ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   ملتقى الحوارات والنقاشات العامة (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=49)
-   -   الإحسان في الحوار (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=279965)

ابوالوليد المسلم 07-08-2022 09:03 PM

الإحسان في الحوار
 
الإحسان في الحوار


د. محمد بن فهد بن إبراهيم الودعان




(تأملات في الحوار من خلال سورة يوسف)


قد جعل الله- تعالى- الإحسان في العبادة من شروط إحسان الدين، فقال عز وجل: ﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لله وَهُوَ مُحْسِنٌ واتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا [النساء: 125].


فلا أحد أحسن دينًا ممن انقاد بقلبه وسائر جوارحه لله تعالى وحده، وهو محسن.


وقد مَنَّ الله تعالى على يوسف - عليه السلام - بالإحسان، فقال - سبحانه -: ﴿ وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ﴾ [يوسف: 22].


وقال - سبحانه -: ﴿ وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَنْ نَشَاءُ وَلَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [يوسف: 56].


والإحسان في عبادة الله لا يتم إلا بالإحسان إلى عباد الله-تعالى -، وهما أمران مجتمعان، ومرتبطان، ولا يمكن فصل بعضهما عن بعض، فالقلوب التي أذعنت لله وأحبته، وخشعت له هي القلوب التي تحن وتحنوا على الناس، فتكون هذه القلوب وعاءً يحتوي آلام الناس وهمومهم، ويجود عليهم بما يستطيع من مشاركة في غذاء أو كساء أو مسكن أو جاه أو مال.


والإحسان في عبادة الله، والإحسان إلى العباد، سبب ينال به العلم وتنال به خيرات الدنيا والآخرة. ينظر: السعدي، فوائد مستنبطة من قصة يوسف (ص79)؛ والعودة، مع المصطفى (ص3599).


ونجد هذا الأدب تجسد في حوار يوسف - عليه السلام -:
1- مع السجينين بإحسانه لهما، ولهذا وصفاه بالإحسان بقولهما: ﴿ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [يوسف: 36].


أي: إنا نراك من الذين يحسنون في عبادتهم لله، ومعاملتهم لخلقه.


2- وكذلك إحسانه لإخوته، قال تعالى: ﴿ وَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ قَالَ ائْتُونِي بِأَخٍ لَكُمْ مِنْ أَبِيكُمْ أَلَا تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ وَأَنَا خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ ﴾ [يوسف: 59].


ولهذا أمر يوسف - عليه السلام - بإكرامهم وحسن ضيافتهم، ثم أعطاهم من الطعام ما طلبوا.


وإخوة يوسف - عليه السلام - قد وصفوه بالإحسان في حوارهم معه فقالوا: ﴿ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ[يوسف: 78].


ومن إحسان يوسف - عليه السلام - لإخوته عند اعترفوا بذنبهم وجريمتهم: ﴿ قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ * قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ﴾ [يوسف: 91، 92].



قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في "تيسير الكريم الرحمن" (ص405):
"فسمح لهم سماحًا تامًا، من غير تعيير لهم على ذكر الذنب السابق، ودعا لهم بالمغفرة والرحمة، وهذا نهاية الإحسان الذي لا يتأتى إلاّ من خواص الخلق وخيار المصطفين". ا.هـ.



الساعة الآن : 10:27 PM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 8.71 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 8.61 كيلو بايت... تم توفير 0.09 كيلو بايت...بمعدل (1.08%)]