ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   ملتقى مشكلات وحلول (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=51)
-   -   قسوة الغربة والوحدة (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=295948)

ابوالوليد المسلم 22-08-2023 06:19 PM

قسوة الغربة والوحدة
 
قسوة الغربة والوحدة
أ. هنا أحمد


السؤال:

الملخص:
امرأة تعيش في ألمانيا وحدها بعد أن انفصلت عن زوجها، وتعاني قسوة الغربة والوحدة، ولا تُطيق العيش في ألمانيا، وأبوها وأخوها وأختها يعيشون في فنلندا، وقد عرَضوا عليها أن تأتي إليهم، وأمها في العراق، وقد اقترحت عليها أيضًا أن تأتي إليها، وهي في حيرة من أمرها، وتسأل: أيَّ الخيارات تأخذ؟


تفاصيل السؤال:
أعيش وحدي في ألمانيا منذ سنة؛ إذ كنت متزوجة في ألمانيا لمدة أربع سنوات، وانفصلتُ قبل سنة تقريبًا، ولا ولدَ لي، لا أستطيع تحمل الوحدة، أفكر في العودة إلى بلدي، لكن أشعر أنني سأندم على تعبي لخمس سنوات في تعلم اللغة الألمانية، ومعادلة الشهادة الجامعية، وأمامي الكثير من السنوات للحصول على الإقامة الدائمة أو الجنسية؛ وهو ما سيُمكِّنني من التنقل بحرية خارج ألمانيا، أو الإتيان بأمي هنا لتسكن معي، المشكلة أنني لا أحب هذا البلد، ولم أرَ فيه أوقاتًا طيبة، وأشعر بالغربة، أهلي (أبي، وأخي، وأختي وعائلتها) يعيشون في فنلندا، ولديهم عملهم الخاص بهم، وطلبوا مني الحضور إلى فنلندا، والعمل معهم في مشروعهم، وسيحاولون وضع محامٍ لي لنقل الإقامة (إقامة عقد عمل) من ألمانيا إلى فنلندا، ولا ندري هل سينجح الأمر أو لا، لكنني في وضع مُزْرٍ على المستوى النفسي والعصبي والصحي، حتى إنني أعاني يوميًّا، وأبكي من الوحدة، وتأتيني نوبات خوف وفزع من الحياة هنا بين هذه الجدران، مهما ذهبت وخرجت وتنزَّهْتُ، فلا طعم لشيء، أُفضِّل الوحدة والعزلة، لا أستطيع التماشي مع الناس هنا، ولا أستطيع استغلال وضعي في التمتع والعيش بحرية؛ فتربيتي وأخلاقي وديني لا يفارقونني، أما بخصوص الزواج، فقد كانت تجرِبتي سيئة جدًّا في الزواج، ولا يوجد حاليًّا أي مشاريع للزواج، والدتي تعيش مع خالتي في العراق في بيت جَدِّي، وقد اقترحت عليَّ العودة للعراق، لكني أعلم أنني إن رجعتُ، فستؤذيني بالكلام والعبارات الجارحة عن الفشل؛ فهذا طبعها، ولا أعيبها عليه في ذلك، فهذه طبيعتها، تكسِر وتجبُر، وتشدُّ وتلين، لكني لم أجد أحدًا يشعر بي؛ لأن من حولي لم يجربوا شعور الغربة في بلد لا تعرف فيه أحدًا، ولا أهل لك فيه، أحتاج رأيكم، وجزاكم الله خيرًا.



الجواب:

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ أما بعد:

فأنتِ أمامكِ ثلاثة خيارات:
1) الاستمرار في حياتكِ في ألمانيا، في مجتمع غريب لا تنسجمين معه، ولا تشعرين فيه بالراحة، ولا تجدين طعم السعادة، والأهم أنكِ لا تحبين هذه البلد، فذكرياتكِ فيها مؤلمة، وتجربة الزواج الفاشلة مرتبطة بالمكان، ولن تفارق تفكيركِ بسهولة.

2) أن تنتقلي للعيش في فنلندا مع أبيكِ وأخيكِ وأختكِ المتزوجة التي تعيش مع عائلتها، وفي هذا الخيار سوف تنعمين بقرب الأهل ورعايتهم لكِ، لكن يعيبه أن اللغة هناك الفنلندية والسويدية، ولن يكون للغة الألمانية التي تتقنينها قيمة كبيرة.

3) أن تعودي للحياة في العراق مع أمكِ وخالتكِ، وأنتِ لا تتوقعين معاملة جيدة من والدتكِ بسبب طبيعة شخصيتها القاسية أحيانًا.

عزيزتي، أمَّا الحل الأول، فلقد جربتِهِ، وتعيشين فيه الألم والعذاب والغربة، ولولا أنكِ لم تعودي تُطيقين الحياة هناك، لَما أرسلتِ لنا هذه الاستشارة، فالأمر منتهٍ، والرحيل من هناك مسألة وقت، والندم على معادلة الشهادة وتعلم اللغة لن ينفعَكِ، والأفضل التفكير في الاستفادة من هذا العلم في المكان الذي تَنْوِين الانتقال إليه.

مشكلة الخيار الثاني أنه غير مضمون؛ فقد ينجح وقد لا ينجح، ووقتها لن يكون أمامكِ إلا العودة للعراق، والعيش مع أمكِ، ومهما كان الأذى الذي تخشينه، فهو أقل بكثير مما أنتِ فيه، وهو مجرد غلبة ظنٍّ، وليس بالضرورة أن يقع عليكِ، فربما تكون طِباعها الشديدة قد هدأت مع مرور السنين، وربما لا يكون لهذا مجالٌ حالَ انشغالكِ بالعمل ونحوه.

النقطة التي أراها حاكمة وهامة جدًّا، ولم تتطرقي لها في رسالتكِ هي الزواج، فحاجة المرأة لزوج صالح لا تنقضي، وليست لتجربة زواج فاشلة مَضَتْ أن تُفسِدَ عليكِ ما بقيَ من حياتكِ، فنصيحتي لكِ أن تختاري المكان الذي يُعظِّم من فرص حصولكِ على فرصة زواج جديدة ومقبولة لكِ، ليس عيبًا أن تفكر المرأة في الزواج وتسعى إليه، فهذه هي سنة الحياة، والمرأة لا تجد السكينة والراحة إلا في كنف رجلٍ يحبها ويرعاها ويخلد إليها، وأنتِ أدرى منا بحالكِ؛ فإن كان الانتقال للحياة مع أبيكِ سوف يُعظم من فرص الزواج في نظركِ، فهذا قرار جيد، وندعو الله أن ييسر لكِ الانتقال.

ولكن الظن الراجح أن تكون العودة للوطن أكثر فائدة، وخاصة وأن المجتمع العراقي أغلبه مسلمون، وسيكون لشهادتكِ بعد المعادلة وللغة الألمانية التي أتقنتِها دور كبير في الحصول على وظيفة في بلدكِ، أفضل مما قد يكون متاحًا لكِ في صحبة أبيكِ في فنلندا، فإن وجدتِ صعوبة في الحياة مع أمكِ، فيمكن أن تنتقلي للحياة منفردة في رعاية أعمامكِ، أو بعض محارمكِ مع الاستمرار في بر والدتكِ، وإن كان البقاء معها والصبر عليها أفضلَ وأكثرَ قُربةً من الله، ولكن لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها.

فاستخيري الله على العودة للوطن، وأكْثِري من الدعاء والتضرع لله أن يوفقكِ لِما فيه الخير والصواب، وثقي أن الله معكِ، والله ينجِّيكِ من كل شرٍّ بإذنه وفضله.



الساعة الآن : 06:57 AM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 8.86 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 8.77 كيلو بايت... تم توفير 0.09 كيلو بايت...بمعدل (1.06%)]