ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   ملتقى مشكلات وحلول (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=51)
-   -   أهلي تركوني لزوجي الظالم (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=279005)

ابوالوليد المسلم 13-07-2022 08:01 PM

أهلي تركوني لزوجي الظالم
 
أهلي تركوني لزوجي الظالم
أ. شريفة السديري

السؤال:

ملخص السؤال:
فتاة في نهاية الثلاثينيات متزوجة من رجل لديه أبناء، يعاملها معاملة سيئة، ويريد أخذ راتبها الشهري كله، ولا يعطيها حقوقها، وعندما شكت لأهلها رفضوا الوقوف معها.

تفاصيل السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا امرأة في نهاية الثلاثينيات من عمري، من أسرة ملتزمة، وضعُها الماديُّ ممتاز، كنتُ صاحبةَ ذنوب كثيرة؛ منها: عقوق الوالدين، وافتعال المشاكل مع إخوتي، وكنتُ أندَم على ذلك، إلا أنني كنتُ أعيدُها مرات ومرات، ولا أعرف السبب!

منذ سنوات مَنَّ اللهُ عليَّ بالهداية، وأدَّيْتُ فريضة الحج والعمرة، وأحاول التكفير عن ذنوبي والتوبة منها.

دعوتُ الله تعالى أن يرزقني زوجًا مُتدينًا كريم الخُلُق؛ كي يعينني على الالتزام بديني، تقدَّم إلي رجل يكبرني بـ 14 عامًا، وله ستة أبناء ما بين ذكور وإناث، وهو موظف حكومي، والكل يشهد له بالخُلُق الحسن.

قبل الزفاف اعتذر بأنه لا يستطيع دفْعَ المهر لي، فتنازَلْتُ له عن كل شيءٍ مُقابل إتمام البناء، (علمًا بأن أمي كانت رافضةً لهذا المبدأ)، ولكن قبلتُ ذلك مِن باب تيسير أمور النكاح، واستغنائي عن الماديات الزائلة، وجهَّزْتُ نفسي مِن مالي الخاص!

بدأتُ أحسُّ بأنه يستغلني ماديًّا، حتى إنه لم يُقَدِّم لي إلا خاتمَ الخطبة، وكنتُ أُصَبِّر نفسي بأنه يحبني، وأننا سنسعد بحياتنا، وأنه فرصة لن تُعَوَّض!

تم الزفاف، ومِن أول يوم كان يُعاملني كالبهيمة في الأمور الجنسية، فعذرتُه، وقلت: لعله متلهِّف، وسأصبر عليه قليلًا، لكني كنتُ أشك في أنه لا يريد الحمل.

رأيتُه أيضاً وهو يُشاهد الأفلام غير الأخلاقية، هو وأبناؤه، ولا يهتمُّ بالأخلاق، أو الصلاة، أو الأمور الدينية.

لم يَرْضَ أبناؤه بوجودي، ورفضوني منذ البداية، وحاولتُ جاهدةً التقرُّب منهم، لكن دون جدوى، مع أني لم أُسِئ لهم في شيء!

رأيتُ منه تعامُلًا سيئًا، حتى إنه بدأ يُطالبني بالإنفاق على نفسي وكل ما يخصني؛ بحجة أنه مَدين، وبدأ يأخذ مني أموالي بحجة أني يجب أن أُساعده؛ ساعدتُه كثيرًا، وعندما طلبتُ منه المال لأُجري فحوصات لأني أريد الحمل - جُن جنونه، ورفض الحمل!

طلب مني بعدها كلَّ راتبي، فعرضتُ عليه جزءًا فرفَض، وأصَرَّ على أن أعطيه كلَّ راتبي، وإلا فلا بد من أترك العمل.

تغيَّرتْ كلُّ تصرُّفاته معي، يُعاملني مُعاملةً سيئةً جدًّا، كرهتُه وأشُكُّ فيه، وأصبحتُ تعيسةً حزينةً في بيتي، بدأ يُهَدِّدني بالهجر، وأني لا أصلح زوجة له، وسيحرمني من حقوقي.

طفح الكيلُ مِن الإهمال وكثرة اللَّوم، فقررتُ الذهاب إلى أهلي، وعندما ذهبتُ لأهلي رفضوا وجودي، وحاولوا إرجاعي له، وطلبوا مني أن أُعْطِيه ما يريد مِن المال، فرفضتُ ذلك!

حاولتُ الصلح معه، وجلستُ جلسة تفاهُم لأرى مَطالِبَه، وكان مطلبه: أن أعطيه مالي كله شهريًّا، وعندما عدتُ لأهلي مرةً أخرى رفضوني، وقالوا: هذا جزائي عن كلِّ ما فعلتُه في حياتي السابقة، طلبتُ منهم أن يسامحوني، ويدعوا لي، فلم يهتموا بأمري.

طلبتُ الطلاق، لكنهم يرفضون الطلاق، ويجبرونني على التحمُّل والصبر.

أعلم أن هذا جزائي؛ لأني تنازلتُ عن حقوقي منذ البداية، لكن كانتْ نيتي خيرًا، حكَّمْتُ الشرعَ في كل أموري، وهذا ما يُريحني، ولم أنوِ شرًّا، بل نويتُ خيرًا!
أرشدوني، ماذا أفعل مع أهلي الذين يُعاملونني بجفاءٍ وقسوةٍ، ويُصِرُّون على أني لا بد مِن أن أعيشَ معه، وأن هذا اختياري من البداية ولم يجبروني عليه، وأنني مَن تنازل له عن كل حقوقي، فلا بد أن أتحمَّل نتيجة ذلك؟

الجواب:

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

وأهلًا بكِ عزيزتي في الألوكة.



مشكلتُكِ تشعَّبَتْ رغم أنَّ أصلها واحدٌ، فعلاقتُك السيئة مع والدتك وأخواتك وافتعال المشاكل معهنَّ، ومشكلاتك مع زوجك - كلُّها نابعةٌ مِن شخصيتك وأسلوبك في التفكير؛ فالواضحُ أنك عنيدة بعض الشيء، وصعبة المِراس، وهاتان الصفتان تجعلان الشخص على خلافٍ دائمٍ مع مَن حوله؛ لأنه يرى نفسه على صوابٍ، والباقين لا يفهمون شيئًا، ولكنكِ انتبهتِ للأمر، وحاولتِ إصلاح الأمور بينكِ وبين أهلِك.



لكن الغريب أنه حين تقدَّم لكِ زوجُك تصرَّفتِ معه على النقيض تمامًا، وقدَّمتِ له فروض الطاعة والاستسلام، حتى في المواقف التي لم يكنْ مِن المفترض أن تتنازلي وتسكتي عنها، وأهملتِ رأي أهلك تمامًا، حتى إنكِ لم تستشيريهم في أمر مهم وأساسي كالمهر؛ لذا كان معهم حقٌّ حين يحمِّلونكِ الخطأ وحدك؛ لأنكِ لو استشرتهم لرفضوا أن تكملي الزفاف، ومن ثم كان إما أن يدفع المهر ويعرف أنكِ لستِ قابلة للاستغلال، أو أن يتراجع عن الزواج وينهي الأمر، ولكنتِ ارتحتِ من عذاب الأشهر قبل أن تحصلَ!



عزيزتي، قلتِ: إنكِ حكَّمْتِ الشرع في كل أموركِ!



لكنكِ أسأتِ التحكيم؛ لأن الشرع فرَض الصداق على الرجل يعطيه للمرأة عند الزواج، حتى لو كان أقل القليل، وكونه موظفًا ومقتدرًا وليس فقيرًا، فهذا معناه أنه قادر على دفع المهر، ولو الشيء اليسير.



ولأنَّ التنازُل يجرُّ وراءه تنازُلاتٍ، فحين تنازلتِ عن المهر توقَّع أنكِ ستتنازلين عن كل شيء آخر، حتى راتبك وأموالك!



أتفَهَّم جيدًا أن تأخرَ زواجكِ أمرٌ صعب في مجتمعٍ يربط قيمة الفتاة وصلاحيتها في المجتمع بالزواج، لذلك لم تُفكري جيدًا قبل قبوله؛ خوفًا من أن تكونَ فرصتك الأخيرة، لكن المشكلة الآن أنكِ واقعة بين نارين: معاملته السيئة، واستغلاله لكِ، ورفض أهلك لطلاقك وعودتك لبيتهم مِن جديد!



ما الحل إذًا؟

الحلُّ: أن تبدئي بتقييم نفسك، ومواجهتها، والاعتراف بأخطائها، ووضع خطة واقعية وصارمة لتصحيحها.



لماذا؟ لأنكِ إن أقْدَمْتِ على الطلاق وأنتِ بهذه النفسية العنيدة الغاضبة، فستقعين في مشاكلَ أكبر مع أهلك؛ لأنكِ ستكونين مَصدومةً وحزينةً على حالك، ولم تتقبلي فكرة طلاقك بعدُ، وهم قد لا يتفهَّمون حُزنك ويتعاملون معكِ كما تحبين، وقد يقولون لكِ كلامًا جارحًا عن طلاقك وزواجك؛ لذا إن كنتِ بنفس الأسلوب فستصرخين في وجههم وتتشاجرين معهم على أتفه الأسباب، ولكن إن كنتِ واعيةً بنفسك، مُتحكِّمة في أعصابك وقادرة على ضبط غضبك، فسيشعرون بأنكِ فعلًا تغيَّرْتِ، وأصبحتِ إنسانة مختلفةً، وقد يُغيرون نظرتهم السابقة عنكِ.

أما بالنسبة للطلاق، فهو قرارٌ أنتِ وحدك مَن يتخذه؛ لأنه قرار صعبٌ، ويَتْبَعه الكثير مِن الحزن والألم، لذا إن قلتُ لكِ أنا أو شخصٌ آخر: تطلقي، وفعلتِ، فستشعرين لاحقًا أثناء فترة حزنك بالغضب علينا؛ لأننا دَمَّرْنا حياتك، وخربنا زواجك؛ لأنكِ وقتها ستقولين لنفسك: لو كنتُ فعلتُ كذا، ولو كنتُ فعلتُ كذا، هذا لا يعني أن الحياة بعد الطلاق سيئة، لكنها مُتقَلِّبة!



قد تكونين مصدومةً، ثم حزينة، ثم فجأة سعيدة، وتشعرين بالانتصار، ثم تشعرين بالندَم، وتبدئين في التفكير فيما لو كنتِ فعلتِ كذا وكذا؛ لذلك مِن المهم أن تكونَ أسبابُ طلاقك واضحةً أمامك، وصريحةً وواضحة أمام زوجك وأهلك.

أما بالنسبة لأبنائه فأنتِ لا علاقة لكِ بهم، حتى لو كانت ديونُه بسبب زواجه منك - إن كان صادقًا - فالأمرُ لا يخصُّك؛ لأنه هو الذي تدين وليس أنتِ؛ لذا فإن حصل ظُلْمٌ عليهم من ناحية المال، فالسببُ ليس أنتِ.

عزيزتي، وهذه النقطةُ هنا تجعلنا نُعيد عليكِ أن تُفَكِّري بحكمةٍ أكثر، وتزِني الأمور بشكل أفضل، فأولادُه منذ البداية لا علاقة لكِ بهم، ولم يتقبلوا وجودك، فلماذا وضعهم عقبة الآن؟!

لا تكوني ساذجةً، وتجعلي الخوف من الله هو السبب لتصدقي كل شيء يُقال لكِ، فالرسولُ - عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم - قال: ((المؤمنُ القويُّ خيرٌ وأحبُّ إلى اللَّهِ منَ المؤمنِ الضَّعيفِ، وفي كلٍّ خيرٌ، احرِص على ما ينفعُكَ، واستِعِن باللَّهِ ولا تعجِزْ، وإن أصابَكَ شيءٌ، فلا تقُل: لو أنِّي فعلتُ كان كذا وكذا، ولَكِن قل: قدَّرَ اللهُ، وما شاءَ فعلَ، فإنَّ (لو) تَفتحُ عملَ الشَّيطانِ)).

في النهاية عزيزتي القرار الأخير بيدك وحدك، هل حقق لكِ زواجك السكينة والمودة والرحمة؟ هل أنتِ مستعدة للصبر وإكمال المشوار معه بنفس أسلوبه؟ لأن الأمل في تغيره أقرب للمعدوم وهو قد جاوز الخمسين، أو إنكِ اكتفيتِ وتريدين الانفصال والطلاق قبل أن يزداد الوضع سوءًا؟

وإن تم الطلاق، هل ستكونين قادرة على تحمُّل العيش مرة أخرى في بيت أهلك؟ أو أن بإمكانك العيش في منزل منفصل لتضمني راحة بالك وراحتهم؟ أو إنها فكرة مستحيلة؟

كل هذه الأسئلة تنتظر منكِ جوابًا لتصلي لقرار واضح بشأن حياتك، وما ستفعلينه في الخطوة القادمة؛ لذا اجلسي جلسة صدق مع نفسك، وأجيبي عنها.

ونحن موجودون هنا إن أردتِ استشارتنا مجدَّدًا، أو سؤالنا عن أمرٍ غاب عنكِ فهمه، أو تنبيهنا لزاوية غاب عنها نظرُنا.

ونتطلَّع لنسمع منكِ أخبارًا طيبةً





الساعة الآن : 05:45 PM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 13.40 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 13.30 كيلو بايت... تم توفير 0.09 كيلو بايت...بمعدل (0.70%)]