أغار عليه من أمه !
أغار عليه من أمه ! محمد رشيد العويد قالت لي تروي ما حدث من خلاف بينها وبين زوجها : اعتدنا أن نقوم ، أنا وزوجي ، بزيارة أسبوعية لأهله ، وفي آخر زيارة قمنا بها بادر زوجي إلى وضع رأسه في حضن أمه وهو يقول : مضى زمن طويل لم أضع فيه رأسي في حضنك . تضايقت من تصرف زوجي ، فهو ليس صغيراً ، لقد تجاوز الأربعين من عمره ، ولا أخفي عنكم أنني شعرت بالغيرة من أمه ، لكنني لم أظهر شيئاً من هذه الغيرة ، وكتمتها في نفسي ، وبقيت صامتة وكأنني غير مكترثة . لما عدنا إلى البيت قلت لزوجي : ألم تنتبه إلى تصرفك اليوم في بيت أهلك ؟ سألني : أي تصرف ؟ قلت : ألا تذكر ماذا فعلت ؟ قال : لا أذكر شيئاً . ماذا تقصدين ؟ قلت : وضعت رأسك في حضن أمك ! صرخ مستنكراً غاضباً : أنت مجنونة ! هذه أمي وأنا ابنها ! ماذا في هذا ؟! فاجأني غضبه فأردت أن أهدئه فقلت : أغار عليك . زاد غضبه وهو يقول : مِنْ أمي !! واشتعل شجار حاد بيننا ، أنا أكيل له التهم ، وهو يرد عليَّ بمثلها ، كل منا يرى الآخر مخطئاً في حقه . ولما وجدت أن لا فائدة من مواصلة النقاش قلت له : ما رأيك في أن نعرض خلافنا على من يحكم فيه إن كان الحـق معي أم معك ؟ فوافق على الفور . وها أنذا أعرض عليك ما كان بيننا من خلاف لتحكم لنا فيه . قلت لها : - الحق عليكما معاً ، فكلاكما أخطأ في التصرف . أنت أخطأت حين أفصحت عما ثار في نفسك من غيرة ، فقد كان عليك أن تتجاهليها ، وتصرفيها عن نفسك ، وتنسيها . فإن لم تنجحي في هذا فقد كان عليك أن تستعيني بالله تعالى عبر الدعاء إليه سبحانه أن يشرح صدرك ، ويطفئ ما اشتعل فيه من غيرة ، وينزل عليك السكينة . كذلك كان عليك أن تستعيذي به سبحانه من الشيطان الرجيم الذي أراد إثارة تلك الغيرة في نفسك ليوقع بينك وبين زوجك . وكان عليك أيضاً أن تحاكمي ما فعله زوجك بعقلك لتدفعي به ما ثار فيك من غيرة بمخاطبتك لنفسك : ليس لي حق في هذه الغيرة . هذه أمه ومن حقه أن يتقرب منها ويغرف من حنانها وحبها وعطفها . أما زوجك فقد كان عليه أن يستقبل إفصاحك عن غيرتك بالابتسام والضحك وهو يقول – مثلاً - : الله يهديـك ؛ أمن أمي تغارين !؟ كم تحبينني إذن . الغيرة الشديدة دليل محبة شديدة . وجميل أن يُتبع كلماته هذه بضمك إلى صدره ، ومسحه على شعرك ، وتربيته على كتفك . ونصيحتي إلى كل زوجة : خففي من غيرتك ، خففي من غيرتك قدر ما تستطيعين ، ولا تدعي الشيطان يتسلل من خلال الغيرة ليثير خلافك مع زوجك . ونصيحتي إلى كل زوج : استقبل غيرة زوجتك بصدر واسع ، وحلم كبير ، واستحضر أن شدة غيرتها تشير إلى شدة محبتها . |
الساعة الآن : 12:27 AM |
Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour