مع القاضي العمراني
مع القاضي العمراني عامر الخميسي كتبَ لي مذكرات بخط يده هي سلافة الدهر ورحيق الفكر، فقد كنتُ أكتب له السؤال وأترك سطرين فارغين أو ثلاثة بحسب السؤال، فيجيب وهكذا حتى أتيتُ على دفترين هما عندي سكر الدفاتر وطيب الأوراق وزبدة الفكرة وحلية الدراسة، ولا أدري أبقيت بين كتبي في جامعة الإيمان أم عبث بها التتار عند احتلالهم لها أو بين دفاتري في عدة بيوت في صنعاء أو في منزلنا في الريف. من يأتي إليَّ الآن بخبرهما؟! وكيف أصل إليهما؟! وبيني وبينهما أمواج البحار وفيافي القفار ودونهما عرض المهامه! ولله تلك الأيام وهو يهش ويبش إذا رآني ويقول: أين دفترك؟ ويخرج قلمه. ولا أنسى مرات عديدة يأمرني بالركوب معه عند إكمال درسه في الجامعة ثم ننطلق مسافة عشرين دقيقة تقل أو تزيد من الجامعة إلى البيت فلا نصل إلا وقد كتب لي ثلاث صفحات أو أربع. ثم أعتكف في مسجده إلى أذان المغرب وليس لي من شغل إلا أن يكتب لي ما تيسَّر من تلك السطور المضيئة التي تشرق فيَّ إلى أن ألقاه مرة أخرى، فقد كانت زادي وقوتي.. وفيها من الفوائد والدُّرَر والنصائح والفتاوى في نوازل كثيرة عصرية وعصارات فكرية ما يشفي غلة الفؤاد. وقد كتبتُ عنه بعض الذكريات والمواقف في كتابي "قطوف الريحان" وبين الحين والآخر أتحسَّر على تلك الذكريات. يقيني أن الله لن يضيع ذلك الجهد، إن كان فيه إخلاص سيعود طال الزمن أم قصر، وإن كان فارغًا من الإخلاص عسى الله أن يعوِّضني ويتوب عليَّ. يا رب أستغفرك، لقد كنت أفتح تلك الدفاتر وأكحل عيني بتلك الحروف المخطوطة التي تضيء لي الحياة وأردِّد: لمَّا قرأتك في فؤادي لم أجد https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif إلا حروفَ الحب في أعماقي https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif ورجعت أقرأ ما تضمُّ دفاتري https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif فإذا بروحك أنت في أوراقي https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif لمَّا سألتُ، أجاب قلبي: لا تسَلْ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif عما أحسُّ به من الأشواقِ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif |
الساعة الآن : 04:49 AM |
Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour