الإنابة إلى الله
الإنابة إلى الله د. أيمن منصور أيوب علي بيفاري إن الحمد لله نَحمَده ونستعينه، ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، مَن يَهده الله فلا مُضل له، ومَن يُضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبد الله ورسوله، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا ﴾ [آل عمران: 102]، ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71]. أما بعد: أيها المؤمنون، نَحمَد الله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه أن أعادنا ثانيةً إلى بيوته رُكَّعًا لله وساجدين، ونسأله سبحانه أن يَجعلنا ممن تعلَّقت قلوبهم بالمساجد. الله أكبرُ دوَّتْ من مآذنه https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif تَشعُّ فينا سلامًا، وشمسَ هدى https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif الله أكبر دوَّتْ في مسامعنا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif وكلُّ صوت له في القلب ألفُ صدى https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif من علَّقَ القلبَ في بيت الإله ولم https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif يطلب سوى من كريمٍ مُنعمٍ مَددًا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif فذاك مِمَّنْ يُظلُّ اللهُ حين نرى https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif لا ظلَّ إلا له سبحانهُ أبدًا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif كم خائفٍ من ذنوبٍ جاءَ مرتجفًا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif ولم يجدْ غيرَ بيت الله مُلتحدًا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif فسبَّحَ الله، صلى، قام منكسرًا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif ببيتِ مَنْ غيرُهُ بالحق ما عُبِدَا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif حتى زكت روحُهُ والنفسَ هذَّبها https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif فلا ترى ظلمةً في القلب أو حسدًا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif أيها المؤمنون، يُعَدُّ حِفظ النفس من ضرورات ديننا الإسلامي، كما أن حفظ الدين من ضروراته سواء بسواء، فكما لا يتنازل المؤمن عن دينه الإسلامي، فلا يقبل منه أيضًا أن يتهاون في صحته وسلامته، وبالحفاظ عليه تتحقَّق للنفس الحياة الإنسانية والكرامة والعزَّة، والسلامة من أي أذى، وحفظُ النفسِ مُقدَّمٌ على حفظِ المالِ، فإنَّها تُفتَدَى بالمالِ والمالُ يُمكنُ استِدراكُ ما يفوتُ منهُ بخلافِ النَّفسِ، هذه أنفسنا قيمتها عظيمة ومقامها سامٍ في ديننا الحنيف، والضرورات تبيح المحظورات، وإذا ضاق الأمر اتَّسع، والمشقة تجلب التيسير، وكلُّ ذلك تكريمًا من شأن بني آدم، ﴿ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا ﴾ [الإسراء: 70]، بل إن الله عز وجل تفضَّل على عباده المؤمنين أيَّما تفضُّل؛ فقد أخرج البخاري رحمه الله تعالى عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا مرِض العبد أو سافر، كتَب له مثلَ ما كان يعمل مقيمًا صحيحًا))، فلو كان محافظًا على السنن الرواتب مثلًا أو قراءة وردٍ قرآني أو أي عملٍ صالحٍ، وحال دونه المرضُ أو السفرُ، فله أجر مَن عمل بها فضلًا من الله ومنةً وإكرامًا، فاللهُ أكرم الأكرمين وأجود الأجودين وأرحم الراحمين، فهو أرحم بالأم على وليدها، جلَّ جلالهُ، وتعالت عظمتُه. أيها المؤمنون، إن من عباد الله من يَتَحَرَّقُ قلبه لأداء الصلوات الخمس في بيوت، ﴿ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ ﴾ [النور: 36]، وحال دون ذَهابهم إليها خوفًا على نفسه مِن مرض يُداهمه، أو وباءٍ يصيبه، فهنا نذكِّره بأن الله أرحمُ الراحمين وأكرمُ الأكرمين، فاستبشِر يا مَن يشتاق إلى بيوت الله، ويا من يشتاقُ إلى المسجد الحرام، والطواف بالبيت العتيق وأداء العمرةِ ومناسك الحج - بأن الأجرَ حاصلٌ ثقةً بالله لا محالة، وخصوصًا حين تكونُ نيتك يا عبد الله أنْ لا ضرر للنفس ولا ضرار للغير. أيها المؤمنون، هنالك مِن عباد الله مَن يخالطُ المصابين؛ إما لأنه في المجال الصحي أو مساندٌ لهم، أو في المجال الأمني، أو المجال التطوعي، أو ما سوى ذلك من مجالات يقتضي عمله مخالطةَ المصابين بالفيروس لا محالة، ويتلهُّف شوقًا وحنينًا للقاء والدته ووالده برًّا وإحسانًا لهما، فنقول له: إن من عظيم برِّك بهما أيها المؤمن ألا تَلتقي بهما حفاظًا على صحتهما، ولك الأجر العظيم والثواب الكبير لا محالة. إن ديننا العظيم أيها المؤمنون غايتُه صلاح الدين والدنيا معًا، فمقصود الشريعة الأعظم هو تحصيل المصالح وتكميلها، وتعطيل المفاسد وتقليلها، ودولتنا رعاها الله بذلت كلَّ ما يُشرِّف ساكني هذه البلاد بلا تَمييز لفئةٍ دون أخرى، فقد سعت وبذلَت واجتهدت، وثابَرت من أجل المحافظة على سلامة قاطنيها وصحتهم، ومِن باب شكر النعم بعد هذه الجهود الجبارة المباركة أن نتحملَ نحن المسؤولية في الحفاظ على صحتنا، ولن يكون ذلك إلا بالتوكل على الله، نتوكل عليه آخذين بكل الأسباب بلا تَهاونٍ أو تقصير أو تفريطٍ، فالاحترازات الوقائية صارت الآن مطلبًا شرعيًّا لكل مؤمن للحفاظ على سلامة الجميع، قد يَمَلُّ الإنسانُ من طول أمد هذا الوباء الذي أنهك الكرةَ الأرضيةَ كلَّها، فلا حلَّ لنا إلا أن نصبر ونصابر ويُصَبِّرَ بعضُنا بعضًا، لا حلَّ لنا إلا باللجوء إليه سبحانه جلَّ في علاه، ﴿ فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ ﴾ [الذاريات: 50]، ولا سبيل لنا ولا مَخرج لهذا الوباء إلا باللجوء والإنابة والتضرع إليه، ﴿ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ﴾ [الأعراف: 96]. فيا مؤمن يا مَن يرجو بركات السماء والأرض، اتَّق الله، اتَّق الله، واعمل صالحًا، وانزِع عنك التمادي في الذنوب والمعاصي، فما نزل بلاءٌ إلا بذنب وما رُفع إلا بتوبة، ﴿ وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ﴾ [الشورى: 30]، فنستغفر الله إنه كان غفارًا، ونتوب إليه توبة تَكشِف عنا كلَّ بلاءٍ ووباء، أستغفر الله لي ولكم عباد الله من كل ذنبٍ وخطيئةٍ، فاستغفروه إنه غفور رحيم. |
رد: الإنابة إلى الله
الخطبة الثانية الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أنْ لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيمًا لشأنه، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، اللهم صلِّ وسلم وبارك عليه وآله وأصحابه وإخوانه، ثم أما بعد:فيا أيها المؤمنون، إن إنابة أولياء الله المتقين لرب السماوات والأرَضين، تكون بمحبته سبحانه وتعالى محبةً تملأُ القلوبَ إيمانًا وسكينةً ويقينًا، وتُحَرِّكُ الألسنة ذكرًا وتسبيحًا وتهليلًا، وتسابقُ الجوارح طاعةً وعملًا صالحًا وتسليمًا، وتكون بالخضوع له أمرًا ونهيًا، والإقبال عليه استجابةً وإذعانًا، والإعراض عما سواه توكلًا عليه واستغناءً به جل جلاله، فلنرجِع إلى ربنا عباد الله عن معصيته متخلين وبطاعته متحلين، صالحين ومصلحين، مَن يَذُق حلاوةَ الإيمان يَستنكر عن نفسه العصيان، ويَسعَدْ أيَّما سعادةٍ بالقرب من الرحمن، والمحرومُ من هذه الحلاوة فهو محرومٌ من السعادة، فليست السعادةُ مظاهر نتباهى بها، أو مفاخرَ جوفاءَ لا قيمة لها، وماديات يخالف ظاهرُها باطنَها، السعادة الحقيقية هي أن نعيش مع الله في كل أحوالنا، ونلجأ إليه في كل أمورنا، فقد يُصاب المؤمن بعظيم البلاء وقلبه مطمئنٌّ بالإيمان، واثقًا بالفرج بعد الضيق، وباليسر بعد العسر، كيف لا وقلبه معلقٌ بخالق الكون، ومدبر الأمور؟! فأمره إذا أراد شيئًا أن يقول له: كن فيكون، لا يُعجزه شيءٌ في الأرض ولا في السماء، سبحانه وتعالى. أيها الباذلون لنيل محبة الله، إن الله أمَر نبيَّه أمرًا يشملُ أمته: ﴿ فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ * مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾ [الروم: 30، 31]، ثم قال سبحانه وتعالى: ﴿ وَإِذَا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُمْ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ ﴾ [الروم: 33]. فادعوا الله عباد الله دعاءَ الخائف الوجل المنكسر بين يديه، ادعوه وأنتم واثقون به ثقةَ يقين أن دعوة المضطر لا تُرَد، ﴿ أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ ﴾ [النمل: 62]. فاللهم يا كاشفَ الكربات ويا قاضي الحاجات، ويا مُجيبَ الدعوات، ارفَع عنا البلاء والأوبئة والكربات. اللهم إني أسألك بنور وجهك الذي أشرَقت له السماوات والأرض - أن تجعلنا في حِرزك وحفظك وجوارك، وتحت كنَفِك. اللهم يا حفيظُ احفَظنا، اللهم احفَظنا واكْلأنا برعايتك. اللهم إنا نَلتجئ بك ونعتصم بك، ونتوكل عليك، لا إله إلا أنت سبحانك إنا كنا من الظالمين، اللهم نعوذ بك من البرَص والجنون وسيء الأسقام. حان اللقاءُ ببيتِ الله فابتدِرُوا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif يا عامرينَ لها والشوقُ يَستعرُ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif منذ الوداعِ لها في يوم جائحةٍ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif والدمعُ منهمرٌ والقلبُ يَعتصرُ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif وعْدُ الإله لنا قد جاء موعدُهُ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif العسرُ يَتبعه يا معسرًا يُسُرُ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif الله أكبرُ فاصدَح يا بلالُ بها https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif ولتَسْمَعِ الأرضُ والأشجارُ والحجرُ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif يا مسجدًا كانت الأشياخُ تَعمُرهُ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif لو كنتَ في جبلٍ لم يَثْنِهم كِبَرُ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif حان العِناقُ لأرضٍ فيك تَعرِفهُم https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif وتعرِف النورَ في شيبٍ كما القمرُ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif إنَّا لفي فرحٍ لو كان يعلَمُهُ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif الملحدون بربِّ الكون ما كفَروا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif إنَّا لفي ثقةٍ بالله خالقِنا كشْف https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif العذاب الذي في الأرض يَنتشرُ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif ثمَّ الصلاة على المحمود كاملةً https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif تَجلو الهمومَ فلا تُبقي ولا تَذَرُ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif |
الساعة الآن : 03:18 PM |
Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour