ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   الملتقى الاسلامي العام (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=3)
-   -   نهايتان مختلفتان! فأيهما كان سعيدًا؟! (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=31223)

الكَلِمُ الطيب 12-07-2007 08:37 PM

نهايتان مختلفتان! فأيهما كان سعيدًا؟!
 

http://7bna.com/up/uploads/47bd6ffe13.gif

نهايتان مختلفتان! فأيهما كان سعيدًا؟!

بقلم الشيخ الدكتور عبدالسلام الحصين


http://7bna.com/up/uploads/1c270b0752.gif

كان هرقل ملكًا للروم، وعالمًا من علمائهم، متدينًا، عارفًا بالإنجيل، وكان له صاحب من علماء الروم يسكن رومية، وكان هذا العالم عظيمًا في أنفس الروم، حتى إنه ربما كان له من المكانة في نفوسهم أعظم مما لهرقل نفسه.

هذان الرجلان كان لهما موقفان متباينان من دعوة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، مع يقين كل واحد منهما بأنه نبي حقًا، وأنه هو الذي بشر به عيسى عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام.

ولتباين موقفهما اختلفت نهايتهما عند قومهما في الدنيا، واختلف مصيرهما في الآخرة.

روى البخاري عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ بْنَ حَرْبٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ هِرَقْلَ أَرْسَلَ إِلَيْهِ فِي رَكْبٍ مِنْ قُرَيْشٍ، وَكَانُوا تُجَارًا بِالشَّأْمِ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَادَّ فِيهَا أَبَا سُفْيَانَ وَكُفَّارَ قُرَيْشٍ، فَأَتَوْهُ وَهُمْ بِإِيلِيَاءَ، فَدَعَاهُمْ فِي مَجْلِسِهِ، وَحَوْلَهُ عُظَمَاءُ الرُّومِ، ثُمَّ دَعَاهُمْ وَدَعَا بِتَرْجُمَانِهِ، فَقَالَ: أَيُّكُمْ أَقْرَبُ نَسَبًا بِهَذَا الرَّجُلِ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ؟ فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: فَقُلْتُ: أَنَا أَقْرَبُهُمْ نَسَبًا. فَقَالَ: أَدْنُوهُ مِنِّي، وَقَرِّبُوا أَصْحَابَهُ فَاجْعَلُوهُمْ عِنْدَ ظَهْرِهِ، ثُمَّ قَالَ لِتَرْجُمَانِهِ: قُلْ لَهُمْ إِنِّي سَائِلٌ هَذَا عَنْ هَذَا الرَّجُلِ فَإِنْ كَذَبَنِي فَكَذِّبُوهُ، فَوَاللَّهِ لَوْلَا الْحَيَاءُ مِنْ أَنْ يَأْثِرُوا عَلَيَّ كَذِبًا لَكَذَبْتُ عَنْهُ، ثُمَّ كَانَ أَوَّلَ مَا سَأَلَنِي عَنْهُ أَنْ قَالَ: كَيْفَ نَسَبُهُ فِيكُمْ؟ قُلْتُ: هُوَ فِينَا ذُو نَسَبٍ؟ قَالَ: فَهَلْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ مِنْكُمْ أَحَدٌ قَطُّ قَبْلَهُ؟ قُلْتُ: لَا. قَالَ: فَهَلْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مِنْ مَلِكٍ؟ قُلْتُ: لَا. قَالَ: فَأَشْرَافُ النَّاسِ يَتَّبِعُونَهُ أَمْ ضُعَفَاؤُهُمْ؟ فَقُلْتُ: بَلْ ضُعَفَاؤُهُمْ. قَالَ: أَيَزِيدُونَ أَمْ يَنْقُصُونَ؟ قُلْتُ: بَلْ يَزِيدُونَ. قَالَ: فَهَلْ يَرْتَدُّ أَحَدٌ مِنْهُمْ سَخْطَةً لِدِينِهِ بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ؟ قُلْتُ: لَا. قَالَ: فَهَلْ كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ بِالْكَذِبِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَالَ؟ قُلْتُ: لَا. قَالَ: فَهَلْ يَغْدِرُ؟ قُلْتُ: لَا، وَنَحْنُ مِنْهُ فِي مُدَّةٍ لَا نَدْرِي مَا هُوَ فَاعِلٌ فِيهَا. قَالَ: وَلَمْ تُمْكِنِّي كَلِمَةٌ أُدْخِلُ فِيهَا شَيْئًا غَيْرُ هَذِهِ الْكَلِمَةِ. قَالَ: فَهَلْ قَاتَلْتُمُوهُ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: فَكَيْفَ كَانَ قِتَالُكُمْ إِيَّاهُ؟ قُلْتُ: الْحَرْبُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ سِجَالٌ، يَنَالُ مِنَّا وَنَنَالُ مِنْهُ. قَالَ: مَاذَا يَأْمُرُكُمْ؟ قُلْتُ: يَقُولُ اعْبُدُوا اللَّهَ وَحْدَهُ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَاتْرُكُوا مَا يَقُولُ آبَاؤُكُمْ، وَيَأْمُرُنَا بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصِّدْقِ وَالْعَفَافِ وَالصِّلَةِ. فَقَالَ لِلتَّرْجُمَانِ: قُلْ لَهُ: سَأَلْتُكَ عَنْ نَسَبِهِ، فَذَكَرْتَ أَنَّهُ فِيكُمْ ذُو نَسَبٍ، فَكَذَلِكَ الرُّسُلُ تُبْعَثُ فِي نَسَبِ قَوْمِهَا، وَسَأَلْتُكَ هَلْ قَالَ أَحَدٌ مِنْكُمْ هَذَا الْقَوْلَ، فَذَكَرْتَ أَنْ لَا، فَقُلْتُ لَوْ كَانَ أَحَدٌ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ قَبْلَهُ لَقُلْتُ رَجُلٌ يَأْتَسِي بِقَوْلٍ قِيلَ قَبْلَهُ، وَسَأَلْتُكَ هَلْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مِنْ مَلِكٍ، فَذَكَرْتَ أَنْ لَا، قُلْتُ فَلَوْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مِنْ مَلِكٍ قُلْتُ رَجُلٌ يَطْلُبُ مُلْكَ أَبِيهِ، وَسَأَلْتُكَ هَلْ كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ بِالْكَذِبِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَالَ، فَذَكَرْتَ أَنْ لَا، فَقَدْ أَعْرِفُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِيَذَرَ الْكَذِبَ عَلَى النَّاسِ وَيَكْذِبَ عَلَى اللَّهِ، وَسَأَلْتُكَ أَشْرَافُ النَّاسِ اتَّبَعُوهُ أَمْ ضُعَفَاؤُهُمْ، فَذَكَرْتَ أَنَّ ضُعَفَاءَهُمْ اتَّبَعُوهُ، وَهُمْ أَتْبَاعُ الرُّسُلِ، وَسَأَلْتُكَ أَيَزِيدُونَ أَمْ يَنْقُصُونَ، فَذَكَرْتَ أَنَّهُمْ يَزِيدُونَ، وَكَذَلِكَ أَمْرُ الْإِيمَانِ حَتَّى يَتِمَّ، وَسَأَلْتُكَ أَيَرْتَدُّ أَحَدٌ سَخْطَةً لِدِينِهِ بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ، فَذَكَرْتَ أَنْ لَا، وَكَذَلِكَ الْإِيمَانُ حِينَ تُخَالِطُ بَشَاشَتُهُ الْقُلُوبَ، وَسَأَلْتُكَ هَلْ يَغْدِرُ، فَذَكَرْتَ أَنْ لَا، وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ لَا تَغْدِرُ، وَسَأَلْتُكَ بِمَا يَأْمُرُكُمْ، فَذَكَرْتَ أَنَّهُ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَيَنْهَاكُمْ عَنْ عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ، وَيَأْمُرُكُمْ بِالصَّلَاةِ وَالصِّدْقِ وَالْعَفَافِ، فَإِنْ كَانَ مَا تَقُولُ حَقًّا فَسَيَمْلِكُ مَوْضِعَ قَدَمَيَّ هَاتَيْنِ، وَقَدْ كُنْتُ أَعْلَمُ أَنَّهُ خَارِجٌ، لَمْ أَكُنْ أَظُنُّ أَنَّهُ مِنْكُمْ، فَلَوْ أَنِّي أَعْلَمُ أَنِّي أَخْلُصُ إِلَيْهِ، لَتَجَشَّمْتُ لِقَاءَهُ، وَلَوْ كُنْتُ عِنْدَهُ لَغَسَلْتُ عَنْ قَدَمِهِ.


تأمل هذه المحاورة، والأسئلة التي ألقاها هرقل على أبي سفيان، وكيف اكتشف أن هذا الرجل الذي خرج في قريش نبي حقًا، وأنه هو الذي بشر به عيسى، مع أنه لم يره، وإنما سمع من عدوه وصفه وما يدعو إليه!
ومع هذه المعرفة، وما وقع فيه قلبه من صدق محمد صلى الله عليه وسلم، وأنه هو الذي بشر به عيسى صلى الله عليه وسلم، لم يسلم هرقل، ولكنه كَتَبَ إِلَى صَاحِبه بِرُومِيَةَ، يسأله عن أمر محمد صلى الله عليه وسلم، فأَتَاهُ كِتَابٌ مِنْ صَاحِبِهِ يُوَافِقُ رَأْيَ هِرَقْلَ عَلَى خُرُوجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَنَّهُ نَبِيٌّ.


فماذا فعل هرقل، وماذا فعل صاحبه؟


أما صاحبه العالم، فإنه قال: هذا والله الذي بشرنا به موسى وعيسى، هذا الذي كنا ننتظر، وإني مصدقه ومتبعه، فدخل فألقى ثيابًا سودًا كانت عليه، ولبس ثيابًا بيضًا، ثم أخذ عصاه، فخرج على الروم في الكنيسة، فقال: يا معشر الروم إنه قد جاءنا كتاب من أحمد يدعونا فيه إلى الله، وإني أشهد ألا إله إلا الله، وأن أحمد عبده ورسوله، فوثبوا إليه وثبة رجل واحد فضربوه، حتى قتلوه( 1).

أما هرقل فلما رأى ما فعل الروم بصاحبه، وكان أعظم في نفوسهم من هرقل نفسه، خاف على نفسه، وآثر الحياة الدنيا، وأراد أن يعرف موقف قومه من تصديقه بمحمد صلى الله عليه وسلم، فَأَذِنَ لِعُظَمَاءِ الرُّومِ فِي دَسْكَرَةٍ لَهُ بِحِمْصَ، ثُمَّ أَمَرَ بِأَبْوَابِهَا فَغُلِّقَتْ، ثُمَّ اطَّلَعَ فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الرُّومِ هَلْ لَكُمْ فِي الْفَلَاحِ وَالرُّشْدِ، وَأَنْ يَثْبُتَ مُلْكُكُمْ، فَتُبَايِعُوا هَذَا النَّبِيَّ؟ فَحَاصُوا حَيْصَةَ حُمُرِ الْوَحْشِ إِلَى الْأَبْوَابِ، فَوَجَدُوهَا قَدْ غُلِّقَتْ، فَلَمَّا رَأَى هِرَقْلُ نَفْرَتَهُمْ، وَأَيِسَ مِنْ الْإِيمَانِ، قَالَ: رُدُّوهُمْ عَلَيَّ، وَقَالَ: إِنِّي قُلْتُ مَقَالَتِي آنِفًا أَخْتَبِرُ بِهَا شِدَّتَكُمْ عَلَى دِينِكُمْ، فَقَدْ رَأَيْتُ، فَسَجَدُوا لَهُ وَرَضُوا عَنْهُ، فَكَانَ ذَلِكَ آخِرَ شَأْنِ هِرَقْلَ(2 ).
نهايتان متغايرتان؛ الأول عضوه وضربوه، حتى قتلوه، والثاني سجدوا له وعظموه، فأيهما كان سعيدًا؟
هل خسر هرقل أم ربح؟ هل كانت نهايته سعيدة؟ وهل خسر العالم أم ربح؟ وهل كان سعيدًا؟
قد انتهى ملك هرقل الذي خشي على زواله، وزال معه النعيم والترف الذي كان يعيش فيه، وذهب الألم والذل الذي وقع بصاحبه العالم.

إن النظر في عواقب الأمور ينجي من الهلكة، والاتعاظ بقصص الماضين يوقظ من الغفلة، ولا خير فيمن لا يتعظ إلا بعد أن يرى عاقبة أمره، ولا يكتشف الحقيقة إلا بعد فوات الأوان، كما قال تعالى {فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ (84) فَلَمْ يَكُ يَنفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ (85)} [سورة غافر 40/84-85].
==============
( 1) هذه الزيادة ليست في صحيح البخاري، ولكن رواها ابن جرير في تاريخه عن محمد بن إسحاق.
( 2) هذه الرواية في صحيح البخاري.



http://7bna.com/up/uploads/be0e992736.gif

أم عبد الله 09-05-2009 02:09 PM

رد: نهايتان مختلفتان! فأيهما كان سعيدًا؟!
 
بارك الله في حضرتك على النقل المبارك

ونسأله سبحانه ان يحسن خاتمتنا

الكَلِمُ الطيب 13-05-2009 02:19 PM

رد: نهايتان مختلفتان! فأيهما كان سعيدًا؟!
 

http://7bna.com/up/uploads/47bd6ffe13.gif

أم عبد الله

http://7bna.com/up/uploads/1c270b0752.gif

شرف الموضوع بتشريفكم
وتعليقكم الطيب المبارك
لاحرمنا الله مداد أقلامكم الطيبة
وفيض كلماتكم العبقة

http://7bna.com/up/uploads/be0e992736.gif

نفسى افرح 21-05-2010 12:48 AM

رد: نهايتان مختلفتان! فأيهما كان سعيدًا؟!
 
بوركت على هذا النقل الرائع
أسأل الله عز وجل أن يختم بالباقيات الصالحات اعمالنا وأن يجعل أخر كلامنا من الدنيا لاإله الا الله جزاك الله خير الجزاء ياشيخ عدنان

الكَلِمُ الطيب 12-07-2010 11:41 AM

رد: نهايتان مختلفتان! فأيهما كان سعيدًا؟!
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نفسى افرح (المشاركة 949765)
بوركت على هذا النقل الرائع
أسأل الله عز وجل أن يختم بالباقيات الصالحات اعمالنا وأن يجعل أخر كلامنا من الدنيا لاإله الا الله جزاك الله خير الجزاء ياشيخ عدنان



http://www.up.w7s7.com/up2/uploads/i...90db736248.png




شكرا لتشريفكم ولطيب تعليقكم



لاحرمك الله الأجر
وبنى الله لك في الجنة قصر






الساعة الآن : 03:31 AM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 14.78 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 14.47 كيلو بايت... تم توفير 0.31 كيلو بايت...بمعدل (2.09%)]