﴿يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم﴾
﴿يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ﴾ مصطفى مصطفى محمد الدريني يقول الله (تعالى) في كتابه العزيز: ﴿وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [يونس: 12]، فالناس كانوا وما زالوا يتنعمون بنعم الله تعالى العديدة، ناسِين شكرَ الله، ولاهين عن ذكر الله، مالئين الملاهي، ناشرين العُريَ والفسق والإباحية، داعين إلى أفكار فوضوية إلحادية، حتى منهم الذي يلبس غيره ثوبًا إسلاميًّا، ويجعله يقول: خذوا من القرآن كذا، ولا تأخذوا كذا، وخذوا من السنة كذا، ولا تأخذوا كذا، وأهِيلوا التراب على أقوال مالك والشافعي، وأبي حنيفة وابن حنبل، والثوري والأوزاعي، والبخاري ومسلم، ومن تبعهم، وأهيلوا التراب على كل ما اجتهدوا فيه، وكل ما أخذوه من الصحابة والتابعين، وكل ما قالوه أو فعلوه، يقول: تغاضَوا عن كل هذا، وخُذوا عنه دينًا متسيبًا لا يستر عورات، ولا ينصح بسترها، وشعاره الإيمان في القلب، وليس في الملابس والمظاهر، وربك رب قلوبٍ. إن كل بئر تنضح بما فيها، والقلب هو البئر التي في الإنسان، وإذا أسلم القلب حقًّا، نضح ذلك على الجسد؛ فامتثل للشرع وخضع لأوامره، فستر العورات، وأمر بالمعروف، وأنكر المنكرات، وتكلم اللسان بالكلام الطيب المبارك. إن الإنسان كلما ازداد نعيمًا، هانت عليه دماء الناس ورخصت، وافتعل حروبًا يقتل بها الضعفاء والفقراء، وجرَّب في غيره طائراته الحديثة، وأسلحته المدمرة، فكلما كثر عدد القتلى وكثر الدمار، كانت هذه الأسلحة ناجحة. إن الله تعالى لا يرضى عن أفعال الإنسان الإجرامية، ويُرسل إليه من وقت إلى آخر منبهاتٍ تذكِّره بقوته وقدرته، ولقد بعث الله تعالى عليهم منذ سنوات قريبة فيروسًا مما كسبت أيديهم (كورونا)، فأصاب القويَّ منهم قبل الضعيف، والشاب قبل الشيخ، وأصبح ذوو العقول منهم في حيرة، والعلماء عاجزين، ولقد تسبب هذا الفيروس في إغلاق المساجد والمدن، والطرق والمصانع، والمدارس والجامعات، والملاهي والشواطئ، وصار الذعر والخوف والهلع في كل أرجاء الأرض، ولقد ذكَّر هذا كله بقدرة الله تعالى، فانتشر الخوف من الله الجليل، وتلاشى الإلحاد والتضليل، وهدأت المدافع، وبطلت القنابل، وربضت الطائرات، وأُغمدت الأسلحة، وعكف الجميع على اختراع الأمصال. ولما كشف الله تعالى عن الناس الرجز، وانكشفت الغمَّة، لم يستثمروا ما حصل لإصلاح ما أفسدوه، وتحسين حياة الفقراء والضعفاء في كافة أرجاء الأرض، ونشر العدل والتقدم في ربوع الكرة الأرضية، وتفعيل دور المنظمات الدولية التي أُنشئت لخدمة كافة سكان الأرض، بل على العكس عادوا أبشع مما كانوا، وانبروا للقتل والتدمير، ونشر الإلحاد والزنا، والفحش والعري، وعادت الفوضى كما كانت؛ ﴿يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ﴾ [الانفطار: 6]، احذر - أيها الإنسان - فالقادم من الله تعالى أشد. |
الساعة الآن : 04:54 PM |
Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour