ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   من بوح قلمي (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=72)
-   -   لقاء الأرواح (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=281554)

ابوالوليد المسلم 01-09-2022 11:00 PM

لقاء الأرواح
 
لقاء الأرواح
محمد حسن جباري





مباشرة بعد أن أطفأ المصباح، وتمدَّد على جنبه الأيمن يحدق في الجدار الغارقِ في الظُّلمة، تجترُّه لُعاعة الحزن الباقية من تشييع جنازة جدِّه لأمه بعد عصر اليوم - ذكَر أنه نسي هاتفه الذكي الباهظ بجوار شاهِدِ القبر وهو يلوك جملةً من الأدعية لجدِّه بالتثبيت والمغفرة!
انتفض من فراشه، أنار المصباح، كانت الساعة الثانية بعد منتصف الليل.


في الجانب الآخر من الغرفة أطَّ السرير الذي ينام عليه أخوه الأكبر، بعد أن تقلب عليه بعنف، هاربًا بوجهه إلى الجانب الآخر من لفحة الضوء.
أطفِئ النور، دعنا نَنَمْ!
غمغم الأخير بتضجر بالغ.
تراجع (مراد) عن قرار الاستعانة بمرافقة أخيه إلى المقبرة، أطفأ الضوء بعد أن حمل الجاكيتة والجوارب والحذاء، وخرج من الغرفة.


شخير والده يندفع من زيق الباب الموارب، وضوء ثاقب ينبعث من عيني الهرة التي تقبع في ركن البهو، مع وخزات إبرية تنثرها على جسده نسائمُ قارسة، تتسلل من خلال خروق الزجاج المكسور في إحدى النوافذ، فتزرع فيه قشعريرة حادة، يقفُّ لها شعر جسده كله.


خرجت الهرة معه إلى فناء البيت، كانت تتمسح بساقيه، وتموء مواءً نحاسيًّا معصورًا، مدَّ قدمه ليدفعها برفق فعضَّته، وولَّت هاربة!
يحدث هذا منها لأول مرة بعد سنتين من حياتها في هذا البيت!


هاجس آخر كان يقتات على بُلغة الشجاعة التي بقيت معه، فيشعر أن ساقيه تحولتا إلى ماء، وأن قدميه تغوصان في تخوم سحيقة من الطين.


لقد سمع من الواعظ اليوم في مجلس العزاء أن الأرواح تلتقي ليلة الجمعة، فتتعارف، وتتواصل، ويسأل المتقدِّم منها المتأخر عن جديد الحال في دار الدنيا

لَمْلَم بقاياه المهترئة، خرج وصك الباب وراءه.
بعد ربع ساعة سيرًا رشَّت خلالها السماء رذاذًا رقيقًا، كان مراد في المقبرة.


ظلمة هذه الليلة مركزة بسبب الغيوم، والهدوء هنا يصوغ بأنامله البارعة أدقَّ أحاسيس الرعب، ازدرد بصعوبةٍ آخِرَ حفنة لعاب تجمعت في فمه، وهو يتسلل بين القبور.


رأى وميض هاتفه من بعيد بجانب القبر، لكن دون صوتٍ؛ إذ كان مضبوطًا على الوضع الصامت.

ما كاد يرفع هاتفه حتى وقع على وجهه فاقدًا للوعي؛ بسبب الانفجار الهائل لإحدى ضربات الرعد.

أفاق على ملمس يابس ليد تربِّت على كتفه
:
أهلًا يا مراد.
من أنت؟!
أنا جدك! ألم تتعرف عليَّ؟! وهذه أمك التي ماتت منذ عامين، بجانبي.
كذَّاب! جدي وأمي لم يكونا بهذا الشكل.
أنت أيضًا لم تكن بهذا الشكل، انظر إلى يديك.
نظر مراد إلى يديه، ثم قلَّب نظره في المكان، فرأى أجسادًا خفيفة تسبح في الهواء!
لقد كان الواعظ على حقٍّ إذ
ًا!




الساعة الآن : 04:22 PM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 7.60 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 7.51 كيلو بايت... تم توفير 0.09 كيلو بايت...بمعدل (1.23%)]