أم من فلسطين
أم من فلسطين ثامر عبدالغني فائق سباعنه اقتحم معسكَرًا لجيش الاحتلال، وخاض اشتباكًا استمرَّ لأكثر من 40 دقيقة، كان هدفه الشَّهادة، لكن كان نصيبه الإصابة والاعتقال. انتشر الخبَر في بلدته، لكن لم يصِل للأهل أنَّ ابنهم قد اعتُقل، بل وصلهم الخبر أنَّه استشهد، فسارعت جموع الناس لتقديم العزاء والتهاني لأهله؛ بل إنَّ سماعات المساجد نعَتْه، وأعلنَت شهادته. بعد أيام طويلة صعبة جاءهم الخبر: • إنَّ ابنكم لم يستشهد، وإنَّه الآن في أحد المستشفيات الاحتلالية يتلقَّى العلاج بعد أن أُصيب بأكثر من 17 رصاصة في مختلف أنحاء جسمه. لم يقتنع الأهل بأنَّ الخبر صحيح، وتنازعَتهم الأفكار! • هل استشهد أم لا؟ • هل هو في السجن؟! كيف إصابته؟! أسئلة طويلة، لم يجِد الأهل لها أي جواب. طال الانتظار ولم يصِل الخبرُ اليَقينُ لأهله، وبعد أكثر من شهرين دقَّ هاتف المنزل، ردَّت الأم على المكالمة: • السلام عليكم. جاءها صوتٌ متعب هزيل وحزين: • وعليكم السلام، أُمِّي! الأُم: • مَن.. مَن؟ ابني.. أنتَ رامي؟! الابن: • أجل أجل، أنا رامي يا أمي. الأم: • (أنا زعلانة منك!). استغرب الابن هذا الكلام، أفبعد كل هذا الغياب والألَم، تكون أمُّه (زعلانة منه)؟ لماذا؟! الابن: • لماذا أمي، لماذا أنتِ (زعلانة) مني؟ الأم: • لقد سمعت أنَّك قد هربتَ من المواجهة ولم تستشهد، هل جبنت؟! هل خفتَ من الشهادة؟! أفررتَ من أمام الجنود؟! الابن يفكِّر في داخله "بعد كل هذا الغياب وكل هذه الجِراح في جسدي يكون سبَب (زعل) أمِّي مني أني لم أستشهد.. وتظن أنِّي هربتُ من المعركة؟". الابن: • كلَّا يا أمِّي، كلا.. يشهد الله أني خضتُ المعركةَ كاملةً ولم أهرُب، وأني طلبتُ الشهادةَ بصِدق وسعيتُ لها، ولم أهرب من أرض المعركة، وإن هنالك 17 رصاصة في جسدي تَشهد عليَّ، أُقسم يا أمِّي لم أهرب، وقد عشقتُ الشهادة. الأم: • الحمد الله يا رامي الحمد الله! طمأنتني ورفعتَ رأسي، لكن لِمَ لم تقل: إنك ذاهب للاستشهاد؟! لِم لم تسمح لي أن أتصور معك وأودعك، لماذا؟ لماذا حرَمتني من هذه اللَّحظات؟ أتظن أني أَحْرِمُك من الشهادة؟! هذه الحكاية ليسَت من الخيال، وليست من صنع قلمي.. إنَّما هي حقيقة جرَت على أرض العطاء وأرض الشهادة فلسطين.. الأمُّ توفَّاها الله، والابن أخبرني هذه الحكاية في سجن شطه صيف 2014 والدمع يعتصر عينيه، والابن هو الأسير رامي نور من نابلس، ويقضي حكمًا بالسجن المؤبَّد في سجون الاحتلال. نعم، إنَّها أمٌّ من فلسطين، بوركت جهودكم أيها الرائعون. ولكم نظرت إلى الحمائم في السَّما https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif تشدو وتسجعُ في الفضاءِ هديلها https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif فلقد طعنت وبالخناجر ذا الردى https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif حقدًا فقد حصد الرَّدى أنجالها https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif من جرح عينيك اللتين أصيبتا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif بمواجع الأشواكِ في آمالِها https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif للدمع طعمُ الورد من تغريدها https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif أنت العيون بكحلها وجلالِها https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif تسمو وصائدها يروم لها الرَّدى https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif وتظل شامخةً على أغلالِها https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif فجعلت ثورتها لشعري مرتعًا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif ونسجتُ أفكاري على منوالها https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif وسرحت مع أحرارها ونهلت من أمواهها وجرعت من شلالها وشذا يفوح ومن دماء شهيدها حتى حروفي عانقت أبطالها قالت: أيَنسى الثائرون جهادهم ♦♦♦ ما باح جرح القلب غير سؤالها؟ (الأشعار للشاعرة اللبنانية: أسماء قلاون) |
الساعة الآن : 04:43 PM |
Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour