شعر صار نثرا!
شعر صار نثرا! د. عبدالحكيم الأنيس رأيتُ في عددٍ من الكتب المحققة شعرًا صار نثرًا، وهذه نماذج من ذلك لتُصحح، ويُنتبه إلى أمثالها: ♦♦♦♦♦ 1-جاء في "فضائل شهر رجب" للحافظ الخلال (ت: 439هـ): عن "عمرو بن الربيع بن طارق قال: رأت آمنة ابنة وهب أمُّ النبي صلى الله عليه وسلم في منامها يُقال لها: إنك قد حملت بخير البرية وسيد العالمين فإذا ولدته فسميه محمداً فإنَّ اسمه في التوراة حامد، وفي الإنجيل أحمد، وعلقي عليه هذه التميمة. قالت: فانتبهتُ وعند رأسي صحيفة من ذهب مكتوب بها هذه النسخة: أعيذه بالواحد من شر كل حاسد وكل خلق زائد من نائم أو قاعد عن السبيل عاند على الفساد جاهد يأخذ بالمراصد من طرق الموارد"[1]. والصواب أنَّ الأسطر الأخيرة شعرٌ يُكتبُ هكذا: أعيذُهُ بالواحدِ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif مِنْ شرِّ كلِّ حاسدِ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif وكل خلق زائدِ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif مِنْ قائمٍ أو قاعدِ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif عن السبيل حائدِ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif على الفسادِ جاهدِ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif يأخذ بالمراصدِ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif مِنْ طرقِ المواردِ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif ونائم خطأ، صوابه: قائم. وعاند خطأ، والصواب: حائد[2]. ♦♦♦♦♦ 2-وجاء في "عيون الحكايات" لابن الجوزي (ت:597هـ)[3] حكايةٌ عن بشر الحافي، وفيها أنَّ بعضَ أصحابهِ دخلَ عليه وعاتبه في تضييقهِ على نفسه، قال: "فقال [أي بشر] لي: صبرت على الأيام حتى تولَّت، وألزمت نفسي الصبر حتى استمرت: وما النفس إلا حيث يجعلها الفتى *** فإن طمعت تاقت وإلا تسلت". والصواب: صبرتُ على الأيامِ حتى تولَّتِ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif وألزمتُ نفسي الصبرَ حتى استمرَّتِ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif وما النفسُ إلا حيثُ يجعلُها الفتى https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif فإنْ طمِعَتْ تاقتْ وإلا تسلَّتِ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif ♦♦♦♦♦ 3-وجاء في "المدهش" لابن الجوزي[4]: "يا من كان له قلب طيب، ووقت حسن، فاستحال خلُّه خمراً، ابك على ما فقدت في بيت الأسف، لعل انحدار الدمع يعقب راحة من الوجدان يطفئ نجيَّ البلابل". والصواب: "يا مَنْ كان له قلبٌ طيبٌ، ووقتٌ حسنٌ، فاستحال خلُّه خمراً، ابكِ على ما فقدتَ في بيت الأسف: لعلَّ انحدارَ الدمعِ يُعْقِبُ راحةً *** مِنَ الوجدِ أو يُطفي نجيَّ البلابلِ"[5]. والوجدان خطأ، صوابه: الوجد أو. 4- وجاء في "مناقب الإمام الأعظم سفيان الثوري" للذهبي (ت:748هـ) [6]: عن أبي حاتم عن قبيصة قال: رأيت سفيان فقلت: ما فعل الله بك؟ فقال: نظرت إلى ربى كفاحًا وقال لى: هنيئا رضائى عنك يا بن سعيد، لقد كنت قواما إذا أقبل الدجى بعَبْرة مشتاق، وقلب عميد، فدونك فاختر أي قصر أردته، وزرنى فإنى منك غير بعيد". والصواب: نظرتُ إلى ربي كفاحًا وقال لي: https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif هنيئًا رضائي عنك يا بنَ سعيدِ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif لقد كنتَ قوامًا إذا أقبلَ الدُّجى https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif بعَبْرةِ مشتاقٍ، وقلبِ عميدِ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif فدونَك فاخترْ أي قصرٍ أردتَهُ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif وزرني فإني منكَ غير بعيدِ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif ♦♦♦♦♦ 5- وجاء في رسالة "كلمة الإخلاص" لابن رجب الحنبلي (ت:795هـ)[7]: "وقال رويم المحبة الموافقة في جميع الأحوال وأنشد: ولو قلت لي مت قلت: سمعا وطاعة. وقلت لداعي الموت: أهلا ومرحبا ويشهد لهذا المعنى أيضا قوله". كذا جاء، وصار الشعر نثرًا! والصواب أنْ يكون التنسيق هكذا: "وقال رُويم: المحبةُ الموافقةُ في جميع الأحوال، وأنشدَ: ولو قلتَ لي: مُتْ قلتُ: سمعًا وطاعةً **** وقلتُ لداعي الموت: أهلاً ومرحبا ويشهدُ لهذا المعنى أيضًا قولُه...". ♦♦♦♦♦ 6- وجاء في "معارف الإنعام وفضل الشهور والأيام" ليوسف بن حسن بن عبدالهادي الملقب بابن المِبرَد (ت:909هـ)[8]: " قل للذين أعرضوا عن الهدى فما تبعوا، وخوفوا يوم الردى فما ارتدعوا، وسمعوا المواعظ وكأنهم ما سمعوا: تقلبوا كيف شئتم، وما شئتم، فاصنعوا. غدا تُوفَّى النفوسُ ما كسبت، ويحصدُ الزارعون ما زرعوا، إن أحسنوا أحسنوا لأنفسهم، وإن أساؤوا فبئس ما صنعوا"[9]. والصواب: غدًا تُوفَّى النفوسُ ما كسَبتْ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif ويحصدُ الزارعون ما زرعوا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif إنْ أحسنوا أحسنوا لأنفسِهمْ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif وإنْ أساؤوا فبئسَ ما صنعوا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif [1] تحقيق: عمرو عبدالمنعم، دار الصحابة للتراث بطنطا (1412هـ-1992م)، ص33-34. [2] ومثل هذه الأخطاء وردتْ تمامًا في الطبعة التي أخرجها عبدالرحمن آل محمد، دار ابن حزم، بيروت، ط1(1416هـ-1996)، ص81. [3] دار الكتب العلمية، ط1(1424هـ-20003م)، ص80-81. [4] دار القلم، ط2(1435هـ-2014م)، (1/ 388). [5] البيت لذي الرمة. انظرْ: ديوان المعاني (1/ 257). وفيه: يشفي نجي... [6] دار الصحابة للتراث بطنطا، ط1(1413هت-1993م)، ط82. [7] الدار العالمية، الإسكندرية، ط 1(1437هـ-2016م)، ص22. وفي الطبعة أخطاء أخرى، في التقديم للرسالة، وفي نصِّها. [8] دار النوادر، ط1(1432هـ2011م)، ص98. [9] وهذه الفقرة - وهناك غيرها كثير - لابن الجوزي في كتابه "التبصرة" (2/ 25)، ساقها المؤلفُ (ابن المِبرَد) ولم ينسبها إليه! |
الساعة الآن : 07:34 AM |
Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour