ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   ملتقى القرآن الكريم والتفسير (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=57)
-   -   تفسير قوله تعالى: ﴿ إذ تصعدون ولا تلوون على أحد والرسول يدعوكم في أخراكم... ﴾ (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=316851)

ابوالوليد المسلم 07-08-2025 11:16 AM

تفسير قوله تعالى: ﴿ إذ تصعدون ولا تلوون على أحد والرسول يدعوكم في أخراكم... ﴾
 
تفسير قوله تعالى:

﴿ إِذْ تُصْعِدُونَ وَلَا تَلْوُونَ عَلَى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ... ﴾

سعيد مصطفى دياب

قوله تعالى: ﴿ إِذْ تُصْعِدُونَ وَلَا تَلْوُونَ عَلَى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ لِكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا مَا أَصَابَكُمْ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 153].

قَولُهُ تَعَالَى: ﴿ إِذْ تُصْعِدُونَ... ﴾ متعلِّق بقوله في الآية السابقة: ﴿ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ ﴾ أَوْ بِقَوْلِهِ: ﴿ وَلَقَدْ عَفا عَنْكُمْ ﴾، وقيل: هو ابتداء كلام لا تعلقَ له بما قبلَهُ، والمعنى: اذكروا إِذْ تُصْعِدُونَ وَلَا تَلْوُونَ عَلَى أَحَدٍ، وَالْإِصْعَادُ: الذَّهَابُ فِي الْأَرْضِ، والسَّيْرُ فِي بُطُونِ الْأَوْدِيَةِ، وَالصُّعُودُ: الِارْتِفَاعُ فِي الْجِبَالِ وَغَيرِهَا؛ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: أَصْعَدْتُ: إِذَا مَضَيْتَ حِيَالَ وَجْهِكَ، وَصَعِدْتُ: إِذَا ارْتَقَيْتَ فِي جَبَلٍ.

يُبَيِّنُ اللهُ تَعَالَى للمؤمنين حالهم في غزوةِ أُحدٍ حِينَ انْهَزَمُوا مِنْ أَعْدَائِهِمْ، فولوا ذاهبين فِي الْأَرْضِ فِرَارًا منهم.

﴿ وَلَا تَلْوُونَ عَلَى أَحَدٍ ﴾؛ أي: لَا يلتفتُ أَحَدٌ إِلَى أَحَدٍ مِنْ شَدَّةِ الْهَرَبِ، كما قَالَ دريدُ بنُ الصِّمَّةَ: وَهَلْ يَرُدُّ الْمُنْهَزِمَ شيء؟ وَأَصْلُ اللَّيِّ الِالْتِفَاتُ إِلَى الشَّيْءِ، والعَطْفُ عَلَيْهِ؛ لأَنَّ الْمُعَرِّجَ عَلَى الشَّيْءِ يَلْوِي إِلَيْهِ عُنُقَهُ، فَإِذَا مَضَى وَلَمْ يُعَرِّجْ قِيلَ: لَا يَلْوِي عَلَى شَيْءٍ، أَيْ: لَا يَعْطِفُ عَلَيْهِ وَلَا يُبَالِي بِهِ.

﴿ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ ﴾: أَيْ: تفرون حال كون الرَّسُولِ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ لِلثَّبَاتِ أَمَامَ أَعْدَائِكِمْ، وَالرُّجُوعِ عَنِ الْهَزِيمَةِ، بِقَوْلِهِ: «إِلَيَّ عِبَادَ اللَّهِ مَنْ يَكُرُّ فَلَهُ الْجَنَّةُ»، وَكَانَ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُوهُمْ وَهُوَ وَاقِفٌ فِي أُخْرَاهُمْ يعني في آخِرِهِمْ؛ لِأَنَّهم تَقَدَّمُوهُ بِسَبَبِ الْهَزِيمَةِ، وهو تَوْبِيخٌ وَعِتَابٌ شَدِيدٌ لهُم.

﴿ فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ ﴾: لَفْظُ الثَّوَابِ لَا يُسْتَعْمَلُ فِي الْأَغْلَبِ إِلَّا فِي الْخَيْرِ، وَالْغَمُّ لَيْسَ بِخَيْرٍ، فَيَكُونُ ذكر لفظِ: ﴿ فَأَثَابَكُمْ ﴾ عَلَى سَبِيلِ التَّهَكُّمِ؛ أَيْ جَعَلَ الْغَمَّ مَكَانَ مَا يَرْجُونَ مِنَ الثَّوَابِ؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ﴾ [التوبة: 34].

وَالْبَاءُ فِي قولهِ ﴿ بِغَمٍّ ﴾ لِلْمُصَاحَبَةِ، أي: غَمًّا مُصَاحِبًا لِغَمٍّ، الْأَوَّلُ: الْغَمُّ الذي أَصَابَهُمْ بسَبَبِ الْهَزِيمَةِ وَالْقَتْلِ، وَالثَّانِي: الْغَمُّ الذي أَصَابَهُمْ حِينَ سَمِعُوا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُتِلَ.

﴿ لِكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا مَا أَصَابَكُمْ ﴾: لما تبيَّن لهم نجاة النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من القَتْلَ، هان عليهم ما فاتهم من الغنائم والنصر، وما أصابهم من الجراح والقتل.

﴿ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾: تذييلٌ فِيهِ مَعْنَى التَّحْذِيرِ وَالْوَعِيدِ، والمعنى: وَاللَّهُ ذُو خِبْرَةٍ وَعِلْمٍ بأعمالكم، يحصيها عَلَيْكُمْ حَتَّى يُجَازِيَكُمْ بِهِ الْمُحْسِنَ مِنْكُمْ بِإِحْسَانِهِ، وَالْمُسِيءَ بِإِسَاءَتِهِ، أَوْ يَعْفُو عَنْهُ.






الساعة الآن : 12:13 AM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 7.45 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 7.35 كيلو بايت... تم توفير 0.09 كيلو بايت...بمعدل (1.26%)]