ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   الملتقى الاسلامي العام (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=3)
-   -   يوميات مؤمن في الجنة (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=31399)

أسين 15-07-2007 10:06 AM

يوميات مؤمن في الجنة
 
يوميات مؤمن في الجنة
البــدايــــــة

إهـــــــــــداء:

إلى كل عبد صدق بكلمات الله ورسله فعلم أن الجنه حق..... وأن
النار حق... وأن الله يبعث من يموت وأمن بذلك إيماناً لا يتزعزع
حتى كأنه يراهما رأى العين...

فعمل... واجتهد... وأحسن... وعاش فى الجنة بقلبه وهو مازال فى الدنيا... قبل أن ينتقل إليها فى الآخرة...

إلى هؤلاء نقول مرحباً بكم فى الجنة....

الجزء الأول:

من المعلوم لنا جميعاً أن كل إنسان يحفظ جيداً يوم مولده... لكننا لم نسمع أبداً عن شخص يحفظ أو يذكر يوم موته... وكيف ذلك وهو لا يعرفة... ولا يعلم متى ولا على أي حالة سيكون هو وقتها وصدق الله إذ يقول: { وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ } [لقمان: 34]

فإذا تصورنا أن شخصاً ما قد انتهى أجله وانتقل إلى الدار الآخرة ثم رأى وعايش كل ما أخبرنا به الحق جل وعلا فى كتابه الكريم وما أخبرنا به رسولنا فى سنته وأحاديثه المطهرة... وأراد هذا الشخص أن ينقل إلينا مشاعره وأحساسيه ووصاياه لنا لكى نعتبر ونتعظ فيزداد المحسن إحساناً ويتوب العاصى عن ذنبه... ترى ماذا يقول لنا... وبماذا ينصحنا.

قفزت سنوات العمر:

نعم قفزت سنوات العمر ولا أجد تعبير أسرع من ذلك لأقوله فلم أشعر بعمرى وهو يمر... أنا الآن عندى سنة... ثم خمس... ثم مرحلة الشباب... ثم.. عمرى كله الذى مضى كان لحظة واحدة وهى لحظه تذكرى له... وهاقد مرت اللحظه وحانت لحظة النهاية.

لحظة النهاية:

لن أنسى أبداً ذلك اليوم... يوم موتي.. كان بالنسبة لى يوماً عادياً عدت من عملى وتناولت طعام الغداء ثم ارتحت قليلاً حتى أذان المغرب ساعتها نهضت وتوضأت وذهبت إلى المسجد لأداء الصلاة التى كنت أحرص عليها بشدة فهى كما علمنا نبينا صلى الله عليه وسلم هي « أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة فإن صلحت صلح سائر عمله وإن فسدت فسد سائر عمله ».

المهم وبدون أي مقدمات شعرت أن الأرض تدور من حولى وأني أفقد الوعي شيئاً فشيئاً ثم شعرت بعدها أنني لم أفقد الوعى فقط وإنما أفقد الروح أيضاً.

وانكشف الغطاء:

حجبت عني الدنيا فلم أرى أو أسمع شيئاً مما يدور حولي أنا الآن فى عالم آخر... انا الآن فى عالم أخر... أنا الآن أموت..

أنا الآن أعاني سكرات الموت... هذة السكرات التي عانى منها سيدي وحبيبي سيد الأوليين والآخرين... هذه السكرات التي دعا النبي الكريم صلى الله عليه وسلم أن يهونها الله عز وجل عليه وعلى المؤمنين...

هذه السكرات هي التي أعانيها الآن.. هاهى أعضائي تبرد وتتجمد... هاهو دمي يجف... وعروقي تنضب... ونبضي يغيب... هاهي عيناي تشخص فى الأفق البعيد..

لتراهم الآن .. نعم هاهم قادمون... ملائكة يحيطون بي من كل مكان بيض الوجوه... كأن وجوههم الشمس... يحملون فى أيديهم كفناً رائع الحسن لا تتعجب وأنا أقول عن الكفن أنه رائع الحسن فهو كفن من أكفان الجنة فكيف لا يكون رائع الحسن... ومعهم عطراً لم أشم رائحة أجمل منه قط.. هاهم يقتربون مني ويضع كل منهم يده
على جسمى.. ويبتسمون فى وجهي كأنهم يقولون لى اطمئن...
ومرحباً بك عند ربك.

ثم جاء ملك الموت... عظيم الخلقة - سترونه بالتأكيد - وأخذ يقبض روحي برفق ولين وهو يدعو أن تخرج روحي إلى مغفرة الله ورضوانه وتمثل لي حديث نبينا وحبيبنا صلى الله عليه وسلم: « ان روح المسلم تخرج تسيل كما تسيل القطرة من السقاء »

وقد شعرت بذلك يا سيدي وحبيبي هاهي روحي يخرجها ملك الموت بلا مشقة.. بلا تعب.. بلا عذاب وإنما كأنها شعرة تسحب من العجين وحينما انتهى من قبض روحي كفنتني الملائكة وعطرتني وأرسلوا روحي إلى أعلى عليين ولسان حالهم يقول هنيئاً لك طاعتك لربك... هنيئاً لك رحمة الله بك.

وأطلت عيناي شاخصة تتابع روحي وهي تخرج إلى مكانها فى عليين ولساني ينطق بلا إله إلا الله محمد رسول الله... وعندئذ نزلت مني دمعتان رغماً عني هما دموع الفراق وسمعت آيات تتلى { كَلَّا إِذَا بَلَغَتْ التَّرَاقِيَ وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ } :القيامة: 26-30]

الأنيس:

امتلأ البيت بالناس... وما بين باك ومتألم وحزين... ومذهول من سرعة موتي...ثم حملوني إلى حيث يوجد قبري... وضعوني بداخل القبر ثم ولوا مدبرين سراعاً... وتركوني وحيداً.

نظرت حولي... لم أبصر شيئاً... انخلع قلبي من الخوف... ظلمة شديدة... ووحدة رهيبة... وغربة ليس بعدها... الآن أنا وحدي.. فى كل شيء سأكون وحدي.. هل هذا بيتي هل هذا قبري.. إلهي وسيدي ومولاي... أنا كنت فى الدنيا عبداً طائعاً رحمتك يا أرحم الراحمين.. وفجأة ظهر لي ملكان... يالهول مشهدهما.. عيونهما مثل البرق.... وصوتهما كالرعد... انتهراني بشدة وسألاني من ربك وما دينك وماذا تقول فى الرجل الذى بعث فيكم ولم أدر إلا وأنا أجيب بسرعه وثبات عجيب واطمئنان راسخ....

ربي الله... وديني الإسلام.... ومحمد رسول الله....

ياللفرحة التي كانت فى قلبي ساعتها... ياللسرور الذى ملأ كل كياني فى تلك اللحظة وتذكرت هنا الآية التى كنت أقرأها فى الدنيا
{ يُثَبِّتُ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ } [إبراهيم: 27]

صدقت يا ربنا أنت الذى ثبتني.. أنت الذي أنطقت لساني فلك الحمد كله، وهبت علي نسمة من الهواء لم أشعر بمثلها قط وشممت رائحة لم تشم أنفي مثلها قط تغلغلت فى كل كياني... وفجأة لاحت لي حزمة من النور والضياء أخذت تقترب شيئاً فشيئاً حتى وجدتها أمامي.. وجوها من أحسن الوجوه... وضاءة وملاحة فسألتهم وقلبي يرقص طرباً من أنتم؟

فوجوهكم كلها الخير.. فابتسموا وقالوا لى.. ألا تعرفنا ونحن صنع يديك ثم عرفني كل منهم بنفسه فقال النور الأول أنا صلاتك
وقال الثاني وأنا زكاتك.. وأنا غضك لبصرك.. وأنابرك لوالديك... ونصرتك للمسلمين... وأنا صيامك.. وأنا كفالتك لليتيم.. ثم وجدت نور شديد فقلت: من أنت
قال: أنا القرآن الذى حرمك النوم بالليل.. أنا وردك القرآنى الذى كنت تقرأة بالليل... أنا الآن حجتك وشفيعك أمام ربك عز وجل..

ثم ابتسموا جميعاً واقتربوا من بعضهم البعض حتى صاروا نوراً واحداً لم أرى مثله قط أضاء قبري وقالوا بصوت واحد أنا عملك الصالح... وأنا جليسك فى وحدتك ومؤنسك فى غربتك إلى يوم القيامة.

رقص قلبي فرحاً وطار فى نواحي القبر... ماهذا... إن القبر يتسع ويتسع حتى صار على امتداد بصري.. اللهم لك الحمد يارب العالمين.. كل هذا من أجلى أنا.. أناالعبد الضعيف... الذليل..
المحتاج.... جاءني صوت يقول بل أنت العبد الطائع... بل أنت حبيبي .. يا إلهي يا أرحم الراحمين... يا أرحم الراحمين.. أنا حبيبك أنا العبد المسكين حبيب رب العالمين... يالها من كرامة ويالها من جائزة.

تذكرت لحظتها الدنيا بكل متعها وزخرفها... وزينتها... كم تساوي فى مقابل تلك اللحظة.. فأي شيء يساوي رضاء رب العالمين... أي شيء يعادل أن تكون حبيب رب العالمين.. يا أصحاب الجوائز والميداليات.. هل هناك جائزة أعظم من تلك الجوائز.. يا أصحاب الملايين ما قيمة ملايينكم أمام تلك اللحظة أنا حبيب رب العالمين ... أنا حبيب سيدي ومولاي...وكل هذا الفضل بماذا؟

بآيتين من القرأن كنت أقرأهما... باتخاذي محمد صلى الله عليه وسلم قدوتى.. بتلك الأعمال أصبحت حبيب رب العالمين.. ياله من فوز .. عمل قليل وأجر وفير.

وهنا كان الشوق لربي قد بلغ مبلغه فلم أتمالك نفسي فناديت بكل قوتي رب أقم الساعة.... رب أقم الساعة.... رب أقم الساعة...

وسمعت صوت الحق ينادي ... ليس الآن فإن الله عز وجل قد قال في كتابه الكريم: { مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى } [طه: 55]

وهنا نمت كما ينام العروس يوم زفافة ونعيم الجنة حولي وكل مكان فى قبري يصدق حديث النبي صلى الله عليه وسلم:
« القبر إما روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار »

وها أنا ذا أحيا فى روضة من رياض الجنة أنتظر وعد رب العالمين يوم الفصل بين الخلائق أجمعين وأنا أشتاق لرؤية النبي صلى الله عليه وسلم والصحبة الكرام وأذوب تحرقاً للقائه على الحوض.

وماذا بعد:

أخي الحبيب ... هاقد عرفت الآن كيف صرت بعد الحياة.. وكيف أكرمني ربي وثبتني وكيف عاملني ملك الموت وملكا القبر... وها أنا ذا أنتظر لقائي بحبيبي محمد صلى الله عليه وسلم: وإنى سائلك؟

ترى ماذا أنت فاعل بعد ما عرفت... الآن:

1- اجعل الدنيا فى يدك وليست فى قلبك وأوجز فى الطلب فإنما كل شيء بقدر.. يقول النبي الكريم صلى الله عليه وسلم:
« إن روح القدس نفث فى روعي أنه لن تموت نفس قبل أن تستوفي رزقها وأجلها فاشغل نفسك بما هو عليك ولا تشغل نفسك بما هو حولك ».

2- أذكر الموت دائماً... وكونك لا تعرف متى يأتيك يجعلك دائماً على أتم الاستعداد فكن دائماً على طاعة واحذر أن تقبض وأنت على معصية فإنما الأعمال بالخواتيم.

3- أكثر من زيارة القبور لتعتبر وتتعظ وتعرف أين سيكون مصيرك؟... ثم تذكر كم من ملوك متوجة... وكم من رجال ملأ السمع والبصر.. وكم من حسان فاتنة هم الآن تحت التراب بل هم الآن تراب نخر الدود عظامهم والتهمت الأرض أجسادهم ولم يعد لهم فى دنياهم إلا حسن الذكر من حسن العمل... أو اللعن من سوء العمل.

قصة شاب فى حسن الخاتمة:

شاب كان يقود سيارته وفجأة تعطلت السيارة فى أحد الأنفاق المؤدية فنزل عن سيارته لإصلاح العطل فى أحد العجلات فجاءت سيارة مسرعة وارتطمت به من الخلف فأصيب إصابات بالغة فحمله الناس ووضعوه فى سيارة أخرى وساروا به إلى المستشفى... يقول عنه الناس أنه شاب فى مقتبل العمر (متدين ) يبدو ذلك من مظهره عندما حملوه فى السيارة سمعوه يهمهم فلم يميزوا ما يقول ثم ركزوا فى كلامه سمعوا صوتاً مميزاً.. إنه يقرأ القرآن وبصوت ندي سبحان الله لا تقول هذا مصاب الدم قد غطى ثيابه وتكسرت عظامه بل إنه على ما يبدوا على مشارف الموت استمر يقرأ بصوت جميل يرتل القرآن فجأة سكت التفت إلى الخلف فإذا يرى المصاب رافعاً إصبع السبابة يتشهد ثم انحنى رأسه قفز الرجل إلى الخلف فوجده قد مات ثم ذهبوا به إلى المستشفى فأخبروا كل من قابلوه بقصة الشاب..
الكثير تأثروا أحدهم ذهب وقبل جبين الشاب.. ثم اتصلوا بأخيه من المستشفى فعندما جاء قال لهم أنه يذهب كل اثنين لزيارة جدته الوحيدة فى القرية وكان يتفقد الأرامل والمساكين... كان أهل هذه القرية يعرفونه جيداً فقد كان يحضر لهم الشرائط والكتب الدينية.

أسين 15-07-2007 10:15 AM

لقاء على الحوض
 
إهـــــــداء:


إلى المشتاقين فقط..http://www.9m.com/upload/15-07-2007/...1184483565.jpg
إلى الظمأى وحدهم..

إلى الذين كلما ذكر اسمه (صلى الله عليه وسلم)... ذابت قلوبهم تحرقاً لرؤيته...

وضجت عيونهم أملاً فى مشاهدته... إلى هؤلاء جميعاً نقول لهم:
مرحباً بكم حيث حوض نبيكم صلى الله عليه وسلم.

1- العودة:

مازلت أكتب إليك أيها الأخ الحبيب يومياتى وأنا أنعم فى جنة ربي
وقد توقفت معك فى المرة السابقة عند نومي الهادىء المطمئن بعد أن ثبتني الله عز وجل بالجواب عند السؤال.

واليوم أتحدث معك عما حدث لي عند البعث هاهي روحي تعود إلى جسدي من جديد... وهاهو جسدي يعود كما كان ليعلم كل من يجادل فى الله بغير علم أن وعده حق وكلامه حق جل وعلا وتذكرت أناس كانو فى الدنيا يجادلون فى البعث والحساب والجنة والنار...

بل أذكر أناساً كانوا يسخرون ممن يقول ذلك ويؤمن به.. ترى كيف حالهم الآن وهم يعودون إلى ربهم.. كيف حالهم الآن وهم يساقون إلى الحساب ..

ماذا سيكون ردهم.. أين عنادهم واستكبارهم.. وقد مضت الدنيا وانقضت وهاقد أقبل الخلق كل الخلق على ربهم كلهم يرجو رحمته..

كلهم يخشى عذابه.. ساعتها تذكرت الآيه الكريمة { مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى } [طه: 55]

وهاهو موعد الله يتحقق.. خرجت من القبر ونظرت حولي.. ماهذا!

أين المباني الشاهقة.. والعمارات السامقة.. أين القصور والسيارات الفارهة.. لايوجد شيء من هذا على الإطلاق وإنما أرض غير الأرض وسماء غير السماء وصدق الله العظيم:
{ يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُواْ للّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ } [إبراهيم: 482] يوم بخمسين ألف سنة:

اجتمع الناس كل الناس.. بل الخلق كل الخلق... حتى الجن والطير والحيوان.. الكل فى نفس المكان مجموع.. مسئؤول.. وبرغم الزحام الشديد لا أحد يتحدث مع أحد لا أحد ينظر إلى أحد.. الكل حفاة.. عراة.. وتذكرت حديث عائشة رضى الله عنها لرسوله صلى الله عليه وسلم حينما قال: « يحشر الناس يوم القيامة حفاة عراة غرلا ». قالت كيف بالرجال والنساء يا رسول الله وكان جوابه
« الكل مشغول بنفسه »... وصدق رسولنا الكل مشغول بنفسه... الكل مهموم بحاله لا أب يهتم بولده ولا ولد يحنو على أمه.. ولا أم ترأف بولدها.

وإنما { يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ } [عبس: 34-37]

كل امرىء لا يرى إلا عمله ولا يسمع إلا صوت الحق ينادى:
{ الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ } [غافر: 17]

عندئذ نظرت فى الوجوه فإذا بي أميز أهل الحق وأهل الباطل.

رأيت فرعون.. وهامان.. وقارون.. ورأيت أبا جهل.. والوليد بن المغيره رأيت كل ظالم متكبر جبار.. وجوههم مسودة.. نفوسهم ذليلة.. وعيوناً تبكي دماً لا دموعاً.. ولكن هيهات قد فات ما فات.

وبرغم أنهم كانوا أصحاباً وإخلاء فى الدنيا إلا أني رأيت بينهم عداوة شديدة.. وبغضاً أشد وصدق الله العظيم { الْأَخِلَّاء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ } [الزخرف: 67]

وهاهم المتقون أراهم .. وجوهاً مضيئة .. قلوباً مطمئنة.. عليهم السرور بادياً.. بينهم الود ظاهراً واضحاً.. وجوه يومئذ ناضرة ضاحكة مستبشرة برحمة ربها.. وجنة ربها ومصاحبة نبيها صلى الله عليه وسلم.

3- العرق:

وأصبح الناس فى هم عظيم.. وكرب شديد حتى تمنوا أن ينصرفوا ولو إلى النار من شدة ما يلاقون ويعانون واقتربت الشمس من رؤوس العباد.. اقتراباً شديداً حتى غرق الناس فى عرقهم كل على حسب عمله فمنهم من بلغ به العرق إلى كعبيه ومنهم إلى ركبتيه ومنهم إلى صدره، ومنهم من ألجمه عرقه..

وأنا فى ذلك كله.. أدعو ربي أن يتفضل علي برحمته وعفوه وأقول يا أرحم الراحمين وقد قال عثمان بن عفان رضي الله عنه: " إن القبر أول منازل الآخره فإن كان يسيراً فما بعده أيسر وإن كان شديداً فما بعده أشد ".

بدايتي في قبري كان فيها الخير كله فأتمم على فضلك ونعمتك يا أرحم الراحمين.. قلت ذلك وأنا أرى الناس قد تقطعت قلوبهم وحلوقهم من شدة العطش والظمأ.. منتهى غايتهم أن يجدوا ولو قطرة واحدة من المياه.. وتذكرت ساعتها موعظة لأحد الصالحين مع هارون الرشيد حينما أخر صلاة العصر عن وقتها.. قال له الرجل الصالح.. يا أمير المؤمنين.. ترى لو أنك ستموت عطشاً ولا يوجد ماء إلا هذا الكوب الذي في يدك فبكم تشتريه فقال الخليفة أشتريه بنصف ملكي قال فإن شربته ثم حبس بداخلك فلم تستطع إخراجه وأحضروا الطبيب لك فكم تعطيه؟
فقال أعطيه نصف ملكي الآخر.
فقال الرجل يا سبحان الله دفعت ملكك كله فى كوب من الماء وإخراجه والله يسقيك ويخرجه منك بلا مقابل ومع ذلك تؤخر له صلاة العصر.
قلت.. هذا أخر الصلاة فقط .. فكيف يا ترى حال تاركي الصلاة اليوم؟؟

من الذي يسقيهم اليوم.. من الذي يروي ظمأهم الآن.. ومن أين؟ وكيف؟ لأن المقاييس اختلفت الآن فلن يشبع.. ولن يروي ظمأه إلا من قدره الله عز وجل)

لقاء الحبيب:

ظل الناس فى حالهم هذا.. ما بين خوف.. ورجاء.. وتضرع.. ودعاء..
الحر يشويهم.. والظمأ يقتلهم.. لا يدرون إلى أين يذهبون.. ولا ماذا يفعلون.. غايه آمالهم أن يصرفوا من هذا المكان.. وماهم بمصرفين
إلا أن يأذن رب العزة جل وعلا.. ثم فجأة تصايح الناس نعم إنه هو...
لا ينقذنا إلا هو .. محمد
وتنادي الناس جميعاً أين رسول الله؟

أين رسول الله صلى الله عليه وسلم؟

ثم كان الأمل وكان الرجاء.. هاهو رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتى من بعيد...

وأنا لا أصدق عيني.. أنا أرى رسول الله صلى الله عليه وسلم... ولم أتمالك نفسي إلا وأنا أصرخ.. يا حبيبى يا رسول الله صلى الله عليك وسلم ما هذا الضياء وهذا النور وتلك الرحمة التي بين يديك... ما هذه السكينة التي تسبقك.. رسول الله أراه الآن كم تمنيت ذلك وكم ذاب قلبي وأنا في الدنيا لرؤيتك كنت كلما أقوم بعمل سنة من سنتك وتنفيذ أمر من أوامرك أمني نفسي بأنها ستكون زخراً لي وستنفعني في يوم كهذا.

كنت كلما أقول لزوجتي ارتدى الحجاب ولابنتى لا تتبرجي..
أقول في نفسي سيأتي يوم أحتاج هذا.. كنت كلما أحسنت إلى جاري... وأتقنت عملي.. وشاركت المسلمين فى كل مكان أحزانهم وأفراحهم أحدث نفسي أنه حتماً ولابد سيأتي يوم ألقى نتيجة هذا العمل.. وها قد جاء اليوم.. وها أنا ذا أراك يا رسول الله...

ومن هؤلاء الذين حولك كالنجوم وأنت كالقمر... إنهم الصحابة الكرام هاهو ذا أبو بكر.. وعمر.. وعثمان.. وعلى.. وطلحة.. والزبير.. وزيد.. و.. و... ما هذا النور الذي يخرج من ثناياهم.. لم أطق صبراً فأسرعت نحوه صلى الله عليه وسلم وفجأه توقفت... كيف سيعرفني رسول الله صلى الله عليه وسلم...

إنه لم يراني أبداً إن هؤلاء الكرام صحابته وهو يعرفهم .. أما أنا فلم يرني النبى صلى الله عليه وسلم من قبل واحتار عقلي وبلغ الحزن بي مبلغه وخاصة بعد أن وقف النبي الكريم على حوض الكوثر وحوله صحبه الكرام والنبي يسقيهم بيده الشريفة فلا يشعرون بظمأ بعدها أبداً.. وتذكرت ظمئي ساعتها وقلت كيف سيعرفني رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يسقيني من يده الكريمة وفجأة وجدت أعضاء الوضوء مني تضيء وتشرق عندئذ أشرق وجهي نعم إن النبي سيعرفنى من أعضاء الوضوء التي أضاءت ألم يسئل عن ذلك فى الدنيا فأجاب أننا سنكون غراً محجلين من أثر الوضوء عندئذ تقدمت ناحية الحوض .. ماؤه أبيض من اللبن وأحلى من العسل والشوق يقتلني وها أنا أرى أبو بكر يمد له النبي صلى الله عليه وسلم يده الكريمة ليشرب ثم جاء عمر وعلي وباقي الصحابة الكرام ثم تقدمت ولا أستطيع أن أصف حالتي الآن فوجه النبى الآن أمامي.. ثم مد يده ليسقيني..

يا إلهى العظيم من الذى يسقيني؟ رسول الله؟؟؟؟

من أنا حتى يسقيني أشرف الخلق وأكرمهم.. ومن أنا حتى أقف بين هذه الوجوه الكريمة لكنها رحمة ربي وإرادته... وشربت من الحوض.. حوض الكوثر.. تسألني عن طعم هذه الشربة فلن أستطيع
أن أصف لك أبداً.. لكني سأتركك حتى تشربها أنت بنفسك إن شاء الله ثم سمعنا صوت الحق جل وعلا ينادي أين المتحابين في؟
أين المتزاورين في؟
« اليوم أظلهم بظلي يوم لا ظل إلا ظلي »

ووجدت كثيرون يظلهم الله عز وجل بظل عرشه الكريم ويحميهم من هذا الحر الشديد.

2- عتاب وستر وحياء:

ثم أقبل الناس على ربهم... ووضع الميزان وطارت الصحف لتقع في أيدي أصحابها فبين أخذ باليمين وبين أخذ بالشمال وتذكرت وأنا فى الدنيا حينما كنت أنتظر نتيجة نهاية العام وقلبي يكاد يخرج من صدرى من شدة خفقانه... وتوتري وخوفي وقلقي يكاد يفقدني الوعي.

بل إن منا من كان يفقد وعيه فعلاً.. تذكرت هذا ونحن فى الدنيا وحسابنا مع بشر مثلنا لا يملكون ضراً ولا نفعاً حتى وإن فشلنا فهناك فرصة ثانية.

أما اليوم... أما هنا.. فإن المحاسب هو الله... والنتيجة لا رجعة فيها فلا إعاده ولا فرصة ثانية والجزاء خلود فى النار أو خلود فى الجنة ياله
من موقف... وياله من حساب والأمر الأشد أن كل منا سيقف أمام ربه وحده بلا وسيط ولا ترجمان { وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْداً } [مريم: 95]

{ وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ } [الأنعام: 94]

هذا وعد ربنا يتحقق.. ووقفت أمام ربي عبداً ذليلاً ضعيفاً أرجو رحمته وأخشى عذابه ويسألني ربي ما حملك على فعل كذا يوم كذا وما حملك على فعل كذا يوم... ويقتلني حيائي وخجلي... إلهي سيدي ومولاي يا نوركل النور يا غافر كل ذنب ما عصيتك اجتراء
أو تعرضاً وإنما غرني سترك وعفوك فاغفر لي وارحمني...

ويتفضل الرب العظيم بالعفو الكريم... يا عبدي سترتها عليك في الدنيا واليوم أغفرها لك فى الآخرة... وعندئذ ناديت بأعلى صوتي على كل الخلائق:{ هَاؤُمُ اقْرَؤُوا كِتَابِيهْ إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيهْ } [الحاقة: 19-20]

هاهي صحيفتي أيها الخلق جميعاً بيضاء وناصعة البياض من مثلي
اليوم... من فاز مثلي اليوم؟

فى الطريق إلى الجنة:

ثم جائت اللحظة الحاسمة... لحظة المرور على الصراط... وشفاعة الرسول..

تعريف الصراط.. أدق من الشعرة.. وأحد من السيف والناس تمر عليه فبين ناج وبين ناج مخدوش وبين مجندل فى النار والعياذ بالله... كل يعطي نوراً حسب طاعته وطاعته لله عز وجل.
{ يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِم بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ } [الحديد: 12]

والملائكة شعارها فى ذلك (رب سلم سلم) وجاء دوري وأكرمني الله عز وجل بالمرور على صراطه المستقيم حتى إذا ما انتهينا من المرور جاء النبي صلى الله عليه وسلم وأمسك بحلق باب الجنة فحركت ففتحت الأبواب وأصبحت على باب الجنة... والحمد لله رب العالمين.

لقاء على الحوض:
وماذا بعد:
هل شعرت يا أخي بلذة لقاء الحبيب ..هل تمنيت ذلك.. هل حاولت أن تزين صورتك ساعتها أو بمعنى أدق صورة وجهك وهو يقبل على وجه النبي صلى الله عليه وسلم ليشرب تلك الشربة اللذيذة.. بل هل تذكرت نبيك الآن وأنت مازلت فى الدنيا؟
هل تحبه؟
حسناً ماذا قدمت لتبرهن على هذا الحب؟

1- أكثر من الصلاة عليه فالله عز وجل قد صلى عليه من قبلك فقال{ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ } [الأحزاب: 56]
نعم صلى الله عليه الصلاه والسلام والملائكه فى الملأ الأعلى ثم أمرنا أن نصلي عليه فقال:
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً } [الأحزاب: 56]

فلا يفوت يومك إلا وقد صليت عليه ولو عشر مرات ولم لا وهو الذي يقول: « من صلى على صلاة صلى الله بها عليه عشراً » أبو داود والترمذي...

أنت تصلي عليه والله يصلي عليك فأكثر وأزدد وخاصة يوم الجمعة.

2-أكثر من الاستغفار والذكر فإنما هو سلاحك وشفيعك عند ربك ولا تنم قبل أن تستغفر ولو عشر مرات فإن الاستغفار زاد الصالحين وهو مدعاه لستر الله لك فى الآخرة يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.
3
-واجعل النبي صلى الله عليه وسلم قدوتك وأسوتك فى نومك ويقظتك وسكونك وحركتك وأقتفي أثره وسنته قيداً بقيد وشبراً بشبر حتى تستحق لقاء الحوض.

4-وصم يوماً فى سبيل الله تحسباً لطول الموقف العظيم كما يقول النبي صلى الله عليه وسلم: « صم يوماً شديد الحر ليوم النشور وصلي ركعتين فى جوف الليل لظلمة القبور »

اللهم اجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه

نسمة الايمان 15-07-2007 08:47 PM

جزاك الله خيرا اختي الكريمة على الموضوع
بارك الله فيك واثابك الثواب العظيم
اللهم انا نسالك مرافقه نبيك محمد(صلى الله عليه وسلم ) فى الجنه .
اللهم ارزقنا شربه من يده الشريفه شربه لا نظمأ بعدها ابدا .
اللهم اكرمنا بشفاعته يوم العرض عليك.

ندي الاحساس 16-07-2007 07:04 AM

جزاكي الله خيرا ونعك بكم جميعا

أسين 16-07-2007 05:24 PM

بارك الله فيكن وشكرا جزيلا على المرور

youssef0880 16-07-2007 09:34 PM

http://www.mostshark.net/up-pic/uploads/ff4e8d177c.jpg


الساعة الآن : 05:13 PM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 25.83 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 25.55 كيلو بايت... تم توفير 0.28 كيلو بايت...بمعدل (1.07%)]