ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   ملتقى التنمية البشرية وعلم النفس (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=105)
-   -   الأساسيات الأربعة (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=286797)

ابوالوليد المسلم 28-12-2022 01:09 PM

الأساسيات الأربعة
 
الأساسيات الأربعة
نهى فرج

البناءُ يحتاج إلى أساسات، فلا يستقيم دونَها، وكذلك الإنسان يا ولدي، حياته لن تستقيم دون وجودِ أساسات قوية وراسخة.


هناك أربعة أساسات لحياتك، وهي:
العلم الصحيح عن الله، واتِّباع سُنة رسول الله، ومعرفة نفسك، ومعرفة الآخرين.
العلم الصحيح عن الله هو الأساس الأول الذي يجب أن تُدركه يا ولدي؛ لأهميته البالغة وشأنه العظيم من أجل الحياة الدنيا والآخرة.
فلن تستقيم حياتك إلا إذا عبدتَ ربَّك حقَّ العبادة، وهذه العبادة الصحيحة تحتاج إلى علم صحيحٍ، ومِن مصدر سليم.


لا يُمكنك الاعتماد على نفسك، فاعلَم يا ولدي أن مَن كان شيخه كتابه، فخطؤه أكثرُ من صوابه، فلا تَعتقد أنك وحدك ستحصد المعرفة الصحيحة، بل عليك التعلم من أهل العلم، وبعدها قد يفتح الله عليك، فتَزيد في العلم، فيَسهُل عليك فَهْمُ بعض الكتب بمفردك، ولكن البداية والخطوات الأولى في طريق العلم الشرعي، لا بد أن تكون خطواتها متينة راسخةً، ويتم ذلك من خلال التلقِّي المباشر من أهل العلم؛ حتى تتمكَّن يا ولدي من طاعة الله، وامتثال أوامره، واجتناب نواهيه، وعليك أن تتعلَّم وتجتهد في الفَهم الصحيح؛ حتى تتمكَّن مِن دعاء الله، وعليك أولًا معرفتَه ومعرفة أسمائه التي تدعوه بها.


اتِّباع سنة رسول الله: هو الأساس الثاني، فكيف سيكون اتِّباعك للرسول إذا كنتَ لا تعلَم سيرته العظيمة؟ فحتى يكون قدوتُك وخلقك وسلوكك مُتبعًا لمنهج رسول الله وهَدْيه، فعليك يا ولدي أن تتعلَّم عنه؛ حتى تتمكَّن مِن اتباعه.


والدليل على ضرورة اتِّباع النبي: عَنْ عَبْدِاللهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: خَطَّ لَنَا رَسُولُ اللهِ صَلى اللهم عَلَيْهِ وَسَلمَ خَطًّا، ثُمَّ قَالَ: ((هَذَا سَبِيلُ اللهِ))، ثُمَّ خَطَّ خُطُوطًا عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ، ثُمَّ قَالَ: ((هَذِهِ سُبُلٌ - قَالَ يَزِيدُ: مُتَفَرِّقَةٌ - عَلَى كُلِّ سَبِيلٍ مِنْهَا شَيْطَانٌ يَدْعُو إِلَيْهِ))، ثُمَّ قَرَأَ: ﴿ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [الأنعام: 153]؛ رواه أحمد.


الأساس الثالث هو معرفة نفسك: اكتشاف ذاتك ضرورة يا ولدي، فعليك أن تعرفَ نفسَك بكل تفاصيلها ومكوناتها، ما القيم المهمة التي تعتقدها وتشكِّل أهمية كبيرة لديك؟ هل الأمانة؟ العلم؟ الحب؟ السلام النفسي؟ الصداقة؟ القبول؟ التقدير؟ النجاح؟


وحدَك يا بني المسؤول عن تحديد هذه القِيم، ومعرفة الطرق والسبل نحو تحقيقها في حياتك، بالاستعانة بالله والسعي والمثابرة والصبر والرضا، إن لم تتمكَّن من الوصول لدرجة الإشباع التي أردتَها، فنحن يا ولدي لا نعلم الخير، وحدَه الله الحكيم يعلم ما هو خير لنا: ﴿ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 216].


مدارك العقل وسَعته محدودة مهما بلغ من العلم والحكمة، فهناك أمورٌ قد لا يُدركها الإنسان، ويغيب عنه حِكمة الله فيها.
ماذا تحب؟ ما الذي تسعى نحو معرفته والتعلم عنه؟ ما هواياتك؟ ما الذي يَجذب انتباهك ويُسعد قلبك؟ ما الإيجابيات لديك؟ وكيف يُمكنك تطوير نقاط القوة لديك، والاستفادة منها؟
ما الذي يغضبك؟ يُحزنك؟ يُثير قلقك؟ ما الذي يُخيفك؟ ما نقاط ضَعفك؟ هل هناك سبيل لتقليل عيوبك التي تريد التخلص منها؟


اجتهِد واسعَ، ولا تَيْئَسْ،كنْ نفسك، ولا تُحاول أن تقلِّد الآخرين أو تتأثَّر بآرائهم، افعَل ما تريده ويُرضيك، ويُحقق لك السعادة، طالَما أنه لا يتعارض مع رضا الله، فلك الحقُّ أن تحقِّق ما ترضاه وتريده لنفسك، أخلِص النيَّة لله وتوكَّل عليه.
تَحَلَّ بالمرونة، وتقبَّل الصعوبات والمفاجآت والمعوقات، واعلَم يا ولدي أن نجاح التخطيط في المرونة.


أولويات وقيمٌ، وأهداف عديدة، تسعى نحو الوصول إليها، ترسم وتخطِّط خطوات التنفيذ، ولكن قد يحدُث الكثير من المفاجآت خلال رحلتك؛ فكُن مَرِنًا يا ولدي، وتقبَّل ما ستواجه، وأعِدْ تفكيرَك، وعدِّل منه؛ ليتناسب مع التغييرات الجديدة غير المتوقعة التي حدَثت، وعليك أن تتزوَّد بالمعلومات الصحيحة في كيفية معرفة نفسك واكتشافها، وذلك من خلال القراءة واستماع أو حضور دورات في التطوير الذاتي، والاستعانة بخبرة المتخصصين في هذا المجال، ستَزيد معرفتك بنفسك، من أجل تنميتها وتقبُّلها وتطويرها.


معرفة الآخرين هو الأساس الرابع والأخير:
خُلِق الإنسان في مجتمع من البشر المختلفين في الصفات والطباع والقيم والقدرات، وعلينا تحقيق التكامل وليس الخلاف، بسبب اختلافنا أو التقليد والمسخ، إنما التفاعل والتكامل والعطاء، وتبادل الخبرات والمهارات والمشاركة.


كيف نتواصل مع الآخرين بشكل جيد؟ وكيف تحافظ على حياة اجتماعية متوازنة، إنه ليس سهلًا، ويحتاج إلى مهارات مكتسبة يُمكنك تعلُّمُها، يُمكنك التزود بهذه المهارات، من خلال قراءة كتب لمتخصصين في مجال التواصل الفعَّال، وعادةً ما تكون هذه الكتب سهلة ويسيرة الفَهم والاستيعاب، دون اللجوء إلى معلم يشرَحها لك.


فاحرِص على قراءة العديد من الكتب لكُتَّاب مختلفين؛ حتى تكون حصيلة معرفية تُمكِّنك من التزود بخبرات وأبحاث وآراءَ متخصصين في التعامل والتواصل الفعال مع الآخرين، ولكن عليك أن تفكِّر فيما تقرأه، ولا نَتَّبِعُه اتِّباعًا مطلقًا، أتعرِف لماذا يا ولدي؟لأنه يُمثل آراء بشرٍ، ومِن ثَمَّ لا يمكن الجزمُ بصحته دون أيِّ أخطاء.


يُمكنك حضور دورات والاستماع إلى متخصصين واستشاريين، وأيضًا كن على وعي أنهم ينقلون ما قرأوه في كتب، ويشرحونه بطريقة مبسطة الأسلوب؛ ولذلك فقد تتَّفق معهم، أو قد تشعُر بأنه فكرٌ جديد فلا تتقبَّله؛ لأنه مستحدثٌ عليك، فربما تستغربه أو ترفضه.


أعطِ نفسَك فرصةً في التفكر فيما تَسمَعه وتتعلَّمه، وحاوِل أن تخوضَ التجربة أو الطريقة الجديدة، أو غير المألوفة عليك، وربما تجد ثمارَها بعد مرور وقتٍ طويل، وربما لا تُحقق النتائج المرجوَّة منها، فكلُّها احتمالات واردة الحدوث.

استفِد من المصادر المختلفة، وابحثْ عن الوسيلة التي تُفيدك، لكن لا تتوقَّع أن دورك فقط سماع محاضرة، أو قراءة كتاب، إنما عليك تطبيق وتنفيذَ ما تعلَّمتَه، وتجربتَه؛ حتى تعرفَ هل هذا مُجْدٍ لك أم لا، وحتمًا عليك بالصبر والمثابرة، وتعلُّم واكتشاف طرق متعددة، حتى تجدَ ما هو فعَّال لك.


يُمكنك الاستفادة من خبرات الآخرين، والاستماع إلى نصائحهم، ودروسهم وخبراتهم في رحلة حياتهم.
الطرق والوسائل عديدة، المهم أن تتعلَّم وتطبِّق ما تعلَّمتَه، وتُفيد غيرك به، فلا تجعلِ العلمَ يا ولدي يقف عندك، بل اسعَ نحو نشره، وإفادة وتوعية غيرك، وحقِّق المنفعة المشتركة والمتبادلة، اترُك لك أثرًا نافعًا وعلمًا نافعًا.


كلما رسخت الأساسات الأربعة عندك يا ولدي، كانت حياتك أكثر نفعًا وازدهارًا، وكلما خطوتَ خُطوة في سبيل العلم النافع، سلَكت طريقًا يُقربك من الجنة، وهذا ما نسعى إليه يا ولدي: خيري الدنيا والآخرة، ورضا الله؛ ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ﴾ [الحجرات: 13].


تقوى الله هي الأساس الأول في نجاح علاقتك مع الآخرين، وهي الأساس الرئيس لكل مناحي حياتك.




الساعة الآن : 08:45 AM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 11.46 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 11.37 كيلو بايت... تم توفير 0.09 كيلو بايت...بمعدل (0.82%)]