ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   رمضانيات (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=23)
-   -   إذا رأى الهلال أهل بلد لزم الناس كلهم الصوم (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=302109)

ابوالوليد المسلم 07-03-2024 02:31 PM

إذا رأى الهلال أهل بلد لزم الناس كلهم الصوم
 
إذا رأى الهلال أهل بلد لزم الناس كلهم الصوم
يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف





قالَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللهُ-: "وَإِنْ رَآهُ أَهْلُ بَلَدٍ لَزِمَ النَّاسَ كُلَّهُمُ الصَّوْمُ، وَيُصامُ بِرُؤْيَةِ عَدْلٍ وَلَوْ أُنْثَى".


هُنَا ذَكَرَ -رَحِمَهُ اللهُ- مَسْأَلَتَيْنِ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَوْلُهُ: (وَإِنْ رَآهُ أَهْلُ بَلَدٍ لَزِمَ النَّاسَ كُلَّهُمُ الصَّوْمُ).

وَالْمَعْنى: مَتَى ثَبَتَتْ رُؤْيَتُهُ بِبَلَدٍ لَزِمَ النَّاسَ كُلَّهُمُ الصَّوْمُ.

وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ قَدِ اخْتَلَفَ فِيهَا الْعُلَماءُ عَلَى قَوْلَيْنِ:
الْقَوْلُ الْأَوَّلُ: إِذَا رُؤِيَ الْهِلالُ فِي بَلَدٍ لَزِمَ النَّاسَ كُلَّهُمُ الصِّيَامُ.

وَهَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْحَنابْلَةِ، وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهورِ[1]؛ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: «صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ، وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ»[2]، وَهُوَ خِطابٌ لِلْأُمَّةِ كافَّةً.

الْقَوْلُ الثَّانِي:إِذَا اخْتَلَفَتِ الْمَطالِعُ فَلِكُلِّ بَلَدٍ رُؤْيَتُهُ[3]؛ لِحَديثِ كُرَيْبٍ الَّذِي رَواهُ مُسْلِمٌ: أَنَّ أُمَّ الْفَضْلِ بِنْتَ الْحَارِثِ بَعَثَتْهُ إِلَى مُعَاوِيَةَ بِالشَّامِ، قَالَ: فَقَدِمْتُ الشَّامَ، فَقَضَيْتُ حَاجَتَهَا، وَاسْتُهِلَّ عَلَيَّ رَمَضَانُ وَأَنَا بِالشَّامِ، فَرَأَيْتُ الْهِلَالَ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ، ثُمَّ قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ فِي آخِرِ الشَّهْرِ، فَسَأَلَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا-، ثُمَّ ذَكَرَ الْهِلَالَ فَقَالَ: مَتَى رَأَيْتُمُ الْهِلَالَ؟ فَقُلْتُ: رَأَيْنَاهُ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ، فَقَالَ: أَنْتَ رَأَيْتَهُ؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ، وَرَآهُ النَّاسُ، وَصَامُوا وَصَامَ مُعَاوِيَةُ، فَقَالَ: لَكِنَّا رَأَيْنَاهُ لَيْلَةَ السَّبْتِ، فَلَا نَزَالُ نَصُومُ حَتَّى نُكْمِلَ ثَلَاثِينَ، أَوْ نَرَاهُ، فَقُلْتُ: أَوَ لَا تَكْتَفِي بِرُؤْيَةِ مُعَاوِيَةَ وَصِيَامِهِ؟ فَقَالَ: لَا، هَكَذَا أَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-»[4].

فَدَلَّ هَذَا الْحَدِيثُ: عَلَى أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا-لَمْ يَأْخُذْ بِرُؤْيَةِ أَهْلِ الشَّامِ، وَأَخْبَرَ أَنَّهُ يَصُومُ وَيُفْطِرُ حَسَبَ رُؤْيَةِ أَهْلِ بَلَدِهِ، وَأَخْبَرَ أَنَّ ذَلِكَ هُوَ أَمْرُ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- لَهُمْ، فَيُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ أَهْلَ بَلَدٍ مَا أَنْ يَعْلُمَوا بِرُؤْيَةِ أَهْلِ بَلَدٍ آخرَ.

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَوْلُهُ:(وَيُصامُ بِرُؤْيَةِ عَدْلٍ وَلَوْ أُنْثَى).


وَالْمَعْنى أَنَّ شَهْرَ رَمَضانَ يُصامُ إِذَا رَآهُ شَخْصٌ واحِدٌ وَلَوْ أُنْثَى، لَكِنْ شَريطَةَ أَنْ يَكونَ الرَّائِي عَدْلًا. وَالْعَدْلُ هُوَ: الَّذِي يَجْتَنِبُ كَبائِرَ الذُّنوبِ، وَلَا يُصِرُّ عَلَى الصَّغائِرِ[5]. وَقَدْ أَشارَ بَعْضُ الْعُلَماءِ إِلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ[6]:
الْعَدْلُ مَنْ يَجْتَنِبُ الْكَبائِرَا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
وَيَتَّقِي فِي الْأَغْلَبِ الصَّغائِرَا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif


وَهَلْ يُشْتَرَطُ تَعَدُّدُ الشُّهودِ؟


اخْتَلَفَ الْعُلَماءُ فِي هَذِهِ الْمَسْألَةِ عَلَى قَوْلَيْنِ:
الْقَوْلُ الْأَوَّلُ: أَنَّهُ يُكْتَفَى بِرُؤْيَةِ الْواحِدِ.

وَهَذَا الْمَذْهَبُ عندَ الْحَنابِلَةِ، وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهورِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ، وَالشَّافِعِيَّةِ[7]، وَهُوَ الَّذِي اخْتارَهُ ابْنُ بَازٍ، وَابْنُ عُثَيْمِينَ -رحمهما الله-[8].

وَاسْتَدَلُّوا لِذَلِكَ:
بِمَا رَواهُ أَبُو داوُدَ، وَهُوَ صَحيحٌ مِنْ حَديثِ ابْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- قالَ: «تَرَاءَى النَّاسُ الْهِلَالَ، فَأَخْبَرْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- أَنِّي رَأَيْتُهُ فَصَامَهُ، وَأَمَرَ النَّاسَ بِصِيَامِهِ»[9].

- وبِمَا أَخْرَجُهُ أَهْلُ السُّنَنِ مِنْ حَديثِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- قال: «جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-، فَقَالَ: إِنِّي رَأَيْتُ الْهِلَالَ، فَقَالَ: أَتَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: أَتَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: يَا بِلَالُ، أَذِّنْ فِي النَّاسِ فَلْيَصُومُوا غَدًا»[10].

الْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ شاهِدَيْنِ.

وَهَذَا مَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ، وَقَوْلُ الشَّافِعِيَّةِ[11].

مَسْأَلَةٌ: اخْتَلَفَ الْعُلَماءُ فِي ثُبُوتِ الشَّهْرِ بِرُؤْيَةِ امْرَأَةٍ واحِدَةٍ عَلَى قَوْلَيْنِ:
الْقَوْلُ الْأَوَّلُ: أَنَّهُ يَثْبُتُ دُخولُ الشَّهْرِ بِرُؤْيَةِ امْرَأَةٍ؛ لِأَنَّ هَذَا خَبَرٌ دِينِيٌّ يَسْتَوِي فِيهِ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى.


وَهَذَا الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْحَنابِلَةِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ[12].


الْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ دُخولُ الشَّهْرِ بِرُؤْيَةِ الْمَرْأَةِ؛ لِأَنَّ هَذَا الْمَقامَ مِمَّا يَخْتَصُّ بِهِ وَيُشاهِدُهُ الرِّجالُ، وَلِأَنَّهُمْ أَعْلَمُ بِهَذَا الْأَمْرِ وَأعْرَفُ بِهِ.


وَهَذَا مَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ، وَالشَّافِعِيَّةِ[13].

[1] وهذا مذهب الجمهور من: الحنفية، والمالكية، والشافعية في قول، والحنابلة. ينظر: فتح القدير، للكمال (2/ 313)، والذخيرة، للقرافي (2/ 490)، والمجموع، للنووي (6/ 273)، والمغني، لابن قدامة (3/ 107).

[2] تقدم تخريجه قريبًا.

[3] وهذا قول بعض الحنفية، وهو الصحيح عند الشافعية. ينظر: فتح القدير، للكمال (2/ 313)، والمجموع، للنووي (6/ 273). وهذا القول رجحه الصنعاني، وابن عثيمين، رحمهما الله. ينظر: سبل السلام (1/ 559)، والشرح الممتع (6/ 310). وهو الذي: قررته هيئة كبار العلماء، وأفتى به المجمع الفقهي الإسلامي. ينظر: توضيح الأحكام، للبسام (3/ 454، 455).

[4] أخرجه مسلم (1087).

[5] انظر: فتح القدير، للكمال (7/ 412).

[6] هذا البيت لابن عاصم في تحفة الحكام (ص: 23).

[7] انظر: شرح مختصر الطحاوي، للجصاص (2/ 453)، والمجموع، للنووي (6/ 277، 282)، والمغني، لابن قدامة (3/ 164).

[8] انظر: مجموع فتاوى ابن باز (15/ 61)، والشرح الممتع (6/ 312).

[9] أخرجه أبو داود (2342)، وصححه ابن حبان (3447)، والحاكم في المستدرك (1541)، وابن الملقن في البدر المنير (5/ 647).

[10] أخرجه أبو داود (2340)، والترمذي (691)، والنسائي (2113)، وابن ماجه (1652)، وصححه ابن خزيمة (1923)، وابن حبان (3446).

[11] انظر: المدونة (1/ 267)، والمجموع، للنووي (6/ 277).

[12] انظر: شرح مختصر الطحاوي، للجصاص (2/ 453).

[13] انظر: المدونة (1/ 267)، والمجموع، للنووي (6/ 284).






الساعة الآن : 04:41 AM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 13.17 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 13.08 كيلو بايت... تم توفير 0.09 كيلو بايت...بمعدل (0.71%)]