ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   ملتقى الشباب المسلم (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=94)
-   -   إلى إخواني من الطلاب عامة لا سيما طلاب مرحلة الثانوية (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=293546)

ابوالوليد المسلم 17-06-2023 07:54 PM

إلى إخواني من الطلاب عامة لا سيما طلاب مرحلة الثانوية
 
إلى إخواني من الطلاب عامة لا سيما طلاب مرحلة الثانوية
عبدالله رجب موسى



سلامةُ الصحة النفسية وسلاسة الطباع، أقومُ وأربح وأبقى من التماس نجاح تَصير الحياة في سبيله ضغوطًا وأتراحًا وعُقدًا، فيا أيها الطالب المتحمِّل أعباءَ النتيجة والغيب المطوي في سجلات المستقبل البعيد، كفاك عنتًا ووهمًا وتعذيبًا لأعصابك وتلافيف ذهنك، انْتَهِ يا أخي عن محاولاتك الظالمة لإرضاء طموحات غيرك فيك، فإنك تُرضيهم بإزهاق بَهجتك وتكدير رُوحك، وهَيْهَات أن تَسْلَمَ عافيتُك وأنت تَخطو بإلحاح الآخرين، ورَكلاتهم في ظهرك تَدفعك وأنت رهينةٌ لمعطياتهم المحدودة ونزواتهم المعتدية!

يا أخي الصغير، بِئْسَتِ المذاكرة إذا فرَّقت شملَك وشوَّهت جمالَ داخلك، وبئس المجموع والتقدير إذا بلغتَه وأنت تخوض في وحل الاكتئاب، وتسعى إليه في هواجس الوسواس والضيق، وانقباض النفس ووَحْشتها.

إن النجاح والتفوق ليس في إحراز النقاط ونفسُك خاويةٌ خائرة، إنما النجاح في أن تبلغ ما تستطيعه ونفسك سويةٌ متماسكة، آمنةٌ حصينة منيعة، تفعل ما تفعل وأنت مسؤول واعٍ، تَمتلك الجاهزية على إجادته واستكماله، باختيارك واستقلاليتك، لا أن تبلغ بطريقتهم وخريطتهم، ثم يَنفَد زادُك في الطريق، وتستجلب الويلات على نفسك، وتَندُب حظَّك، ثم تمضي، ولا بد أن تمضي فيما بدأته، لكنك تستكمله على مَضضٍ كما بدأته، ووصلتَ إليه كذلك.

يا أخي الصغير، اسمَع مني لعلك تُصيب خيرًا أو تنالك مصلحة، صحتك النفسية هي حقيقة وجودك ورأس مالك، فكلُّ شيءٍ في سبيل الحفاظ عليها يهون ويَسهُل استدراكه لو فاتك، وما ربِح شيئًا مَن خسِر نفسَه.

أدِّ ما عليك ولا عليكَ، فلا تَكترثْ بالنتيجة والغيب، بل كنْ في حاضرك، واهتمَّ بما أنت متلبسٌ به بين يديك، لا تتجاوزه بالفكر والخواطر.

ما عند الله لا ينال إلا بطاعته، فاطَّرِحْ بقلبك، واستودِع مصيرك بين يدي خالقك، ولا تَعصِه، ولا تتعلَّق بأسباب هي مِن خَلقه، فأرجوك لا تَلتفت بقلبك عنه، وألقِ بنفسك في ساحته بيقينٍ وتحقيقٍ، يَرْزُقْكَ من حيث لا تَحتسب!

لا تتكلم كثيرًا حول قناعاتك وخُطتك في هذا التوقيت الذي لم تتشكَّل فيه معالِمُك بعدُ، فإنك إما أن تتعكَّر بمداخلات سلبية تُثنيك أو تُثبِّطك، وإما أن تَحيد وتَعْوَجَّ، وإما أن تختلط عليك الأمور، وتتوارد عليك الشوائبُ والأشتات، وأغلب الخلق لا يعقلون، فلا تتسامر إلا مع ناصحٍ حكيم أمين.

أنت مسؤول عن إرضاء أهلك بالمعروف، وليس ذلك منحصرًا في مرحلة بعينها، بل هو سلوك قائمٌ بك تُجاههم أبدًا، ولو كنتَ فاشلًا في دراستك أصلًا، فهذا لا يرتبط في أصله بهذا، وليس في تحميل نفسك فوق طاقتها وكبْتها شيءٌ من المعروف، فلماذا نصِل إلى مرحلة نرضي فيها أهلينا بسخط أنفسنا؟! ولماذا نحصر رضاهم في دائرة المجموع والتقدير، وهي دائرة ضئيلة جدًّا في موقعها من دوائر كبيرة جدًّا وأهم في مدارات العلاقة بيننا؟! ولماذا لا يكون العدل والإنصاف والتراحم حاكمًا علينا جميعًا؟! وأفراد هذه الصورة لا تكاد تنحصر، فإن الوالد في رقابته على ولده ودراسته، قد يضر به من حيث يريد المصلحة، ويُشقيه وهو يظن أنه يُسعده، ولا يكتشفون الخسارة والوجيعة إلا بعد فَوات فرصة الوقاية، وإذ ذاك لا يُمكن تدارُكُها.

فهذه كلماتي إليك يا طالبًا سيواجه الحياة وحدَه عما قريب، وسيخوض مُعتركها الذي لا يرحم ضعيفًا ولا يلتمس العُذرَ لأَخْرَقَ، فالحياة تمد يدَها بالفرص للمتأهلين الجسورين، وأما المتأخرون الجبناء فيموتون في الطريق، وربما لا يبدؤون أصلًا، فتأهَّل في أي شيء، تأتِك فرصتُه التي تكفيك عن شفقة الشامتين، وإحسان المانِّين، والله هو النافع المعطي الوهاب الرزاق الكريم.



الساعة الآن : 10:03 PM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 6.48 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 6.39 كيلو بايت... تم توفير 0.09 كيلو بايت...بمعدل (1.45%)]