ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   رمضانيات (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=23)
-   -   رحيل رمضان (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=310642)

ابوالوليد المسلم 12-01-2025 10:06 PM

رحيل رمضان
 
رحيل رمضان

د. فهد القرشي

أيها المسلمون، ما أصعب الرحيل؟
أيام ويرحل، ساعات ويمضي، لحظات وتُطوى صفحات رمضان كطيِّ السجل للكتب، سيرحل هذا الشهر أيها الصائمون، سيرحل كأن لم يكن:
بكَتِ القلوب على وداعك حرقةً https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
كيف العيون إذا رحلت ستفعلُ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif


قال ابن رجب رحمه الله: "كيف لا تجري للمؤمن على فراق رمضان دموعٌ، وهو لا يدري هل بقِيَ له في عمره إليه رجوع".

سيرحل رمضان، فهل سيرحل الصيام؟ هل سنطوي مع آخر يومٍ فيه آخرَ صفحة من القرآن؟ إذا غادر رمضان، فهل سنغادر المسجد؟

أيها الصائمون:
لقد عملنا في رمضان، فماذا عمِل رمضان فينا؟ ما هو الأثر الباقي فينا من بركات هذا الشهر وخيراته ونفحاته؟ لا تودِّع رمضانَ، بل اصحبه واصطحبه معك لباقي العام، لم يكن رمضان شهرًا، إنما كان منهجًا وأسلوبَ حياة، رمضان كان الولادة التي ستعيش عليها باقي العام، إذا كانت ولادتك من بطن أمك في الشهر التاسع، فرمضان هو الشهر التاسع من كل عام فاجعل لك فيه ميلادًا جديدًا، أفْسِحْ لرمضان الطريقَ، وامنحه المجال ليحيا معك وبك طول العام.

تخلص - أيها الكريم - من أغلالك، وحطِّم قيودك التي صرفتك عن مولاك، وجعلتك تسير بقلب مشغول عن الهدى الحقيقي؛ ﴿ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى [البقرة: 120].

أعِدِ النظر في طريقة حياتك، واعرضها على: ﴿ مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ [الشورى: 20].

ناقش آراءك ووجهات نظرك، وصوبها بـ: ﴿ إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ [الإسراء: 9].

اعْرِضْ أخلاقك وتصرفاتك ومعاملتك للآخرين على: ﴿ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ [آل عمران: 134].

قِسْ عباداتك وطاعاتك بميزان: ﴿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ * أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [المؤمنون: 1 - 11].

تحسَّس لِينَ قلبك ووجلَه وخشيته بـ: ﴿ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ [الأنفال: 2].

راقِبْ نفسك في وظيفتك ومهماتك ومسؤولياتك، وصحِّحها بـ: ﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا [الأحزاب: 72].

فتِّش في خبايا أوقاتك، وزوايا خلواتك، واصقلها بـ: ﴿ يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا [النساء: 108]، وقوله صلى الله عليه وسلم: ((لأعلمَنَّ أقوامًا من أُمَّتي يأتون يوم القيامة بحسنات أمثال جبال تِهامة بِيضًا، فيجعلها الله عز وجل هباءً منثورًا، قال ثوبان: يا رسول الله، صِفْهم لنا، جلِّهم لنا ألَّا نكون منهم ونحن لا نعلم، قال: أمَا إنهم إخوانكم، ومن جِلدتكم، ويأخذون من الليل كما تأخذون، ولكنهم أقوامٌ إذا خَلَوا بمحارم الله انتهكوها)).
دمعٌ تناثر بل قل مسبل هطل https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
والقلب من حسرة مستوحشٌ وَجِل https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
ودِّع حبيبك شهر الصوم شهر تقًى https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
وهل تطيق وداعًا أيها الرجل https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
شهر حباه إله العرش مكرُمةً https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
فيرحم الله من ضاقت به السبل https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
وفيه مغفرة للتائبين ومن https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
زلَّت به قدم حافٍ ومنتعل https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
والعتق من شعلة النيران مكرمة https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
لمن يمد يدًا يدعو ويبتهل https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
هو الرؤوف بنا هل خاب ذو أمل https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
يدعو رحيمًا بقلب ذله الخجل https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
سبحانه يده ممدودة كرمًا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
ويشهد الليل والإصباح والأُصُل https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
شهر الدعاء: هل الأقدار تجمعنا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
أم اللقاء سيأتي قبله الأجل؟ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
فكم تمنى أناس صاحِ رؤيتكم https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
فحال من دونها مستفحل عَجِل https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
فالله أعطاك من إفضاله مِننًا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
فأنت أفضل من أندادك الأُوَل https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
وفيك يا سيدي الخيرات فائضة https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
دنيا ودينًا وفيك الجود مكتمل






ابوالوليد المسلم 12-01-2025 10:07 PM

رد: رحيل رمضان
 
شهر تنزَّل أملاك السماء به https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
إلى صبيحته لم تُثْنِها العِلَل https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
فليلة القدر خيرٌ لو ظفِرت بها https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
من ألف شهر وأجر ما له مثل https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
ودِّع حبيبك شهر الذكر ليس له https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
ندٌّ سيبقى فطوبى للألى بذلوا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
وأكثروا من قيام الليل وانتظموا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
في سلك أهل التقى فالمهتدي بطل https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
ربَّاه ذنبي كغول بات يخنقني https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
ومَن مِن الخلق هذا الغول يحتمل https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
شهر الصيام إلهَ العرش مرتحل https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
وكل ذنب صغير دونه الجبل https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
فجُدْ بعفو وتوفيق فليس لنا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
سواك يرحمنا فالمحتوى جلل https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
وأنت أنت إله العرش ذو كرم https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
من حاز منك رضًا ما ضره زَلَل https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

أيها الصائمون:
إن من علامات قبول الحسنة الحسنةَ بعدها، لِدوا ميلادًا جديدًا بعد هذا الشهر، لا تنكِصوا على أعقابكم، زِيدوا في أعمالكم الصالحة، اجعلوا هذا الشهر محطة للتزود لباقي العام، حافِظْ على السنن الرواتب، صلِّ الوتر كل ليلة، حافظ على أذكار بعد الصلوات، كُنْ من أهل الصف الأول، اختم القرآن كل شهر، صُمْ ثلاثة أيام من كل شهر، تصدَّق ولو بالقليل، صِلْ مَن قَطَعَك، سامح من أخطأ في حقِّك، شارك في أعمال الخير، احفظ سمعك وبصرك ولسانك، كرِّرِ التوبة، أكثر من الاستغفار، اذكر ربك وابْكِ على خطيئتك، عامِلِ الخَلْقَ بإحسان، ابتعد عن أماكن اللغو، طهِّر أموالك من الحرام، احفظ أهل بيتك من الزَّلَلِ، صحِّح نيتك، إلى ما لا نهاية من أعمال القلوب والجوارح أيها الموفَّق، المهم أن يكون لرمضان أثرٌ فيك، وأن ترحل منه بعمل صالح يستمر معك طوال العام، وهكذا في كل عام تصعد في درجات التقوى حتى يحبك الله: ((ولا يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أُحِبَّه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصرَه الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه))؛ [رواه البخاري].

أيها الصائمون:
إن ديننا عظيم، وإسلامنا قويم، لا تتخطَّفكُمُ الأهواء والآراء التي تتنفس الدنيا، وتنسى الآخرة، ولا يغوينكم الشيطان ببهرجات وأوهام وتضليلات تصدكم عن ذكر الله، امنحوا أنفسكم راحتها من خلال توجيهات خالقها، لا تبحثوا عن السعادة بعيدًا عن الوحي؛ قال تعالى: ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً [النحل: 97]، ودِّعوا شهرَكم بنية وعزم على الصلاح والتقوى، والبر والإحسان، وإني أقسم لكم بالله غيرَ حانث أنكم ستَرَون سعادة وطمأنينة، ورضًا في أنفسكم وأموالكم، وزوجاتكم وذراريكم، فتعاملوا مع الله بصدقٍ؛ وهو القائل: ((ومن تقرب مني شبرًا تقربت منه ذراعًا، ومن تقرب مني ذراعًا تقربت منه باعًا، ومن أتاني يمشي أتيته هرولةً، ومن لقيني بقُراب الأرض خطيئةً، لا يشرك بي شيئًا، لقِيتُه بمثلها مغفرةً)).



الساعة الآن : 01:09 PM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 19.85 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 19.72 كيلو بايت... تم توفير 0.14 كيلو بايت...بمعدل (0.68%)]