ترجمان القرآن.. في الطائف

• ارتبط اسم الطائف بحوادث كبيرة، منها حادِثةُ شَقِّ صدرِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - الأُولى (49 ق هـ/575م) وهو طفل في بني سعد شرق الطائف، وبعد البعثة، خرج النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - إلى الطائف (10 ق هـ/614م)؛ فكان أشد يوم مر عليه - صلى الله عليه وسلم -! فقد دعا أهل الطائف إلى الإسلام فَلَمْ يُجِبْه أحد؛ فانْطَلَقْ راجعا إلى مكة مَهْمُومٌا، ومع هذا دعا لهم؛ فقالَ - صلى الله عليه وسلم -: «بَلْ أرْجُو أنْ يُخْرِجَ اللَّهُ مِن أصْلابِهِمْ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ وحْدَهُ لا يُشْرِكُ به شيئًا».
• ثم عاد النَّبي - صلى الله عليه وسلم - وحاصرها في (8هـ/629م)، عند موقع مسجد (عبدالله بن عباس) الحالي، وبدأت المعركة، ولكن السور المنيع حال دون فتحها، واستشهد 11 صحابيا، ودفنوا في مقبرة الشهداء، التي تقع بجوار المسجد ذاته، ولم يستطع النَّبي- صلى الله عليه وسلم - دخولها؛ فرجع إلى المدينة، ولكن في رمضان (9هـ/630م)، جاء وفد من الطائف إلى المدينة النبوية لإعلان إسلامهم؛ فدخلت ثقيف في الإسلام كاملاً دون انتقاص ولا تفريط.
• في يوم الثلاثاء 19/08/2025م، صليت في مسجد (عبدالله بن عباس)، وهو من أشهر المساجد التاريخية بمدينة الطائف، ويعد مَعلمًا من معالمها، وقد أُنشئ المسجد عام (592هـ/1196م)، وسمي بذلك؛ لأنه يقع بجوار قبر الصحابي الجليل عبدالله بن عباس -رضي الله عنهما- الذي ولد في (3 ق هـ/ 618م)، ورغم أن ابن عباس -رضي الله عنهما- تنقل في أكثر من بلد، إلا أنه استقر أخيرا في الطائف، وتوفي فيها (68 هـ/687 م)، وكان عمره نحو 70 عامًا.
• وابن عباس - رضي الله عنهما- هو ابن عم النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأسلم قبل فتح مكة، ويُعد من كبار صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ومن أعظم علماء الإسلام في التفسير والفقه والحديث، وله مكانة خاصة عند النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ حيث وَضَعَ النبي يَدَه على كَتِفه ثُمَّ قالَ: «اللَّهُمَّ فَقِّهْه في الدِّينِ وعَلِّمْه التَّأويلَ». وابن عباس-رضي الله عنهما- هو أحد المكثرين لرواية الحديث؛ حيث روى 1660 حديثًا عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولُقب بحَبر الأمة، وتُرجمان القرآن.
• واستقرار ابن عباس -رضي الله عنهما- في الطائف في أواخر حياته؛ لأسباب عدة، منها: طلب الراحة والهدوء، والاعتزال في آخر عمره ليتفرغ للعبادة والعلم، والاستمرار في التعليم والدعوة.
• وقد شيد بنو ثقيف المسجد في الموضع الذي صلى فيه النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقد بُني المسجد واعتُني به بعد ذلك في عصور عدة: في العهد العباسي، ثم العهد العثماني، أما في العهد السعودي فقد أُعيد بناؤه بناءً كاملا، وضُوعفت مساحته إلى ما يقارب 15 ألف متر مربع، وهناك خطط مستقبلية لتوسعته وترميمه وتطويره؛ لتصل مساحته لأكثر من 60 ألف متر مربع.

اعداد: سالم الناشي