رد: عن التربية الاجتماعية والحقوق العامة
عن التربية الاجتماعية والحقوق العامة الشيخ طه محمد الساكت نماذج من الحقوق الخاصة نصوص وعناصر وإن شئت نماذج سريعة من حقوق الإنسان على أخيه الإنسان في السنة النبوية المطهرة، فدونك: في الوالدين - ولو كانا مشركين - وفي الأولاد[8]: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "يا رسول الله، مَن أحق الناس بحسن صحابتي؟" قال: ((أمُّك))، قال: "ثم مَن؟"، قال: ((أمُّك))، قال: "ثم مَن؟"، قال: ((أمُّك))، قال: "ثم مَن؟"، قال: ((أبوك))[9]. وعن أسماء رضي الله عنها قالت: قدِمت عليَّ أمي وهي مشركة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستفتيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم، قلتُ: "قدِمتْ عليَّ أمي وهي راغبة؛ أفأصل أمي؟"، قال: ((نعم، صِلي أمكِ))[10]. وروى أبو داود أنه صلى الله عليه وسلم قال: ((مُرُوا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر سنين، وفرِّقوا بينهم في المضاجع))[11]. في الرحم والأقارب: عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((مَن أحبَّ أن يُبسط له في رزقه ويُنسأ له في أجله، فليصل رحمه))؛ متفق عليه. وعن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذي إذا قُطعت رحمُه وصَلها))؛ رواه البخاري. وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلًا قال: "يا رسول الله، إن لي قَرابةً أصِلُهم ويقطعونني، وأُحسنُ إليهم ويسيئون إليَّ، وأحلم عنهم ويجهلون عليَّ"، فقال: ((لئن كنتَ كما قلتَ فكأنما تسفُّهم الملَّ، ولا يزال معك مِن الله ظهيرٌ عليهم ما دمتَ على ذلك))؛ رواه مسلم، (رياض الصالحين ص90). في الزوج والزوجة: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أكملُ المؤمنين إيمانًا أحسنُهم خُلقًا، وخياركم خياركم لنسائهم))؛ رواه الترمذي وقال: حسن صحيح. وعن أم سلمة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أيُّما امرأة ماتت وزوجها عنها راضٍ، دخلت الجنة))؛ رواه الترمذي وقال: حديث حسن (رياض ص83 - 84). وفي الباب أحاديث مهمة يَحسُن الرجوع إليها والاقتباس منها في المبيَّضة. في الجيران على اختلافهم[12]: ولقد عُني الإسلام بالجوار عناية لم يُعرف ولن يُعرف لها مثيل في تاريخ الأخلاق والاجتماع. وبلغ من هذه العناية: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم ينفي الإيمان - مُقسمًا بالله ثلاثًا - عمَّن لا يأمن جارُه شرَّه وغوائلَه، وأنْ يقول: ((ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيُورِّثه))؛ متفق عليه عن ابن عمر. وبلغ من هذه العناية: أن اختلفت الأساليب النبوية في الوصية بالجار والحرص عليها؛ فمنها ما جاء في البخاري: ((مَن كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليُكرم جاره))، ومنها ما جاء في مسلم: ((فليُحسن إلى جاره))، ومنها ما جاء مفصِّلًا لهذا الإكرام والإحسان في أحاديث كثيرة يؤيد بعضها بعضًا؛ كالذي رواه الطبراني عن معاذ رضي الله عنه، قالوا: "يا رسول الله، ما حق الجار على الجار؟"، قال: ((إن استقرَضك أقرضتَه، وإن استعانَك أعَنْتَه، وإن مرض عُدتَه، وإن احتاج أعطيتَه، وإن افتقر عُدتَ عليه، وإن أصابه خير هنأتَه، وإن أصابته مصيبة عزيتَه، وإن مات اتبعتَ جنازته، ولا تستطيل عليه بالبناء فتحجب عنه الريح إلا بإذنه، ولا تؤذيه بريح قِدْرك إلَّا أن تغرِف له منها، وإن اشتريت فاكهة فأهدِ له، وإن لم تفعل فأدخلها سرًّا، ولا تُخرجْ بها ولدَك ليغيظ بها ولده)). وإذا كان الجار يشمل المسلم والكافر، والعابد والفاسق، والصديق والعدو، والنافع والضار، والأقرب والأبعد إلى أربعين دارًا من كل جانب، فإن الإحسان إليه يختلف باختلاف السعة والحال، وكلما كان أقرب جوارًا كان أعظم حقًّا؛ فقد أخرج الطبراني عن جابر رضي الله عنه مرفوعًا: ((الجيران ثلاثة: جار له حق، وهو المشرك؛ له حق الجوار، وجار له حقان، وهو المسلم؛ له حق الجوار وحق الإسلام، وجار له ثلاثة حقوق: مسلم له رحم؛ له حق الجوار والإسلام والرحم))، وروى البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت: "قلتُ: يا رسول الله، إن لي جارين؛ فإلى أيِّهما أُهدي؟" قال: ((إلى أقربهما منك بابًا)). نماذج من الحقوق العامة نصوص وعناصر تلك نماذج موجزة، وهي قليل من كثير، في الحقوق الخاصة بالوالدين، والأولاد والأهل، والأسرة والأقارب، والجيران، وهناك أحاديث لا تُحصى كثرةً في الحقوق العامة للمسلمين جميعًا، منها: (1) حديث الشيخين عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته؛ الإمام راعٍ ومسؤول عن رعيته، والرجل راعٍ في أهله ومسؤول عن رعيته، والمرأة في بيت زوجها راعية ومسؤولة عن رعيتها، والخادم راعٍ في مال سيده ومسؤول عن رعيته؛ فكلكم راعٍ ومسؤول عن رعيته))؛ رياض الصالحين ص86. (2) وحديث: ((مَثَل المؤمنين - أو ترى المؤمنين - في توادِّهم وتراحُمهم وتعاطُفهم مثل - أو كمثل - الجسد؛ إذا اشتكى منه عضو، تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمَّى))؛ متفق عليه عن النعمان بن بشير رضي الله عنه. (رياض الصالحين ص70). (3) وحديث: ((المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يُسْلِمُه، مَن كان في حاجة أخيه، كان الله في حاجته، ومَن فرَّج عن مسلم كربة، فرَّج الله عنه بها كربة مِن كُرب يوم القيامة، ومَن ستر مُسلمًا، ستره الله يوم القيامة))؛ متفق عليه عن ابن عمر رضي الله عنهما. وأحاديث كثيرة في هذا المعنى، ويكفي فيها: رياض الصالحين، في باب تعظيم حرمات المسلمين وبيان حقوقهم والشفقة عليهم ورحمتهم (ص69)، وباب ستر عورات المسلمين والنهي عن إشاعتها لغير ضرورة (ص72)، وباب قضاء حوائج المسلمين، وباب الشفاعة والإصلاح بين الناس (ص73 - 74). وفي هذه الأبواب كلها من الحقوق العامة ما يجعل المجتمع الإسلامي في بقاع الأرض هو المَثَل الأعلى في التربية الاجتماعية، مصداقًا لقوله تعالى: ﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ ﴾ [آل عمران: 110]. [يتبع بقية السلسلة]. [1] انظر في البخاري وشرحه "فتح الباري" الأبواب الآتية: باب السبق بين الخيل، باب إضمار الخيل للسبق، باب غاية السباق، باب ناقة النبي صلى الله عليه وسلم، وفي الشرح كلام نفيس في المسابقة على الخف والحافر والنصل وعلى الأقدام والترامي بالسهام، وأن ذلك من الرياضة المحمودة (ج6 ص53 وما بعدها)، ويتصل هذا الموضوع أشد اتصال بالبحث الثالث في الكراسة الثالثة "القوة في الإسلام"، فانظره في ص 18-22 من هذه الكراسة. [2] التحريض على الرمي (ص67 ج6) فتح الباري، كتاب الجهاد. [3] قصة المسابقة بينه صلى الله عليه وسلم وبين عائشة رضي الله عنها قصة طريفة ذات معانٍ كريمة، وهي في شرح الشمائل (ج4 ص311) وتثبت في المبيضة إن شاء الله تعالى، وكذا لعب الحبشة بالمسجد وإراءتها إياهم... [4] رواه أبو داود والترمذي عن أبي أمامة. [5] رواه الترمذي وقال: حديث حسن. [6] متفق عليه عن أنس. [7] رياض الصالحين ص207 وما بعدها. [8] في الجزء الثالث من الإحياء ص62 فصل نفيس في رياضة الصبيان وتأديبهم، بدأه بقوله: "اعلم أن الطريق في رياضة الصبيان من أهم الأمور وأوكدها، والصبي أمانة عند والديه، وقلبه الطاهر جوهرة نفيسة ساذجة خالية من كل نقش وصورة، وهو قابل لكل ما نقش... إلخ. [9] متفق عليه. [10] متفق عليه رياض الصالحين؛ ص89-91. [11] رياض الصالحين؛ ص87. [12] الجار والوصية به في رياض الصالحين ص 87. |
الساعة الآن : 09:21 AM |
Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour