ملتقى الشفاء الإسلامي - لفهم بلاغة القرآن--حمّلوا كتاب البلاغة الواضحة

وهو كتاب مفيد جدّا --لمن أراد تدبّر القرآن

وإليكم جزءً منه
-----------------------------------------

() التوريةُ
الأمثلةُ
(1) قال سِرَاجُ الدين الوَرَّاق [3] :

أصُونُ أديمَ وجهي عَن أُنَاس …

…لقاءُ الموتِ عِنْدهُم الأديبُ[4]

-----

وَرَبُّ الشعر عندهُمُ بَغِيضٌ … …وَلَوْ وَافَى بهِ لَهُمُ "حبَيبُ"

(2) وقال نَصِيرُ الدين الحَمَّامي [5] :

أبْيَاتُ شِعْرك كالقُصـ … …

ـور ولا قُصُورَ بهَا يَعوقْ [6]

ومنَ العجَائبِ لَفْظُها … …حُرٌّ ومعناها "رَقيقْ "[7]

(3) وقال الشَّابُّ الظريف [8] :

تَبَسَّمَ ثغْرُ البانِ عَنْ طِيبِ نَشْرِهِ ...

وأَقْبَلَ في حُسْنٍ يَجِلُّ عن الوَصْفِ [9]

هَلُمُّوا إِليه بَينَ قَصْفٍ ولَذَّةٍ

…فإِنَّ غصونَ الزَّهْر تَصْلُحُ "للقَصْفِ"

-----------------------------

البحثُ:

كلمة "حَبيبٍ" في المثال الأول لها معنيان: أحدهما المحبوب وهو المعنى القريب الذي يتبادر إلى الذهنْ بسبب التمهيد له بكلمة "بغيض"، والثاني اسم أبي تمام الشاعر وهو حبيبُ بنُ أَوْس، وهذا المعنى بعيد. وقد أَراده الشاعر ولكنه تَلطف فَورَّى عنه وستره بالمعنى القريب. وكلمة "رقيق" في المثال الثاني لها معنيان: الأول قريب متبادر وهو العبد المملوك وسببُ تبادُره إلى الذهن ما سبقه من كلمة "حُرّ"، والثاني بعيد وهو اللطيف السهل. وهذا هو الذي يريده الشاعر بعد أَن ستَره في ظل المعنى القريب. وكلمة "القَصْفِ" في المثال الثالث معناها القريب الكسْر، بدليل تمهيده لهذا المعنى بقوله: "فإنَّ غصون الزهر" ومعناها البعيد اللعب واللهو، وهذا هو المعنى الذي قصد إليه الشاعر بعد أَن احتال في إخفائه ويسمَّى هذا النوع من البديع تورية، وهو فنٌّ بَرَعَ فيه شعراء مصر والشام في القرن السابع والثامن من الهجرة، وأَتوْا فيه بالعجيب الرائع الذي يدلُّ على صفاءَ الطبع والقدرة على اللعب بأَساليب الكلام.

القاعدةُ:

(71) التَّوْريَةُ : أَنْ يَذْكُرَ المتكلِّمُ لَفْظاً مُفْردًا له مَعْنَيانِ، قَريبٌ ظاهِر غَيْرُ مُرَادٍ ، وَبَعيدٌ خَفيٌّ هُوَ المُرادُ.

------------------------------------

تمريناتٌ

(1)اشرح التوريةَ في كلِّ مثال من الأَمثلة شرحاً وافياً:
(1) قَال سراجُ الدين الورَّاق [10]:

كمْ قَطع الْجُنُودُ من لِسانٍ … …قلَّدَ مِنْ نظْمِهِ النحُورا

فَها أَنَا شَاعرٌ سِراجٌ … …فاقْطَعْ لِساني أَزِدْكَ نُورا [11]

(2) وقال أيضاً [12]:

يا خَجْلَتي وصحائِفي سودٌ غَدتْ … …وصحائِفُ الأبرار في إشراق

ومُونِّب لِي في القيامةِ قال لي … …أكَذَا تكون صحائفُ "الورَّاق؟" [13]

(3) وقال أبو الحسين الجزار [14]:

كيْفَ لا أشكرُ الجِزارَة ما عِشْـ … …ـتُ حِفاظاً وأهْجُرُ الآدابا؟

وبها صارت الْكلابُ تُرجِّيـ … …ـني وبالشِّعْر كُنتُ أَرجُو الكلابا [15]

(4) وقال بدْرُ الدين الذهبيُّ [16]:

رِفْقاً بخٍِّل ناصح … …أَبلَيْتَهُ صَدًّا وهَجْرا

وافاك سائلُ دمْعِهِ … …فَرددْتَهُ في الحال نَهْرا [17]

(5) وقال الشاعر [18]:

يا عاذلى فيه قلْ لي … …إِذا بَدَا كَيْف أَسْلُو؟

يمُرُّ بي كل وقْتٍ … …وكلَّما مرَّ يحلُو

(6)و قال الشاعر [19]:

ورياضٍ وقفَتْ أشْجارُها … …وتمشَّتْ نسْمةُ الصُّبحِ إِليها

طَالعتْ أوْراقَها شَمْسُ الضُّحا … …بعْد أَنْ وقَّعتِ الوُرْقُ عليها [20]

(7) قال الشاب الظريف [21]:

قَامَتْ حُرُوبُ الزَّهْرِ ما بينَ الرِّياضِ السُّندُسيَّهْ

وأتتْ جُيوشُ الآسِ تَغْـ ـزو روضة َ الورد الجنيَّهْ

لكِنَّها كُسِرَتْ لأنَّ الوردَ شوطتُهُ قويَّهْ

(8) وقال نصِيرُ الدِّين الحمَّاميُّ [22]:

جُودُوا لنَسْجَع بالمديـ … …ـحِ على عُلاكُمْ سَرْمدَا

فالطيرُ أَحسن ما تغـ … …ـرِّدُ عِنْد ما يقَعُ الندَى [23]

(9) وقال سراج الدين الورَّاق [24]:

وقفْتُ بأَطلال الأَحِبَّةِ سائلا… …ودمْعيَ يَسْقي ثَمَّ عهدا ومعْهَدَا

ومِنْ عجب أَنِّي أُروِّى دِيارهُمْ … …وحظِّي مِنها حين أَسْأَلها الصَّدَى [25]

(10) وقال ابن الظاهر [26]:

شُكْرًا لِنَسمةِ أَرْضِكم … …كم بَلَّغَتْ عنِّى تَحِيهْ

لا غرْوَ إِن حفِظَت أَحا … …ديثَ الهوى فهي الذَّكِيَّهْ [27]

(11) وقال ابن نُباتُه المصري [28] :

والنَّهْرُ يُشْبهُ مِبْردًا … …فِلأَجْل ذَا يجْلُو الصَّدَى [29]

(2) لكلٍّ منَ الأَلفاظ الآتية أَكثرُ من معنًى، فاستعمل كلَّ لفظٍ في مثالٍ للتورية:
الجَدُّ [30] حكَى . الراحةُ . القُصُورُ. عفَا [31] .قضَى[32] . الجُفُونُ [33] .
(3)في أَيِّ شيءٍ تُوافقُ التوريةَ الْجنَاسَ التامَّ، وفي أَي شيءٍ تخالفهُ؟ مثِّل بمثال للتوريةِ، ثم حوله إلى الجناس التامِّ.
(4) هل تستطيعُ أن تضعَ كلمةَ التورية في العبارات الآتية
(1) اشتدَّ حزنُ الرياضِ على الربيع وَجَمَدتْ ...
(2) الحمَامُ أَبلغ منَ الكتاب إذا ...
(3) قلبي جارُهم يوم رَحلوا ودمعي ...
(5)اشَرحْ قول ابن دَانْيال طبيبِ العيون [34] وبيِّن ما فيه منْ حلاوة التورية[35]:

يا سائلِي عنْ حِرْفتي في الورَى … …وا ضَيْعتي فيهم وإِفلاسي!

ما حالُ منْ دِرْهَمُ إنْفاقِهِ … …يأْخذُه منْ أَعْينِ الناسِ؟)