ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   ملتقى الحوارات والنقاشات العامة (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=49)
-   -   الشعور بالاكتفاء (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=266151)

ابوالوليد المسلم 05-10-2021 08:00 PM

الشعور بالاكتفاء
 
الشعور بالاكتفاء
سلطان بن سراي الشمري



الشُّعُور بالاكتِفاء مَرَضٌ ومَزَلةُ قَدَم، فعندما يَشعُر (طالبُ العلم) أنَّ عنده ما يكفي من العلم وأَنَّ غَيرَهُ لا يفهمُ مثلَ فَهمهِ، أو أنَّ غيره لا يَحفَظ مثل حفظِهِ، أو أنَّ غيره لا يَفقَه مثل فقهِهِ، وهكذا يُزَيّن لهُ الشيطان!



فيبدأ هذا الشعور يَكبُرُ مَعهُ شيئًا فشيئًا حتى يَصِل به الحَال إلى أن لا يَكبَح جِمَاح حُب الظهُور والاستِعلاء على الأقرَان لإظهَارِ قُوةِ رَأيه وَتَبَحُّرِه، فَتَجِده يُجادل ويُناقش ويُقاطع بشَراسة وفظاظة، فهو يتجرد لنفسهِ لا للحق، فحينئذٍ وقع في دَهَالِيزِ الإعجَاب وتَلطخ بِوحلِ الجهل، وتعثر بآفات الطريق، فقد قال رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ طَلَبَ العِلمَ لِيُجَارِيَ بِهِ العُلَمَاءَ أَو لِيُمَارِيَ بِهِ السُّفَهَاءَ أَو يَصْرِفَ بِهِ وُجُوهَ النَّاسِ إِلَيْهِ أَدْخَلَهُ اللَّهُ النَّارَ" رواه الترمذي والنسائي وحسنه الألباني.



فاحذر يا (طالب العلم) من مَزلةِ القَدم! وليكن قصدَك وجهَ الله والدَار الآخِرة، وأنا لا أخوِّفك ولا أزهِّدك في طلبِ العلم، ولكنها الحقيقة، فهذا العلم يحتاج إلى إخلاص لمن أرَاد الخَلاص وأنت أعلم بنفسك من غيرك، فأدقُّ المشاعر التي تعتلج في صدرك يعلمها الله جل وعلا، والله لا تخفى عليه خافيةٌ، فكنْ دقيقًا في مُرَاجَعتِك لِنَفسِك ومُحَاسَبَتِك لنَوايَاك، فكلما شدَّدتَ على نَفْسِك في محاسبتها في الدنيا نَجَوتَ يوم القيامة بإذن الله.



وارفع شِعار الافتِقَار لربك الغَفار، بالمزيد من العلم النافع والعمل الصالح، فهذا هو شعار نبينا صلى الله عليه وسلم ﴿وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا ﴾ أي: وقل يا محمد: رب زدني علماً إلى ما علمتني، أمَره الله عز وجل بمسألته من فوائد العلم ما لا يعلم.



فطالبُ العلمِ كَيِّسُ فَطِنٌ لا يَشعُر أنه بلَغَ ما يكفي من العِلمِ، بل يَشعُر أنَّ بضاعتُه قليلة في العلم، وأذكر مرةً أني حضرت درس الشيخ العلامة عبدالرحمن البراك - حفظه الله - وفي أثناء الدرس تَكلم عن فَضل العلم والعُلَمَاء وكعادة علمائنا وسلفنا الصالح؛ يَسْتَصغِرُون أنْفُسَهم في طلبهم للعلم، وتجد أن الشعُور بعدم الاكتِفَاء من العلم حاضر في حَدِيثِهم وسلوكِهم وفي فَلَتَات ألسِنَتِهم، بل حتى في تَقَاسِيِم وجوههم..



ومما سمعته عن الشيخ يقول عن نَفْسِه في ثنايا كلامه: "وإنما أنا طُوَيْلِبُ علم!" "ولا زلنا نطلب العلم".. وهو من هو الشيخ على جَلالة قدره وعلمه، وهذا تَواضع منه، ونحنُ نقول عن أنْفُسِنَا طُلاب علم!



ولعلك يا رعاك الله تتأمل معي موقف موسى عليه السلام مع الخَضِر عندَ السّفينة عندما جاءَ طائر فغطَّ مِنقارَهُ في البحرِ ثمَّ رفَعَهُ، قالَ الخَضْرُ لموسى عليه السلام (يا موسى، ما عِلمِي وعلمُكَ في عِلْمِ الله إلا كَمَا أَخَذَ هذا الطّائرُ من البَحرِ) فمهما بلغت من التحصيل العلمي والفهم والشعور بالاكتفاء، فلا تغتر بهذا كله مهما بَلَغَ، وكما أن أعظم طريق يلتمس به العبد طريقَهُ إلى الجنة: العلم، قال صلى الله عليه وسلم عنه: "مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ"، فاحذر يا طالب العلم يكون هو الطريق الذي يُوصلك للندَامة والحَسْرَة من حيث لا تَشعُر بسقُوطك في آفات الطريق والانحرَاف عن جَادة أهل العلم الصادقين والعياذ بالله، فإن هذا والله من الغَبن البيّن.



فأكثر من دعاء الله في كل سجود، أن يفتح الله عليك، وأن يرزقك الإخلاص والعلم النافع والعمل الصالح، فإنك إن صدقت مع الله، وفقك وأعانك، وبلغك مبلغ العلماء الربانين.

وقبل الختام أهدي لكم هذه الأبيات وهي من أبياتي ومن قلبي لقلوبكم:

(لشبابِ أُمَّتنا)






لشبابِ أمتنا أقول وأنصحُ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

هبوا بإخلاص نفوز وننجحُ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif


هبوا إلى العلم الذي نحتاجه https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

كي يستقيم الدرب بل ويصححُ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif


فكتابُ ربي خير ما نسمُو به https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

وعلى خُطَى الهادي نَسِيِرُ فنُفلحُ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif


والعلمُ يُؤخذ من مصَابيح الدُجَى https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

أهل التُقى بهم العُلوم تُنَقّحُ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif


واعمل بعلمك يا أُخَيّ مواظباً https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

ولما علمت وقد عملت فتنصحُ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif


واصبر على ما قَدْ يُصيبك إن تكن https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

أوذيتَ هذا دربُ هادٍ يُصلِحُ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif


والله أقسَم بالخسارةِ للورى https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

إن هم لغيرِ سبيلِ أحمدَ أجنَحوا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif


فالزم سبيل المؤمنين فإنهم https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

للمجدِ من بين الأنامِ تَوشّحوا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif


كونُوا كما الجَوزاء في عليائها https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

مجدًا يرفرف بالعلا ويلوّحُ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif


فمتَى أعدنا المجد نُصبحُ سَادَةً https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

في الأرض نكتسب الرهان ونربح https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif


هذي رسائلُ يا أخِيْ لمن اقتفَوا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif


خير البريّة والهداةِ فأفلحوا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif








وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم








الساعة الآن : 07:41 AM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 12.81 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 12.72 كيلو بايت... تم توفير 0.09 كيلو بايت...بمعدل (0.73%)]