-05.jpg


الأوقاف المقدسية حول العالم .. آفاق تنمية الأوقاف المقدسية ودورها في دعم مدينة القدس


  • تعدّ الأوقاف المقدسية مؤسسة وقفية متكاملة في المجتمعات الإسلامية وهذا يعطيها حركة أفضل في المجتمع
  • إذا تم التعامل مع الأوقاف بطريقة الاستثمار السليم يمكن أن تشكل استدامة مالية في دعم المصرف المقدسي
  • أقام صلاح الدين مدارس وقفية ومستشفيات وقفية وغيرها لغرض استدامة التنمية داخل مدينة القدس التي استمرت لقرون عدة
ذكرنا في الحلقة الماضية أنَّ الأوقاف المقدسية قد تنامت في العالم، إلا أنَّ هذا التنامي كان يصاحبه -أحيانًا- معوقات وصعوبات تحد من قدرة الأوقاف المقدسية على مضاعفة الريع المخصص لمدينة القدس أو المسجد الأقصى، وقد تكون تلك المعوقات أو الصعوبات ذكرنا أنها قد تكون ذاتية من داخل الوقف نفسه، أو خارجية تؤثر سلبًا على تطور هذه الأوقاف، وعلى الرغم من المعوقات والصعوبات التي تم التعرض لها، إلا إننا نجد أن هناك آفاقا وطموحات يمكن أن يتم الاعتناء بها والبناء عليها، ونذكر في هذا المقال تلك الآفاق والطموحات.
(1) التحبيس لصالح المسجد الأقصى
وذلك من خلال الاستفادة من الاهتمام المتزايد لدى المسلمين تجاه بيت المقدس ومدينة القدس؛ بسبب الانتماء الديني تجاه المقدسات عمومًا، والمسجد الأقصى خصوصًا، ولا سيما في ظل الثورة والحركة الوقفية المتصاعدة في العالم الإسلامي خلال العقدين الماضيين؛ ما شجع القائمين على المشاريع الخيرية أن يخصّصوا أصولاً وقفية في الدول والمجتمعات الإسلامية، بحيث تسهم في دعم المدينة المقدسة باستمرار. وإن كانت الحكومة الأردنية تملك الوصاية على المسجد الأقصى، وتهتم بشؤون رعايته ماليا، وتصرف ما يفوق (15) مليون دولار سنويا للصرف عليه وعلى موظفي الأوقاف الذين يقارب عددهم (800) موظف، يعملون في مدينة القدس، إلا إننا نرى أنه يجب على باقي المسلمين المساهمة في احتياجات المسجد الأقصى، وتقديم وقفيات تدعم تطور واقع المسجد دائما.
(2) الوقف أفضل نظام للتنمية المستدامة
تعزيز جانب التنمية المستدامة من خلال مشاريع الأوقاف في ظل العوز المالي الذي تعانيه المؤسسات الداعمة لمدينة القدس؛ إذ تبين لنا بالقطع أن الوقف ما هو إلا نظام استدامة مالية بالتحقيق، وأن الأوقاف إذا تم التعامل معها بطريقة الاستثمار السليم يمكن أن تشكل استدامة مالية في دعم المصرف المقدسي، وهذا ما فعله -بالدقة- الفاتح صلاح الدين الأيوبي؛ إذ اعتمد على إنشاء أصول وقفية مؤسسية، تغطي الاحتياجات الرئيسية للسكان، -ولا سيما بعد انتهاء الحرب-؛ حيث أقام مدارس وقفية، ومستشفيات وقفية، وربط وقفية، وغيرها لغرض استدامة التنمية داخل المدينة، التي استمرت لقرون عدة.
(3) الاستفادة من وفرة العقارات الوقفية
بحيث تشكل مواقع يمكن من خلالها إطلاق مشاريع وقفية استثمارية تنموية، يمكن أن تدعم صمود أهل القدس، ويمكن أن يتم عمل شراكة ما بين الأوقاف الحكومية والمؤسسات الخيرية أو الوقفية الخاصة أو رجال الأعمال؛ لغرض استغلال هذه العقارات الوقفية لصالح مشاريع وقفية تدر ريعاً على مدينة القدس، ومثال على ذلك، ولاية (سلانغور) في ماليزيا؛ حيث تشكل العقارات الوقفية غير المستغلة ما قيمته 95% من إجمالي العقارات الوقفية في الولاية؛ ما يجعل إمكانية تشجيع المتبرعين أو المستثمرين على الاستفادة من هذه العقارات بالشراكة مع ولاية (سلانغور).
إصدار صكوك وقفية استثمارية
إن العمل على استقطاب أوقاف عقارية من دول العالم الإسلامي، يمكن أن يكون ممهدًا لإنشاء صكوك وقفية استثمارية وتصديرها لصالح المسجد الأقصى، وذلك من خلال اعتبار هذه العقارات الوقفية ذات قيمة سوقية معتبرة، وهذا لا يتم إلا من خلال مؤسسة مالية ذات مصداقية في العالم الإسلامي، ويمكن أن يكون هذا النموذج مناسبًا لعمل البنك الإسلامي للتنمية بجدة في إصدار صكوك وقفية لصالح المسجد الأقصى أو مدينة القدس، ولا سيما أنها تدير صندوق الأقصى المخصص لهذا الغرض. وكي يتم إصدار الصكوك الاستثمارية لصالح المشاريع الوقفية في الدول التي فيها أوقاف مقدسية، كما يجب تحديد المشروع الاستثماري ومصرفه المحدد في دولة ما، ومن ثم إصدار صكوك استثمارية من داخل هذه الدولة أو خارجها، بناء على ضمان الأصول العقارية للأوقاف المقدسية القائمة في الدول التي تقدر بصورة أولية بــ 184 مليون دولار أمريكي، ومن ثم يتم تجزئة التمويل لهذا المشروع- من خلال:
  • العقار الوقفي القائم: فهذا يمثل أصلا ماليًا قائمًا وله قيمة سوقية يمكن اعتبارها في هذا المشروع.
  • القرض من أي مصرف إسلامي: علمًا أن بعض الأوقاف المقدسية مسجلة ومدرجة في حسابات بعض البنوك الربوية، وهذا لا يصح شرعًا؛ لأن الوقف بمجمله عبادة شرعية.
  • المستثمرون الراغبون في الدخول في مشاريع وقفية استثمارية ثم ينسحبون برأس المال مع أرباح صافية لهم.
  • المتبرعون بأموالهم النقدية، (الوقف النقدي): وهذا النوع يسمح لمجموع المسلمين بالمشاركة في أي مشروع وقفي، ضمن ما أبيح في مجمع الفقه الإسلامي بــ» الوقف الجماعي»، وهو ما يعبر عنه في العمل الوقفي المؤسسي بـ «الأسهم الوقفية».
  • رصد الاهتمام المؤسسي بالأوقاف المقدسية: المشاركة الفعالة لدى الجهات الواقفة في مؤتمرات وندوات تختص بالأوقاف المقدسية؛ حيث أقيمت العديد من الملتقيات الدولية المتخصصة عن الأوقاف المقدسية، وتم من خلاله رصد العديد من هذه الأوقاف، والتوجه الواضح لدى المسلمين في التحبيس تجاه مدينة القدس في دولهم ومجتمعاتهم، وما تواجهه هذه الأوقاف من معوقات من خلال ورش العمل، وقد تبين لنا أن هناك اهتمامًا مؤسسيًا من الدول الإسلامية وأماكن وجود الأقليات المسلمة في دول العالم نحو تحبيس أصول لصالح المدينة المقدسة، ولكن تحتاج هذه الجهود إلى توجيه مؤسسي دولي.
(4) ديناميكية الوقف المقدسي من خلال عمله المؤسسي
ولا شك أن الأوقاف المقدسية تتحرك بطريقة أفقية ورأسية في آن واحد، فهي تعزز واقع الوقف وتنميه، وتمارس أيضًا عمليات جمع التبرعات النقدية أو الوقف النقدي من خلال مشاريع خيرية متجددة، وبذلك تكون الأوقاف المقدسية عبارة عن مؤسسة وقفية متكاملة في المجتمعات الإسلامية، وهذا يعطيها ديناميكية أكثر وحركة أفضل في المجتمع، وهذه الديناميكية تعني أيضاً أهمية ابتكار أدوات وأساليب جديدة في تمويل مشاريع الأوقاف، واستقطاب التبرعات والصدقات على شكل (وقف نقدي)؛ كي يتم تمويل الأوقاف ذاتياً، ومن خلال عولمة المصرف الوقفي المخصص للقدس، والاستفادة من التطور التكنولوجي المتقدم، كالتبرعات عبر شبكة المعلومات، وبطاقة الفيزا، وغيرها من الأساليب الحديثة.


اعداد: عيسى القدومي






ابوالوليد المسلم 16-12-2025 12:32 PM

رد: الأوقاف المقدسية حول العالم
 


https://al-forqan.net/wp-content/upl...11/aqsa-98.jpg


الأوقاف المقدسية حول العالم .. آفاق تنمية الأوقاف المقدسية ودورها في دعم مدينة القدس


  • يتبيّن من تتبّع واقع الأوقاف المقدسية عالميًا تنامي الحاجة إلى مشروع وقفي متكامل، يدعم صمود القدس ويحفظ حقوقها التاريخية
  • يمثل الوقف بالنسبة لفلسطين أهمية كبرى نظراً لما يناط به من أعمال حيث تبلغ الأراضي الموقوفة في فلسطين 16% من مساحتها الكلية
ذكرنا في الحلقة الماضية أنَّ الأوقاف المقدسية قد تنامت في العالم، إلا أنَّ هذا التنامي كان يصاحبه معوقات وصعوبات تحدّ من قدرة الأوقاف المقدسية على مضاعفة الريع المخصص لمدينة القدس أو المسجد الأقصى، وهذه المعوقات أو الصعوبات ذكرنا أنها قد تكون ذاتية من داخل الوقف نفسه، أو خارجية تؤثر سلبًا على تطور هذه الأوقاف، وعلى الرغم من المعوقات والصعوبات التي تم التعرض لها، إلا إننا نجد أن هناك آفاقا وطموحات يمكن أن يُعتنى بها والبناء عليها، ونستكمل في هذا المقال هذه الآفاق والطموحات.
(5) زيادة النشاط في الوقف النقدي:
وذلك من خلال التركيز على الوقف النقدي من بين أنواع الأوقاف الأخرى - وهي الأوقاف العقارية والأوقاف المنقولة- والعمل على إشراك جميع فئات المتبرعين في المجتمعات الإسلامية ضمن مشاريع ومبادرات وقفية تخص المسجد الأقصى، وهو ما اصطلح عليه مجمع الفقه الإسلامي بـــ « الوقف الجماعي»، وإن كان الوقف النقدي قد اختلف فيه قديماً، إلا إنه هو الأكثر انتشاراً في أوساط المؤسسات الوقفية، فيمكن إنشاء شقق وقفية سكنية على سبيل المثال، وذلك من خلال إشراك مجموعة من المتبرعين في وقف شقة لصالح مشروع سكني داخل مدينة القدس، وهذا لا يتم إلا من خلال الوقف النقدي للمسلمين من خارج القدس وفلسطين، والمشاريع في هذا الصدد كثيرة وأكثر فعالية.
(6) البحث عن الأوقاف غير المسجلة:
وذلك من خلال العمل على إيجاد قانون ملزم للدول الإسلامية المنضوية تحت منظمة المؤتمر الإسلامي للكشف عن الأوقاف المقدسية المغمورة، التي تعرضت للضياع أو الاعتداء عليها، ولا سيما في نهايات حكم الدولة العثمانية، وبعد حرب القِرم (1853- 1856م) والحرب الروسية (1877 - 1878م)، التي أضعفت الدولة كثيراً، وجعلتها تبيح للأجانب التملك في أصول الدولة، ومنها أملاك الأوقاف، ولما جاءت حقبة الانتداب البريطاني على فلسطين تحديدًا تم التعرض للأوقاف بطريقة أساسية، وكان هذا الطريق مشجعًا للمحتل الصهيوني لضم كل هذه الأصول المالية.
(7) إنشاء صناديق وقفية مشتركة
وذلك بإشراك الدول التي فيها أوقاف مقدسية لإنشاء صناديق وقفية مشتركة في مجالات معينة محددة، يمكن من خلالها دعم احتياج المدينة بصندوق وقفي متخصص في التعليم مثلاً، أو الصحة، أو الإسكان، وذلك ضمن خطة استراتيجية تتفق عليها هذه الدول، ولا شك أن فكرة إنشاء صندوق وقفي للأوقاف المقدسية يعني إشراك قطاعات كبيرة في العالم تجاه بقعة صغيرة تمثل قلب العالم الإسلامي، وإن هذه القطاعات الضخمة المتمثلة في وزارات الأوقاف ومؤسسات الأوقاف الخاصة، فضلاً عن المؤسسات الخيرية والإغاثية، ورجال وسيدات الأعمال، لتصل إلى عموم المكلفين الذين يقاربون المليارين، يمكن أن يسهموا في إنشاء حالة تواصل حقيقي مع مدينة القدس؛ ليكونوا بذلك داعمًا حقيقيًا يتجاوز الحدود والمسافات.
(8) تطوير الإدارة والتمويل والاستثمار:
وذلك من خلال الزيارات الميدانية للعديد من هذه الأوقاف المقدسية؛ حيث تبين أن هناك إمكانية كبيرة في تطوير الأصول الوقفية من خلال التركيز على أبعاد الإدارة والتمويل والاستثمار، وهي أبعاد رئيسية لأي وقف يمكن أن يتم تطويره، وإذا كانت القراءة التي حصلنا عليها متواضعة للأعم الأغلب من هذه الأوقاف، وهي لا تتجاوز ما بين 40-50% من الأداء الإداري والمالي والاستثماري، فإننا نرى أهمية أن تكون هناك لجنة تنسيق عليا لهذه الأوقاف لكي يتم تطوير هذه المحاور الثلاثة الرئيسية لقطاع الأوقاف المقدسية.
أبرز النتائج والتوصيات:
يتبيّن من تتبّع واقع الأوقاف المقدسية عالميا تنامي الحاجة إلى مشروع وقفي متكامل، يدعم صمود القدس ويحفظ حقوقها التاريخية. ويمكن تلخيص أبرز النتائج والتوصيات في الآتي: 1- توسيع قاعدة الأوقاف المقدسية عبر إنشاء أوقاف متنوعة تغطي مجالات: حماية المقدسات، والتعليم، والصحة، والخدمات القانونية، والاستدامة المالية، وصيانة التراث، وتنمية الشباب والمرأة.
2- توثيق الحقوق الوقفية من خلال دعوة منظمة التعاون الإسلامي والدول الإسلامية إلى حصر الأوقاف المقدسية داخل بلدانها والكشف عن الأوقاف غير المسجلة أو المعتدى عليها، والعمل على استردادها قانونيا.
3- تعزيز الشراكات الوقفية بجعل القدس أولوية في خطط منظمة التعاون الإسلامي، وتطوير تعاون بين الأوقاف داخل القدس وخارجها، وبين القطاعين الحكومي والخاص في الدول الإسلامية.
4- تجميع الأوقاف الصغيرة ذات الجدوى المحدودة في صناديق أو وحدات استثمارية مشتركة لرفع قيمتها السوقية وتعظيم ريعها.
5- إنشاء أصول وقفية مستدامة تعتمد على التمويل الذاتي وتقلّل من الاعتماد على الدعم الخارجي.
6- بناء قاعدة بيانات شاملة للأوقاف المقدسية وفق منهجية هندسية استثمارية تربط الأصول الوقفية باحتياجات القدس، مع إخضاعها للحوكمة الرشيدة.
7- إشراك المؤسسات المالية الإسلامية في تفعيل الأصول الوقفية لصالح القدس واستثمارها.
8- توثيق سجلات الأوقاف داخل فلسطين وحصر الأوقاف الضائعة منذ 1948م اعتمادًا على الأرشيفات الرسمية، ومنها العثماني.
9- إحياء الدراسات الوقفية بجمع مصادر فقه الوقف وفهرسته، وإصدار مجلة علمية متخصصة لتعزيز الوعي الوقفي.
10- استخدام الإعلام الوقفي عبر المنصات الرقمية والمعارض والنشرات لتعريف الجمهور بالأوقاف الفلسطينية واعتداءات الاحتلال.
11- تطوير الكفاءات الوقفية بتنظيم برامج تدريبية متخصصة للعاملين في مؤسسات الأوقاف.
12- تشجيع البحث العلمي بمنح دراسية للكتابة حول الأوقاف الفلسطينية ودعم الباحثين المتخصصين. 13- توأمة مؤسسات الأوقاف بين الدول الإسلامية ومؤسسات الوقف في فلسطين لإنشاء وقفيات مشتركة وتطوير الأوقاف المتضررة، خصوصًا في القدس.
14- دعم المؤسسات الوقفية العاملة في فلسطين وتأكيد دورها في حفظ الهوية العربية والإسلامية.
15- إنشاء صناديق وقفية متخصصة للتعليم والصحة والخدمات، داخل فلسطين وخارجها، بما يعزّز الاستثمارات الوقفية.
16- تحريك الرأي العام تجاه قضية اغتصاب الأوقاف والضغط لاستعادتها.
17- إنشاء وقفيات عالمية لدعم صمود الفلسطينيين وتكليف مؤسسة القدس الدولية بالتنسيق مع الجهات الداعمة.
18- عقد مؤتمرات متخصصة حول تطوير الأوقاف داخل فلسطين واستثمارها؛ لتوحيد الجهود العلمية والعملية.
19- تعزيز دور المصارف الإسلامية في تمويل المشاريع الوقفية الموجّهة للقدس.
20- إطلاق صكوك وقفية عربية وإسلامية تُوجَّه ريعها للمشاريع الوقفية داخل فلسطين، بالتنسيق بين مؤسسة القدس الدولية والأمانة العامة للأوقاف في الكويت.
اعداد: عيسى القدومي







الساعة الآن : 07:27 PM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 47.43 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 47.17 كيلو بايت... تم توفير 0.26 كيلو بايت...بمعدل (0.55%)]