ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   ملتقى مشكلات وحلول (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=51)
-   -   تمنيت موت أهلي بسبب حبي لعائلة عمي (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=293059)

ابوالوليد المسلم 08-06-2023 08:44 PM

تمنيت موت أهلي بسبب حبي لعائلة عمي
 
تمنيت موت أهلي بسبب حبي لعائلة عمي
أ. لولوة السجا

السؤال:

الملخص:
فتاة تعيش مع أمها وأخيها، وهي متعلقة بعائلة عمها وتريد العيش معهم؛ لأنهم أغنياء وحياتها بائسة، وتتمنى الموت لأمها وأخيها، وتحسُد عائلة عمها، وقد كرِهتْ حياتها وتتمنى الموت.

التفاصيل:
السلام عليكم ورجمة الله وبركاته:
أنا فتاة جامعية، في العشرينيات مِن عمري، أعيش مع أمي وأخي بعد وفاة والدي.


لله الحمدُ نشأتُ بصورةٍ طبيعيةٍ ولم أكنْ أُحس بفقْد الأب، فقد تعبتْ أمي في تربيتنا كثيرًا، وكانتْ حياتنا جيدة، وكنتُ أنا وأخي متفوقَيْن في الدراسة والحمد لله.


لكن حياتنا انقلبتْ رأسًا على عقبٍ في السنوات الأربع الأخيرة؛ فقد عانينا مشاكلَ عائلية ونفسية كثيرة؛ أمَّا أنا فطبيعتي أنني خجولٌ وحسَّاسة جدًّا، ولا أتحدَّث كثيرًا مُذ كنتُ صغيرة.


أحيانًا كنتُ أُحِس ضَعفًا في شخصيتي، ومنذ ثلاث سنوات تراجَع مُستواي الدراسي ولم أعُدْ متفوقةً! فقدتُ ثقتي في نفسي، وازداد ضَعفُ شخصيتي، ولم أعُدْ أحبُّ مقابلة الأشخاص، وانعزلتُ عن الآخرين، وأبكي كثيرًا ولا أستطيع التعبير عن نفسي.


لديَّ أقارب - عمي وعائلته - كنتُ أحبهم، وجمعتْني بهم علاقةٌ طيبة منذ الصغر، لم تكنْ علاقةً قويةً، لكنهم كانوا يُعاملونني معاملة حسنة؛ فقَوِيتْ علاقتي بهم، وتعلَّقتُ بهم كثيرًا، ولم أشعر أن هناك أحدًا يُحبني مثلهم، حتى إني تمنيتُ أن أعيشَ معهم إلى آخر حياتي؛ ذلك أني وحيدة، وليستْ لديَّ أخوات، كنتُ أُحس سعادةً كبيرة وأنا بينهم، فقد كانوا عائلةً أخرى بالنسبة إليَّ.


كنتُ أكره العودة إلى بيت أهلي بسبب كثرة المشكلات، وعندما كنت أذهب إليهم كنتُ أتعلَّل وأكذب، وأقول لأمي: إن مكان دراستي قريب منهم؛ لذا كنتُ أذهب إلى هناك، وأنا في الحقيقة كنت أهرُب من بيتنا الكئيب؛ كي أحصل على السعادة والاهتمام في بيت عمي!


عندما كنتُ أعود إلى بيتي كنتُ أتكلَّم مع نفسي كثيرًا، وأَتخيَّل عائلة عمي موجودة معي، فأتكلَّم معهم وأُناقشهم، فصِرتُ أجلِس وحدي باستمرار.


أحيانًا كنتُ أتمنَّى موتَ أمي وأخي؛ كي أستطيع العيش مع عائلة عمي إلى آخر حياتي، وبعد مرور سنة قلَّ تواصُلي معهم، وبسبب قلة زيارتي لهم صِرت أُحس أنهم تغيَّروا معي، فحزِنتُ جدًّا.


أصابتني غيرة شديدة منهم، وبدأتُ أحسدهم؛ فهم أثرياء ويحصلون على ما يريدون، وأنا حياتي بائسة، حتى كرهتُ حياتي جدًّا، وقنَطتُ مِن رحمة الله، وظننتُه غير عادلٍ - أستغفر الله - وأحيانًا أتمنى الموت.



الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، أما بعدُ:
فأسأل الله أن يغفرَ لكِ.

سأردُّ عليك بدءًا بآخر كلمة قلتِها، وما أعظَمها في حقِّ الله! يَغفِر الله لك حيث قلتِ: (وقنَطتُ مِن رحمة الله، وظننتُه غير عادلٍ)!

أنتِ ظننتِ هذا الظن ليس لقناعتك به، وإنما حصل ذلك كردة فعلٍ لحالك الذي تَكرهينه، ولو رزقك الله مالًا وتغيَّر حالك، لَما قلتِ ما قلتِ، أليس كذلك؟!

إذًا هذا هو الذي يسمى في الشرع: (التسخُّط وعدم الرضا)، وأعظم أسبابه الجهل بالدين وقلة العلم، ومن أسبابه أيضًا: قلة الطاعات والتساهُل في فِعل المعاصي، وهذان الأمران يُسبِّبان للنفس والقلب ضَعفًا؛ مما يجعلهما عُرضةً للتأثر بالشبُهات والشهَوات.

نأتي إلى مناقَشة حالك ووضعك الأسري: أنت فتاة فقدتْ أباها منذ الصِّغَر، ومع ذلك لم تَشعُر بفَقْده؛ حيث عوَّضها الله أُمًّا مكافِحة وصابرة، اجتهدتْ في تربيتهم حتى نالوا نصيبًا جيدًا في كل شيء، ومن ذلك ما حصل مِن تفوُّق دراسي، وإلى الآن وأنتِ تتحدثين عن نِعمٍ، وتقولين: إن الأمور تغيَّرت منذ فترة يسيرة، فما الذي تغيَّر؟! ولماذا؟!

تقولين: "عانينا مشاكلَ عائلية ونفسية كثيرة" - والمشاكل تحدُث في كل بيت - تأثرتِ بها سلبًا، وكان من المفترض أن تُقربك هذه الأحداث إلى ربك، فتَدعِيه وتُطيعيه رجاءَ كشفها عنكم؛ لأنها نوع مِن الابتلاء اليسير، يبتلي الله به العباد؛ ليَمتحن صبرهم وإيمانهم، ويُكفر به السيئات، ويَرفع به الدرجات، ولكن بدلًا من مواجهة ذلك بسلاح إيماني، قاومتِ الأمر بحلول مؤقتة وغير مُجدية، فأعلنتِ السخط على والدتك وأخيك، وارتبطتِ ببيت عمِّك بحثًا عن السعادة (الوهمية)، وظننتِ أن هذا هو الحل، وليتَكِ مع هذا - حين رزَقك الله هذه الأسرة وسخَّرها لكِ - شكرتِ هذه النعمة، فقابلتِها بالإحسان لله أولًا بالطاعات، ولأسرتك بحُسن الخُلُق والبر، لكن آثرتِ أن تعيشي السعادة وحْدك، وتتعلَّقي بها، وتَنسي أسرتك، وما خُلقنا لأجله!

أغْرَتْكِ الحياةُ الجميلة، فركَنتِ إليها، حتى تمنيتِ زوالَ أسرتك، فزال عنك النعيم وتبدَّل الحال، وكنتِ تَظنينه سيَستمر، وكيف يستمر ويبارك لك فيه وأنت تقفين موقفًا سلبيًّا شديدًا من أُسرتك التي أمرك الله جل جلاله بالإحسان إليها والطاعة والبر؟! أهكذا يكون البر؟! أهذا هو جزاء الوالدة التي صبرتْ مِن أجلك أنت وأخيك؟!

حرَمت نفسها المتعةَ من أجلكم، وأنت الآن تتمنين زوالها!

كيف تظنين أن النعيم سيستمر وأنت تَحملين هذا الشعور السيئ تُجاهها وتجاه أخيك؟!

اعْذِريني على شدة اللهجة والإطالة؛ فالأمر مُحزن حقًّا!

بُنيتي، نحن لم نُخلَقْ لنستمتع، إنما خلَق الله المتعة وجعلها وسيلةً للغاية العظمى التي هي العبادة!

وقد غرَّك حقيقةً ظاهرُ الحال، فطننتِ أن بيت عمك جُمِعت له السعادة، وحُرِمْتِها أنتِ، بينما الحقيقة أن الله قد خصَّك بالابتلاء تعظيمًا وتشريفًا، فلا يُبتلى إلا المؤمنُ؛ فإنَّ أشد الناس بلاءً هم الأنبياء، ثم الصالحون، ثم الأمثل فالأمثل؛ كما جاء في الحديث...

وإنَّ النِّعَم التي يُسخرها الله لعباده إذا لم تُقابَل بالشكر، فإنها حتمًا ستزول، أو تنقلب نِقمًا حقيقةً، وأنت شغَلتِ فكرك بحال بيت عمك الميسور، وتَحسدينهم كما ذكرتِ ذلك، فهل تقصدين بالحسد: الحسدَ المحرم الذي هو تمنِّي زوال النعمة؟ أو تقصدين الغبطة؟!

على كل حال، أعود وأقول: يا بُنيتي، لا تَغتري بما تَرين، فإنما العِبْرة بالنهايات، وليس بكمال البدايات، فكم ممن كان يشار إليهم في دنياهم، قد أصبحوا وهم لا يَملِكون شيئًا! ومنهم مَن تحوَّلت النعمة في حقه إلى نقمة، وبدلًا مِن أن يستريح بحكم وجود المال، فإذا به يعيش عذابًا بسبب المال!

ثم إن الذي أعجبك مِن حالهم؛ من حيث كونهم أثرياءَ، ويسافرون كيف ومتى شاؤوا، فهل هذا أمرٌ يُحسَد عليه، وهو ألا يكون للمرء همٌّ سوى الدنيا؟!

يا بُنيتي، إن أردتِ أن تَحسدي، فاحسدي اثنين ذكرهما رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهما: ((رجل آتاه الله القرآن، فهو يقوم به آناء الليل وأطراف النهار، ورجل آتاه الله مالًا، فهو يُنفقه آناء الليل وآناء النهار)).

وكل ما سوى ذلك مما لا يُعين على تحقيق الطاعة والعبادة، فلا فائدة منه.

يا بُنيَّتي، قومي وانفُضي غبار الهمِّ والحزن وسوء الظن، وابدئي حياة جديدة ملؤها الإيمان والعمل الصالح.

أكرِمي والدتك وأخاك، تعرَّفي على النساء الصالحات ممن يَكُنَّ عونًا لك على الطاعة، وثِقي أنك حينها ستُدركين شيئًا مِن النعيم الذي لم يَحصُل لكِ مِن قبلُ، حتى إنك ستتمنَّين أنك عرَفتِه منذ زمنٍ طويل.

أسأل الله أن يُبدلكِ حالًا خيرًا مِن حالك، وأن يرزقَك التقوى
تمنَّيتُ لو تحدَّثتُ إليك طويلًا، ولكن المقام لا يتَّسِع لذلك
اقرئي كثيرًا عن أجر الصبر والابتلاء، وعن مقوِّمات الحياة السعيدة، والْزَمي الاستغفار







الساعة الآن : 09:50 PM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 12.80 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 12.71 كيلو بايت... تم توفير 0.09 كيلو بايت...بمعدل (0.73%)]