ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   فلسطين والأقصى الجريح (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=79)
-   -   دماء وأشلاء على طريق النصر (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=299358)

ابوالوليد المسلم 22-11-2023 08:05 PM

دماء وأشلاء على طريق النصر
 
دماء وأشلاء على طريق النصر (1)



كتبه/ حسن حسونة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فقد اخترت هذا العنوان ونحن نتابع منذ أكثر من شهر هذه المأساة المروعة، والنكبة الفظيعة على إخواننا في فلسطين المباركة، برك من الدماء وقطع وأشلاء، بيوت تتهدم على أصحابها، طائرات تَصبُ جِسام غضبها على الرضيع، ودبابات تقذف بشظاياها على النّساءِ والشيوخ، حتى الملاجئ لم تَسلم، ولا المستشفيات والمدارس كذلك!
من الفاعلون؟!
إنهم اليهود؛ قَتلةُ الأنبياء، قتلوا يحيي وزكريا -عليهما السلام-، وأرادوا قتل عيسى ومحمد -عليهما السلام-، لكن الله عصمهما!
هم أهل الفساد في الأرض ومسعرو الحرب، كما وصفهم القرآن؛ يقتلون ولا يُبالون؛ لأنهم يعتقدون أنهم لا إثم عليهم في ذلك.
فعزاؤنا لإخواننا في فلسطين: أن هذا بقضاء الله وقدره، وما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن.
عزاؤنا: لهم في قوله -تعالى-: (‌وَلَا ‌تَهِنُوا ‌وَلَا ‌تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (آل عمران: 139).
عزاؤنا: في قوله -تعالى-: (‌إِنْ ‌تَكُونُوا ‌تَأْلَمُونَ ‌فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ) (النساء: 104).
عزاؤنا: في أن قتلانا من أهل الإسلام في الجنة، وقتلى هؤلاء الكفار في النار.
لكن يجب علينا أن نعلم أنهم في نصر، وقد يسأل سائل ويقول: كيف مع هذا القتل والتدمير، والابتلاء الشديد في نصر؟!
نقول: نعم!
لأن النصر ليس نوعًا واحدًا -كما يظنه البعض- هو: الغلبة على العدو وهزيمتهم في ساحة المعركة، فهذا نوعٌ، وهناك أنواع أخرى غيره، منها: نصرُ العِزِّ والتمكين، كما نصر الله داود وسليمان -عليهما السلام-، وأخبر الله أنه آتاهما الملك والحكمة، وكما نصر الله موسى -عليه السلام- على فرعون وجنوده، ونصر الله رسوله -صلى الله عليه وسلم- وأظهره على المشركين؛ فما تُوفي النبي -صلى الله عليه وسلم- حتى خرج الإسلام عن جزيرة العرب، واستكمل أصحابه الفتح المبين؛ فهذا نوعُ آخر.
وأيضًا: نصر الثبات على الحق، فيضحي العبد بروحه وبدنه؛ حماية لدينه وعرضه وأرضه، وهذا النوع يَشهدُ له قصة غلامِ الأخدود الذي حدث بها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وما ذكره الله -تعالى- في سورة البروج، فقد ضحَّى الغلام بنفسه لأجل قضيته ودعوته، والنتيجة الختامية للقصة؛ أن الغلام قد مات، لكن آمن الناس، وهذا النوع لا شك أن إخواننا يعيشونه تمامًا، فإنهم يبذلون أرواحهم، ويقفون أمام الطائرات والدبابات، ولا يُبالون، إحياءً لقضية الجهاد، ودفاعًا عن المسجد الأقصى، ووقوفًا أمام هذا المحتل الغاصب.
ونوعٌ آخر من النصر، وهو: حب الشهادة، وتمنيها رجالاً ونساءً، فما جفت الأرض من دماءِ الشهداء في عصر من العصور، ولا قلت الأرض من مخلص يُقدمُ للأمة نموذجًا فيموت في سبيل الله إعزاز دين الله ورفع رايته، قال الله -تعالى-: (‌وَلَا ‌تَحْسَبَنَّ ‌الَّذِينَ ‌قُتِلُوا ‌فِي ‌سَبِيلِ ‌اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ . فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ) (آل عمران: 169-170).
ولا شك أن إخواننا يعيشون هذا النوع من النصر.
ونوعٌ آخر من النصر: أن يحمي الله عباده المؤمنين مِن كيد الكافرين، كما قال -تعالى-: (‌وَلَنْ ‌يَجْعَلَ ‌اللَّهُ ‌لِلْكَافِرِينَ ‌عَلَى ‌الْمُؤْمِنِينَ ‌سَبِيلًا) (النساء: 141).
ونوعٌ آخر وهو: اهتمام قطاعٌ كبيرٌ من الشباب، والرجال والنّساء بالقضية، بعد ما كادت قضايا كثيرة من قضايا الدين تُنسَى، مثل: الولاء والبراء، والحبُ في الله والبغض في الله، وكذلك متابعة كثير من غير المسلمين للأحداث، وقراءتهم عن الإسلام، ودخول بعضهم في الدين وكانوا قد غُمي عليهم عن معرفة الدين وسماحته.
كل هذه الأنواع داخلة تحت قول الله -تعالى-: (‌وَكَانَ ‌حَقًّا ‌عَلَيْنَا ‌نَصْرُ ‌الْمُؤْمِنِينَ) (الروم: 47).
ولا شك أن إخواننا في فلسطين يعيشون بعض هذه الأنواع؛ فهذه رسالة أمل أُقدِّمها للقارئ الكريم، في وقت خَيَّمَ فيه اليأس والقنوط على قطاعات كثيرةٍ من النَّاس، ولكن حسبك وعد الله لهذه الأمة بالنصر والتمكين، ولكن قد يتأخر النصر عن الأمة، فما أسباب ذلك؟ وما دواعي النصر؟
هذا في مقال قادم -بإذن الله-.


سعيد رشيد 22-11-2023 10:08 PM

رد: دماء وأشلاء على طريق النصر
 
بارك الله فيك وأحسن إليك

ابوالوليد المسلم 09-12-2023 12:54 PM

رد: دماء وأشلاء على طريق النصر
 
جزاكم الله خيرا

ابوالوليد المسلم 09-12-2023 12:55 PM

رد: دماء وأشلاء على طريق النصر
 
دماء وأشلاء على طريق النصر (2)



كتبه/ حسن حسونة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فقد تكلمنا في مقالٍ سابقٍ عن المعاناة التي يعيشها إخواننا في فلسطين، وقلنا رغم ذلك فإنهم يعيشون أنواعًا من النصر والتمكين.
ووعدُ الله لهذه الأمة بالتمكين ثابتٌ في القرآن، ووعدُ رسولهِ -صلى الله عليه وسلم- ثابتٌ في السنة النبوية، ومن أصدق من الله قيلًا، ومن أصدق من الله حديثًا، قال الله -تعالى-: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَ?لِكَ فَأُولَ?ئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) (النور: 55).
قال الشيخ السعدي: "هذا من أوعاده الصادقة التي شوهد تأويلها ومَخبرُها؛ فإنه وعد من قام بالإيمان والعمل الصالح من هذه الأمة أن يستخلفهم في الأرضِ، يكونون هم الخلفاء فيها، المتصرفين في تدبيرها، وأنه يُمكن لهم دينهم وهو دين الإسلام الذي فاق الأديان كلها، ارتضاه لهذه الأمة لفضلها وشرفها، ونعمته عليها بأن يتمكنوا من إقامته وإقامة شرائعه الظاهرة والباطنة في أنفسهم، وفي غيرهم، لكون غيرهم من أهل الأديان وسائر الكفار مغلوبين ذليلين..." (تفسير السعدي).
ولكن قد يتأخر هذا النّصر والتمكين لعقبات، وحتى يتحقق النّصر لابد من تخطي هذه العقبات، وهذا كحال المريض متى عرف داءه وعرف دواءه، فهو جديرٌ بأن يبادر إلى أخذ الدواء حتى يزول الداء، فإن استمر على الداء ولم يتناول الدواء؛ ظل عليلًا!
ومن هذه العقبات: ضعف الجانب العقدي والإيماني لدي كثيرٍ من أبناء الأمة؛ ممَّا أدى إلى ضعف الكيان وانهزامه؛ فالضعف ظاهر في توحيد الربوبية، والألوهية، والأسماء والصفات، وتحقيق الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، والقدر خيره وشره، وظهرت الانحرافات، وانكشفت الصراعات، وكل حزبٍ بما لديهم فرحون.
ومنها: حبُ الدنيا وكراهية الموت، فظهر الغثاء الذي أخبر عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، العدد كثير والنفع قليل، وعلى ذلك اجتمعت الأمم الكافرة على أمتنا كما تجتمع الأكلة إلى قصعتها!
ومنها: إضاعة الصلوات -وبالأخص صلاة الفجر-، واتباع الشهوات المحرمة، وشرب الخمر، والزنا، واكل الحرام من الربا والرشوة، والشغل بما يصد عن سبيل الله، وعن الهدى المستقيم.
ومنها: عدم تجريد العمل لله؛ فهذا يعمل لعصبية، وآخر لحزبية، وثالث لمذهبية، والله يريد منا أن يكون العمل لله وحده.
ومنها: عدمُ الإعدادِ لأعداء الأمة كما أمر الله وأوصى، وهذا الإعداد إيماني، وعلمي، وبدني، واقتصادي، وعسكري، وسياسي، وكل ما تحمله كلمة "قوة" في قوله -تعالى-: (‌وَأَعِدُّوا ‌لَهُمْ ‌مَا ‌اسْتَطَعْتُمْ ‌مِنْ ‌قُوَّةٍ) (الأنفال: 60).
ومنها: عدم الشعور بالمسؤولية لدى كثيرٍ من المسلمين، والكل يُلقي بالتبعية على الآخرين، ولا شك أن ذلك ضعف وخورٌ، فأنت أمة وإن كنتَ وحدك؛ لما قرأ ابن مسعود -رضي الله عنه-: "إن معاذًا كان أمة، قيل له: إن إبراهيمَ كان أمة، فقال: أتدرون ما الأمة؟ قال: الأمة القدوة"، فأنت أيضًا أمة وإن كنت وحدك.
هذه بعض العقبات التي يجب على الأمة أن تتخطاها حتى تتأهل إلى التمكين والنصر من الله، ويجمع ذلك كله قول عمر -رضي الله عنه-: "إنا كنا أذل قومٍ فأعزنا الله بالإسلام، فمهما ابتغينا العزة في غيره أذلنا الله".
نسأل الله أن يحفظنا بالإسلام قائمين وقاعدين، وألا يشمت بنا أعداءً حاسدين، وأن ينصر إخواننا في فلسطين، وأن يهلك اليهود الغادرين.



الساعة الآن : 08:30 PM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 15.20 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 14.98 كيلو بايت... تم توفير 0.22 كيلو بايت...بمعدل (1.45%)]