ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   ملتقى مشكلات وحلول (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=51)
-   -   أزمات غيرت نفسيتي وشخصيتي (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=286559)

ابوالوليد المسلم 23-12-2022 10:55 PM

أزمات غيرت نفسيتي وشخصيتي
 
أزمات غيرت نفسيتي وشخصيتي
أ. مروة يوسف عاشور


السؤال:

الملخص:
فتاة تعرَّضتْ لبعض الأزمات التي غيَّرَتْ نفسيتها، وأثرت سلبًا على شخصيتها وتفكيرها، وتريد بعض النصائح التي تُخرجها من مشكلتها.

التفاصيل:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا فتاة في كلية الطب، مررتُ بظروفٍ قاسيةٍ غيَّرتْ مِن نفسيتي، فقد تعرضت للاعتداء والتحرش، أعيش وحيدة مع جدتي، وأهلي مشغولون بأعمالهم وكل ما أريده يلبُّونه لي!

كانتْ حياتي هادئةً حتى مررتُ بتجاربَ قلبتْ حياتي، فقد أحببتُ شخصًا مِن كل قلبي، لكنه رَحَل، فانهرت وبكيتُ بكاءً شديدًا، ورجوتُ ربي أن يُخَفِّف عني ولو قليلًا.

كنتُ أبكي يوميًّا بالساعات، لكني لم أجد استجابةً، حتى فقدت الثقة في ديني، وتحوَّلتُ مِن شخص مُفعمٍ بالطيبة والفرح إلى شخصٍ الخطأُ والصوابُ لا يعنيانه في شيء، وكنتُ على وشك تجربة الخمور، وحصلتُ على نوعٍ مِن الأدوية المخدِّرة، لكن لم أتناوَلْها، ولا أعلم لِمَ أفعَل هذا، لكن لم يكن ذلك يهمني، بل كنت أفعل ما يَحْلُو لي!

لا أريد أن أتعدَّى حدودي أكثر مِن ذلك، فأرشدوني ماذا أفعل فأنا على حافة الهاوية؟!


الجواب:

الحمد لله رب العالمين، نرحب بك في موقع الاستشارات، وبعد:
مما يُؤسَف له أن نرى بعضَ أبناء النصارى أو غيرهم مِن أهل المِلَل المُنحَرِفة وقد ثبتوا على معتقَدِهم، حتى إنَّ بعضهم لا يُبرر ما يَحْدُث له مِن أقدار سيئةٍ ومصائب عظيمةٍ إلا بتبرير أن معبودَهم يُطَهِّرهم بها مِن الذنوب أو أنه يختبرهم بها، في حين يتهاوى إيمان بعض المسلمين مع أول ابتلاء أو فتنة، وفي مِثلِ هؤلاءِ قال تعالى: ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ ﴾ [الحج: 11].

فهل كنتِ تأملين أن تعلوَ منْزلتكِ عند الله، وترتفعَ مكانتكِ، ويكون لكِ نصيبٌ في الجنة مِن غير امتحانٍ في الدار الدنيا؟ وهل ترجين أن تدخلي الجنة بلا ثمنٍ؟

إنَّ التناقض الذي تعانين منه يُنبئ بما وصل بكِ مِن حال يرجع أصلُه لمشكلة الكثير من أبناء المسلمين؛ حيث لم يُرَبَّوا على الدين الحق، ولم تَتَغَلْغَل العقيدةُ الصحيحةُ في نُفوسهم، واكتفى الوالدان في تربيتهم بتعليمهم مبادئ الصلاة والصوم وبعض الأحكام التي يَفعلُونها. وإن وقوعكِ في المعاصي لهو أهونُ وأيسرُ مما أصابكِ مِن ضلالٍ عقديٍّ وفتنة دينية.

وقبل أن أنصحكِ بالعمل على تَجاوُز الأزمة النفسية التي تسبَّبتْ بها علاقة غير شرعية انتهتْ بالفراق، أو تخطي التحرش أو غيره، فإني أنصحكِ أن تُصححي معتقدكِ، وتنظري إلى نفسكِ بعين الشفقة، فهي أحوجُ ما يكون للعطف الآن.

بدأتِ علاقةَ حب مع شاب، وقد حرَّم الله عليكِ ذلك، ثم طلبتِ مِن الله أن يُصْلِحَ لكِ ما أفسدتِه بنفسكِ، ثم حين تأخرت الإجابة فقدت الثقةَ بدينك، فيا ليت شعري هل تحرَّيتِ إجابة دعواتكِ بتوبة مما اقترفتِ؟ وهل قدمتِ بين يدي دعواتكِ وابتهالكِ مِن صالح العمل ما ترجين به إجابة الدعوة؟

يا صغيرتي، إن الدعاء له شروطٌ وآداب وأحوالٌ، وليس أمرًا تأمرينه ثم تنتظرين تنفيذه، فإن لم ينفذ تفقدين الثقة بدينك.

إنَّ الله غني عنا وعن عبادتنا، ونحن المنتفع الأوحد بهذه العبادة، والله فرَضَها علينا ليدخلنا بها الجنة، ويغفر لنا ما نَقتَرِف من صغائر الذنوب؛ يقول تعالى مُخبرًا عن حال نبيه أيوب عليه السلام: ﴿ وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ ﴾ [الأنبياء: 83، 84].

أيتها الطبيبة الصغيرة، ما رأيك أن تعودي بالذاكرة لبضع سنوات مَضَتْ؛ حيث كنتِ تلك الطالبة المجتهدة المتفوقة المسلمة الخلوق، ولتنظري ماذا تغيَّر في تلك السنوات: حبيب خدع وغدر، شخص اعتدى عليكِ وتحرش بكِ! لماذا تعطينهم أكبر مِن حقهم؟ ولماذا تمنحينهم من حياتكِ دورًا لا يستحقونه؟ فإنَّ مَن باع محبةً وقرَّر الرحيل لا يُؤسَف له، فقد كفاكِ شره قبل أن يتمَّ الزواج.

وأُذكِّركِ أنك أنتِ وحدكِ المنتفع أو المحاسب بما ستقدم يداكِ؛ سندخل القبر وحدنا، وسنُعرَض على الله وحدنا، وسنُواجه الحساب وحدنا.

فلتَستجمعي قوتكِ، ولتَستدركي إيمانكِ الذي أضعتِه مِن خلال القراءة في كُتُب العقيدة وتفسير القرآن والتوبة النصوح ومجالسة الصالحات ومَن تعتقدين أنهم سيعينونكِ على الحق، وسينصحونكِ بالخير.

أسأل الله لي ولكِ الهداية والرشد، والتوبة مِن كل ذنب
والله الموفِّق، وهو الهادي إلى سواء السبيل





الساعة الآن : 11:32 AM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 9.35 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 9.25 كيلو بايت... تم توفير 0.09 كيلو بايت...بمعدل (1.00%)]