أنا فتاة مسترجلة
أنا فتاة مسترجلة الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل السؤال: ♦ الملخص: فتاة تشكو تخلُّقها ببعض الصفات الرجولية؛ كالقوة الزائدة، والعناد في المواقف، والصوت المرتفع، حتى إن أهلها يصفونها بالمسترجلة، وهي تريد التخلص من تلك الصفات، وتسأل: ما النصيحة؟ ♦ التفاصيل: في السنوات الخالية من حياتي، كنت أحب أن ألبس ملابسَ شبيهةً بملابس الرجال، وأحاول أن أكون أقوى زميلاتي، لا أخاف مما يَخَفْنَ منه، كانت عندي صفات رجولية لم أدرك خطورتها إلا الآن؛ فصوتي جَهْوَرِيٌّ، لا أستطيع التحكم به، وأنا عنيدة لأقصى الحدود، لا أتنازل لأهلي وأخواتي أبدًا، أقترح عليهم حلولًا لِما نواجه بصرامة وحزم، وعندي جرأة كبيرة في التصرف فيما يُوكَل إليَّ، دون الرجوع إلى أحد منهم؛ لذا فهم يُوكلون إليَّ المهام الصعبة، حاولت التخلص من تلك الصفات الرجولية، لكني لم أستطع، وربما تكون هي السبب في عزوفي عن الزواج حتى سن الثلاثين، ولا أخفيكم أني أحسُدُ أخواتي على ما لديهن من رقة وأنوثة، رغم علمي بأن ما أنا عليه ليس بصحيح، أنا ألبس الحجاب الشرعي ولله الحمد، ولا أميل إلى التزيُّن والتغنُّج كما تفعل بقية النساء، قد يكون مظهري لا يوحي بأي استرجال، ولكن تصرفاتي فيها رجولية، ولقد بحثت في هذا الأمر وتأكد لي، وإن بعض أهلي ليَنْعَتُني بالمسترجلة ويسبني بها، أرغب في التخلص من هذه التصرفات الرجولية، فبمَ تنصحونني؟ الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ أما بعد: فملخص رسالتكِ: هو شكواكِ من تصرفاتٍ تقولين: إنها تدل على الاسترجال؛ مثل: القوة الزائدة، وجَهْوَرِيَّة الصوت، وغيرها، ثم تطلبين الدلالة للتخلص من هذه المشكلة، فأقول مستعينًا بالله سبحانه: أولًا: ليس بالضرورة أن يكون كل ما ذكرتِهِ دالًّا على استرجالكِ، فقد يكون مجرد قوة فطرية فيكِ، لكن الناس وأهلكِ؛ لأنهم لم يعتادوها من النساء - اعتبروكِ مسترجلة، ورسَّخوا هذا الأمر في ذهنكِ، بتعييرهم لكِ بالاسترجال، فاقتنعتِ بذلك؛ ولذا عليكِ التعامل مع الأمر الحاصل لكِ بأنه خُلُقٌ جُبِلتِ عليه، وليس استرجالًا متعمدًا. ثانيًا: يوجد غيركِ في بعض البيوت من تكون الكلمة الأولى والأخيرة للأم وليست للأب، والأبناء يهابون أمَّهم هيبة عظيمة، ويرجعون لها في كل كبير وصغير من شؤونهم، أما الأب فمُهمَّش، ومع ذلك حياتهم طبيعية بدون منغصات، ولم يتَّهِم أحد من هذه الأُسَر الأمَّ بالاسترجال، وإنما عابوا ضعف الأب وتخليه عن دوره الأساس، فلماذا إذًا تُتَّهمين بالاسترجال وتقتنعين بذلك؟ ثالثًا: ولا شكَّ أن الأَولَى في المرأة هو الرقة واللطف، وعدم منافسة الرجال فيما هو من خصائصهم، وبهذا تستقيم الحياة الزوجية والأسرية؛ ولذا ادعي الله كثيرًا أن يخفف عنكِ ما تشتكين منه قوة زائدة. رابعًا: كما تطبَّعْتِ بالقوة والغلظة فعلًا وقولًا، فجاهدي نفسكِ على التطبع بالتلطف والرقة الأنثوية فعلًا وقولًا؛ فبالمجاهدة مع الصدق والإخلاص والدعاء تنحلُّ صعابٌ عظيمة، وستجدين نتائجَ مثمرة بشرط عدم الاستعجال؛ قال سبحانه: ﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [العنكبوت: 69]. خامسًا: شرعًا لا تؤاخذين بمظاهر الرجولة العفوية، ولكن تؤاخذين بمظاهر الاسترجال المتعمدة، ومن ذلك لبس ملابس الرجال، وقص الشعر مثل قصاتهم، والمشي مثل مشيهم، وتعمُّد تقليد أصواتهم، وغيرها. سادسًا: عليكِ بأهم الأسباب الشرعية لعلاج مشكلتكِ؛ وهي: الدعاء. الاستغفار. الاسترجاع. المجاهدة. الصدقة. عدم الالتفات نهائيًّا لتعيير الناس لكِ، ونبزهم لكِ بالترجل. سابعًا: أبعدي اليأس عنكِ نهائيًّا من تغيير حالكِ؛ لأن اليأس محرَّم شرعًا، وزيادة على ذلك يقتل الطموح، ويمنع التغيير للأفضل، ويجلب مصائبَ أعظم من المصيبة الأساس؛ فلا خير فيه أبدًا، بل كله شر؛ قال سبحانه على لسان نبي الله يعقوب عليه السلام: ﴿ يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ ﴾ [يوسف: 87]. حفِظكِ الله، وجمع لكِ بين الأجر والعافية، وصلِّ اللهم على نبينا محمد ومن والاه. |
الساعة الآن : 06:15 PM |
Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour